للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ الرُّجُوعِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

(كِتَابُ الطَّهَارَةِ) هُوَ لُغَةً الضَّمُّ وَالْجَمْعُ يُقَالُ كَتَبَ كَتْبًا وَكِتَابَةً وَكِتَابًا وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَبْوَابٍ وَفُصُولٍ غَالِبًا، وَالطَّهَارَةُ لُغَةً النَّظَافَةُ وَالْخُلُوصُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَكُونَ مُسْتَكْمِلَةً لِلْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: أَيْ: الرُّجُوعِ) فَالْمَآبُ: مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ وَفِي الْمِصْبَاحِ: آبَ مِنْ سَفَرِهِ يَئُوبُ أَوْبًا وَمَآبًا: رَجَعَ وَالْإِيَابُ: اسْمٌ مِنْهُ فَهُوَ آيِبٌ وَآبَ إلَى اللَّهِ رَجَعَ عَنْ ذَنْبِهِ وَتَابَ فَهُوَ أَوَّابٌ مُبَالَغَةً

[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

وَقَدْ افْتَتَحَ الْأَئِمَّةُ كُتُبَهُمْ بِالطَّهَارَةِ لِخَبَرِ «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ» مَعَ افْتِتَاحِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذِكْرَ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ بِالصَّلَاةِ، وَلِكَوْنِهَا أَعْظَمَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الَّتِي قَدَّمَهَا عَلَى غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ بَعْدَ الْإِيمَانِ، وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ اهـ شَرْحُ. م ر (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً) أَيْ: مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ أَوْ حَالَ كَوْنِهِ لُغَةً أَوْ أَعْنِي لُغَةً أَوْ فِي اللُّغَةِ فَالنَّصْبُ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ الْحَالِ أَوْ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ أَوْ بِنَزْعِ الْخَافِضِ عَلَى مَا فِيهِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ سَمَاعِيٌّ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ شَوْبَرِيٌّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَالٌ فَهُوَ حَالٌ مِنْ النِّسْبَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ أَوْ مِنْ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفِ مَعَ فَاعِلِهِ أَيْ: أَعْنِيه لُغَةً. اهـ (قَوْلُهُ وَالْجَمْعُ) عَطْفُ أَعَمَّ عَلَى أَخَصَّ ع ش فَالْكِتَابُ مَصْدَرٌ بِمَعْنًى جَامِعٍ أَوْ مَجْمُوعٍ فِيهِ. (قَوْلُهُ كَتْبًا) مَصْدَرٌ مُجَرَّدٌ، وَكِتَابَةً وَكِتَابًا مَصْدَرَانِ مَزِيدَانِ، وَالْأَوَّلُ: مَزِيدٌ بِحَرْفَيْنِ وَالثَّانِي: بِحَرْفٍ وَقَدَّمَ الْمَزِيدَ بِحَرْفَيْنِ لِشُهْرَتِهِ شَوْبَرِيٌّ لَعَلَّ الْمُرَادَ شُهْرَتُهُ عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ فَلَا يَرُدُّ أَنَّ الْمَزِيدَ بِحَرْفٍ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ.

(قَوْلُهُ مِنْ الْعِلْمِ) أَيْ: مِنْ دَالِّ الْعِلْمِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ السَّيِّدُ: مِنْ أَنَّ الْمُخْتَارَ فِي أَسْمَاءِ الْكُتُبِ وَالْأَبْوَابِ وَالْفُصُولِ أَنَّهَا أَسْمَاءٌ لِلْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ وَالْإِضَافَةُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ إضَافَةِ الدَّالِّ لِلْمَدْلُولِ أَوْ مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ لِلْخَاصِّ وَهِيَ بِمَعْنَى اللَّامِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ، وَقَوْلُهُ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَبْوَابٍ إلَخْ لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ بَلْ الْكِتَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَا ذَكَرَ كَكِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَلَوْ حَذَفَهَا لَكَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِ تَوَقُّفِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهَا لَكِنْ هَذَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ غَالِبًا إطْفِيحِيٌّ وَقَالَ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ: الْبَابُ اصْطِلَاحًا: اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ، وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْكِتَابِ وَالْفَصْلِ فَإِنْ جَمَعْت الثَّلَاثَةَ قُلْت: الْكِتَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَبْوَابٍ وَفُصُولٍ، وَالْبَابُ: اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى فُصُولٍ وَالْفَصْلُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَسَائِلَ فَالْكِتَابُ كَالْجِنْسِ الْجَامِعِ لِأَبْوَابٍ جَامِعَةٍ لِفُصُولٍ جَامِعَةٍ لِلْمَسَائِلِ، فَالْأَبْوَابُ أَنْوَاعُهُ، وَالْفُصُولُ أَصْنَافُهُ، وَالْمَسَائِلُ أَشْخَاصُهُ اهـ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ، وَالطَّهَارَةُ مَصْدَرُ طَهَرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ يَطْهُرُ بِضَمِّهَا فِيهِمَا، فَالْمَاضِي مَفْتُوحُ الْعَيْنِ وَمَضْمُومُهَا إذَا كَانَ لَا بِمَعْنَى اغْتَسَلَ، وَأَمَّا طَهُرَ بِمَعْنَى اغْتَسَلَ فَمُثَلَّثُ الْهَاءِ وَفِي مُضَارِعِهِ لُغَتَانِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ شَيْخُنَا ع ش إطْفِيحِيٌّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الطَّهَارَةَ قِسْمَانِ عَيْنِيَّةٌ وَحُكْمِيَّةٌ فَالْعَيْنِيَّةُ هِيَ مَا لَا تَتَجَاوَزُ مَحَلَّ سَبَبِهَا كَمَا فِي غَسْلِ الْيَدِ مَثَلًا مِنْ النَّجَاسَةِ فَإِنَّ الْغَسْلَ لَا يَتَجَاوَزُ مَحَلَّ إصَابَةِ النَّجَاسَةِ وَالْحُكْمِيَّةُ: هِيَ الَّتِي تَتَجَاوَزُ مَحَلَّ مَا ذَكَرَ كَمَا فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ مِنْ الْحَدَثِ فَإِنَّ مَحَلَّ السَّبَبِ الْفَرْجُ مَثَلًا حَيْثُ خَرَجَ مِنْهُ خَارِجٌ، وَقَدْ وَجَبَ غَسْلُ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَعْضَاءُ شَوْبَرِيٌّ وَلَهَا وَسَائِلُ وَمَقَاصِدُ فَوَسَائِلُهَا أَرْبَعٌ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْوَسَائِلِ الْمُقَدِّمَاتُ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهِيَ الْمِيَاهُ وَالْأَوَانِي وَالِاجْتِهَادُ وَالنَّجَاسَةُ وَلَمَّا كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُوجِبَةً لِلطَّهَارَةِ عُدَّتْ مِنْ الْوَسَائِلِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَمَقَاصِدُهَا أَرْبَعٌ: الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَلَمْ يَعُدُّوا التُّرَابَ مِنْ الْوَسَائِلِ كَالْمِيَاهِ وَلَا الْأَحْدَاثَ مِنْهَا كَالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ لَمَّا كَانَ طَهَارَةَ ضَرُورَةٍ لَمْ يَعُدْ مِنْ الْوَسَائِلِ وَلَمَّا لَمْ تَتَوَقَّفْ الطَّهَارَةُ عَلَى سَبْقِ حَدَثٍ كَالْمَوْلُودِ إذَا أُرِيدَ تَطْهِيرُهُ لِلطَّوَافِ بِهِ لَمْ يَعُدُّوا الْحَدَثَ مِنْهَا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ع ش إطْفِيحِيٌّ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْوَسَائِلَ الْحَقِيقِيَّةَ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ وَالْحَجَرُ وَالدَّابِغُ.

(قَوْلُهُ وَالْخُلُوصُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ ع ش أَيْ: لِأَنَّ النَّظَافَةَ تَشْمَلُ الْحِسِّيَّةَ كَالْأَنْجَاسِ وَالْمَعْنَوِيَّةَ كَالْعُيُوبِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ» أَيْ: مُنَزَّهٌ عَنْ النَّقَائِصِ. اهـ وَقِيلَ: عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ لِأَنَّ الْخُلُوصَ مِنْ الْأَدْنَاسِ يَشْمَلُ الْحِسِّيَّةَ وَالْمَعْنَوِيَّةَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>