للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وَالْغُرَّةُ (لِوَرَثَةِ جَنِينٍ) لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى غُرَّةِ الْمُسْلِمِ، وَالْكِتَابِيِّ (وَفِي جَنِينٍ رَقِيقٍ عُشْرُ أَقْصَى قِيَمِ أُمِّهِ مِنْ جِنَايَةٍ إلَى إلْقَاءٍ) أَمَّا وُجُوبُ الْعُشْرِ فَعَلَى وِزَانِ اعْتِبَارِ الْغُرَّةِ فِي الْحُرِّ بِعُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ الْمُسَاوِي لِنِصْفِ عُشْرِ دِيَةِ أَبِيهِ وَأَمَّا وُجُوبُ الْأَقْصَى وَهُوَ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَعَلَى وِزَانِ الْغَصْبِ، وَالْأَصْلُ اقْتَصَرَ عَلَى اعْتِبَارِ عُشْرِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ (لِسَيِّدِهِ) لِمِلْكِهِ إيَّاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِأُمِّهِ فَقَوْلِي لِسَيِّدِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لِسَيِّدِهَا (وَتُقَوَّمُ) الْأُمُّ (سَلِيمَةً) سَوَاءٌ أَكَانَتْ نَاقِصَةً، وَالْجَنِينُ سَلِيمٌ أَمْ بِالْعَكْسِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِسَلَامَتِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي فَلِأَنَّ نُقْصَانَ الْجَنِينِ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ، وَاللَّائِقُ الِاحْتِيَاطُ، وَالتَّغْلِيظُ (، وَالْوَاجِبُ) مِنْ الْغُرَّةِ وَعُشْرُ الْأَقْصَى (عَلَى عَاقِلَةٍ) لِلْجَانِي لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَلِأَنَّهُ لَا عَمْدَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَنِينِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَلَا حَيَاتَهُ حَتَّى يَقْصِدَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ اصْطَدَمَتْ حَامِلَانِ فَأَلْقَتَا جَنِينَيْنِ لَزِمَ عَاقِلَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينَيْهِمَا لِأَنَّ الْحَامِلَ إذَا جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا لَزِمَ عَاقِلَتَهَا الْغُرَّةُ كَمَا لَوْ جَنَتْ عَلَى حَامِلٍ أُخْرَى فَلَا يُهْدَرُ مِنْهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْجَنِينَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا.

(فَصْلٌ) فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ.، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] تَجِبُ (عَلَى غَيْرِ حَرْبِيٍّ) لَا أَمَانَ لَهُ (وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَرَقِيقًا وَمُعَاهِدًا وَشَرِيكًا) وَمُرْتَدًّا (كَفَّارَةٌ بِقَتْلِهِ) وَلَوْ خَطَأً أَوْ بِتَسَبُّبٍ أَوْ شَرْطٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ لِوَرَثَةِ جَنِينٍ) أَيْ بِتَقْدِيرِ انْفِصَالِهِ حَيًّا ثُمَّ مَوْتِهِ لِأَنَّهَا فِدَاءُ نَفْسِهِ فَلَوْ تَسَبَّبَتْ الْأُمُّ لِإِجْهَاضِ نَفْسِهَا كَأَنْ صَامَتْ، أَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً لَمْ تَرِثْ مِنْهُ شَيْئًا لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ م ر، وَالْجَارُّ، وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَيْ: الْغُرَّةِ وَعُشْرِ الدِّيَةِ وَقِيمَةِ الْعُشْرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَالْغُرَّةُ لِوَرَثَةِ جَنِينٍ فِيهِ قُصُورٌ مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ الْآتِي، وَالْوَاجِبُ عَلَى عَاقِلَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) مِنْ قَوْلِهِ، وَالْغُرَّةُ. إلَخْ لِأَنَّهُ عَامٌّ (قَوْلُهُ: وَفِي جَنِينٍ رَقِيقٍ) وَفِي مُبَعَّضٍ التَّوْزِيعُ فَفِي نِصْفِهِ الْحُرِّ نِصْفُ غُرَّةٍ وَفِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ ح ل.

(قَوْلُهُ: الْمُسَاوِي. إلَخْ) أَيْ: الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَغَرَضُهُ مِنْ هَذَا أَنَّ مُؤَدَّاهُمَا وَاحِدٌ لَكِنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى لِيَشْمَلَ وَلَدَ الزِّنَا.

(قَوْلُهُ: فَعَلَى وِزَانِ الْغَصْبِ) مَا لَمْ يَنْفَصِلْ حَيًّا ثُمَّ يَمُوتُ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَإِلَّا فَفِيهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِانْفِصَالِ قَطْعًا وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ وَقَوْلُهُ عَلَى اعْتِبَارِ عُشْرِ الْقِيمَةِ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ هُوَ الْأَكْثَرُ س ل (قَوْلُهُ لِسَيِّدِهِ) نَعَمْ إنْ كَانَتْ هِيَ الْجَانِيَةُ عَلَى نَفْسِهَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ إذْ لَا شَيْءَ لِلسَّيِّدِ عَلَى قِنِّهِ ز ي.

(قَوْلُهُ: عَلَى عَاقِلَةٍ) اُنْظُرْ هَلْ هِيَ حَالَّةٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ وَمَا كَيْفِيَّةُ تَأْجِيلِهَا وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا تُؤَجَّلُ سَنَةً لِأَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الْكَامِلِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَا عَمْدَ. إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى مَنْ قَالَ إذَا تَعَمَّدَ الْجِنَايَةَ بِأَنْ قَصَدَهَا بِمَا يُجْهِضُ غَالِبًا فَالْغُرَّةُ عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ بِنَاءً عَلَى تَصَوُّرِ الْعَمْدِ فِيهِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ تَصَوُّرِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى عِلْمِ وُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ حَتَّى يَقْصِدَ) تَعَمُّدُ الْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَعَمُّدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَلَا حَيَاتُهُ حَتَّى يَقْصِدَ ز ي وَح ل (قَوْلُهُ: نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينَيْهِمَا) لَمْ يَقُلْ لُزُومُ عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا غُرَّةٌ كَامِلَةٌ مَعَ أَنَّ مَجْمُوعَ النِّصْفَيْنِ غُرَّةٌ كَامِلَةٌ لِاخْتِلَافِ مُسْتَحَقِّي النِّصْفَيْنِ، وَهُوَ وَرَثَةُ كُلٍّ مِنْ الْجَنِينَيْنِ وَأَيْضًا فَقَدْ يَخْتَلِفُ وَاجِبُ كُلٍّ مِنْهُمَا إذَا فُقِدَتْ الْغُرَّةُ وَانْتَقَلَ لِعُشْرِ الْإِبِلِ وَاخْتَلَفَ نَوْعُ إبِلِ كُلٍّ مِنْ الْعَاقِلَتَيْنِ.

[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالْأَصْلُ فِيهَا]

(فَصْلٌ: فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ) هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْكَفْرِ، وَهُوَ السَّتْرُ لِأَنَّهَا تَسْتُرُ الذَّنْبَ. اهـ. عَمِيرَةُ. اهـ. سم، وَالْقَصْدُ مِنْهَا تَدَارُكُ مَا فَرَّطَ مِنْ التَّقْصِيرِ، وَهُوَ فِي الْخَطَأِ الَّذِي لَا إثْمَ فِيهِ تَرْكُ التَّثَبُّتِ مَعَ خَطَرِ النَّفْسِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ. إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قَدَّمَ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ الْكَفَّارَةَ عَلَى الدِّيَةِ وَفِي الْكَافِرِ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَرَى تَقْدِيمَ حَقِّ اللَّهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْكَافِرَ يَرَى تَقْدِيمَ حَقِّ نَفْسِهِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى شَوْبَرِيٌّ وَانْظُرْ لِمَ تَرَكَ الشَّارِحُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الدَّلِيلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النساء: ٩٢] الْآيَةَ مَعَ أَنَّ فِيهِ ذِكْرَ التَّحْرِيرِ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ: تَجِبُ كَفَّارَةٌ) أَيْ: فَوْرًا فِي غَيْرِ الْخَطَأِ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى عَائِنٍ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ حَقًّا لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مُهْلِكًا عَلَى أَنَّ التَّأْثِيرَ عِنْدَهَا لَا بِهَا حَتَّى بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ وَكَذَا لَا يَجِبُ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ وَمِثْلُ الْعَائِنِ الْوَلِيُّ إذَا قَتَلَ بِحَالِهِ أَيْ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ م ر فِي شَرْحِهِ وَع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ حَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ لَهُ) بِأَنْ لَا يَكُونَ حَرْبِيًّا أَصْلًا أَوْ حَرْبِيًّا لَا أَمَانَ لَهُ فَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ تُفْهَمُ مِنْ دُخُولِ النَّفْيِ عَلَى الْقَيْدِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا أَمَانَ لَهُ الْوَاقِعُ صِفَةً لِلْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا) تَعْمِيمٌ فِي الْقَاتِلِ الْغَيْرِ الْحَرْبِيِّ أَيْ: وَلَوْ كَانَ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا قَالَ ز ي وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُمَا كَفَّارَةُ وِقَاعِ رَمَضَانَ لِأَنَّهَا مُرْتَبِطَةٌ بِالتَّكْلِيفِ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهِ وَهُنَا بِالْإِزْهَاقِ لِلْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: وَمُعَاهِدًا) غَايَةٌ فِي الْغَيْرِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَلَوْ مُعَاهِدًا غَايَةٌ فِي الْمَعْصُومِ فَلَا تَكْرَارَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِتَسَبُّبٍ) كَالْإِكْرَاهِ وَأَمْرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَالشَّهَادَةِ زُورًا ح ل.

(قَوْلُهُ: أَوْ شَرْطٍ) كَالْحَفْرِ عُدْوَانًا

<<  <  ج: ص:  >  >>