للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قُتِلَ بِلَا مُحَارَبَةٍ ثَبَتَ لَهُ الْقَوَدُ فَكَيْفَ يَحْبَطُ حَقُّهُ بِقَتْلِهِ فِيهَا

(فَلَا يُقْتَلُ بِغَيْرِ كُفْءٍ) كَوَلَدِهِ (وَلَوْ مَاتَ) بِغَيْرِ قَتْلٍ (فَدِيَتُهُ) تَجِبُ فِي تَرِكَتِهِ فِي الْحُرِّ أَمَّا فِي الرَّقِيقِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ مُطْلَقًا (وَيُقْتَلُ بِوَاحِدٍ مِمَّنْ قَتَلَهُمْ وَلِلْبَاقِينَ دِيَاتٌ) فَإِنْ قَتَلَهُمْ مُرَتَّبًا قُتِلَ بِالْأَوَّلِ

(وَلَوْ عَفَا وَلِيُّهُ) أَيْ الْقَتِيلِ (بِمَالٍ وَجَبَ) الْمَالُ (وَقُتِلَ) الْقَاتِل (حَدًّا) لِتَحَتُّمِ قَتْلِهِ (وَتُرَاعَى الْمُمَاثَلَةُ) فِيمَا قُتِلَ بِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهَا فِي فَصْلِ الْقَوَدِ لِلْوَرَثَةِ (وَلَا يَتَحَتَّمُ غَيْرُ قَتْلٍ وَصَلْبٍ) كَأَنْ قُطِعَ يَدُهُ فَانْدَمَلَ؛ لِأَنَّ التَّحَتُّمَ تَغْلِيظٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَاخْتَصَّ بِالنَّفْسِ كَالْكَفَّارَةِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجُرْحِ

. (وَ) تَسْقُطُ عَنْهُ (بِتَوْبَةٍ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) لَا بَعْدَهَا (عُقُوبَةٌ تَخُصُّهُ) مِنْ قَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ وَتَحَتَّمَ قَتْلٌ وَصَلْبٌ لِآيَةِ {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤] فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ بِهَا قَوَدٌ وَلَا مَالٌ وَلَا بَاقِي الْحُدُودِ مِنْ حَدِّ زِنًا وَسَرِقَةٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ وَقَذْفٍ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةَ فِيهَا لَمْ تُفَصِّلْ بَيْنَ مَا قَبْلَ التَّوْبَةِ وَمَا بَعْدَهَا بِخِلَافِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَمَحَلُّ عَدَمِ سُقُوطِ بَاقِي الْحُدُودِ بِالتَّوْبَةِ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا: بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَتَسْقُطُ

(فَصْلٌ)

فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى وَاحِدٍ (مَنْ لَزِمَهُ قَتْلٌ وَقَطْعٌ) قَوَدًا (وَحَدُّ قَذْفٍ) لِثَلَاثَةٍ (وَطَالَبُوهُ) بِهَا (جُلِدَ) لِلْقَذْفِ وَإِنْ تَأَخَّرَ (ثُمَّ أُمْهِلَ) وُجُوبًا حَتَّى يَبْرَأَ.

وَإِنْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ عَجِّلُوا الْقَطْعَ وَأَنَا أُبَادِرُ بَعْدَهُ بِالْقَتْلِ لِئَلَّا يَهْلِكَ بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتَ الْقَتْلُ قَوَدًا (ثُمَّ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ بِلَا) وُجُودِ (مُهْلَةٍ) بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ (فَإِنْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ الْجَلْدِ) حَقَّهُ (صَبَرَ الْآخَرَانِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ) حَقَّهُ وَإِنْ تَقَدَّمَ اسْتِحْقَاقُهُمَا لِئَلَّا يُفَوِّتَا عَلَيْهِ حَقَّهُ (أَوْ) أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ (الْقَطْعِ) عَلَيْهِ حَقَّهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

اللَّهِ تَعَالَى عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ فِي الزَّكَاةِ حَقَّ آدَمِيٍّ أَيْضًا فَإِنَّهَا تَجِبُ لِلْأَصْنَافِ فَلَعَلَّ تَقْدِيمَهَا لَيْسَ مُتَمَحِّضًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ لِاجْتِمَاعِ الْحَقَّيْنِ فَقُدِّمَتْ عَلَى مَا فِيهِ حَقٌّ وَاحِدٌ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لَوْ قُتِلَ) أَيْ هَذَا الشَّخْصُ الَّذِي قَتَلَهُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ لَهُ) أَيْ لِوَرَثَتِهِ وَقَوْلُهُ: حَقُّهُ أَيْ حَقُّ وَرَثَتِهِ أَوْ الْحَقُّ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُقْتَلُ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ مَعْنَى الْقَوَدِ وَقَدْ فَرَّعَ عَلَيْهِ خَمْسَ تَفَارِيعَ (قَوْلُهُ: فِي الْحُرِّ) أَيْ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ ح ل (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ مَاتَ الْقَاتِلُ الْحُرُّ بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يَمُتْ ح ل بِزِيَادَةٍ

(قَوْلُهُ: وَقُتِلَ الْقَاتِلُ حَدًّا) لَا يَظْهَرُ تَفْرِيعُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُغَلَّبُ فِي قَتْلِهِ مَعْنَى الْقَوَدِ وَلِهَذَا عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِتَحَتُّمِ قَتْلِهِ فَهُوَ مُسْتَأْنَفٌ أَتَى بِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ أَصْلًا (قَوْلُهُ: فَانْدَمَلَ) فَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ تَحَتَّمَ الْقَتْلُ س ل (قَوْلُهُ: كَالْكَفَّارَةِ) أَيْ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِقَتْلِ النَّفْسِ دُونَ الْقَطْعِ

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقُدْرَةِ) الْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ أَنْ يَكُونُوا فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا أَنْ يَأْخُذَ الْإِمَامُ فِي أَسْبَابِهَا كَإِرْسَالِ الْجُيُوشِ لِإِمْسَاكِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَهَا) وَالْفَرْقُ أَنَّهُ قَبْلَهَا غَيْرُ مُتَّهَمٍ بِخِلَافِهِ بَعْدَهَا لِاتِّهَامِهِ بِدَفْعِ الْحَدِّ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ الظَّفَرِ بِهِ سَبْقَ تَوْبَتِهِ وَظَهَرَتْ أَمَارَةُ صِدْقِهِ فَوَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ تَصْدِيقِهِ لِاتِّهَامِهِ مَا لَمْ تَقُمْ بِهَا بَيِّنَةٌ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: مِنْ قَطْعِ يَدٍ) فِيهِ أَنَّ قَطْعَ الْيَدِ لَا يَخُصُّهُ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ تُشَارِكُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الَّذِي يَخُصُّهُ مَجْمُوعُ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فَسَقَطَ قَطْعُ الْيَدِ تَبَعًا لِسُقُوطِ الرِّجْلِ فَقَوْلُهُ: مِنْ قَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ أَيْ قَطْعِ مَجْمُوعِ ذَلِكَ ح ل يَعْنِي أَنَّ قَطْعَهُمَا عُقُوبَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا سَقَطَ بَعْضُهَا وَهُوَ قَطْعُ الرِّجْلِ لِلْمُحَارَبَةِ سَقَطَ الْبَاقِي وَهُوَ قَطْعُ الْيَدِ (قَوْلُهُ: وَتَحَتَّمَ قَتْلٌ وَصَلْبٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْقَتْلِ غَيْرِ الْمُحَتَّمِ فَهُوَ بَاقٍ فَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ بَعْدَ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ أَنْ يَعْفُوَ عَلَى الدِّيَةِ أَوْ يَقْتُلَ.

فَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ عَفَا وَلِيُّهُ بِمَالٍ وَجَبَ إلَخْ مَفْرُوضٌ فِيمَا قَبْلَ التَّوْبَةِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا بَاقِي الْحُدُودِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا بَاقِي الْحُدُودِ إلَّا قَتْلَ تَارِكِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَلَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الْإِصْرَارُ عَلَى التَّرْكِ، لَا التَّرْكُ الْمَاضِي سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةَ) كَآيَةِ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢] وَآيَةِ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: ٣٨] ز ي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ) أَيْ فَوَقَعَ فِي آيَتِهِ التَّفْصِيلُ فِيمَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: فَيَسْقُطُ) وَمَنْ حُدَّ فِي الدُّنْيَا لَمْ يُعَاقَبْ عَلَى ذَلِكَ الذَّنْبِ فِي الْآخِرَةِ بَلْ عَلَى الْإِصْرَارِ عَلَيْهِ أَوْ الْإِقْدَامِ عَلَى مُوجِبِهِ إنْ لَمْ يَتُبْ شَرْحُ م ر.

وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُحَدَّ فِي الدُّنْيَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ فَيُقَيَّدُ هَذَا الْمَفْهُومُ بِمَا إذَا لَمْ يَتُبْ وَإِلَّا فَلَا يُعَاقَبُ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ الصَّحِيحَةَ تُسْقِطُ أَثَرَ الْمَعْصِيَةِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى وَاحِدٍ]

وَهِيَ إمَّا أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا لِآدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ أَوْ لَهُمَا وَقَدْ ذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: لِثَلَاثَةٍ) فَلَوْ كَانَتْ لِوَاحِدٍ لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ شَرْعًا بَلْ بِإِرَادَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ) أَيْ الْقَذْفُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أُمْهِلَ) نَعَمْ إنْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ يُخْشَى مِنْهُ الزُّهُوقُ إنْ لَمْ يُبَادِرْ بِالْقَطْعِ بُودِرَ بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ حَجّ ز ي (قَوْلُهُ: عَجَّلُوا الْقَطْعَ) أَيْ عَقِبَ الْجَلْدِ بِلَا إمْهَالٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَّرَ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَطَالَبُوهُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِطَالَبُوهُ مَا لَوْ طَلَبَهُ بَعْضُهُمْ فَلَهُ أَحْوَالٌ.

فَحِينَئِذٍ إذَا أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ حَقَّهُ وَطَالَبَ الْآخَرَانِ جُلِدَ فَإِذَا بَرِئَ قُطِعَ وَلَا يُوَالِي بَيْنَهُمَا خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ حَقِّ مُسْتَحِقِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>