للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) ثَانِيهَا (بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ) مَنْ عَيَّنَهُ فِي حَيَاتِهِ وَكَانَ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ حِينَئِذٍ لِيَكُونَ خَلِيفَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَيُعَبِّرُ عَنْهُ بِعَهْدِهِ إلَيْهِ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي حَيَاتِهِ (كَجَعْلِهِ الْأَمْرَ) فِي الْخِلَافَةِ (شُورَى) أَيْ تَشَاوُرًا (بَيْنَ جَمْعٍ) فَإِنَّهُ كَالِاسْتِخْلَافِ لَكِنْ لِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ جَمْعٍ فَيَرْتَضُونَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ فِي حَيَاتِهِ بِإِذْنِهِ أَحَدَهُمْ كَمَا جَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ وَعُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةَ فَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

(وَ) ثَالِثُهَا (بِاسْتِيلَاءِ) شَخْصٍ (مُتَغَلِّبٍ) عَلَى الْإِمَامَةِ (وَلَوْ غَيْرَ أَهْلٍ) لَهَا كَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ بِأَنْ قَهَرَ النَّاسَ بِشَوْكَتِهِ وَجُنْدِهِ وَذَلِكَ لِيَنْتَظِمَ شَمْلُ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْفَاسِقِ وَالْجَاهِلِ

(كِتَابُ الرِّدَّةِ)

(هِيَ) لُغَةً الرُّجُوعُ عَنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ وَشَرْعًا (قَطْعُ مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ الْإِسْلَامَ بِكُفْرٍ عَزْمًا) وَلَوْ فِي قَابِلٍ (أَوْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا اسْتِهْزَاءً) كَانَ ذَلِكَ (أَوْ عِنَادًا أَوْ اعْتِقَادًا) بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الرِّدَّةِ كَاجْتِهَادٍ أَوْ سَبْقِ لِسَانٍ أَوْ حِكَايَةٍ أَوْ خَوْفٍ وَكَذَا قَوْلُ الْوَلِيُّ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ أَنَا اللَّهُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ يُعَزَّرُ فَلَا يَتَقَيَّدُ الِاسْتِهْزَاءُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِالْقَوْلِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَذَلِكَ (كَنَفْيِ الصَّانِعِ) الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: ٨٨]

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَلَا يُشْتَرَطُ الِاجْتِهَادُ وَلَوْ كَانَ الْعَاقِدُ وَاحِدًا هَذَا مَا تَبَيَّنَ لِي فِي فَهْمِ هَذَا الْمَوْضِعِ عَمِيرَةُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ) وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ ز ي (قَوْلُهُ: بِعَهْدِهِ) أَيْ بِوَصِيَّتِهِ إلَيْهِ بِأَنْ يَسْتَخْلِفَ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: كَمَا عَهِدَ) أَيْ أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ إلَخْ الَّذِي كَتَبَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا وَأَوَّلِ عَهْدِهِ بِالْآخِرَةِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يُؤْمِنُ فِيهَا الْكَافِرُ وَيَتَّقِي فِيهَا الْفَاجِرُ إنِّي اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْكُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَإِنْ بَرَّ وَعَدَلَ فَذَاكَ عِلْمِي وَرَأْيِي فِيهِ وَإِنْ جَارَ وَبَدَّلَ فَلَا عِلْمَ لِي بِالْغَيْبِ وَالْخَيْرَ أَرَدْتُ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) أَيْ عَدَمُ الرَّدِّ وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ ح ل (قَوْلُهُ: أَيْ تَشَاوُرًا) إشَارَةً إلَى أَنَّ شُورَى مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّشَاوُرِ ز ي (قَوْلُهُ: فَيَرْتَضُونَ إلَخْ) فَلَيْسَ لَهُمْ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الِاخْتِيَارُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُمْ لَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الِاخْتِيَارِ لَمْ يُجْبَرُوا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَيْنَ سِتَّةٍ) لَعَلَّهُ إنَّمَا خَصَّهُمْ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِغَيْرِهِمْ بَكْرِيٌّ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: عَلَى عُثْمَانَ) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَلِيمًا (قَوْلُهُ: شَخْصٍ) أَيْ غَيْرِ كَافِرٍ أَمَّا هُوَ فَلَا تَنْعَقِدُ إمَامَتُهُ ح ل (قَوْلُهُ: شَمِلَ الْمُسْلِمِينَ) فِي الْمُخْتَارِ شَمِلَهُمْ الْأَمْرُ شُمُولًا عَمَّهُمْ وَجَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ أَيْ مَا تَشَتَّتَ مِنْ أَمْرِهِ، وَالشَّمَلُ بِفَتْحَتَيْنِ لُغَةٌ فِي الشَّمْلِ.

[كِتَابُ الرِّدَّةِ]

[دَرْسٌ] (كِتَابُ الرِّدَّةِ) أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ أَحَدُ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إلَخْ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا بَعْدَ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى الدِّينِ وَمَا تَقَدَّمَ جِنَايَةٌ عَلَى النَّفْسِ وَأَخَّرَهَا مَعَ كَوْنِهَا أَهَمَّ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ مَا قَبْلَهَا ع ش مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا وَدَخَلَتْ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهَا نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِهِ إلَيْهَا وَطَلَاقُ غَيْرِهَا بِوَكَالَتِهَا (قَوْلُهُ: الْإِسْلَامَ) أَيْ دَوَامَهُ وَقَوْلُهُ: بِكُفْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي قَابِلٍ) فَيَرْتَدُّ حَالًا م ر؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِسْلَامِ شَرْطٌ فَإِذَا عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ كَفَرَ حَالًا (قَوْلُهُ: اسْتِهْزَاءً كَانَ ذَلِكَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي مِثْلِهَا وَمَثَّلَ م ر لِلِاسْتِهْزَاءِ بِمَا إذَا قِيلَ لَهُ قَلِّمْ أَظْفَارَك فَإِنَّهُ سُنَّةٌ فَقَالَ لَا أَفْعَلُهُ وَإِنْ كَانَ سُنَّةً أَوْ وَلَوْ جَاءَنِي بِهِ النَّبِيُّ مَا فَعَلْتُهُ مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَبْعِيدِ نَفْسِهِ أَوْ يُطْلِقْ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ التَّبْعِيدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عِنَادًا) بِأَنْ عَرَفَ الْحَقَّ بَاطِنًا وَقَالَ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اعْتِقَادًا) أَيْ لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا عَنْ اجْتِهَادٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ كَاجْتِهَادٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) مُقَابِلُ اسْتِهْزَاءً إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْعِرُ بِالْقَصْدِ (قَوْلُهُ: كَاجْتِهَادٍ) أَيْ فِيمَا لَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ كُفْرِ نَحْوِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ اهـ. رَشِيدِيٌّ وَالِاجْتِهَادُ مِثْلُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُجَسِّمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ كُفْرِهِمْ اهـ. بَابِلِيٌّ.

(قَوْلُهُ: حَالَ غَيْبَتِهِ) أَيْ خُرُوجِهِ عَنْ التَّكْلِيفِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: يُعَزَّرُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَالَهُ وَهُوَ مُكَلَّفٌ فَهُوَ كَافِرٌ وَلَا مَحَالَةَ وَهُوَ خِلَافُ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ قَالَهُ حَالَ الْغَيْبَةِ الْمَانِعَةِ لِلتَّكْلِيفِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَأَيُّ وَجْهٍ لِلتَّعْزِيرِ ز ي إلَّا أَنْ يُقَالَ مَحَلُّهُ حَيْثُ شَكَكْنَا فِي حَالِهِ كَمَا فِي ح ل وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وس ل لَا بُعْدَ فِي تَعْزِيرِهِ وَإِنْ قَالَهُ حَالَ الْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِصُورَةِ مَعْصِيَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا أَتَى بِصُورَةِ مَعْصِيَةٍ يُعَزَّرُ وَفِيهِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَيَنْزَجِرُ بِالتَّعْزِيرِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ فِي حَالِ الْغَيْبَةِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَعْزِيرِهِ مَعَ غَيْبَتِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَنَفْيِ الصَّانِعِ) وَكَذَا نَفْيُ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ س ل أَيْ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذِ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَذْهَبِ الْغَزَالِيِّ الَّذِي يَكْتَفِي بِوُجُودِ الْمَادَّةِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ أَيْضًا بِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ صَانِعٌ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَته» وَلَا دَلِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَارِدُ عَلَى وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ نَحْوَ {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: ٦٤] نَعَمْ فِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>