للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ) لَا مَا زَادَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَوَّلَ الْمَبْحَثِ.

(فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ

(تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ فُرْقَةٍ) بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ وَفَاةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الطَّلَاقِ {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] وَقِيسَ بِهِ الْفَسْخُ بِأَنْوَاعِهِ بِجَامِعِ فُرْقَةِ النِّكَاحِ فِي الْحَيَاةِ وَلِخَبَرِ فُرَيْعَةَ بِضَمِّ الْفَاءِ بِنْتِ مَالِكٍ فِي الْوَفَاةِ: «أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا حَيْثُ (تَجِبُ نَفَقَتُهَا) عَلَى الزَّوْجِ (لَوْ لَمْ تُفَارِقْ) فَلَا تَجِبُ سُكْنَى لِمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ نَاشِزٍ وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ وَصَغِيرَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَأَمَةٍ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا كَمَا لَا تَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا نَاشِزَةً وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي فِي مُعْتَدَّةِ فَسْخٍ أَوْ وَفَاةٍ وَحَيْثُ لَا تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةٍ فَلِلزَّوْجِ أَوْ وَارِثِهِ إسْكَانُهَا حِفْظًا لِمَائِهِ وَعَلَيْهَا الْإِجَابَةُ وَحَيْثُ لَا تَرِكَةَ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ الْوَارِثُ بِالسُّكْنَى سُنَّ لِلسُّلْطَانِ إسْكَانُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ السُّكْنَى لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَمُعْتَدَّةِ نَحْوِ طَلَاقٍ بَائِنٍ وَهِيَ حَائِلٌ دُونَ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ وَهِيَ تَحْتَاجُ إلَيْهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ كَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهَا قَبْلَهَا وَالنَّفَقَةُ لِسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا وَقَدْ انْقَطَعَتْ وَإِذَا وَجَبَتْ السُّكْنَى فَإِنَّمَا تَجِبُ (فِي مَسْكَنٍ) لَائِقٍ بِهَا (كَانَتْ بِهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ وَلَوْ)

كَانَ (مِنْ نَحْوِ شَعْرٍ) كَصُوفٍ؛ مُحَافَظَةً عَلَى حِفْظِ مَاءِ الزَّوْجِ نَعَمْ لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَقْدِيمِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ أَيْ: فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَاجْتِنَابُ كُلِّ مَا يُشْعِرُ بِالتَّبَرُّمِ أَيْ: التَّضَرُّرِ وَالتَّضَجُّرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا صَبْرَ لَهَا عَلَى الْمُصِيبَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَسَيِّدٍ) أَيْ وَمَمْلُوكٍ وَصِهْرٍ وَصَدِيقٍ وَعَالِمٍ وَصَالِحٍ بِخِلَافِ غَيْرِ مَنْ ذَكَرَ فَيَحْرُمُ الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ شَوْبَرِيٌّ. .

[فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ]

. (فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ (قَوْلُهُ: تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ فُرْقَةٍ) وَلَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّ السُّكْنَى عَنْ الزَّوْجِ لَمْ يَسْقُطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ لِوُجُوبِهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَإِسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ لَاغٍ شَرْحٌ م ر وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْإِسْقَاطُ مِنْهَا لِوُجُوبِ سُكْنَاهُ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ ثَمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَوْ مَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْهُ بِالسُّكْنَى لَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَسْخٍ) أَوْ انْفِسَاخٍ بِرِدَّةٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ ح ل أَوْ مُرَادُهُ بِالْفَسْخِ مَا يَشْمَلُ الِانْفِسَاخَ وَصَرَّحَ بِوُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمُلَاعَنَةِ ع ش أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَوْ وَفَاةٍ) أَيْ حَيْثُ وُجِدَتْ تَرِكَةٌ، وَتُقَدَّمَ عَلَى الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش وَتُقَدَّمُ سُكْنَاهَا عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَمَحَلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَوْمِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا لَهُ لِأَنَّهَا تَجِبُ يَوْمًا بِيَوْمٍ كَمَا قَالَهُ م ر. قَوْلُهُ: {مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْبَيْضَاوِيُّ بِقَوْلِهِ أَيْ: مِنْ مَكَانِ سُكْنَاكُمْ ع ش. (قَوْلُهُ: فِي الرُّجُوعِ) أَيْ: إلَى أَهْلِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كَانَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ فَلَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِخِلَافِهِ أَمَرَهَا بِالْمُكْثِ فِي بَيْتِهَا الَّتِي كَانَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: فِي الْحُجْرَةِ) أَيْ: حُجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: فِي بَيْتِك) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي كُنْت فِيهِ وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ يَبْلُغُ الْكِتَابَ) أَيْ: الْمَكْتُوبَ وَهُوَ الْعِدَّةُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ) كَأَنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ وَإِذَا عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَتْ السُّكْنَى ح ل. (قَوْلُهُ: وَصَغِيرَةٍ) أَيْ: مُتَوَفًّى عَنْهَا أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ كَمَا فِي ز ي وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَى الصَّبِيَّةِ إذَا وُطِئَتْ تَهَيُّؤُهَا لِلْوَطْءِ فَإِنْ لَمْ تَتَهَيَّأْ لَهُ فَلَا عِدَّةَ لَهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَاءِ لَا يُوجِبُهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالتَّهَيُّؤِ هُنَا التَّهَيُّؤُ بِالْفِعْلِ وَهُنَاكَ بِاعْتِبَارِ السِّنِّ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ زَوْجَتَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقِهِمَا الرَّجْعِيِّ لِلْقَطْعِ بِعَدَمِ تَهَيُّئِهِمَا لِلْوَطْءِ لِكَوْنِهِمَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ، فَالظَّاهِرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِ الْمُحَشِّي مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ تَهَيُّؤِ الصَّغِيرَةِ لِلْوَطْءِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعْتَبِرْ م ر كحج هَذَا الْقَيْدَ إلَّا فِي الصَّبِيِّ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُسَلِّمَةً لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا ح ل. (قَوْلُهُ: عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) أَيْ: وَيَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ السُّكْنَى عَلَى الْوَاطِئِ اهـ زي. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ) أَيْ: مَفْهُومُهُ أَعَمُّ وَقَوْلُهُ: فِي مُعْتَدَّةٍ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَصْلَ ذِكْرُهُ فِي مُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ أَصْلًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: إلَّا نَاشِزَةً فَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَبَرَّعْ الْوَارِثُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِذَلِكَ لَزِمَتْهَا الْإِجَابَةُ وَمِثْلُهُ السُّلْطَانُ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَلَا نَظَرَ لِلْمِنَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى الْمَيِّتِ ح ل. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ السُّكْنَى إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا إبْدَاءُ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى كَمَا لَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ) هَذَا أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَلَا يُنْتَقَضُ بِوُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى صَغِيرًا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ أَوْ صَغِيرَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ مُحَافَظَةً عَلَى حِفْظِ مَاءِ الزَّوْجِ) لَا يَشْمَلُ نَحْوَ الصَّغِيرَةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا) أَيْ الْبَدْوِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>