للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخْتَلِسٌ وَمُنْتَهِبٌ وَجَاحِدٌ) لِنَحْوِ وَدِيعَةٍ لِخَبَرِ «لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْخَائِنِ قَطْعٌ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْأَوَّلَانِ يَأْخُذَانِ الْمَالَ عِيَانًا وَيَعْتَمِدُ الْأَوَّلُ الْهَرَبَ وَالثَّانِي الْقُوَّةَ وَالْغَلَبَةَ وَيُدْفَعَانِ بِالسُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ السَّارِقِ لِأَخْذِهِ خُفْيَةً فَيُشْرَعُ قَطْعُهُ زَجْرًا

(وَشُرِطَ فِي السَّارِقِ مَا) مَرَّ (فِي الْقَاذِفِ) مِنْ كَوْنِهِ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ مُخْتَارًا بِغَيْرِ إذْنٍ وَأَصَالَةٍ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

(فَلَا يُقْطَعُ حَرْبِيٌّ وَلَوْ مُعَاهَدًا وَ) لَا (صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمُكْرَهٌ) وَمَأْذُونٌ لَهُ وَأَصْلٌ (وَجَاهِلٌ) بِالتَّحْرِيمِ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِمَالِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَسْرُوقِ كَوْنُهُ رُبُعَ دِينَارٍ خَالِصًا أَوْ قِيمَتَهُ) أَيْ مُقَوَّمًا بِهِ مَعَ وَزْنِهِ إنْ كَانَ ذَهَبًا رَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَالْبُخَارِيُّ خَبَرَ تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَخَبَرَ «قَطَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَكَانَتْ مُسَاوِيَةً لِرُبُعِ دِينَارٍ» وَالدِّينَارُ الْمِثْقَالُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَا يُسَاوِيهِ حَالَ السَّرِقَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ دَرَاهِمَ أَمْ لَا، وَخَرَجَ بِالْخَالِصِ وَمَا بَعْدَهُ مَغْشُوشٌ لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهُ رُبُعَ دِينَارٍ خَالِصًا فَلَا يُقْطَعُ بِهِ وَالتَّقْوِيمُ يُعْتَبَرُ بِالْمَضْرُوبِ.

(فَلَا قَطْعَ بِرُبُعِ سَبِيكَةٍ أَوْ حُلِيًّا لَا يُسَاوِي رُبُعًا مَضْرُوبًا) وَإِنْ سَاوَاهُ غَيْرَ مَضْرُوبٍ نَظَرَ إلَى الْقِيمَةِ فِيمَا هُوَ كَالْعَرَضِ وَلَا بِخَاتَمٍ وَزْنُهُ دُونَ رُبُعٍ وَقِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ رُبُعٌ نَظَرَ إلَى الْوَزْنِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الذَّهَبِ وَقَوْلِي أَوْ حُلِيًّا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَبِالثَّانِيَةِ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ أَخْذُ الشَّيْءِ خُفْيَةً سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ أَوْ لَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ كَوْنُ الشَّيْءِ رُكْنًا لِنَفْسِهِ لَكِنْ تَفْرِيعُ قَوْلِهِ فَالسَّرِقَةُ إلَخْ لَا يُنَاسِبُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ كَمَا أَفَادَهُ ع ش فَلَوْ عَرَّفَ السَّرِقَةَ أَوَّلًا ثُمَّ أَتَى بِأَرْكَانِهَا كَانَ أَوْلَى، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا إهْمَالُ التَّكَلُّمِ عَلَى شَرْطِ أَحَدِ الْأَرْكَانِ وَهُوَ السَّرِقَةُ اللُّغَوِيَّةُ وَعَادَتُهُ أَنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ عَلَى شُرُوطِ الْأَرْكَانِ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْكُلِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَيْسَ مُرَادُهُ تَعْرِيفَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، بَلْ مُرَادُهُ بَيَانُ شُرُوطِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَشَرَطَ فِي السَّرِقَةِ اللُّغَوِيَّةِ الْمَأْخُوذَةِ رُكْنًا لِلشَّرْعِيَّةِ كَوْنَ الْمَأْخُوذِ مَالًا وَكَوْنَ الْأَخْذِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مُخْتَلِسٌ) أَيْ مُخْتَطِفٌ وَهُوَ وَالْمُنْتَهِبُ خَارِجَانِ بِقَوْلِهِ خُفْيَةً، وَقَوْلُهُ: وَجَاحِدٌ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَحَدَهَا كَأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي الْقُوَّةُ وَالْغَلَبَةُ) وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ تَفْسِيرَ الْمُنْتَهِبِ يَشْمَلُ قَاطِعَ الطَّرِيقِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يُخْرِجُهُ يُرَدُّ بِأَنَّ لِلْقَاطِعِ شُرُوطًا يَتَمَيَّزُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فَلَمْ يَشْمَلْهُ الْإِطْلَاقُ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: شُرُوطًا وَهِيَ كَوْنُهُ مُخِيفًا لِلطَّرِيقِ يُقَاوِمُ مَنْ يَبْرُزُ هُوَ لَهُ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّارِقِ) أَيْ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِالسُّلْطَانِ لِأَخْذِهِ الْمَالَ خُفْيَةً فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ

[شُرُوط السَّارِقِ]

(قَوْلُهُ: عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) فَلَوْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ وَجَهِلَ الْقَطْعَ قُطِعَ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ سم (قَوْلُهُ: وَأَصَالَةٍ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبَعْضِيَّةٍ لِيَشْمَلَ الْفَرْعَ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِمَالِ أَصْلِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مَا مَرَّ وَلَمْ يَمُرَّ أَنَّ الْفَرْعَ لَا يُحَدُّ فَكَانَ يَنْبَغِي زِيَادَتُهُ أَوْ يَأْتِي بِعِبَارَةٍ عَامَّةٍ وَيُفَسِّرُهَا بِمَا يَشْمَلُ الْفَرْعَ س ل.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُعَاهَدًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ أَحْكَامَنَا أَيْ كُلَّهَا فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: كَالْحَرْبِيِّ أَيْ غَيْرِ الْمُعَاهَدِ قَالَ س ل وَإِنْ شَرَطَ قَطْعَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٌ) وَلَا يُقْطَعُ أَيْضًا مُكْرِهٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ قَطْعِ الْمُتَسَبِّبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ الطَّاعَةَ كَانَ آلَةً لِلْمُكْرِهِ فَيُقْطَعُ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِلَا إكْرَاهٍ شَرْحُ م ر

[شُرُوط الْمَسْرُوقِ]

(قَوْلُهُ: رُبُعَ دِينَارٍ) أَيْ حَالَ الْإِخْرَاجِ مَعَ كَوْنِ السَّارِقِ وَاحِدًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَشَذَّ مَنْ قَطَعَ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَخَبَرُ «لَعَنْ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ وَالْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» إمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْبَيْضَةِ فِيهِ بَيْضَةُ الْحَدِيدِ وَبِالْحَبْلِ مَا يُسَاوِي رُبُعًا كَحَبْلِ السَّفِينَةِ أَوْ الْجِنْسِ أَوْ أَنَّ مِنْ شَأْنِ السَّرِقَةِ أَنَّ صَاحِبَهَا يَتَدَرَّجُ مِنْ الْقَلِيلِ لِلْكَثِيرِ اهـ. س ل (قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَتَهُ) قَالَ ع ش عَلَى م ر وَرُبُعُ الدِّينَارِ يُسَاوِي الْآنَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ فِضَّةً (قَوْلُهُ: أَيْ مُقَوَّمًا بِهِ) أَيْ يَقِينًا بِأَنْ يَقْطَعَ الْمُقَوِّمُونَ بِأَنَّ قِيمَتَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ وَتُعْتَبَرُ مُسَاوَاتُهُ لِلرُّبُعِ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا قَطْعَ بِأَنْ نَقَصَ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ وَإِنْ زَادَ بَعْدُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: مَعَ وَزْنِهِ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الذَّهَبِ الْمَضْرُوبِ الْوَزْنُ فَقَطْ وَفِي غَيْرِ الْمَضْرُوبِ الْوَزْنُ وَبُلُوغُ الْقِيمَةِ مَا ذُكِرَ وَلَا يَكْفِي بُلُوغُ قِيمَتِهِ مَا ذُكِرَ مَعَ نَقْصِ وَزْنِهِ اهـ. ز ي وَيُعْتَبَرُ فِي الْفِضَّةِ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا ح ل؛ لِأَنَّ النِّصَابَ رُبُعُ دِينَارٍ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا ذَهَبًا فَتُقَوَّمُ الْفِضَّةُ بِهِ وَلَوْ كَانَتْ مَضْرُوبَةً (قَوْلُهُ: وَالْبُخَارِيُّ خَبَرَ إلَخْ) ذَكَرَهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ مَعَ كَوْنِهِ أَنَصَّ فِي الْمَقْصُودِ تَوْفِيَةً لِرِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ ع ش؛ لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَعْلَى سَنَدًا وَأَتَى بِالْخَبَرِ الثَّالِثِ دَلِيلًا لِقَوْلِهِ أَوْ قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ: فِي مِجَنٍّ) أَيْ تُرْسٍ أَوْ الدَّرَقَةِ ع ش (قَوْلُهُ: مَغْشُوشٌ لَمْ تَبْلُغْ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ قِيمَةُ الْمَغْشُوشِ مَعَ غِشِّهِ أَوْ قِيمَةُ الْخَالِصِ مِنْهُ فَقَطْ؟ ح ل وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ أَوْ مَغْشُوشٌ خَالِصُهُ نِصَابٌ اهـ. وَمِثْلُهَا شَرْحُ م ر وحج وَظَاهِرُهَا أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ الْخَالِصُ وَحْدَهُ وَعَلَى هَذَا يَشْكُلُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْغِشِّ مَعَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ لَكِنْ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَإِنْ كَانَ الْغِشُّ مُتَقَوِّمًا ضُمَّ إلَى الْخَالِصِ فِي النِّصَابِ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

وَعَلَيْهِ لَا إشْكَالَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا يُسَاوِي رُبُعًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>