للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى آخِرِ مَا مَرَّ، لِجَوَازِ مُوَافَقَتِهِمْ فِي ذَلِكَ لِلْأَقْدَمِينَ مَعَ مُوَافَقَتِهِمْ فِي الْفُرُوعِ لِلنَّصَارَى، وَهُمْ مَعَ الْمَوْجُودِ فِي زَمَنِهِمْ مِنْ الْأَقْدَمِينَ سَبَبٌ فِي اسْتِفْتَاءِ الْقَاهِرِ الْفُقَهَاءَ عَلَى عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ فَأَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ بِقَتْلِهِمْ

(وَمَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ لِآخَرَ تَعَيَّنَ) عَلَيْهِ (إسْلَامٌ) ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ عَنْهُ وَكَانَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ، فَإِنْ أَبَى الْإِسْلَامَ أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ إنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ، ثُمَّ هُوَ حَرْبِيٌّ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ قَتَلْنَاهُ، (فَلَوْ كَانَ) الْمُنْتَقِلُ (امْرَأَةً) كَأَنْ تَنَصَّرَتْ يَهُودِيَّةٌ، (لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ) كَالْمُرْتَدَّةِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمُنْتَقِلَةُ (مَنْكُوحَةً فَكَمُرْتَدَّةٍ) تَحْتَهُ فِيمَا يَأْتِي، وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ يَرَى نِكَاحَ الْمُنْتَقِلَةِ حَلَّتْ لَهُ، وَإِلَّا فَكَالْمُسْلِمِ

(وَلَا تَحِلُّ مُرْتَدَّةٌ) لِأَحَدٍ لَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ لَا تُقَرُّ، وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ لِبَقَاءِ عُلْقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا

(وَرِدَّةٌ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قَبْلَ دُخُولٍ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ اسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ (تُنَجِّزُ فُرْقَةً) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ تَأَكُّدِ النِّكَاحِ بِالدُّخُولِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ. (وَبَعْدَهُ) تُوقِفُ (فَإِنْ جَمَعَهُمَا إسْلَامٌ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحٌ) بَيْنَهُمَا، لِتَأَكُّدِهِ بِمَا ذُكِرَ. (وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ) بَيْنَهُمَا حَاصِلَةٌ (مِنْ) حِينِ (الرِّدَّةِ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، (وَحَرُمَ وَطْءٌ) فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ، (وَلَا حَدَّ) فِيهِ لِشُبْهَةِ بَقَاءِ النِّكَاحِ بَلْ فِيهِ تَعْزِيرٌ، وَتَجِبُ الْعِدَّةُ مِنْهُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ رَجْعِيًّا ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ

(بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ)

وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَابِلِ الْكِتَابِيِّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ} [البينة: ١] لَوْ (أَسْلَمَ) أَيْ الْمُشْرِكُ وَلَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ كَوَثَنِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ (عَلَى) حُرَّةٍ (كِتَابِيَّةٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي، (تَحِلُّ) لَهُ ابْتِدَاءً (دَامَ نِكَاحُهُ) لِجَوَازِ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ لَهَا (أَوْ) عَلَى حُرَّةٍ (غَيْرِهَا) كَوَثَنِيَّةٍ وَكِتَابِيَّةٍ، لَا تَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءً. (وَتَخَلَّفَتْ) عَنْهُ بِأَنْ لَمْ تُسْلِمَ مَعَهُ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِوَثَنِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْفِرْقَةَ الَّتِي هِيَ أَقْدَمُ فِي كَوْنِهِمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، فَهِيَ مُلَفِّقَةٌ، وَهَذِهِ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ وَبِالْجُمْلَةِ فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إطْلَاقٌ ثَالِثٌ لِلصَّابِئَةِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ عِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ (قَوْلُهُ فَأَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ بِقَتْلِهِمْ) وَبَذَلُوا لِلْقَاهِرِ مَالًا كَثِيرًا فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ م ر وَهَذَا مِنْ غَبَاوَتِهِ، إذْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ وَيَأْخُذَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِمْ

(قَوْلُهُ وَمَنْ انْتَقَلَ) ذَكَرَ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ الرِّدَّةِ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ فَلَوْ كَانَ الْمُنْتَقِلُ إلَخْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ عَقِبَ بُلُوغِهِ إلَى مَا يُقَرُّ عَلَيْهِ يُقَرُّ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ اعْتِقَادَهُ بَلْ الْوَاقِعَ، وَهُوَ الِانْتِقَالُ إلَى الْبَاطِلِ، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ لِلْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ م ر. (قَوْلُهُ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ بَاطِلًا فِي الْوَاقِعِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَأْتِي فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ. (قَوْلُهُ قَتَلْنَاهُ) أَيْ يَجُوزُ لَنَا قَتْلُهُ وَيَجُوزُ ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ الْمَنُّ عَلَيْهِ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ وَإِنْ ضَرَبْنَا عَلَيْهِ الرِّقَّ أَوْ مَنَنَّا ح ل (قَوْلُهُ حَلَّتْ لَهُ) أَيْ اسْتَمَرَّ حِلُّهَا لَهُ

(قَوْلُهُ وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ) وَلَوْ مُرْتَدًّا مِثْلَهَا لِأَنَّهُمَا لَا دَوَامَ لَهُمَا

. (قَوْلُهُ وَرِدَّةٌ مِنْ الزَّوْجَيْنِ) وَمِنْ رِدَّتِهِ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا كَافِرَةُ مُرِيدًا حَقِيقَةَ الْكُفْرِ، لَا إنْ أَرَادَ الشَّتْمَ أَوْ أَطْلَقَ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ قَبْلَ دُخُولٍ) أَيْ وَطْءٍ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ تُوقِفُهَا) وَلَيْسَ لَهُ فِي زَمَنِ التَّوَقُّفِ نِكَاحُ نَحْوِ أُخْتِهَا شَرْحُ م ر وَيُوقَفُ ظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَطَلَاقُهُ فِيهَا. اهـ. ب ر، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ جَمَعَهُمَا إسْلَامٌ بِأَنْ اتَّفَقَ عَدَمُ قَتْلِهِمَا حَتَّى أَسْلَمَا ع ش، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا يُؤَخَّرَانِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، لِيُنْظَرَ هَلْ يَعُودُ الْمُرْتَدُّ لِلْإِسْلَامِ؟ أَوْ لَا؟ وَقَوْلُهُ إسْلَامٌ فِي الْعِدَّةِ أَيْ وَلَوْ بِقَوْلِهِ كَأَنْ غَابَ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَالَ: أَسْلَمْتُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا وَلَمْ تُكَذِّبْهُ فَإِنْ كَذَّبَتْهُ قُبِلَ قَوْلُهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَوْ قَارَنَهُ الْإِسْلَامُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ س ل، وَقَوْلُهُ وَحَرُمَ وَطْءٌ وَيَجِبُ بِهِ مَهْرٌ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ إنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ) أَيْ مِلْكِ انْتِفَاعِهِ أَيْ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا مَرَّ

[بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ]

أَيْ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ أَوْ فَسَادِهِ أَوْ دَوَامِهِ أَوْ رَفْعِهِ ق ل. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ) فَيَشْمَلُ الْكِتَابِيَّ وَغَيْرَهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ مَنْ جَعَلَ لِلَّهِ تَعَالَى شَرِيكًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١] ، وَعِبَارَةُ حَجّ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ أَيْ الْمُشْرِكُ مَعَهُ أَيْ الْكِتَابِيِّ كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ ح ل. (قَوْلُهُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَابِلِ الْكِتَابِيِّ) وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنْ الْأَصْنَامِ وَنَحْوِهَا كَالشَّمْسِ ح ل. قَوْلُهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: ١] فِيهِ الشَّاهِدُ، لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ ع ش. (قَوْلُهُ مُنْفَكِّينَ) أَيْ زَائِلِينَ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَوْ أَسْلَمَ) وَلَوْ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ عَلَى حُرَّةٍ) مِثْلُهَا الْأَمَةُ إذَا عَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ أَسْلَمَتْ، وَكَانَ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ م ر. (قَوْلُهُ تَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءً) أَيْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِأَنْ وُجِدَ فِيهَا الشَّرْطُ الْمَارُّ وَهَذَا يُفِيدُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ حِلُّ الْكِتَابِيَّةِ لِلْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ، وِفَاقًا لِلرَّوْضَةِ، وَخِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ حَيْثُ كَانَتْ تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ ح ل، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ حُرْمَةُ الْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ عَلَى الْوَثَنِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ كَمَا قَالَهُ م ر فَحُرْمَتُهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>