للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَبَرَ مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ) حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ لِذَلِكَ (فَإِنْ بَادَرَ وَقَتَلَهُ عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ وَكَانَ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ (وَلِمُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ) حِينَئِذٍ (دِيَةٌ) لِفَوَاتِ اسْتِيفَائِهِ وَذِكْرُ التَّعْزِيرِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) لَزِمَهُ (عُقُوبَاتٌ لِلَّهِ) تَعَالَى كَأَنْ شَرِبَ وَزَنَى بِكْرًا وَسَرَقَ وَارْتَدَّ (قُدِّمَ الْأَخَفُّ) مِنْهَا فَالْأَخَفُّ وُجُوبًا حِفْظًا لِمَحَلِّ الْحَقِّ وَأَخَفُّهَا حَدُّ الشُّرْبِ فَيُقَامُ ثُمَّ يُمْهَلُ وُجُوبًا حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ يُجْلَدُ لِلزِّنَا ثُمَّ يُمْهَلُ وُجُوبًا ثُمَّ يُقْطَعُ ثُمَّ يُقْتَلُ وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّغْرِيبَ لَا يَسْقُطُ وَأَنَّهُ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ وَأَنَّهُ لَوْ فَاتَ مَحَلُّ الْحَقِّ بِعُقُوبَةٍ مِنْ عُقُوبَاتِهِ كَأَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ قَتْلُ رِدَّةٍ وَرَجْمٍ فَعَلَ الْإِمَامُ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَعَلَيْهِ يُنَزَّلُ قَوْلُ الْقَاضِي فِي هَذَا الْمِثَالِ يُقْتَلُ بِالرِّدَّةِ وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ يُرْجَمُ.

(أَوْ) لَزِمَهُ عُقُوبَاتٌ لِلَّهِ تَعَالَى (وَلِآدَمِيٍّ) كَأَنْ شَرِبَ وَزَنَى وَقَذَفَ وَقَطَعَ وَقَتَلَ (قُدِّمَ حَقُّهُ إنْ لَمْ يَفُتْ حَقُّ اللَّهِ) تَعَالَى (أَوْ كَانَا قَتْلًا) فَيُقَدَّمُ حَدُّ قَذْفٍ وَقَطْعٍ عَلَى حَدِّ شُرْبٍ، وَزِنًا وَقَتْلٍ عَلَى حَدِّ زِنَا الْمُحْصَنِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ بِخِلَافِ حَدِّ زِنَا الْبِكْرِ وَحَدِّ الشُّرْبِ فَيُقَدَّمَانِ عَلَى حَدِّ الْقَتْلِ لِئَلَّا يَفُوتَا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ

[دَرْس] (كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالتَّعَازِيرِ)

وَالْأَشْرِبَةُ جَمْعُ شَرَابٍ بِمَعْنَى مَشْرُوبٍ (كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ) مِنْ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (حَرُمَ تَنَاوُلُهُ) وَإِنْ قَلَّ وَلَمْ يُسْكِرْ لِآيَةِ {إِنَّمَا الْخَمْرُ} [المائدة: ٩٠] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ (وَلَوْ) كَانَ تَنَاوُلُهُ (لِتَدَاوٍ أَوْ عَطَشٍ) وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهُ (أَوْ) كَانَ (دُرْدِيًّا)

ــ

[حاشية البجيرمي]

النَّفْسِ أَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ طَرَفٍ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ: صَبَرَ مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ) وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ لَا إلَى غَايَةٍ وَقِيلَ يَرْفَعُهُ إلَى الْحَاكِمِ وَيَطْلُبُ مِنْهُ الِاسْتِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْإِذْنَ لِغَيْرِهِ فَإِنْ أَبَى مُكِّنَ غَيْرُهُ ح ل (قَوْلُهُ: دِيَةٌ) أَيْ فِي تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ سم (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْأَخَفُّ) يُوهِمُ أَنَّ عُقُوبَاتِ الْآدَمِيِّ لَا يُقَدَّمُ فِيهَا الْأَخَفُّ مَعَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِيهَا أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِيهَا فَلَعَلَّ الْأَخْصَرَ أَنْ يَقُولَ: وَمَنْ لَزِمَهُ عُقُوبَاتٌ لِجَمْعٍ وَطَالَبُوهُ بِهَا أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى قُدِّمَ الْأَخَفُّ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ) الرَّاجِحُ أَنَّهُ قَبْلَ الْقَطْعِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يُقَدَّمُ الْأَخَفُّ شَوْبَرِيٌّ وم ر.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ فَاتَ إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ قُدِّمَ الْأَخَفُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا إنْ وُجِدَ فِيهَا أَخَفُّ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ

مَصْلَحَةً

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ

مَصْلَحَةً

فَإِنْ كَثُرَ الْمُرْتَدُّونَ فِي زَمَنِهِ كَانَتْ

الْمَصْلَحَةُ

قَتْلَهُ لِلرِّدَّةِ وَإِنْ كَثُرَ الزُّنَاةُ الْمُحْصَنُونَ فِي زَمَنِهِ كَانَتْ

الْمَصْلَحَةُ

قَتْلَهُ لِلزِّنَا (قَوْلُهُ: يُرْجَمُ) أَيْ وَيَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الرَّجْمَ أَكْثَرُ نَكَالًا وَصَحَّحَ هَذَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَا قَتْلًا) أَيْ أَوْ كَانَ يَفُوتُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنْ كَانَا قَتْلًا فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَإِنْ فَوَّتَ حَقَّ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَقُتِلَ عَلَى حَدِّ زِنَا الْمُحْصَنِ) مِثَالٌ لِقَوْلِهِ أَوْ كَانَا قَتْلًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ حَدِّ زِنَا الْبِكْرِ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُفَوِّتْ حَقَّ اللَّهِ.

[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالتَّعَازِيرِ]

[دَرْسٌ] (كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالتَّعَازِيرِ) أَيْ بَيَانُ حُكْمِهَا مِنْ حُرْمَتِهَا وَالْحَدِّ بِهَا وَكَانَ شُرْبُهَا جَائِزًا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ بِوَحْيٍ وَلَوْ إلَى حَدٍّ يُزِيلُ الْعَقْلَ عَلَى الْأَصَحِّ ثُمَّ حَرُمَ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ وَالْمَقْصُودُ بِهِ حِفْظُ الْعَقْلِ. وَشُرْبُ الْخَمْرِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَجَمَعَ الْأَشْرِبَةِ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا مُتَّحِدًا وَلَمْ يُعَبِّرْ بِحَدِّ الْأَشْرِبَةِ كَمَا قَالَ أَيْ فِي الْمِنْهَاجِ.

قَطْعُ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَعْظَمَ مِنْهَا بَيَانُ الْقَطْعِ وَمُتَعَلَّقَاتِهِ وَأَمَّا التَّحْرِيمُ فَمَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ التَّحْرِيمِ لِخَفَائِهِ بِالنِّسْبَةِ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ شَرْحُ م ر وَجَمَعَ التَّعَازِيرَ لِلْمُشَاكَلَةِ أَوْ لِاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْمَعَاصِي (قَوْلُهُ: كُلُّ شَرَابٍ) أَيْ وَلَوْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَلَا تَرِدُ الْخَمْرَةُ الْمَعْقُودَةُ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ ح ل وَقَوْلُهُ: أَسْكَرَ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ (قَوْلُهُ: أَسْكَرَ كَثِيرُهُ) قَيَّدَ بِالْكَثِيرِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إسْكَارِ الْكَثِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَلِيلُ مُسْكِرًا وَلَوْ حَذَفَهُ لَأَوْهَمَ كَلَامُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا مَا أَسْكَرَ بِالْفِعْلِ فَيَخْرُجُ الْقَلِيلُ الَّذِي لَا يُسْكِرُ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَيُحَدُّ بِهِ كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ: كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ إلَخْ) هُوَ قِيَاسٌ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ وَأَتَى بِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِيُنَبِّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ يُسَمَّى خَمْرًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ النَّبِيذَ يُقَالُ لَهُ خَمْرٌ لُغَةً بِأَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ فِي التَّسْمِيَةِ فَيُقَاسُ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ عَلَى الْمُتَّخَذِ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ فِي التَّسْمِيَةِ بِالْخَمْرِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ دَلِيلًا صَرِيحًا فِي تَحْرِيمِ النَّبِيذِ فَكَيْفَ صَحَّ أَنْ يَقِيسَ الشَّارِحُ شُرْبَ النَّبِيذِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ فِي الْحُرْمَةِ وَالْحَدِّ؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا حَدَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْخَمْرُ الْحَقِيقِيُّ وَكَذَا مَا أَمَرَهُ بِالْجَلْدِ عَلَى شُرْبِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَهُمْ فَصَحَّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِّ تَأَمَّلَ وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ الْعَامُّ دَلِيلٌ عَلَى الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ تَنَاوُلُهُ إلَخْ) هَذِهِ ثَلَاثُ غَايَاتٍ الْأَوْلَيَانِ لِلرَّدِّ وَالثَّالِثَةُ لِلتَّعْمِيمِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ أَصْلِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) أَيْ سَوَاءٌ وَجَدَ غَيْرَهُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ بِخِلَافِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ مَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ بِهِ إلَى الْهَلَاكِ وَإِلَّا وَجَبَ وَإِنْ كَانَ لَا يُسَكِّنُ الْعَطَشَ بَلْ يُثِيرُهُ قَالَ سم وَإِذَا سَكِرَ مِمَّا شَرِبَهُ لِتَدَاوٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ إسَاغَةِ لُقْمَةٍ قَضَى مَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ الشُّرْبَ

لِمَصْلَحَةِ

نَفْسِهِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>