للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَهِيَ تَقَعُ عَلَى كُلِّ طَعَامٍ يُتَّخَذُ لِسُرُورٍ حَادِثٍ مِنْ عُرْسٍ وَإِمْلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَكِنَّ اسْتِعْمَالَهَا مُطْلَقَةً فِي الْعُرْسِ أَشْهَرُ وَفِي غَيْرِهِ تُقَيَّدَ فَيُقَالُ وَلِيمَةُ خِتَانٍ أَوْ غَيْرِهِ (الْوَلِيمَةُ) لِعُرْسٍ أَوْ غَيْرِهِ (سُنَّةٌ) لِثُبُوتِهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا وَفِعْلًا فَقَدْ «أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَعَلَى صَفِيَّةَ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ» «وَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ تَزَوَّجَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ وَالْأَمْرُ فِي الْأَخِيرِ لِلنَّدْبِ قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَسَائِرِ الْوَلَائِمِ وَأَقَلُّهَا لِلْمُتَمَكِّنِ شَاةٌ وَلِغَيْرِهِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ أَقَلُّ الْكَمَالِ شَاةٌ لِقَوْلِ التَّنْبِيهِ وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنْ الطَّعَامِ جَازَ.

(وَالْإِجَابَةُ لِعُرْسٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مَعَ ضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا وَالْمُرَادُ الْإِجَابَةُ لِوَلِيمَةِ الدُّخُولِ (فَرْضُ عَيْنٍ وَلِغَيْرِهِ سُنَّةٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَقَالَ الدَّافِعُ: بِعِوَضٍ، وَأَنْكَرَ الْآخِذُ. صُدِّقَ الْآخِذُ بِيَمِينِهِ، وَيُفَارِقُ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَقِلٌّ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَبِقَصْدِهِ وَبِأَنَّهُ يُرِيدُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ، اهـ.

[فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ]

(فَصْلٌ: فِي الْوَلِيمَةِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ لُغَةً: الِاجْتِمَاعُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ اجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ اهـ. زي أَوْ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَقَعُ) أَيْ تُطْلَقُ شَرْعًا ع ش مَعَ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُخْتَارِ الْوَلِيمَةُ طَعَامُ الْعُرْسِ اهـ. فَهِيَ تَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَهِيَ تَقَعُ. . . إلَخْ لُغَوِيٌّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: يُتَّخَذُ لِسُرُورٍ) كَالْخِتَانِ وَالْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ إنْ طَالَ عُرْفًا فِي غَيْرِ بَعْضِ النَّوَاحِي الْقَرِيبَةِ وَخَرَجَ بِالسُّرُورِ مَا يُتَّخَذُ لِلْمُصِيبَةِ فَلَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْوَلِيمَةِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِلشَّارِحِ أَنَّ مَا يُتَّخَذُ لِلْمُصِيبَةِ مِنْ أَفْرَادِ الْوَلِيمَةِ وَأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالسُّرُورِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَعَلَيْهِ جَرَى شَيْخُنَا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْوَلِيمَةُ: اسْمٌ لِكُلِّ دَعْوَةٍ لِطَعَامٍ يُتَّخَذُ لِحَادِثِ سُرُورٍ أَوْ غَيْرِهِ ح ل، وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ أَسْمَاءَ الْوَلَائِمِ فَقَالَ:

وَلِيمَةُ عُرْسٍ ثُمَّ خُرْسٍ وِلَادَةٍ ... عَقِيقَةِ مَوْلُودٍ وَكِيرَةِ ذِي بِنَا

وَضِيمَةِ مَوْتٍ ثُمَّ إعْذَارِ خَاتِنٍ ... نَقِيعَةِ سَفَرٍ وَالْمَآدِبِ لِلثَّنَا

. اهـ. ابْنُ الْمُقْرِي وَقَوْلُهُ: نَقِيعَةِ سَفَرٍ أَيْ لِلْقَادِمِ مِنْ سَفَرِهِ وَقَوْلُهُ: وَالْمَآدِبِ. . . إلَخْ أَيْ يُقَالُ لَهَا مَأْدُبَةٌ بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الدَّالِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا سَبَبٌ إلَّا ثَنَاءَ النَّاسِ عَلَيْهِ اهـ. زي وَقِيلَ هِيَ أَنْ يَصْنَعَ طَعَامًا لِمَا يُثْنِي النَّاسُ عَلَيْهِ كَحِفْظِ قُرْآنٍ وَخَتْمِ كِتَابٍ (قَوْلُهُ: مِنْ عُرْسٍ وَإِمْلَاكٍ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ إنْ أُرِيدَ بِالْإِمْلَاكِ الْعَقْدُ وَالْعُرْسُ يُطْلَقُ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى الدُّخُولِ ح ل

(قَوْلُهُ: اسْتِعْمَالَهَا مُطْلَقَةً فِي الْعُرْسِ أَشْهَرُ) قَالَ م ر وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِوَقْتِ الْوَلِيمَةِ وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَلَا آخِرَ لِوَقْتِهَا فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِهِ، وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ أَيْ عَقِبَهُ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُولِمْ عَلَى نِسَائِهِ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ» فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِنْ خَالَفَ الْأَفْضَلَ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا وَلَا تَفُوتُ بِطَلَاقٍ وَلَا مَوْتٍ وَلَا بِطُولِ الزَّمَنِ فِيمَا يَظْهَرُ كَالْعَقِيقَةِ اهـ. وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ لَيْلِيَّةٍ شَرْحُ م ر أَيْ وَهِيَ الدُّخُولُ (قَوْلُهُ الْوَلِيمَةُ) أَيْ فِعْلُهَا لِعُرْسٍ أَيْ لِعَقْدٍ ح ل (قَوْلُهُ: عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ) وَهِيَ أُمُّ سَلَمَةَ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ) قَالَ ع ش عَلَى م ر وَلَمْ يُعْلَمْ كَيْفَ فَعَلَ فِيهِمَا أَيْ هَلْ جَعَلَهُمَا خُبْزًا أَوْ فَطِيرًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَضُمَّ إلَيْهِمَا شَيْئًا آخَرَ قَالَ الْبَرْمَاوِيُّ رَأَيْت فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهُ قَلَاهُمَا وَجَعَلَهُمَا سَفُوفًا وَأَمَّا السَّمْنُ وَمَا مَعَهُ فَوَضَعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَكَلُوهُ بِالْخُبْزِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّمْرَ وَالسَّمْنَ لَمْ يُضَفْ إلَيْهِمَا خُبْزٌ بَلْ أَكَلُوا التَّمْرَ بِالسَّمْنِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ آخَرَ اهـ. شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى صَفِيَّةَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهَا وَعَقَدَ عَلَيْهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ بِتَمْرٍ. . . إلَخْ عِبَارَةُ الْمَحَلِّيّ: «أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِحَيْسٍ» قَالَ ق ل الْحَيْسُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ التَّمْرُ وَالسَّمْنُ وَالْأَقِطُ الْمَخْلُوطَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِشَاةٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ لَيْسَتْ لَوْ هَذِهِ الِامْتِنَاعِيَّةَ وَإِنَّمَا هِيَ الَّتِي لِلتَّقْلِيلِ بِالْقَافِ [تَنْبِيهٌ]

يَتَّجِهُ تَعَدُّدُهَا بِتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ أَوْ الْإِمَاءِ وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهِنَّ مَعًا كَمَا لَوْ جَاءَ لَهُ أَوْلَادٌ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَعُقَّ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَتَكْفِي وَلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ بَعْدَ تَزَوُّجِ الْجَمِيعِ بِقَصْدِهِنَّ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ) أَيْ الثَّلَاثَةَ (قَوْلُهُ: لِلْمُتَمَكِّنِ) وَهُوَ مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَا يَفِي بِهَا وَقِيلَ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: شَاةٌ) أَيْ بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ قَالَ س ل وَصَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ بِنَدْبِ عَدَمِ كَسْرِ عَظْمِهَا كَالْعَقِيقَةِ

(قَوْلُهُ: لِوَلِيمَةِ الدُّخُولِ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْعُرْسِ الدُّخُولُ وَلَكِنَّ الْإِجَابَةَ إلَيْهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِنْ خَالَفَ الْأَفْضَلَ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ فِي التَّوْشِيحِ ح ل وَانْظُرْ أَيَّ دَاعٍ لِذِكْرِ هَذَا الْمُرَادِ الْمُقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالدُّخُولِ مَعَ أَنَّهَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّخْصِيصَ لِلْأَغْنِيَاءِ تَجِبُ الْإِجَابَةُ مَعَهُ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ

<<  <  ج: ص:  >  >>