للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ، وَالْجَانِي. لَوْ (قَدَّ) مَثَلًا (شَخْصًا وَزَعَمَ مَوْتَهُ) ، وَالْوَلِيُّ حَيَاتَهُ (أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَزَعَمَ سِرَايَةً، وَالْوَلِيُّ انْدِمَالًا مُمْكِنًا أَوْ سَبَبًا) آخَرَ لِلْمَوْتِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (عَيَّنَهُ أَوْ) لَمْ (يُعَيِّنْهُ) أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (أَمْكَنَ انْدِمَالٌ حَلَفَ الْوَلِيُّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فِي الْأُولَى وَعَدَمُ السِّرَايَةِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَجِبُ فِيهَا دِيَتَانِ وَفِي الْأُولَى دِيَةٌ لَا قَوَدٌ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَخَرَجَ بِالْمُمْكِنِ غَيْرُهُ لِقِصَرِ زَمَنِهِ كَيَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ فَيُصَدَّقُ الْجَانِي فِي قَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ (كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَمَاتَ وَزَعَمَ سَبَبًا) لِلْمَوْتِ غَيْرَ الْقَطْعِ وَلَوْ يُمْكِنُ الِانْدِمَالُ (وَالْوَلِيُّ سِرَايَةً) فَإِنَّهُ الَّذِي يَحْلِفُ سَوَاءً أَعَيَّنَ الْجَانِي السَّبَبَ أَمْ أَبْهَمَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِالصُّورَةِ السَّابِقَةِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا أَيْضًا عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا صُدِّقَ الْوَلِيُّ ثَمَّ مَعَ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْجَانِيَ قَدْ اشْتَغَلَتْ ذِمَّتُهُ ظَاهِرًا بِدِيَتَيْنِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُ الْمُسْقِطِ لِإِحْدَاهُمَا وَهُوَ السِّرَايَةُ بِإِمْكَانِ الْإِحَالَةِ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْوَلِيُّ فَدَعْوَاهُ قَدْ اعْتَضَدَتْ بِالْأَصْلِ وَهُوَ شَغْلُ ذِمَّةِ الْجَانِي

(وَلَوْ أَزَالَ طَرَفًا ظَاهِرًا) كَيَدٍ وَلِسَانٍ (وَزَعَمَ نَقْصَهُ خِلْقَةً) كَشَلَلٍ أَوْ فَقْدِ أُصْبُعٍ (حَلَفَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَزَالَ طَرَفًا بَاطِنًا كَذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ أَوْ ظَاهِرًا وَزَعَمَ حُدُوثَ نَقْصِهِ فَلَا يَحْلِفُ بَلْ يَحْلِفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ عُسْرُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ حُدُوثِ نَقْصِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا يُعْتَادُ سَتْرُهُ مُرُوءَةً وَبِالظَّاهِرِ غَيْرُهُ (أَوْ أَوْضَحَ مُوضِحَتَيْنِ وَرَفَعَ الْحَاجِزَ) بَيْنَهُمَا (وَزَعَمَهُ) أَيْ الرَّفْعَ (قَبْلَ انْدِمَالِهِ) أَيْ الْإِيضَاحِ لِيَقْتَصِرَ عَلَى أَرْشٍ وَاحِدٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَالْجَانِي]

(قَوْلُهُ: لَوْ قُدَّ) أَيْ: قُطِعَ إذْ الْقَدُّ الشَّقُّ طُولًا، وَالْقَطُّ الشَّقُّ عَرْضًا، وَالْقَطْعُ يَعُمُّهُمَا وَلَيْسَ خُصُوصُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُرَادًا. اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ شَخْصًا) أَيْ: مَلْفُوفًا (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ مَوْتَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْقَدِّ (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ سِرَايَةً) أَيْ: حَتَّى تَلْزَمَهُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ.

(قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ: يَمِينًا وَاحِدَةً خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا خَمْسُونَ يَمِينًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى الْحَيَاةِ لَا الْقَتْلِ ز ي مُلَخَّصًا لَكِنَّ الْبُلْقِينِيَّ نَظَرَ لِلَّازِمِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْحَيَاةِ كَوْنُ الْقَادِّ قَتَلَهُ فَحَلِفُهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْقَتْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ) أَفْهَمَ هَذَا أَنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرَ حَيْثُ عُهِدَتْ لَهُ حَيَاةٌ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ سَقْطًا لَمْ تُعْهَدْ لَهُ حَيَاةٌ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الْجَانِي شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَفِي الْأُولَى دِيَةٌ لَا قَوَدٌ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْوَلِيُّ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِالْحَيَاةِ فَإِنْ أَقَامَهَا وَجَبَ عَلَى الْجَانِي الْقَوَدُ شَرْحُ م ر وَع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَ وَقَالَ الْجَانِي مَاتَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ لِضَعْفِ السِّرَايَةِ مَعَ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ ز ي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ) عُورِضَ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَهِيَ مَنْ تَعَارُضِ الْأَصْلَيْنِ فَلِمَ قَدَّمَ الْأَوَّلَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ أَصْلَ عَدَمِ وُجُودِ السَّبَبِ أَقْوَى مِنْ أَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ الْآتِي لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ لَك أَنْ تَقُولَ هُنَا أَصْلٌ آخَرُ، وَهُوَ عَدَمُ السِّرَايَةِ فَلِمَ قُدِّمَ أَصْلٌ عَلَى أَصْلَيْنِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا قُدِّمَ لِأَنَّهُ تَقَوَّى بِعَدَمِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ لِظُهُورِ مَوْتِهِ بِالسِّرَايَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ) أَيْ التَّعْلِيلُ وَإِيضَاحُ الْإِشْكَالِ أَنَّكُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صَدَّقْتُمْ الْوَلِيَّ وَلَمْ تُصَدِّقُوا الْجَانِيَ الْمُدَّعِيَ لِلسَّبَبِ وَقُلْتُمْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَفِيمَا سَبَقَ صَدَّقْتُمْ الْوَلِيَّ الْمُدَّعِيَ لِلسَّبَبِ وَلَمْ تَقُولُوا الْأَصْلُ عَدَمُهُ فَلَا يُصَدَّقُ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ فِيمَا سَبَقَ صُدِّقَ الْوَلِيُّ لِاعْتِضَادِ اسْتِنَادِهِ لِلسَّبَبِ بِشَيْءٍ آخَرَ وَهُنَا لَمْ يَعْتَضِدْ السَّبَبُ بِشَيْءٍ آخَرَ وَاسْتَشْكَلَ أَيْضًا بِوَجْهٍ آخَرَ لَا يَنْفَعُ فِيهِ جَوَابُ الشَّارِحِ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ هُنَا صَدَّقْتُمْ الْوَلِيَّ الْمُدَّعِيَ لِلسِّرَايَةِ وَقَدْ عَلَّلْتُمْ فِيمَا سَبَقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْوَلِيُّ هُنَا لِأَنَّهُ قَدْ تَمَسَّكَ هُنَا بِمَا الْأَصْلُ عَدَمُهُ مِنْ غَيْرِ عَاضِدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا ذَكَرَ) ، وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا. إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجَانِيَ. إلَخْ) لَا يُقَالُ إنَّمَا تَشْتَغِلُ ذِمَّتُهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْأَرْشِ قَبْلَهُ لِأَنَّا نَقُولُ الِانْدِمَالُ شَرْطٌ لِلِاسْتِقْرَارِ لَا لِلْوُجُوبِ وَلِهَذَا جَازَ لَهُ الْقِصَاصُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ سم (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَحَقَّقْ. إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّ إيجَابَ قَطْعِ الْأَرْبَعِ لِلدِّيَتَيْنِ مُحَقَّقٌ وَشَكَّ فِي مُسْقِطِهِ فَلَمْ يَسْقُطَا. اهـ. (قَوْلُهُ بِإِمْكَانِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالنَّفْيِ

(قَوْلُهُ: طَرْفًا) أَيْ: أَوْ مَعْنًى ز ي (قَوْلُهُ حَلَفَ) أَيْ: فَتَجِبُ الدِّيَةُ لَا الْقِصَاصُ عِ ش.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) وَيَسْتَحِقُّ دِيَةً كَامِلَةً وَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ ز ي.

(قَوْلُهُ: عُسْرُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلِذَا صَدَّقْنَاهُ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ لِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَإِذَا أَقَامَهَا فَيَكْفِي قَوْلُهَا كَانَ سَلِيمًا، وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِوَقْتِ الْجِنَايَةِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ لَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ بِنَحْوِ مِلْكِ سَاقٍ كَأَنْ يَقُولَ كَانَ مِلْكَهُ أَمْسِ إلَّا إنْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ مُزِيلًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ هُنَا أَنَّهُ أَنْكَرَ السَّلَامَةَ مِنْ أَصْلِهَا فَقَوْلُهَا كَانَ سَلِيمًا مُبْطِلٌ لِإِنْكَارِهِ صَرِيحًا وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ:، وَالْأَصْلُ. إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى عِلَّةٍ مَأْخُوذَةٍ مِنْ الْفَرْقِ كَأَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهُ يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ فِي الْبَاطِنِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ. إلَخْ فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ ظَاهِرًا وَزَعَمَ. إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ وَرَفَعَ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: وَاتَّحَدَ الْكُلُّ عَمْدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>