للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَعْصُومًا عَلَيْهِ وَلَوْ مُعَاهِدًا وَجَنِينًا) وَمُرْتَدًّا (وَعَبْدَهُ وَنَفْسَهُ) وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُمَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْحَرْبِيِّ الْمَذْكُورِ الْحَرْبِيُّ الَّذِي لَا أَمَانَ لَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَمِثْلُهُ الْجَلَّادُ الْقَاتِلُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ ظُلْمًا وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْحَالِ لِأَنَّهُ سَيْفُ الْإِمَامِ وَآلَةُ سِيَاسَتِهِ وَبِالْقَتْلِ غَيْرُهُ كَالْجِرَاحَاتِ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِوُرُودِ النَّصِّ بِهَا فِي الْقَتْلِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَلَيْسَ غَيْرُهُ فِي مَعْنَاهُ وَبِالْمَعْصُومِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَبَاغٍ قَتَلَهُ عَادِلٌ وَعَكْسُهُ فِي الْقِتَالِ وَصَائِلٌ وَمُقْتَصٍّ مِنْهُ وَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ لَهُ وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَلَا كَفَّارَةَ فِي قَتْلِهِ وَإِنَّمَا حَرُمَ قَتْلُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَتَالِيَيْهَا لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لَيْسَ لِحُرْمَتِهِمْ بَلْ

لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ

لِئَلَّا يَفُوتَهُمْ الِارْتِفَاقُ بِهِمْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَوْ قَتَلَ بِأَمْرِ غَيْرِهِ ضَمِنَ آمِرُهُ فَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ، وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ فِي مَالِهِمَا فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا، وَالْعَبْدُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ اصْطَدَمَ شَخْصَانِ فَمَاتَا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا كَفَّارَتَانِ وَاحِدَةٌ لِقَتْلِ نَفْسِهِ وَوَاحِدَةٌ لِقَتْلِ الْآخَرِ وَأَنَّهُ لَوْ اصْطَدَمَتْ حَامِلَانِ فَمَاتَتَا وَأَلْقَتَا جَنِينَيْنِ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ نَفْسَيْهِمَا وَجَنِينَيْهِمَا.

(بَابُ دَعْوَى الدَّمِ)

أَعْنِي الْقَتْلَ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي وَعَبَّرَ بِهِ عَنْهُ لِلُزُومِهِ لَهُ غَالِبًا (وَالْقَسَامَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ الْأَيْمَانِ الْآتِي بَيَانُهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْقَسَمِ وَهُوَ الْيَمِينُ (شُرِطَ لِكُلِّ دَعْوَى) بِدَمٍ أَوْ غَيْرِهِ كَغَصْبٍ وَسَرِقَةٍ وَإِتْلَافٍ سِتَّةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا (أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً) غَالِبًا بِأَنْ يُفَصِّلُ الْمُدَّعِي مَا يَدَّعِيهِ (كَ) قَوْلِهِ: (قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ شَبَهَهُ أَوْ خَطَأً أَفْرَادًا أَوْ شَرِكَةً) ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِنْ حَصَلَ التَّرَدِّي بَعْدَ مَوْتِ الْحَافِرِ ح ل (قَوْلُهُ مَعْصُومًا عَلَيْهِ) شَمِلَ نَحْوَ زَانٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَمُرْتَدٍّ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ بِالنِّسْبَةِ لِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مِثْلِهِمْ لِإِهْدَارِهِمْ. اهـ. ز ي نَعَمْ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ وَإِلَّا وَجَبَتْ كَالدِّيَةِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَنَفْسُهُ) أَيْ الْمَعْصُومِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: فَتَخْرُجُ مِنْ تَرِكَتِهِ فَلَوْ كَانَ زَانِيًا مُحْصَنًا لَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنْ أَثِمَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ ز ي فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَنْ نَفْسِهِ مَعَ كَوْنِهِ مَعْصُومًا عَلَى نَفْسِهِ ح ل وَم ر (قَوْلُهُ وَآلَةُ سِيَاسَتِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ.

(قَوْلُهُ: فِي الْقِتَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِالشِّقَّيْنِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَمُرْتَدٌّ) أَيْ: قَتَلَهُ غَيْرُ مُرْتَدٍّ ح ل فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِي مَالِهِمَا) فَإِنْ فُقِدَ فَصَامَا وَهُمَا مُمَيِّزَانِ أَجْزَأَهُمَا وَكَذَا مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا وَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُمَا لَهُمَا ثُمَّ نَابَ عَنْهُمَا فِي الْإِعْتَاقِ وَكَذَا وَصِيٌّ وَقَيِّمٌ وَقَدْ قَبِلَ لَهُمَا الْقَاضِي التَّمْلِيكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ. اهـ. ز ي.

(قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَشَرِيكًا لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَى كُلٍّ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَنَّهُ شَرِيكٌ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ وَفِي قَتْلِ غَيْرِهِ شَيْخُنَا.

[بَابُ دَعْوَى الدَّمِ]

[دَرْس] (بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ) التَّعْبِيرُ بِالْبَابِ يَقْتَضِي انْدِرَاجَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ تَحْتَ كِتَابِ الدِّيَاتِ السَّابِقِ وَفِيهِ بُعْدٌ وَلِذَا عَبَّرَ الْأَصْلُ بِكِتَابٍ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش عَبَّرَ بِالْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شُرُوطِ الدَّعْوَى وَبَيَانِ الْأَيْمَانِ الْمُعْتَبَرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَبِيهٌ بِالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ فَلَيْسَ مِنْ الْجِنَايَةِ اهـ. وَأَجَابَ ع ش عَلَى الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ عَبَّرَ بِالْبَابِ دُونَ كِتَابٍ كَمَا فَعَلَ الْمِنْهَاجُ كَأَنَّهُ لِتَعَلُّقِهِ بِالْجِنَايَةِ فَكَأَنَّهُ فَرْدٌ مِنْهَا وَلَمَّا كَانَتْ الْقَسَامَةُ تُوجِبُ الدِّيَةَ كَانَتْ مُنْدَرِجَةً فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ الْقَاتِلِ إنْكَارَ الْقَتْلِ اسْتَدْعَى ذَلِكَ بَعْدَ بَيَانِ مُوجِبَاتِهِ بَيَانَ الْحُجَّةِ فِيهِ، وَهِيَ بَعْدَ الدَّعْوَى إمَّا يَمِينٌ وَإِمَّا شَهَادَةٌ. اهـ عَمِيرَةُ. اهـ. سم وَالدَّعْوَى بِالْأَلِفِ وَالدَّعْوَةُ بِالتَّاءِ الدَّعْوَةُ إلَى الطَّعَامِ وَادَّعَى عَلَيْهِ كَذَا وَالِاسْمُ الدَّعْوَى وَالدَّعْوَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَالدُّعَاءُ وَاحِدُ الْأَدْعِيَةِ اهـ. مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ بِقَتْلٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُدَّعَى الْقَتْلُ لَا الدَّمُ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ الْقَتْلِ بِهِ أَيْ بِالدَّمِ وَقَوْلُهُ: لِلُزُومِهِ أَيْ الدَّمِ لَهُ أَيْ لِلْقَتْلِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَيْمَانِ) مِثْلُهُ فِي الْمُخْتَارِ فَقَدْ فَسَّرَهَا بِالْجَمْعِ وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا اسْمُ جَمْعٍ مُفْرَدُهُ مِنْ مَعْنَاهُ لَا مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ يَمِينٌ وَالتَّرْجَمَةُ بِهَذَيْنِ لَا تَشْمَلُ الْفَصْلَ الْآتِيَ فَيُزَادُ فِيهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا وَلِذَا اعْتَذَرَ م ر عَنْ قُصُورِهَا فَقَالَ وَلِاسْتِتْبَاعِ الدَّعْوَى لِلشَّهَادَةِ بِالدَّمِ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي التَّرْجَمَةِ.

(قَوْلُهُ: سِتَّةُ شُرُوطٍ) وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

لِكُلِّ دَعْوَى شُرُوطٌ سِتَّةٌ جَمَعْتُ ... تَفْصِيلَهَا مَعَ إلْزَامٍ وَتَعْيِينِ

أَنْ لَا يُنَاقِضَهَا دَعْوَى تُعَارِضُهَا ... تَكْلِيفُ كُلٍّ وَنَفْيُ الْحَرْبِ لِلدِّينِ

(قَوْلُهُ: غَالِبًا) وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى وَارِثِ مَيِّتٍ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ حَيْثُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُوصَى بِهِ أَوْ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُقَرَّ بِهِ ح ل وَمِثْلُهُ الْمُتْعَةُ وَالنَّفَقَةُ وَالْحُكُومَةُ وَالرَّضْخُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُفَصِّلَ الْمُدَّعِي مَا يَدَّعِيهِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ التَّفْصِيلِ السِّحْرُ فَلَوْ ادَّعَى عَلَى سَاحِرٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ بِسِحْرِهِ لَمْ يُفَصِّلْ فِي الدَّعْوَى بَلْ يُسْأَلُ السَّاحِرُ وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى بَيَانِهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إطْلَاقُ غَيْرِهِ يُخَالِفُهُ ح ر س ل (قَوْلُهُ: قَتَلَهُ عَمْدًا إلَخْ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَحُدَّ الْعَمْدَ أَوْ غَيْرَهُ بِحَدِّهِ الْمُقَرَّرِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَلَا يَكْفِي أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>