للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَهْرًا سِرًّا وَأَكْثَرَ) مِنْهُ (جَهْرًا لَزِمَ مَا عَقَدَ بِهِ) اعْتِبَارًا بِالْعَقْدِ، فَلَوْ عَقَدَ سِرًّا بِأَلْفٍ ثُمَّ أُعِيدَ جَهْرًا بِأَلْفَيْنِ تَجَمُّلًا لَزِمَ أَلْفٌ أَوْ اتَّفَقُوا عَلَى أَلْفٍ سِرًّا ثُمَّ عَقَدُوا جَهْرًا بِأَلْفَيْنِ لَزِمَ أَلْفَانِ، وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حُمِلَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ السِّرِّ وَفِي آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ [دَرْسٌ]

(فَصْلٌ)

فِي التَّفْوِيضِ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ وَهُوَ لُغَةً: رَدُّ الْأَمْرِ إلَى الْغَيْرِ، وَشَرْعًا: رَدُّ أَمْرِ الْمَهْرِ إلَى الْوَلِيِّ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ الْبُضْعِ إلَى الْوَلِيِّ أَوْ الزَّوْجِ. فَهُوَ قِسْمَانِ: تَفْوِيضُ مَهْرٍ كَقَوْلِهَا لِلْوَلِيِّ: زَوِّجْنِي بِمَا شِئْت أَوْ شَاءَ فُلَانٌ، وَتَفْوِيضُ بُضْعٍ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا. وَسُمِّيَتْ الْمَرْأَةُ مُفَوِّضَةً بِكَسْرِ الْوَاوِ لِتَفْوِيضِ أَمْرِهَا إلَى الْوَلِيِّ بِلَا مَهْرٍ وَبِفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَوَّضَ أَمْرَهَا إلَى الزَّوْجِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ (صَحَّ تَفْوِيضُ رَشِيدَةٍ بِ) قَوْلِهَا لِوَلِيِّهَا: (زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَزَوَّجَ لَا بِمَهْرِ مِثْلٍ) بِأَنْ نَفَى الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ أَوْ زَوَّجَ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا فِي الْحَاوِي. (كَسَيِّدٍ زَوَّجَ) أَمَتَهُ غَيْرَ الْمُكَاتَبَةِ (بِلَا مَهْرٍ) بِأَنْ نَفَى الْمَهْرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَا يَنْضَمُّ لِلْفَرِيقَيْنِ غَالِبًا. اهـ. بِالْحَرْفِ. (قَوْلُهُ: مَهْرًا سِرًّا) أَيْ: بِعَقْدٍ، أَوْ بِاتِّفَاقٍ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: مَا عَقَدَ بِهِ) أَيْ: أَوَّلًا م ر؛ إذْ هُوَ الْحَقِيقِيُّ وَالثَّانِي صُورِيٌّ وَقَوْلُهُ اعْتِبَارًا بِالْعَقْدِ أَيْ: فَلَا نَظَرَ لِمَا بَعْدَهُ.

[فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ]

مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا يُوجِبُهُ ح ل.

وَمُنَاسَبَةُ ذِكْرِ هَذَا الْفَصْلِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ أَنَّ الصَّدَاقَ تَارَةً يَجِبُ بِالْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَارَةً يَجِبُ بِالْوَطْءِ، سَوَاءٌ اسْتَنَدَ لِلْعَقْدِ كَالْوَاقِعِ فِي التَّفْوِيضِ أَمْ لَا كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: رَدُّ الْأَمْرِ) أَيْ الْقَوْلِ، أَوْ الْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: رَدُّ أَمْرِ الْمَهْرِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِأَمْرِهِ قِلَّتُهُ وَكَثْرَتُهُ وَجِنْسِيَّتُهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْبُضْعُ الْمُرَادُ بِأَمْرِهِ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ لِلْوَلِيِّ وَالْمَهْرُ بِالنَّظَرِ لِلزَّوْجِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إلَى الْوَلِيِّ) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْحُرَّةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الزَّوْجِ أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ السَّيِّدِ إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ ز ي، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ فِي مُفَوَّضَةٍ فَالْأَوَّلُ عَلَى كَسْرِ الْوَاوِ وَالثَّانِي عَلَى فَتْحِهَا س ل. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) كَالْوَكِيلِ، وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ، أَوْ الْبُضْعِ إلَى الْوَلِيِّ وَذَلِكَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الزَّوْجِ وَذَلِكَ مِنْ سَيِّدِ الْأَمَةِ. اهـ أَيْ:؛ لِأَنَّهَا لَمَّا قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَقَدْ رَدَّتْ أَمْرَ الْبُضْعِ إلَيْهِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ وَتَفْوِيضُ بُضْعٍ) أَيْ: مِنْ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِنْ سَيِّدِ الْأَمَةِ بِأَنْ قَالَتْ لِلْوَلِيِّ: زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ، أَوْ قَالَ سَيِّدُ الْأَمَةِ: زَوَّجْتُك بِلَا مَهْرٍ ح ل فَالْمُرَادُ بِتَفْوِيضِ الْبُضْعِ إخْلَاءُ النِّكَاحِ عَنْ الْمَهْرِ كَمَا قَالَهُ م ر أَيْ: عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي، أَمَّا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُكهَا بِلَا مَهْرٍ وَلَمْ يَسْبِقْ إذْنٌ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ تَفْوِيضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُرَادِ هُنَا بَلْ يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا) ، وَأَمَّا تَفْوِيضُ الْمَهْرِ فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا إنْ عَيَّنَتْ مَهْرًا اُتُّبِعَ، وَإِنْ لَمْ تُعَيِّنْ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ ع ش عَلَى م ر وَفِي كَوْنِ هَذَا تَفْوِيضًا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا عَيَّنَتْ فِي الْأَوَّلِ قَدْرًا وَفِي الثَّانِي أَطْلَقَتْ وَالْإِطْلَاقُ يُحْمَلُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ لِتَفْوِيضِ أَمْرِهَا) أَيْ: أَمْرِ بُضْعِهَا وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَوَّضَ أَمْرَهَا) أَيْ أَمْرَ مَهْرِهَا أَيْ: جَعَلَ لَهُ دَخْلًا فِي إيجَابِهِ بِفَرْضِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ، أَوْ إلَى الْحَاكِمِ ح ل؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَوَّضَ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَفْرِضُهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ كَمَا يَأْتِي، وَأَجَابَ م ر بِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمَّا كَانَ كَنَائِبِ الزَّوْجِ لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا وَإِلَّا فَمَعْنَى الْكَسْرِ مُخَالِفٌ لِمَعْنَى الْفَتْحِ ح ل. (قَوْلُهُ: رَشِيدَةٍ) أَيْ: غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا لِتَدْخُلَ السَّفِيهَةُ الَّتِي لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهَا؛ إذْ هِيَ رَشِيدَةٌ حُكْمًا س ل. (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهَا) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ وَوَجْهُ كَوْنِ هَذَا تَفْوِيضَ بُضْعٍ أَنَّهَا لَمَّا قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَقَدْ رَدَّتْ أَمْرَ الْبُضْعِ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: بِلَا مَهْرٍ، وَإِنْ زَادَتْ لَا فِي الْحَالِّ وَلَا بَعْدَ الْوَطْءِ كَمَا فِي الزِّيَادِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: فَزَوَّجَ لَا بِمَهْرِ مِثْلٍ مِنْ تَمَامِ التَّصْوِيرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ذِكْرُ مَفْهُومِهِ بَعْدُ، قَالَ م ر: فَإِنْ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ صَحَّ مَا سَمَّاهُ، وَقَوْلُهُ: فَزَوَّجَ لَا بِمَهْرِ مِثْلٍ أَيْ: مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ زَوَّجَ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ مُلْغَاةٌ مِنْ أَصْلِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُوَافِقْ الْإِذْنَ وَلَا الشَّرْعَ فَلَا يُقَالُ: هَذِهِ تَسْمِيَةٌ فَاسِدَةٌ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ الْفَاسِدَةَ إنَّمَا تُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يُؤْذَنْ فِي تَرْكِ الْمَهْرِ، فَكَانَ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ التَّسْمِيَةِ الْفَاسِدَةِ أَيْ: مَحِلُّ كَوْنِ التَّسْمِيَةِ الْفَاسِدَةِ تُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَفْوِيضٌ مِنْ الْمَرْأَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَا بِمَهْرِ مِثْلٍ أَيْ: وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَنَقْدُ الْبَلَدِ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى مَهْرِ الْمِثْلِ حَتَّى يُخَالِفَ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: فَرَضَ قَاضٍ مَهْرَ مِثْلٍ حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ الْمُصَرَّحِ، ذَلِكَ بِأَنَّ نَقْدَ الْبَلَدِ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَكَذَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الْإِجْبَارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَهْرُ الْمِثْلِ لَهُ إطْلَاقَانِ فَتَارَةً يُرَادُ بِهِ الْقَدْرُ فَقَطْ وَتَارَةً يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُهُ وَكَوْنُهُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَمُرَادُهُ هُنَا الْأَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى دُونِ ح ل.

وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ الْقَدْرُ فَقَطْ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا بِمَهْرِ مِثْلٍ أَيْ: مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ: أَوْ بِمُؤَجَّلٍ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْمُكَاتَبَةِ) أَيْ: كِتَابَةً صَحِيحَةً بِرْمَاوِيٌّ، أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَهِيَ مَعَ سَيِّدِهَا كَالْحُرَّةِ مَعَ وَلِيِّهَا فَيَصِحُّ تَفْوِيضُهَا ح ل

<<  <  ج: ص:  >  >>