للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَرْس] (فَصْلٌ)

فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ، وَمَنْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ وَمَا يَجُوزُ أَوْ يُسَنُّ فِعْلُهُ بِهِمْ (كُرِهَ غَزْوٌ بِلَا إذْنِ إمَامٍ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ نَعَمْ إنْ عَطَّلَ الْغَزْوَ وَأَقْبَلَ هُوَ وَجُنْدُهُ عَلَى الدُّنْيَا، أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْذِنَ لَمْ يَأْذَنْ أَوْ كَانَ الذَّهَابُ لِلِاسْتِئْذَانِ يُفَوِّتُ الْمَقْصُودَ لَمْ يُكْرَهْ، وَالْغَزْوُ لُغَةً: الطَّلَبُ لِأَنَّ الْغَازِيَ يَطْلُبُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى.

(وَسُنَّ) لَهُ (أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَى سَرِيَّةٍ) وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْ الْجَيْشِ يَبْلُغُ أَقْصَاهَا أَرْبَعَمِائَةٍ (بَعَثَهَا وَ) أَنْ (يَأْخُذَ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمْ بِالثَّبَاتِ) عَلَى الْجِهَادِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ وَيَأْمُرَهُمْ بِطَاعَةِ الْأَمِيرِ، وَيُوصِيَهُ بِهِمْ لِلِاتِّبَاعِ.

(وَلَهُ) لَا لِغَيْرِهِ (اكْتِرَاءُ كُفَّارٍ) لِجِهَادٍ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُمْ فَأَشْبَهُوا الدَّوَابَّ وَاغْتُفِرَ جَهْلُ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقِتَالُ عَلَى مَا يُتَّفَقُ وَلِأَنَّ مُعَاقَدَةَ الْكُفَّارِ يُحْتَمَلُ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي مُعَاقَدَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ الْإِمَامِ اكْتِرَاؤُهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ لِكَوْنِ الْجِهَادِ مِنْ

الْمَصَالِحِ

الْعَامَّةِ وَيُفَارِقُ اكْتِرَاءَهُ فِي الْأَذَانِ بِأَنَّ الْأَجِيرَ ثَمَّ مُسْلِمٌ، وَهُنَا كَافِرٌ لَا يُؤْتَمَنُ، وَخَرَجَ بِالْكُفَّارِ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَجُوزُ اكْتِرَاؤُهُمْ لِلْجِهَادِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ وَتَعْبِيرِي بِكُفَّارٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِذِمِّيٍّ (وَ) لَهُ (اسْتِعَانَةٌ بِهِمْ) عَلَى كُفَّارٍ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (إنْ أَمِنَّاهُمْ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَالَ لِكَافِرٍ: أَطْلِقْ هَذَا الْأَسِيرَ وَعَلَيَّ كَذَا فَأَطْلَقَهُ لَزِمَهُ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْأَسِيرِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي إفْدَائِهِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ الرُّجُوعَ، كَمَا عُلِمَ مِنْ آخِرِ بَابِ الضَّمَانِ شَرْحُ م ر

[فَصْلٌ فِي أَحْكَام تَتَعَلَّق بِالْغَزْوِ]

(فَصْلٌ: فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ إلَخْ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: وَسُنَّ أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَى سَرِيَّةٍ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ: وَحَرُمَ انْصِرَافٌ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ.

(قَوْلُهُ: كُرِهَ غَزْوٌ إلَخْ) أَيْ: لِلْمُتَطَوِّعَةِ وَأَمَّا الْمُرْتَزِقَةُ فَيَحْرُمُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ شَرْحُ م ر وَز ي؛ لِأَنَّهُمْ مُرْصَدُونَ لِمُهِمَّاتٍ تَعْرِضُ لِلْإِسْلَامِ يَصْرِفُهُمْ الْإِمَامُ فِيهَا، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأُجَرَاءِ شَرْحُ الرَّوْضِ. وَسَوَاءٌ فِي الْحُرْمَةِ عَطَّلَ الْإِمَامُ الْغَزْوَ أَمْ لَا، فَيَخُصُّ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ الْغَزْوِ بِغَيْرِ إذْنِهِ حِينَئِذٍ بِالْغُزَاةِ الْمُتَطَوِّعَةِ بِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ الْمُرْتَزِقَةُ كَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: إنْ عَطَّلَ الْغَزْوَ إلَخْ) ، وَيَنْبَغِي الْوُجُوبُ فِي هَذِهِ. اهـ. طب سم.

(قَوْلُهُ: لُغَةً: الطَّلَبُ) وَشَرْعًا: الْخُرُوجُ لِقِتَالِ الْكُفَّارِ ح ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَازِيَ) أَيْ: وَسُمِّيَ الْمُقَاتِلُ مُغَازِيًا؛ لِأَنَّ إلَخْ ع ش فَهُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَوْ تَقْدِيرُهُ: وَسُمِّيَ الطَّلَبُ غَزْوًا؛ لِأَنَّ الْغَازِيَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ لَهُ أَنْ يُؤَمِّرَ) ، وَيَنْبَغِي وِفَاقًا لِطَلَبِ الْوُجُوبِ إذَا أَدَّى تَرْكُهُ إلَى التَّغْرِيرِ الظَّاهِرِيِّ الْمُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ الَّذِي يُخِلُّ بِالْحَرْبِ سم. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَيُسَنُّ التَّأْمِيرُ لِجَمْعٍ قَصَدُوا سَفَرًا وَلَوْ قَصِيرًا وَتَجِبُ طَاعَةُ الْأَمِيرِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا هُمْ فِيهِ قَالَ ع ش: أَيْ: بِأَنْ يُؤَمِّرُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ.

(قَوْلُهُ: طَائِفَةٌ مِنْ الْجَيْشِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَسْرِي بِاللَّيْلِ ز ي فَهِيَ فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ يُقَالُ أَسْرَى وَسَرَى إذَا ذَهَبَ لَيْلًا قَالَهُ النَّوَوِيُّ.

(قَوْلُهُ: يَبْلُغُ أَقْصَاهَا) وَمَبْدَؤُهَا مِائَةٌ بَابِلِيٌّ وَقَالَ حَجّ: هِيَ مِنْ مِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، فَمَا زَادَ مُنْسَرٍ إلَى ثَمَانِمِائَةٍ وَقَوْلُهُ: إلَى ثَمَانِمِائَةٍ هَذَا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ مِنْ الْمِائَةِ إلَى الْمِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ اصْطِلَاحٌ لُغَوِيٌّ. اهـ.، فَمَا زَادَ " جَيْشٌ " إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَمَا زَادَ " جَحْفَلٌ " وَأَمَّا الْخَمِيسُ فَهُوَ الْجَيْشُ الْعَظِيمُ وَسُمِّيَ خَمِيسًا؛ لِأَنَّ لَهُ مَيْمَنَةٌ وَمَيْسَرَةٌ وَقَلْبًا وَأَمَامًا وَخَلْفًا وَقَوْلُهُ: إلَى خَمْسِمِائَةٍ، الْغَايَةُ فِي كَلَامِ حَجّ خَارِجَةٌ فَلَا يُنَافِي كَلَامَ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَأْخُذَ الْبَيْعَةَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ: الْحَلِفَ بِاَللَّهِ فَيُحَلِّفُهُمْ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّهُمْ يَثْبُتُونَ عَلَى الْجِهَادِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ وَعَلَى أَنَّهُمْ يُطِيعُونَ الْأَمِيرَ ع ش.

(قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ) أَيْ: إنْ أَمِنَّاهُمْ وَقَاوَمْنَا الْفَرِيقَيْنِ فَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَقَوْلُ الْمَتْنِ: إنْ أَمِنَّاهُمْ إلَخْ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَكْثَرِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالشُّرُوطِ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ وَالشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ شَرْطًا آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاجَةِ فَيَكُونُ الْجَمْعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُمْ) هَلَّا وَقَعَ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ. وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْفُرُوعَ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا غَيْرُ الْجِهَادِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إلَخْ) جَوَابٌ بِالتَّسْلِيمِ وَعِبَارَةُ م ر لِلضَّرُورَةِ إذْ يُحْتَمَلُ فِي مُعَاقَدَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يُحْتَمَلُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: اكْتِرَاءَهُ) أَيْ: غَيْرِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّ الْأَذَانَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ. (قَوْلُهُ: الْمُسْلِمُونَ) وَلَوْ صِبْيَانًا وَعَبِيدًا وَنِسَاءً وَخَنَاثَى وَمَرْضَى وَتَعْلِيلُهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ الْجِهَادُ بِحُضُورِ الصَّفِّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ قُصُورًا؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْجِهَادُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِانْصِرَافُ كَمَا سَيَأْتِي ح ل (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِعَانَةٌ) أَيْ: فِي الْقِتَالِ وَغَيْرِهِ كَمَسْكِ الدَّوَابِّ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِدُونِهَا فَهَذَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهَلْ لَنَا أَنْ نُمَكِّنَهُمْ مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ عِنْدَ الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ لِلْقِتَالِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَمْكِينُهُمْ مِنْ رُكُوبِهَا لِلضَّرُورَةِ، كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى الِاسْتِعَانَةِ قَالَ س ل أَيْ: مِنْ حَيْثُ كَثْرَةُ الْعَدَدِ لَا مِنْ حَيْثُ الْمُقَاوَمَةُ وَعَدَمُهَا اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الِاسْتِعَانَةِ احْتِيَاجُنَا لَهُمْ وَلَوْ لِنَحْوِ خِدْمَةٍ أَوْ قِتَالٍ لِقِلَّتِنَا، وَلَا يُنَافِي هَذَا اشْتِرَاطَ مُقَاوَمَتِنَا لِلْفَرِيقَيْنِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِاشْتِرَاطِ الْمُقَاوَمَةِ لِلْفَرِيقَيْنِ قِلَّةُ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ حَتَّى لَا تَظْهَرَ كَثْرَةُ الْعَدُوِّ بِهِمْ لَوْ انْقَلَبُوا مَعَهُمْ. وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْعَدُوَّ إذَا كَانَ مِائَتَيْنِ وَنَحْنُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَفِينَا قِلَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِاسْتِوَاءِ الْعَدَدَيْنِ أَيْ: عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ فَإِذَا اسْتَعَنَّا بِخَمْسِينَ، فَقَدْ اسْتَوَى الْعَدَدَانِ وَلَوْ انْحَازَ الْخَمْسُونَ إلَيْهِمْ أَمْكَنَنَا مُقَاوَمَتُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>