للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُقْصَدُ بِهِ الْإِهْلَاكُ بِخِلَافِ الضَّرْبِ بِنَحْوِ السَّوْطِ، أَمَّا إذْ كَانَ ضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ يَقْتُلُ فَيُقْتَلُونَ مُطْلَقًا، وَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وُزِّعَتْ عَلَى الضَّرَبَاتِ بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ، وَنَحْوِهَا، وَقَوْلِي وَإِلَّا إلَى آخِره مِنْ زِيَادَتِي

. (، وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا مُرَتَّبًا قُتِلَ بِأَوَّلِهِمْ، أَوْ مَعًا) بِأَنَّ مَاتُوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، أَوْ جُهِلَ أَمْرُ الْمَعِيَّةِ، وَالتَّرْتِيبِ فَالْمُرَادُ الْمَعِيَّةُ الْمُحَقَّقَةُ، أَوْ الْمُحْتَمَلَةُ (فَبِقُرْعَةٍ) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ قُتِلَ بِهِ (وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ) ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَاتٌ لَوْ كَانَتْ خَطَأً لَمْ تَتَدَاخَلْ فَعِنْدَ التَّعَمُّدِ، أَوْلَى (فَلَوْ قَتَلَهُ) مِنْهُمْ (غَيْرُ مَنْ ذُكِرَ) بِأَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى، وَغَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فِي الثَّانِيَةِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ (عَصَى وَوَقَعَ قَوَدًا) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ (، وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ) لِتَعَذُّرِ الْقَوَدِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ، وَلِلْأَوَّلِ دِيَةٌ، وَهَلْ الْمُرَادُ دِيَةُ الْقَتِيلِ، أَوْ الْقَاتِلِ حَكَى الْمُتَوَلِّي فِيهِ، وَجْهَيْنِ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِي اخْتِلَافِ قَدْرِ الدِّيَتَيْنِ فَعَلَى الثَّانِي مِنْهُمَا لَوْ كَانَ الْقَتِيلُ رَجُلًا، وَالْقَاتِلُ امْرَأَةً، وَجَبَ خَمْسُونَ بَعِيرًا، وَفِي عَكْسِهِ مِائَةٌ، وَالْأَقْرَبُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ، وَلَوْ قَتَلَهُ أَوْلِيَاءُ الْقَتْلَى جَمِيعًا وَقَعَ الْقَتْلُ عَنْهُمْ مُوَزَّعًا عَلَيْهِمْ فَيَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمْ إلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّوْزِيعُ مِنْ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُ حَقِّهِ، وَلَهُ ثُلُثَا الدِّيَةِ

[دَرْسٌ] (فَصْلٌ) فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ بِحُرِّيَّةٍ، أَوْ عِصْمَةٍ، أَوْ إهْدَارٍ، أَوْ بِقَدْرِ الْمَضْمُونِ بِهِ.

لَوْ (جَرَحَ عَبْدَهُ، أَوْ حَرْبِيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا فَعَتَقَ) الْعَبْدُ (، وَعُصِمَ) الْحَرْبِيُّ بِإِيمَانٍ، أَوْ أَمَانٍ، أَوْ الْمُرْتَدُّ بِإِيمَانٍ (فَمَاتَ) بِالْجُرْحِ (فَهَدَرٌ) أَيْ: لَا شَيْءَ فِيهِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ نَعَمْ عَلَيْهِ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ كَفَّارَةٌ كَمَا سَيَأْتِي

. (وَلَوْ رَمَاهُ) أَيْ: الْعَبْدَ، أَوْ الْحَرْبِيَّ، أَوْ الْمُرْتَدَّ بِسَهْمٍ (فَعَتَقَ، وَعُصِمَ) قَبْلَ إصَابَةِ السَّهْمِ ثُمَّ مَاتَ بِهَا (فَدِيَةُ خَطَأٍ) تَجِبُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهَا حَالَةُ اتِّصَالِ الْجِنَايَةِ، وَالرَّمْيِ كَالْمُقَدِّمَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْجِنَايَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ بِذَلِكَ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ أَوَّلَ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ

. (وَلَوْ ارْتَدَّ جَرِيحٌ وَمَاتَ) سِرَايَةً (فَنَفْسُهُ هَدَرٌ) أَيْ: لَا شَيْءَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ حِينَئِذٍ مُبَاشَرَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَالسِّرَايَةُ أَوْلَى. (وَلِوَارِثِهِ) لَوْلَا الرِّدَّةُ، وَلَوْ مُعْتَقًا (قَوَدُ الْجُرْحِ إنْ أَوْجَبَهُ) أَيْ: الْجُرْحُ الْقَوَدَ كَمُوضِحَةٍ، وَقَطْعِ يَدٍ عَمْدًا ظُلْمًا اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَسْرِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوَدُ لِلْوَارِثِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَوُقِفَ الْأَمْرُ فِيمَا بَقِيَ إلَى الصُّلْحِ.

ا. هـ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) كَالضَّرَبَاتِ الْمُهْلِكِ كُلٌّ مِنْهَا لَوْ انْفَرَدَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ: كُلًّا مِنْ الْجِرَاحَاتِ يُقْصَدُ بِهِ الْإِهْلَاكُ أَيْ: مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الضَّرْبِ بِنَحْوِ السَّوْطِ) فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقْصَدَ بِهِ الْإِهْلَاكُ ح ل، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَالضَّرْبُ الْخَفِيفُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ قَصْدُ الْإِهْلَاكِ مُطْلَقًا إلَّا بِالْمُوَالَاةِ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ التَّوَاطُؤِ مِنْ جَمْعٍ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: تَوَاطَئُوا أَمْ لَا ح ل. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ) فَإِنَّهَا عَلَى الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ كَأَنَّهُ قَاتِلٌ ح ل

(قَوْلُهُ بِأَنْ مَاتُوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ) أَيْ: فَالْعِبْرَةُ فِي التَّرْتِيبِ، وَالْمَعِيَّةِ بِالزُّهُوقِ لِلرُّوحِ لَا بِالْفِعْلِ ح ل. (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْأَوَّلِ) أَيْ: غَيْرُ وَارِثِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قُتِلَ. (قَوْلُهُ: عَصَى) وَعُزِّرَ لِتَفْوِيتِهِ حَقَّ غَيْرِهِ ح ل (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ) لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّ لَهُمْ الدِّيَاتُ، وَإِنْ قَدَّمُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ بِاخْتِيَارِهِمْ. (قَوْلُهُ:، وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ) أَيْ:، وَلِوَرَثَةِ الْبَاقِينَ الدِّيَاتُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: فِي جَوَابِ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ. (قَوْلُهُ:، وَالْأَقْرَبُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالثَّانِي ضَعِيفٌ.

[فَصْلٌ تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ بِحُرِّيَّةٍ]

[١ دَرْسٌ]

(فَصْلٌ: فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ) .

وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَجْرُوحَ لَا يَشْمَلُ مَا لَوْ رَمَى إلَى حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ حَيْثُ يَضْمَنُهُ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ أَنَّ أَوَّلَ الْفِعْلِ غَيْرُ مَضْمُونٍ ع ش عَلَى م ر، وَفِيهِ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لَا يَشْمَلُهُ أَيْضًا إلَّا بِمَجَازِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مُتَأَتٍّ أَيْضًا فِي الْمَجْرُوحِ فَالْعِبَارَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِحُرِّيَّةٍ، أَوْ عِصْمَةٍ) ذَكَرَ هَذَيْنِ فِي قَوْلِهِ جَرَحَ عَبْدَهُ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ ارْتَدَّ جَرِيحٌ، وَقَوْلُهُ، أَوْ هُدِرَ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ ارْتَدَّ جَرِيحٌ إلَى قَوْلِهِ كَمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا إلَخْ قَوْلُهُ: أَوْ بِقَدْرِ الْمَضْمُونِ بِهِ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ: وَفِي تَغَيُّرِ حَالَ الْمَجْرُوحِ مَعَ تَغَيُّرِ الْقَدْرِ الْمَضْمُونِ بِهِ تَأَمُّلٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَرْبِيًّا إلَخْ) ، وَلَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مَعْصُومًا ثُمَّ عُصِمَ الْقَاتِلُ لَمْ يَضْمَنْهُ فَإِنْ عُصِمَ بَعْدَ الرَّمْيِ، وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ ضَمِنَهُ بِالْمَالِ لَا بِالْقُوَّةِ. ا. هـ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْعَبْدَ) أَيْ: عَبْدَهُ، وَانْظُرْ مَا إذَا رَمَى عَبْدَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: تَجِبُ) أَيْ: لِوَرَثَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ السَّيِّدِ، وَلَا يَرِثُهَا السَّيِّدُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَالرَّمْيُ كَالْمُقَدِّمَةِ) وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَجْزَائِهَا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ أَوَّلَ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ، وَنُزِّلَ عُرُوضُ الْعِتْقِ، وَالْعِصْمَةِ مَنْزِلَةَ مُرُورِ شَخْصٍ بَيْنَ السَّهْمِ، وَهَدَفِهِ الَّذِي يَرْمِي بِهِ إلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ مَا عَسَاهُ أَنْ يُقَالَ كَيْفَ يُسَمَّى هَذَا خَطَأً مَعَ أَنَّ فِيهِ قَصْدُ الْفِعْلِ، وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ تَنْزِيلُ تَغَيُّرِ الصِّفَةِ مَنْزِلَةَ تَغَيُّرِ الشَّخْصِ ح ل

(قَوْلُهُ: وَلِوَارِثِهِ) ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا انْتَظَرَ كَمَالَهُ ح ل. (قَوْلُهُ: لَوْلَا الرِّدَّةُ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْمُرْتَدُّ لَا يُوَرَّثُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُعْتَقًا) أَخْذُهُ غَايَةٌ؛ لِأَنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ بِقَرِينِهِ الْمُسْلِمِ الْآتِي لَا يَشْمَلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>