للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ دُونَهُ أَوْ ارْتَدَّا مَعًا وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ فَلَا مُؤْنَةَ لَهَا لِنُشُوزِهَا بِالرِّدَّةِ، وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنَّفَقَةِ

(بَابُ الْخِيَارِ) فِي النِّكَاحِ (وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الرَّقِيقِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

(يَثْبُتُ خِيَارٌ لِكُلٍّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِمَا وَجَدَهُ بِالْآخَرِ وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ مِمَّا ذَكَرْتُهُ بِقَوْلِي (بِجُنُونٍ) وَلَوْ مُتَقَطِّعًا وَهُوَ مَرَضٌ يُزِيلُ الشُّعُورَ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ الْقُوَّةِ وَالْحَرَكَةِ فِي الْأَعْضَاءِ، (وَمُسْتَحْكِمِ جُذَامٍ) وَهُوَ عِلَّةٌ يَحْمَرُّ مِنْهَا الْعُضْوُ ثُمَّ يَسْوَدُّ ثُمَّ يَتَقَطَّعُ وَيَتَنَاثَرُ، (وَ) مُسْتَحْكِمِ (بَرَصٍ) وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ مُبَقَّعٌ، وَذَلِكَ لِفَوَاتِ كَمَالِ التَّمَتُّعِ، (وَإِنْ تَمَاثَلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ فِي الْعَيْبِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ، نَعَمْ الْمَجْنُونَانِ يَتَعَذَّرُ الْخِيَارُ لَهُمَا لِانْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ، وَذِكْرُ الِاسْتِحْكَامِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) يَثْبُتُ خِيَارٌ (لِوَلِيِّهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (بِكُلٍّ مِنْهَا) ، أَيْ مِنْ الثَّلَاثَةِ. (إنْ قَارَنَ عَقْدًا) وَإِنْ رَضِيَتْ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ، لِأَنَّهُ لَا يُعَيَّرُ بِهِ وَبِخِلَافِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ الْآتِيَيْنِ لِذَلِكَ وَلِاخْتِصَاصِ الضَّرَرِ بِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

[بَابُ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الرَّقِيقِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]

بَابُ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الرَّقِيقِ) وَأَسْبَابُ الْخِيَارِ خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ عَيْبُ النِّكَاحِ، الثَّانِي خُلْفُ الشَّرْطِ، الثَّالِثُ إعْسَارُهُ بِالنَّفَقَةِ، الرَّابِعُ عِتْقُهَا تَحْتَ عَبْدٍ، الْخَامِسُ خُلْفُ الظَّنِّ. وَصُورَتُهُ مَا لَوْ ظَنَّتْهُ حُرًّا فَبَانَ عَبْدًا وَهِيَ حُرَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْآتِي شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا) أَيْ مَعَ كُلٍّ مِنْهَا فَمَا يُذْكَرُ مَعَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ فَإِنْ فَسَخَ قَبْلَ وَطْءٍ إلَخْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَ الثَّانِي قَوْلُهُ وَحَرُمَ وَطْءُ أَمَةِ فَرْعِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَ الثَّالِثِ قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ سَيِّدٌ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ مَهْرًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ قَتَلَتْ الْأَمَةُ نَفْسَهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ بِمَا وَجَدَهُ بِالْآخَرِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا مَا يَأْتِي لَا خِيَارَ لَهُ بِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي بِجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ، وَكَذَا بِقَيْدِ الْعُيُوبِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا الْعُنَّةَ فَلَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ عَلِمَتْ بِهَا ثُمَّ نَكَحَتْهُ وَفِيهِ أَنَّ الْعُنَّةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَقَدُّمُ عِلْمِهَا بِهَا عَلَى الْعَقْدِ؟ أَوْ مُقَارَنَتُهَا لَهُ؟ وَأُجِيبَ: بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيُعَنَّ عَنْهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا وَيُرِيدَ أَنْ يُجَدِّدَ نِكَاحَهَا، فَإِنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُهَا ح ل وَعِبَارَةُ ز ي وَيُشْكِلُ تَصْوِيرُ فَسْخِهَا بِالْعَيْبِ الْمُقَارِنِ بِأَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ، وَإِلَّا بَطَلَ النِّكَاحُ لِانْتِفَاءِ الْكَفَاءَةِ. وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ تَأْذَنَ فِي مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْ غَيْرُ كُفْءٍ، وَيُزَوِّجَهَا الْوَلِيُّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ النِّكَاحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ

وَقَوْلُهُ أَوْ مَنْ غَيْرُ كُفْءٍ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا أَذِنَتْ فِي غَيْرِ كُفْءٍ، وَهُوَ شَامِلٌ لِغَيْرِ الْكُفْءِ بِاعْتِبَارِ الْعَيْبِ، وَهَذَا يَتَضَمَّنُ رِضَاهَا بِالْعَيْبِ فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ تَتَخَيَّرُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّاسِ السَّلَامَةُ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ، فَحُمِلَ الْإِذْنُ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْخَلَلُ الْمُفَوِّتُ لِلْكَفَاءَةِ دَنَاءَةَ النَّسَبِ وَنَحْوَهَا، حَمْلًا عَلَى الْغَالِبِ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ مِمَّا ذَكَرْتُهُ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِمَا وَجَدَهُ (قَوْلُهُ بِجُنُونٍ) وَمِثْلُهُ الصَّرْعُ وَالْخَبَلُ، وَكَذَا الْإِغْمَاءُ الْمَيْئُوسُ مِنْ إفَاقَتِهِ م ر. (قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَقَطِّعًا) نَعَمْ إنْ قَلَّ جِدًّا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَلَا خِيَارَ بِهِ، بِرْمَاوِيٌّ فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ وَإِنْ قَلَّ، مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا ذُكِرَ، كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ وَمُسْتَحْكِمِ جُذَامٍ وَبَرَصٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ جُذَامٍ وَبَرَصٍ مُسْتَحْكِمَيْنِ، وَاشْتِرَاطُ الِاسْتِحْكَامِ فِيهِمَا ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا اسْتِحْكَامٌ بَلْ يَكْفِي حُكْمُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِأَنَّهُ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ كَمَا فِي م ر وَز ي وَع ش، قَالَ الشَّوْبَرِيُّ قَوْلُهُ وَمُسْتَحْكِمِ بِكَسْرِ الْكَافِ بِمَعْنَى مُحْكَمٍ، يُقَالُ: أَحْكَمَ وَاسْتَحْكَمَ أَيْ صَارَ مُحْكَمًا، قَالَ الْمَحَلِّيُّ: اسْتَفْعَلَ بِمَعْنَى أَفْعَلَ لِأَنَّهُمَا لَمَّا بَلَغَا مَبْلَغًا لَا يَقْبَلُ الْعِلَاجَ أَوْ يَعْسُرُ، لَزِمَا مَحَلَّهُمَا فَصَحَّ وَصْفُهُمَا بِأَنَّهُمَا مُسْتَحْكِمَانِ أَيْ مُثْبَتَانِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْجُذَامُ الْمُسْتَحْكِمُ ح ل وَقَوْلُهُ وَيَتَنَاثَرُ عَطْفُ مُغَايِرٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَقَطَّعُ وَلَا يَنْفَصِلُ، فَالِاسْتِحْكَامُ فِي الْجُذَامِ بِأَنْ يَنْقَطِعَ وَيَتَنَاثَرَ، وَفِي الْبَرَصِ بِأَنْ يَصِلَ إلَى الْعَظْمِ بِحَيْثُ إذَا فُرِكَ فَرْكًا شَدِيدًا لَا يَحْمَرُّ، وَلِإِفْضَاءِ الْجُنُونِ إلَى الْجِنَايَةِ وَالْبَطْشِ لَمْ يُشْتَرَطْ اسْتِحْكَامُهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْ دَوَامُهُ. (قَوْلُهُ وَبَرَصٍ) وَإِنْ قَلَّ س ل (قَوْلُهُ يَتَعَذَّرُ الْخِيَارُ لَهُمَا) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ وَلِيِّهِمَا، وَنَقَلَ شَيْخُنَا أَنَّ لِوَلِيِّهِمَا أَنْ يَخْتَارَ. وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْوَلِيَّ، إنَّمَا يَتَخَيَّرُ بِالْمُقَارِنِ وَمَعَ الْمُقَارِنِ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ الْمَجْنُونَةَ لِغَيْرِ كُفْءٍ ح ل. وَأُجِيبَ: بِأَنْ يَظُنَّ سَلَامَتَهُ وَتَكُونَ قَدْ أَذِنَتْ قَبْلَ الْجُنُونِ فِي مُعَيَّنٍ فَبَانَ مَعِيبًا

(قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ) أَيْ التَّمْيِيزِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لِوَلِيِّهَا) أَيْ الْخَاصِّ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ النَّسَبِ كَالسَّيِّدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، أَمَّا الْعَامُّ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ شَوْبَرِيٌّ وَلَمْ يَنُصُّوا هُنَا عَلَى حُكْمِ وَلِيِّهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلَهُ تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ لَا مَعِيبَةً وَلَا أَمَةً، فَتَزْوِيجُهُ الْمَعِيبَةَ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْ أَصْلِهِ وَأَمَّا إذَا طَرَأَ الْعَيْبُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَكُونُ حَادِثًا، وَالْوَلِيُّ لَا يَفْسَخُ بِالْحَادِثِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ خِيَارٌ لِوَلِيِّهَا) وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بَالِغَةً رَشِيدَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ، وَإِنْ رَضِيَتْ إذْ رِضَا غَيْرِهَا لَا أَثَرَ لَهُ ع ش عَلَى م ر، وَقَالَ ح ل أَيْ رَضِيَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَمَّا لَوْ رَضِيَتْ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>