للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرُهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ) احْتِيَاطًا، (إلَّا مَوْطُوءَةً ذَاتَ أَقْرَاءٍ فَبِالْأَكْثَرِ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَمِنْ الْأَقْرَاءِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً، بِأَنْ تُخْتَارَ فَتَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ زَوْجَةً بِأَنْ تُفَارَقَ، فَلَا تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فَاحْتِيطَ بِمَا ذُكِرَ، فَإِنْ مَضَتْ الْأَقْرَاءُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَتَمَّتْهَا، وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْمَوْتِ وَإِنْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَالْعَشْرُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ، أَتَمَّتْ الْأَقْرَاءَ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ إسْلَامِهَا إنْ أَسْلَمَا مَعًا، وَإِلَّا فَمِنْ إسْلَامِ السَّابِقِ مِنْهُمَا، فَقَوْلِي وَغَيْرُهَا شَامِلٌ لِذَاتِ أَشْهُرٍ وَلِذَاتِ أَقْرَاءٍ غَيْرِ مَوْطُوءَةٍ

(وَوُقِفَ) لَهُنَّ (إرْثُ زَوْجَاتٍ) مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ، بِعَوْلٍ أَوْ دُونِهِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي، (عُلِمَ) أَيْ إرْثُهُنَّ (لِصُلْحٍ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِعَيْنِ مُسْتَحِقَّةٍ، فَيُقْسَمُ الْمَوْقُوفُ بَيْنَهُنَّ بِحَسْبِ اصْطِلَاحِهِنَّ مِنْ تَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِنَّ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ، فَيَمْتَنِعُ بِدُونِ حِصَّتِهَا مِنْ عَدَدِهِنَّ، لِأَنَّهُ خِلَافُ الْحَظِّ، أَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ إرْثُهُنَّ كَأَنْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ، وَأَسْلَمَ مَعَهُ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ، فَلَا وَقْفَ لِجَوَازِ أَنْ يَخْتَارَ الْكِتَابِيَّاتِ، بَلْ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ، وَأَمَّا قَبْلَ الِاصْطِلَاحِ فَلَا يُعْطَيْنَ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُنَّ مَنْ يُعْلَمُ إرْثَهُ، فَلَوْ كُنَّ خَمْسًا فَطَلَبَتْ وَاحِدَةٌ لَمْ تُعْطَ، وَكَذَا أَرْبَعٌ مِنْ ثَمَانٍ، فَلَوْ طَلَبَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ دُفِعَ إلَيْهِنَّ رُبْعُ الْمَوْقُوفِ، لِأَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَةً، أَوْ سِتٌّ فَنِصْفُهُ، لِأَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَتَيْنِ، أَوْ سَبْعٌ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَلَهُنَّ قِسْمَةُ مَا أَخَذْنَهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ، وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ تَمَامُ حَقِّهِنَّ

(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ إنْ أَسْلَمَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ مَعَ زَوْجِهَا أَوْ تَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ

لَوْ (أَسْلَمَا مَعًا) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ، (أَوْ) أَسْلَمَتْ (هِيَ بَعْدَ دُخُولٍ قَبْلَهُ أَوْ دُونَهُ اسْتَمَرَّتْ الْمُؤْنَةُ) لِاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلِإِتْيَانِ الزَّوْجَةِ فِي الثَّالِثِ، بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا فَلَا تَسْقُطُ بِهِ مُؤْنَتُهَا وَإِنْ حَدَثَ مِنْهَا مَانِعُ التَّمَتُّعِ، كَمَا لَوْ فَعَلَتْ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا وَدُونَهَا وَكَانَتْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ، لِنُشُوزِهَا بِالتَّخَلُّفِ (كَأَنْ ارْتَدَّ دُونَهَا) ، فَإِنَّ مُؤْنَتَهَا مُسْتَمِرَّةٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا وَهُوَ الَّذِي أَحْدَثَ الرِّدَّةَ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْحَبْسِ لِأَنَّ الْحَبْسَ تَعْزِيرٌ كَمَا فِي م ر

(قَوْلُهُ وَعَشْرٍ) ذَكَرَ الْعَشَرَ تَغْلِيبًا لِلَّيَالِيِ كَمَا فِي الْآيَةِ، وَغُلِّبَتْ اللَّيَالِي لِسَبْقِهَا عَلَى الْأَيَّامِ رم. (قَوْلُهُ وَمِنْ الْأَقْرَاءِ) أَيْ وَمِنْ الْبَاقِي مِنْ الْأَقْرَاءِ إنْ كَانَ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ، لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَقْرَاءِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَهُوَ سَابِقٌ عَلَى الْمَوْتِ الَّذِي ابْتَدَأَ الْأَشْهُرَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَقْرَاءِ شَيْءٌ، كَأَنْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حَيْضَاتٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ قَطْعًا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر. (قَوْلُهُ إرْثُ زَوْجَاتٍ) الْمُرَادُ بِالْإِرْثِ الْمَوْرُوثُ بِدَلِيلِ بَيَانِهِ بِقَوْلِهِ مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ: وَيُوقَفُ نَصِيبُ زَوْجَاتٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لِصُلْحٍ) أَيْ إلَى صُلْحٍ بِأَنْ تَقُولَ: كُلٌّ مِنْهُنَّ لِصَاحِبَتِهَا إنَّهَا هِيَ الزَّوْجَةُ لِيَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ، كَذَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ وُجُوبِ ذَلِكَ، وَهَذَا مِنْ الْأَمَاكِنِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الصُّلْحُ مَعَ الْإِنْكَارِ ح ل وَمِنْهَا مَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ، وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَمَا لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ وَدِيعَةً بِيَدِ رَجُلٍ وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ لِأَيِّكُمَا هِيَ، وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً وَفِي هَذِهِ كُلِّهَا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ، لِأَنَّهُ بَيْعٌ، وَشَرْطُهُ تَحَقُّقُ الْمِلْكِ س ل وَقَوْلُهُ لِصُلْحٍ أَيْ اتِّفَاقٍ، وَتَسْمِيَتُهُ صُلْحًا مَجَازِيَّةٌ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ لَهُ فِي الصُّلْحِ أَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا. لَا يُقَالُ: إنَّهُ مِنْ قِسْمِ الْمُعَامَلَاتِ وَالدَّيْنِ. لِأَنَّا نَقُولُ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا مُعَامَلَةَ بَيْنَهُنَّ وَلَا دَيْنَ لِإِحْدَاهُنَّ عَلَى الْأُخْرَى. إذَا عَلِمْتَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ قَوْلَ بَعْضِهِمْ: لَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الْإِقْرَارِ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا الصُّلْحُ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ فِيهِ تَسَاهُلٌ لِمَا عَلِمْتَ

(قَوْلُهُ مِنْ عَدَدِهِنَّ) أَيْ الْمَوْجُودِ لَا الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي هُوَ أَرْبَعٌ فَإِنْ كُنَّ ثَمَانِيَةً، فَلَهَا الثُّمُنُ م ر أَيْ لَا الرُّبْعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً مُحَقَّقَةً ح ل (قَوْلُهُ دُفِعَ إلَيْهِنَّ رُبْعُ الْمَوْقُوفِ) وَمَا بَقِيَ يُوقَفُ إلَى صُلْحِ الْخَمْسَةِ مَعَ الْبَاقِيَاتِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ تَمَامُ حَقِّهِنَّ) بَلْ يَصْطَلِحْنَ مَعَ الْبَاقِيَاتِ اللَّاتِي لَمْ يَأْخُذْنَ فِي بَقِيَّةِ الْمَوْقُوفِ بِتَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ مُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ إنْ أَسْلَمَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ مَعَ زَوْجِهَا]

. (فَصْلٌ: فِي حُكْمِ مُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ)

(قَوْلُهُ أَسْلَمَا مَعًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا ثَمَانِيَةٌ: أَرْبَعَةٌ تَسْتَمِرُّ فِيهَا الْمُؤْنَةُ وَهِيَ صُوَرُ الْمَنْطُوقِ، وَأَرْبَعَةٌ لَا تَسْتَمِرُّ فِيهَا وَهِيَ صُوَرُ الْمَفْهُومِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا) وَلَا مُؤْنَةَ لَهَا مُدَّةَ التَّخَلُّفِ، وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ مَا إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ لِعُذْرٍ مِنْ صِغَرٍ وَنَحْوِهِ كَجُنُونٍ اهـ م ر ع ش وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا، وَإِنْ كَانَ تَخَلُّفُهَا لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ، ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ وَأَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَمِثْلُهُ حَجّ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ التَّخَلُّفَ كَالنُّشُوزِ، وَالنُّشُوزُ يَحْصُلُ مِنْ الْمُكَلَّفَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِثْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ. وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ إسْلَامَهُ قَبْلَهَا لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ يُرِيدُ إسْقَاطَ الْمُؤْنَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ تَأَخُّرَ إسْلَامِهَا وَهِيَ تَقَدُّمَهُ صُدِّقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ كُفْرِهَا وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ مُؤْنَتِهَا ح ل وَلَوْ ارْتَدَّتْ فَغَابَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَهُوَ غَائِبٌ اسْتَحَقَّهَا مِنْ حِينِ إسْلَامِهَا، وَفَارَقَتْ النُّشُوزَ بِأَنَّ سُقُوطَ النَّفَقَةِ بِالرِّدَّةِ زَالَ بِالْإِسْلَامِ وَسُقُوطَهَا بِالنُّشُوزِ لِلْمَنْعِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْخُرُوجِ عَنْ قَبْضَتِهِ، وَذَلِكَ لَا يَزُولُ مَعَ الْغَيْبَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>