للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ لَوْ (نَكَحَهَا بِمَا لَا يَمْلِكُهُ) كَخَمْرٍ وَحُرٍّ وَدَمٍ وَمَغْصُوبٍ (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) ؛ لِفَسَادِ الصَّدَاقِ بِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَالًا أَوْ مَمْلُوكًا لِلزَّوْجِ، سَوَاءٌ أَكَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ أَمْ عَالِمًا بِهِ (أَوْ) نَكَحَهَا (بِهِ) أَيْ: بِمَا لَا يَمْلِكُهُ (وَبِغَيْرِهِ بَطَلَ فِيهِ) أَيْ: فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ غَيْرِهِ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، (وَتَتَخَيَّرُ) هِيَ بَيْنَ فَسْخِ الصَّدَاقِ وَإِبْقَائِهِ (فَإِنْ فَسَخَتْهُ فَمَهْرُ مِثْلٍ) يَجِبُ لَهَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَفْسَخْهُ (فَلَهَا مَعَ الْمَمْلُوكِ حِصَّةُ غَيْرِهِ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ (بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا) فَإِذَا كَانَتْ مِائَةً مَثَلًا بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا فَلَهَا عَنْ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا لَا يَمْلِكُهُ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.

(وَفِي) قَوْلِهِ (زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك ثَوْبَهَا بِهَذَا الْعَبْدِ صَحَّ كُلٌّ) مِنْ النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ وَالْبَيْعِ عَمَلًا بِجَمْعِ الصَّفْقَةِ بَيْنَ مُخْتَلِفِي الْحُكْمِ؛ إذْ بَعْضُ الْعَبْدِ صَدَاقٌ وَبَعْضُهُ ثَمَنٌ مَبِيعٌ. (وَوُزِّعَ الْعَبْدُ عَلَى) قِيمَةِ (الثَّوْبِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ) فَإِذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَلْفًا وَقِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَمِائَةٍ فَثُلُثُ الْعَبْدِ عَنْ الثَّوْبِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

[فَصْلٌ فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

(فَصْلٌ: فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ) وَأَسْبَابُهُ سِتَّةٌ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: عَدَمُ الْمَالِيَّةِ، وَتَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ، وَتَفْرِيطُ الْوَلِيِّ، وَالْمُخَالَفَةُ، وَالدَّوْرُ كَمَا فِي جَعْلِ أَمَةٍ صَدَاقًا لَهُ كَمَا مَرَّ، ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِنْهَا الْجَهْلُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا إلَخْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ نَكَحَ نِسْوَةً إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: وَفِي زَوَّجْتُك بِنْتِي إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرُوا مَهْرًا سِرًّا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَدَمٍ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُلْعِ، حَيْثُ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ بِأَنَّ الْعَقْدَ أَقْوَى مِنْ الْحِلِّ فَقَوِيَ هُنَا عَلَى إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَعِبَارَةُ ز ي: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْخُلْعِ عَلَى دَمٍ، حَيْثُ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا دَمًا، حَيْثُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ ثَمَّ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ الْمُعَاوَضَةُ فَاعْتُبِرَ كَوْنُ الْعِوَضِ مَقْصُودًا بِخِلَافِ مَا هُنَا وَبِأَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّ مَقْصُودَهُ الْفُرْقَةُ وَهِيَ تَحْصُلُ غَالِبًا بِدُونِ عِوَضٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَنْكِحَتِنَا، أَمَّا أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا بِتَفْصِيلِهَا. اهـ. وَفَرَّقَ شَيْخُنَا م ر بِأَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ مَجَّانًا وَبِعِوَضٍ كَانَ ذِكْرُهُ لِغَيْرِ الْمَقْصُودِ كَالْعَدَمِ فَوَقَعَ مَجَّانًا، وَلَمَّا كَانَ الْوَلِيُّ لَا يُمْكِنُهُ إسْقَاطُ مَهْرِ الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا وَالزَّوْجَةُ لَا يُمْكِنُهَا إسْقَاطُ مَهْرِهَا قَبْلَ وُجُوبِهِ إلَّا بِتَفْوِيضٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا تَفْوِيضًا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ. اهـ. سم، قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَقَدْ يُقَالُ: لَا دَاعِيَ لِلْفَرْقِ. لِأَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّ غَيْرَ الْمَقْصُودِ هُنَا أَيْضًا كَالْعَدَمِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ وَالنِّكَاحُ إذَا خَلَا عَنْ التَّسْمِيَةِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا أَنَّ الطَّلَاقَ إذَا خَلَا عَنْ الْعِوَضِ وَقَعَ رَجْعِيًّا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ: وَدَمٍ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يُقْصَدُ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ قِيَاسُ مَا فِي الْخُلْعِ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا عَلَى دَمٍ يَقَعُ رَجْعِيًّا أَنَّهَا تَكُونُ كَالْمُفَوَّضَةِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْعَقْدَ أَقْوَى مِنْ الْحِلِّ فَقَوِيَ عَلَى إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَيْضًا التَّسْمِيَةُ شَرْطٌ لِإِيجَابِ الْمُسَمَّى، أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَغَايَةُ ذِكْرِ الدَّمِ أَنَّهُ كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ فِيهِمَا وَهُوَ مُوجِبٌ هُنَا لِإِثْمٍ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ أَمْ عَالِمًا بِهِ) وَمِثْلُهُ الزَّوْجَةُ فَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا هُوَ وَالزَّوْجَةُ، أَوْ جَاهِلَيْنِ، أَوْ هُوَ عَالِمٌ وَهِيَ جَاهِلَةٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ، وَقَوْلُهُ: كَخَمْرٍ فِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَيْضًا. فَالْحَاصِلُ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي مِثْلِهَا.

(قَوْلُهُ أَيْ: بِمَا لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ: وَهُوَ مَقْصُودٌ وَإِلَّا انْعَقَدَ بِالْمَمْلُوكِ وَمِنْ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ مَا يَسْتَعِيرُهُ الزَّوْجُ مِنْ الْمَصَاغِ. اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِهِ) أَيْ: وَهِيَ جَاهِلَةٌ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ح ل وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ فِي التَّخْيِيرِ فَقَطْ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي حَجّ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ وَتَتَخَيَّرُ إنْ جَهِلَتْ بِالْحَالِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ عَالِمَةً فَلَا خِيَارَ لَهَا وَيَثْبُتُ لَهَا مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. اهـ. بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: بَطَلَ فِيهِ) سَوَاءٌ قَدَّمَهُ أَمْ أَخَّرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لحج فِي قَوْلِهِ إذَا قَدَّمَهُ بَطَلَ الْمُسَمَّى بِتَمَامِهِ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَتَتَخَيَّرُ) أَيْ فَوْرًا. (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ قِيمَتِهَا) أَيْ: حَيْثُ كَانَ غَيْرُ الْمَمْلُوكِ مَقْصُودًا وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ دَمًا فَكَمَهْرِ الْمَمْلُوكِ فَقَطْ وَلَا خِيَارَ لَهَا عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ، وَقَدْ يَتَمَسَّكُ بِإِطْلَاقِهِمْ هُنَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ بِأَنَّ النِّكَاحَ أَوْسَعُ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ ذِكْرُ الْمُقَابِلِ وَلَا يَفْسُدُ بِفَسَادِهِ م ر ح ل، وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا، لَكِنْ مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّ شَرْطَ التَّوْزِيعِ أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ مَعْلُومًا وَإِلَّا بَطَلَ قَطْعًا وَأَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا وَإِلَّا فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْمَمْلُوكِ وَحْدَهُ وَلَا شَيْءَ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ الْمَقْصُودِ فَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ هُنَا فَيَجِبُ فِي الْأَوَّلِ مَهْرُ مِثْلٍ وَلَا شَيْءَ بَدَلَ غَيْرِ الْمَقْصُودِ فِي الثَّانِي. اهـ. وَاعْتِبَارُ الْقِيمَةِ ظَاهِرٌ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ وَالْمِثْلِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقِيمَةِ، أَمَّا الْمِثْلِيَّاتُ الْمُتَّحِدَتُهَا كَإِرْدَبَّيْ قَمْحٍ أَحَدُهُمَا مَغْصُوبٌ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَتَرْجِعُ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْقِيمَةِ. اهـ. شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَيُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا وَالْحُرُّ عَبْدًا حَتَّى يَكُونَ لَهُمَا قِيمَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْخَمْرُ لَوْ فُرِضَ خَلًّا مِثْلُ الْخَلِّ الْمُصَاحِبِ لَهُ بِحَيْثُ لَا تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَةِ الْخَلِّ اُعْتُبِرَ التَّقْسِيطُ فِيهِ بِالْمِثْلِ وَزْنًا، أَوْ كَيْلًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَ التَّقْسِيطُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ ع ش مُلَخَّصًا

. (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ صَحَّ كُلٌّ ز ي، وَقَوْلُهُ: زَوَّجْتُك بِنْتِي أَيْ: وَكَانَ وَلِيُّ مَالِهَا أَيْضًا وَكِيلًا عَنْهَا فِيهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَثُلُثُ الْعَبْدِ عَنْ الثَّوْبِ) فَإِنْ لَمْ يُسَاوِ ثَمَنَ مِثْلِهِ أَبْطَلَ الْبَيْعَ إنْ لَمْ تَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>