للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَأَنْ عَرَّضَ الشَّيْءَ مَالِكُهُ لَهَا أَوْ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ فِيهِمَا أَوْ حَضَرَ وَتَرَكَ دَفْعَهَا أَوْ كَانَ فِي مَحُوطٍ لَهُ بَابٌ وَتَرَكَهُ مَفْتُوحًا فِي هَذِهِ فَلَا ضَمَانَ لِتَفْرِيطِ مَالِكِهِ.

وَاسْتَثْنَى مِنْ الدَّوَابِّ الطُّيُورَ كَحَمَامٍ أَرْسَلَهُ مَالِكُهُ فَكَسَرَ شَيْئًا أَوْ الْتَقَطَ حَبًّا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِرْسَالِهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ (وَإِتْلَافُ) حَيَوَانٍ (عَادٍ) كَهِرَّةٍ عُهِدَ إتْلَافُهَا (مُضَمَّنٌ) لِذِي الْيَدِ لَيْلًا وَنَهَارًا إنْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَادِيًا وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا إنْ عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا ضَمِنَ مَالِكُهَا.

[دَرْس] (كِتَابُ الْجِهَادِ)

الْمُتَلَقَّى تَفْصِيلُهُ مِنْ سِيَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزَوَاتِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: ٢١٦] {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: ٣٦] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» (هُوَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ) وَلَوْ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَالْكُفَّارُ بِبِلَادِهِمْ كُلَّ عَامٍ) وَلَوْ مَرَّةً (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَإِلَّا لَتَعَطَّلَ الْمَعَاشُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ٩٥] الْآيَةَ ذَكَرَ فَضْلَ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ وَوَعَدَ كُلًّا الْحُسْنَى. وَالْعَاصِي لَا يُوعَدُ بِهَا، وَقَالَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَعُودُ لِلْمَرْعَى وَالْبَارِزُ وَهُوَ الْهَاءُ يَعُودُ لِلْمُزَارِعِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ عَرَضَ إلَخْ) أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ مَرَّ إنْسَانٌ بِحِمَارِ الْحَطَبِ يُرِيدُ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ فَمَزَّقَ ثَوْبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى سَائِقِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِمُرُورِهِ عَلَيْهِ قَالَ.

وَكَذَا لَوْ وُضِعَ حَطَبٌ بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ فَمَرَّ بِهِ آخَرُ فَتَمَزَّقَ ثَوْبُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ) أَيْ وَلَوْ وَاسِعًا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ شَرْحُ م ر وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ إحْدَاثِ مَسَاطِبَ أَمَامَ الْحَوَانِيتِ بِالشَّوَارِعِ وَوَضْعِ أَصْحَابِهَا عَلَيْهَا بَضَائِعَ لِلْبَيْعِ كَالْخُضَرِيَّةِ مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَتْلَفَتْ دَابَّتُهُ شَيْئًا مِنْهَا بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الْبِضَاعَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: الطُّيُورَ) شَمَلَتْ النَّحْلَ وَقَدْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِي نَحْلٍ لِإِنْسَانٍ قَتَلَ جَمَلًا لِآخَرَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ ضَبْطُهُ س ل (قَوْلُهُ: وَإِتْلَافُ حَيَوَانٍ عَادٍ) دَخَلَ فِيهِ الطَّيْرُ وَالنَّحْلُ فَقَوْلُهُمْ لَا ضَمَانَ بِإِرْسَالِ الطَّيْرِ وَالنَّحْلِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْعَادِي الَّذِي عُهِدَ إتْلَافُهُ سم وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ إنَّهُ لَا ضَمَانَ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ز ي وخ ط وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا م ر (قَوْلُهُ: عَادٍ) أَيْ مُجَاوِزٌ لِلْحَدِّ أَوْ لِلْعَادَةِ (قَوْلُهُ: عُهِدَ إتْلَافُهَا) أَيْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي تَعَلُّمِ الْجَارِحَةِ فِيمَا يَظْهَرُ حَجّ س ل وَمِثْلُهُ خ ط أَمَّا إذَا لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا يَضْمَنُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا.

وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ الَّتِي عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا إلَّا حَالَةَ تَعَدِّيهَا فَقَطْ حَيْثُ تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا وَإِلَّا دَفَعَهَا كَالصَّائِلِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَتُدْفَعُ كَمَا لَوْ صَالَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ مِنْ وِلَادَةِ هِرَّةٍ فِي مَحَلٍّ وَتَأْلَفُ ذَلِكَ الْمَحَلَّ بِحَيْثُ تَذْهَبُ وَتَعُودُ إلَيْهِ لِلْإِيوَاءِ فَهَلْ يَضْمَنُ مَالِكُ الْمَحَلِّ مُتْلَفَهَا؟ فَأَجَابَ بِعَدَمِهِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ وَإِلَّا ضَمِنَ صَاحِبُ الْيَدِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَيُدْفَعُ الْحَيَوَانُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ وُجُوبًا وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَالصَّائِلِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ كَانَ غ يَنْدَفِعُ بِالزَّجْرِ لَكِنَّهُ يَعُودُ وَيُتْلِفُ مَا دُفِعَ عَنْهُ مَعَ التَّغَافُلِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ جَازَ قَتْلُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَالِ صِيَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي شَرُّهُ بِالْقَتْلِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لِذِي الْيَدِ) أَيْ مَنْ يُؤْوِيهَا مَا دَامَ مُؤْوِيًا لَهَا أَيْ قَاصِدًا إيوَاءَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْرَضَ عَنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ حَجّ س ل وَقَوْلُهُ: مَنْ يُؤْوِيهَا أَيْ بِحَيْثُ لَوْ غَابَتْ فَتَّشَ عَلَيْهَا ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: إنْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ) هَذَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُرْبَطُ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا كَالْهِرَّةِ وَالْكَلْبِ غَيْرِ الْعَقُورِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَادِيًا) أَيْ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْتَادُ رَبْطُهُ كَالْهِرَّةِ لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا وَإِلَّا ضَمِنَ نَهَارًا لَا لَيْلًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَإِنْ اقْتَضَى ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ خِلَافَهُ اهـ. عَمِيرَةُ

[كِتَابُ الْجِهَادِ]

[حُكْم الْجِهَادِ]

(كِتَابُ الْجِهَادِ) (قَوْلُهُ: تَفْصِيلُهُ) أَيْ: الْجِهَادِ وَقَوْلُهُ: مِنْ سِيَرِ النَّبِيِّ أَيْ: أَحْوَالِهِ، كَمَا وَقَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَدْرٍ فَإِنَّهُ قَتَلَ وَفَدَى وَمَنَّ وَضَرَبَ الرِّقَّ عَلَى الْبَعْضِ، شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: غَزَوَاتِهِ) وَهِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ غَزْوَةً قَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهَا بِنَفْسِهِ: بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَالْمُصْطَلِقِ وَالْخَنْدَقِ وَقُرَيْظَةَ وَخَيْبَرَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ حَجّ، وَفِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ قَاتَلَ فِي غَزْوَةٍ إلَّا فِي أُحُدٍ، وَلَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا إلَّا أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ فِيهَا اهـ فَقَوْلُ حَجّ: قَاتَلَ بِنَفْسِهِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ أَصْحَابَهُ قَاتَلُوا بِحُضُورِهِ فَنُسِبَ إلَيْهِ الْقِتَالُ لِحُضُورِهِ لَهُ فِيهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، فَلَمْ يَقَعْ فِيهَا قِتَالٌ مِنْهُ وَلَا مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) فِيهِ أَنَّ الْكُفَّارَ يَقُولُونَهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ صَارَ عَلَمًا عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ ز ي وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي عَهْدِهِ) أَيْ: وَبَعْدَ الْأَمْرِ بِهِ مُطْلَقًا لِأَجْلِ قَوْلِهِ: كُلَّ عَامٍ ق ل فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا أَوَّلًا بِقِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُ فَقَطْ لَا فِي كُلِّ عَامٍ وَأَيْضًا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ؟ (قَوْلُهُ: لَا فَرْضُ عَيْنٍ) أَتَى بِهِ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَلِلرَّدِّ صَرِيحًا عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى) عِبَارَةُ م ر وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>