للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى أَنَّهَا حُجَّةٌ كَالشَّهَادَةِ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا (وَلَوْ مَاتَ) قَبْلَ تَمَامِهَا (وَلَمْ يَبْنِ وَارِثُهُ) إذْ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ شَيْئًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ لِوَارِثِهِ أَنْ يُقِيمَ شَاهِدًا آخَرَ؛ لِأَنَّ كُلًّا شَهَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.

(وَتُوَزَّعَ) الْخَمْسُونَ (عَلَى وَرَثَتِهِ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (بِحَسَبِ الْإِرْثِ) غَالِبًا قِيَاسًا لَهَا عَلَى مَا يَثْبُتُ بِهَا (وَيُجْبَرُ كَسْرٌ) إنْ لَمْ تَنْقَسِمْ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْوَاحِدَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ (وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَارِثِينَ (أَوْ غَابَ حَلَفَهَا) أَيْ الْخَمْسِينَ (الْآخَرُ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ) ؛ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ هِيَ الْحُجَّةُ (وَلَهُ) فِي الثَّانِيَةِ (صَبْرٌ لِلْغَائِبِ) حَتَّى يَحْضُرَ فَيَحْلِفُ مَعَهُ مَا يَخُصُّهُ وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ بَعْدَ حَلِفِهِ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَوْ قَالَ الْحَاضِرُ لَا أَحْلِفُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنْ الْقَسَامَةِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ حَلَفَ مَعَهُ حِصَّتُهُ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَ حَائِزٍ حَلَفَ خَمْسِينَ.

فَفِي زَوْجَةٍ وَبِنْتٍ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَشْرًا وَالْبِنْتُ أَرْبَعِينَ بِجَعْلِ الْأَيْمَانِ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا؛ لِأَنَّ سِهَامَهُمَا خَمْسَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ مِنْهَا وَاحِدٌ (وَيَمِينُ مُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا لَوْثٍ وَ) يَمِينٌ (مَرْدُودَةٌ) مِنْ مُدَّعٍ أَوْ مُدَّعَى عَلَيْهِ (وَ) يَمِينٌ (مَعَ شَاهِدٍ خَمْسُونَ) ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ دَمٍ حَتَّى لَوْ تَعَدَّدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَفَ كُلٌّ خَمْسِينَ وَلَا تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْمُدَّعِي بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَنْفِي عَنْ نَفْسِهِ الْقَتْلَ كَمَا يَنْفِيهِ الْمُنْفَرِدُ وَكُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِينَ لَا يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ مَا يُثْبِتُهُ الْمُنْفَرِدُ

(وَالْوَاجِبُ بِالْقَسَامَةِ دِيَةٌ) عَلَى مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي قَتْلِ عَمْدٍ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي قَتْلِ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَلَا يَجِبُ بِهَا قَوَدٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ أَوْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ» وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَوَدِ؛ وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَلَا تُوجِبُ الْقَوَدَ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ الدِّمَاءِ كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ. وَأُجِيبَ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» بِأَنَّ التَّقْدِيرَ بَدَلَ دَمِ صَاحِبِكُمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: إذْ لَا يَسْتَحِقُّ إلَخْ) يَرِدُ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ مَسْأَلَةُ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُتَقَدِّمَةُ فَإِنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْقِيمَةَ بِحَلِفِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) وَإِلَّا فَقَدْ تُوَزَّعُ لَا بِحَسَبِ الْإِرْثِ كَمَا يَأْتِي فِي الْبِنْتِ وَالزَّوْجَةِ وَيُفْرَضُ الْخُنْثَى بِالنِّسْبَةِ لِحَلِفِهِ ذَكَرًا وَفِي حَلِفِ غَيْرِهِ أُنْثَى وَبِالنِّسْبَةِ لِلْأَخْذِ أُنْثَى أَيْضًا فَإِذَا كَانَ مَعَهُ ابْنٌ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَأَخَذَ الثُّلُثَ وَحَلَفَ الِابْنُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثَا الْخَمْسِينَ مَعَ جَبْرِ الْكَسْرِ وَأَخَذَ النِّصْفَ وَيُوقَفُ الْبَاقِي وَهُوَ السُّدُسُ إلَى الصُّلْحِ أَوْ الْبَيَانِ ح ل (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَثْبُتُ بِهَا) وَهُوَ الدِّيَةُ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ بِحَسَبِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: بِجَعْلِ الْأَيْمَانِ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ مَخْرَجُ الثُّمُنِ لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ وَاحِدٌ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ أَرْبَعَةٌ وَالْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِبَيْتِ الْمَالِ لَكِنَّهُ لَا يَحْلِفُ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةِ الْأَثْمَانِ وَمِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إذَا انْتَظَمَ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يَثْبُتُ حَقُّ بَيْتِ الْمَالِ هُنَا بِيَمِينِ مَنْ مَعَهُ بَلْ يُنَصَّبُ مُدَّعٍ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ وَيَفْعَلُ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ الْفَصْلِ اهـ. وَهُوَ أَنَّهُ إنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ الْبَاقِي الَّذِي كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ أَقَرَّ أُخِذَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ رَدَّ الْبَاقِيَ عَلَى الْبِنْتِ فَقَطْ وَتُقْسَمُ الْأَيْمَانُ حِينَئِذٍ عَلَى حِصَّةِ الزَّوْجَةِ وَهِيَ الثُّمُنُ وَحِصَّةِ الْبِنْتِ وَهِيَ الْبَاقِي فَيَخُصُّ الزَّوْجَةَ ثُمُنُ الْأَيْمَانِ سَبْعَةٌ بِجَبْرِ الْمُنْكَسِرِ إذْ ثُمُنُ الْخَمْسِينَ سِتَّةٌ وَرُبُعٌ وَيَخُصُّ الْبِنْتَ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ كَذَلِكَ إذْ الْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الْخَمْسِينَ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ يَمِينٍ فَتَكْمُلُ أَفَادَهُ شَيْخُنَا طب شَوْبَرِيٌّ.

وَلَوْ كَانَ ثَمَّ عَوْلٌ اُعْتُبِرَ، فَفِي زَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِعَشَرَةٍ فَتُوَزَّعُ الْخَمْسُونَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَيَخُصُّ كُلَّ سَهْمٍ خَمْسَةٌ فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهَكَذَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: وَيَمِينٌ مَرْدُودَةٌ) وَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ يَمِينِ الْقَسَامَةِ أَوْ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدٍ ثُمَّ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي وَإِنْ نَكَلَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ يَمِينَ الرَّدِّ غَيْرُ يَمِينِ الْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تِلْكَ النُّكُولُ وَهَذِهِ اللَّوْثُ أَوْ الشَّاهِدُ شَرْحُ م ر وَلَيْسَ لَنَا يَمِينُ رَدٍّ تُرَدُّ إلَّا هُنَا (قَوْلُهُ: مِنْ مُدَّعٍ) أَيْ إنْ كَانَ هُنَاكَ لَوْثٌ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَوْثٌ فَإِنَّ الْيَمِينَ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَعَ شَاهِدٍ خَمْسُونَ) اُنْظُرْ بِمَاذَا يَنْفَصِلُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ كَغَيْرِهِ إنَّ إخْبَارَ الْعَدْلِ لَوْثٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ شَرْطُ الشَّهَادَةِ كَأَنْ أَتَى بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى كَانَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ وَإِنْ أَتَى بِغَيْرِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ أَوْ قَبْلَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى كَانَ مِنْ بَابِ اللَّوْثِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: حَلَفَ كُلٌّ خَمْسِينَ وَلَا تُوَزَّعُ إلَخْ) وَلَوْ رَدَّ أَحَدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ حَلَفَ الْمُدَّعِي خَمْسِينَ وَاسْتَحَقَّ مَا يَخُصُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ إذَا وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ اهـ. ع ش عَلَى م ر

[مَا يَجِبُ بِالْقَسَامَةِ]

(قَوْلُهُ: وَالْوَاجِبُ بِالْقَسَامَةِ) خَرَجَ بِهَا الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَثْبُتُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ وَكُلٌّ يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى هَذَا ز ي (قَوْلُهُ: أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ إلَخْ؟) وَسَبَبُهُ «أَنَّ بَعْضَ الْأَنْصَارِ قُتِلَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ الصُّلْحِ وَلَيْسَ بِهَا غَيْرُ الْيَهُودِ وَبَعْضُ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَوْلِيَائِهِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ قَالُوا كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟ قَالَ فَتُبَرِّئَكُمْ يَهُودُ خَيْبَرَ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» اهـ. تَبْرَأُ مِنْ دَمِ صَاحِبِكُمْ بِحَلِفِهَا لَكُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا إنَّهَا لَمْ تَقْتُلْهُ فَقَالُوا كَيْفَ نَأْخُذُ بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَعَقَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>