للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ إلَّا بِنَحْوِ مَحْرَمٍ) كَزَوْجٍ وَمَمْسُوحٍ وَامْرَأَةٍ وَبِأَمْنٍ (وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا يَتِمُّ بِهِ الْوَاجِبُ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ؛ وَلِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ سَفَرِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهَا بِأُجْرَةٍ (لَمْ يُجْبَرْ) كَمَا فِي الْحَجِّ؛ وَلِأَنَّ فِي إجْبَارِهِ تَعْذِيبَ مَنْ لَمْ يُذْنِبْ وَقَوْلِي بِنَحْوِ مَحْرَمٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ

(وَ) الْحَدُّ (لِغَيْرِ حُرٍّ) وَلَوْ مُبَعَّضًا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ (نِصْفُ) حَدِّ (حُرٍّ) فَيُجْلَدُ خَمْسِينَ وَيُغَرَّبُ نِصْفَ عَامٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] وَلَا يُبَالِي بِضَرَرِ السَّيِّدِ فِي عُقُوبَاتِ الْجَرَائِمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِرِدَّتِهِ وَيُحَدُّ بِقَذْفِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ السَّيِّدُ نَعَمْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا حَدَّ عَلَى الرَّقِيقِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْأَحْكَامَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْمُعَاهِدِ وَالْمُعَاهِدُ لَا يُحَدُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ لِلْكَافِرِ أَنْ يَحُدَّ عَبْدَهُ الْكَافِرَ؛ وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ تَابِعٌ لِسَيِّدِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُهُ بِخِلَافِ الْمُعَاهِدِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْتِزَامِ الْجِزْيَةِ عَدَمُ الْحَدِّ كَمَا فِي الْمَرْأَةِ الذِّمِّيَّةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا مَرَّ ثَمَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَتَأْخِيرِ الْجَلْدِ لِمَا مَرَّ مَعَ مَا ذُكِرَ مَعَهُ يَأْتِي هُنَا

(وَيَثْبُتُ) الزِّنَا (بِإِقْرَارٍ) حَقِيقِيٍّ (وَلَوْ مَرَّةً) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى هُوَ وَالْبُخَارِيُّ خَبَرَ «وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةٍ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» عَلَّقَ الرَّجْمَ عَلَى مُجَرَّدِ الِاعْتِرَافِ وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ عَلَى مَاعِزٍ فِي خَبَرِهِ؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي عَقْلِهِ وَلِهَذَا قَالَ أَبِكَ جُنُونٌ؟ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْإِقْرَارِ مُفَصَّلًا كَالشَّهَادَةِ (أَوْ بِبَيِّنَةٍ) لِآيَةِ {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: ١٥] وَكَذَا بِلِعَانِ الزَّوْجِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ إنْ لَمْ تُلَاعَنْ كَمَا مَرَّ فَلَا يَثْبُتُ بِعِلْمِ الْقَاضِي فَلَا يَسْتَوْفِيهِ بِعِلْمِهِ أَمَّا السَّيِّدُ فَيَسْتَوْفِيهِ مِنْ رَقِيقِهِ بِعِلْمِهِ

لِمَصْلَحَةِ

تَأْدِيبِهِ

[دَرْس] (وَلَوْ أَقَرَّ) بِالزِّنَا (ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ ذَلِكَ (سَقَطَ) الْحَدُّ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَضَ لِمَاعِزٍ بِالرُّجُوعِ بِقَوْلِهِ لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ لَعَلَّك لَمَسْتَ أَبِكَ جُنُونٌ؟» (لَا إنْ هَرَبَ أَوْ قَالَ لَا تَحُدُّونِي) فَلَا يَسْقُطُ لِوُجُودِ مُثْبِتِهِ مَعَ عَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِرُجُوعِهِ لَكِنْ يَكُفُّ عَنْهُ فِي الْحَالِ فَإِنْ رَجَعَ فَذَاكَ وَإِلَّا حُدَّ وَإِنْ لَمْ يَكُفَّ عَنْهُ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ شَيْئًا أَمَّا الْحَدُّ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ كَمَا لَا يَسْقُطُ هُوَ وَلَا الثَّابِتُ بِالْإِقْرَارِ بِالتَّوْبَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ امْرَأَةٌ) وَلَوْ أَمَةً وَمِثْلُهَا الْأَمْرَدُ الْحَسَنُ الَّذِي يُخْشَى عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ س ل (قَوْلُهُ: كَزَوْجٍ) بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ حُرَّةً وَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ طَرَأَ التَّزْوِيجُ بَعْدَ الزِّنَا فَلَا يُقَالُ إنَّ مَنْ لَهَا زَوْجٌ مُحْصَنَةٌ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبِأَمْنٍ) أَيْ فِي الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ س ل وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بِنَحْوِ مَحْرَمٍ وَالْبَاءُ فِيهِمَا بِمَعْنَى مَعَ.

(قَوْلُهُ: كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ) يُنَافِيهِ مَا مَرَّ أَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوَّلًا ثُمَّ مِنْ مَالِ الْمَجْلُودِ الْمُوسِرِ فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ وَيُتَّجَهُ فِي الْقِنَّةِ أَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، سَوَاءٌ أَغُرِّبَ السَّيِّدُ أَمْ لَا كَالْحُرَّةِ الْمُعْسِرَةِ س ل وَكَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّهَا عَلَيْهَا أَوَّلًا وم ر كَالشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِ حُرٍّ إلَخْ) وَيَتَعَدَّدُ الْحَدُّ بَعْدَ إيقَاعِهِ كُلَّ مُرَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقَعْ إلَّا بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ يَتَدَاخَلُ فَيَكْفِي حَدٌّ وَاحِدٌ عَنْ زِنًا مُتَعَدِّدٍ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقْتَلُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ قَتْلَهُ بِالرِّدَّةِ وَحَدَّهُ بِالْقَذْفِ مِنْ جُمْلَةِ عُقُوبَاتِ الْجَرَائِمِ فَلَا يَحْسُنُ جَعْلُهُمَا دَلِيلًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُصَادَرَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ م ر قَوْلَهُ: فِي عُقُوبَاتِ الْجَرَائِمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ اسْتَدَلَّ بِهِمَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ بِتَمَامِهَا فَلَا تُنَصَّفُ كَالْحَدِّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ وَقَوْلُهُ: مَعَ مَا ذَكَرَهُ وَهُوَ أَنَّهُ يُجْلَدُ فِي حَالِ الْمَرَضِ بِعِثْكَالٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَأْتِي هُنَا) أَيْ فِي جَلْدِ غَيْرِ الْحُرِّ

[مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا]

(قَوْلُهُ: حَقِيقِيٍّ) فَلَا يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ س ل كَمَا لَوْ طَلَبَ الْقَاذِفُ أَنْ يَحْلِفَ الْمَقْذُوفُ أَنَّهُ مَا زَنَى فَرَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَحَلَفَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَلَا يَثْبُتُ الزِّنَا فَلَا يُحَدُّ الْمَقْذُوفُ سم وَشَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرَّةً) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ حَيْثُ اشْتَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْإِقْرَارُ أَرْبَعًا لِحَدِيثِ مَاعِزٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ شَاهِدٍ. وَأَجَابَ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَرَّرَهُ عَلَى مَاعِزٍ فِي خَبَرِهِ؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي عَقْلِهِ وَلِهَذَا قَالَ أَبِكَ جُنُونٌ وَلَمْ يُكَرِّرْهُ فِي خَبَرِ الْغَامِدِيَّةِ خ ط (قَوْلُهُ: عَلَى مُجَرَّدِ الِاعْتِرَافِ) فَدَلَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ فِي الْإِقْرَارِ بِمَرَّةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ) أَيْ الِاعْتِرَافَ أَيْ سَبَبَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: «لَعَلَّك لَمَسْتَ لَعَلَّك قَبَّلْتَ» ؛ لِأَنَّ هَذَا سَبَبٌ لِلِاعْتِرَافِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ زَنَيْتُ فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ ثَلَاثٌ غَيْرُ الْأُولَى اهـ. (قَوْلُهُ: مُفَصَّلًا) كَأَنْ يَقُولَ أَدْخَلْتُ حَشَفَتِي فَرْجَ فُلَانَةَ عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ الْإِحْصَانَ أَوْ عَدَمَهُ كَمَا فِي ع ب ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ بِبَيِّنَةٍ) وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَثْبُتُ الزِّنَا بِبَيِّنَةٍ فُصِّلَتْ بِذِكْرِ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَكَيْفِيَّةِ الْإِدْخَالِ وَمَكَانِهِ وَزَمَانِهِ كَأَشْهَدُ أَنَّهُ أَدْخَلَ حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا فِي فَرْجِ فُلَانَةَ بِمَحَلِّ كَذَا وَقْتَ كَذَا عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ مُوَافِقٍ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَيْثُ اكْتَفَى بِزِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى مَا لَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ إهْمَالِ بَعْضِ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِ كَيْفِيَّتِهِ وَقَدْ يَنْسَى بَعْضَهَا

(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْحَدِّ أَوْ بَعْدَهُ كَأَنْ قَالَ كَذَبْتُ أَوْ مَا زَنَيْتُ أَوْ رَجَعْتُ أَوْ فَأَخَذْت فَظَنَنْتُهُ زِنًا وَإِنْ شَهِدَ حَالُهُ بِكَذِبِهِ فِيمَا يَظْهَرُ شَرْحُ م ر وَعَلَى قَاتِلِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ الدِّيَةُ لَا الْقَوَدُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالرُّجُوعِ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ لِإِسْقَاطِ مَهْرِ مَنْ قَالَ زَنَيْتُ بِهَا مُكْرَهَةً؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ ز ي.

(قَوْلُهُ: مُثْبِتِهِ) وَهُوَ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ: يَكُفُّ) أَيْ وُجُوبًا ز ي (قَوْلُهُ: فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>