للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ ذَبَحَ مَقْدُورًا) عَلَيْهِ (مِنْ قَفَاهُ أَوْ) مِنْ دَاخِلِ (أُذُنِهِ عَصَى) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ، ثُمَّ إنْ قَطَعَ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ أَوَّلَ الْقَطْعِ حَلَّ، وَإِلَّا فَلَا، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَسَوَاءٌ فِي الْحِلِّ أَقَطَعَ الْجِلْدَ الَّذِي فَوْقَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ أَمْ لَا. وَتَعْبِيرِي بِأُذُنِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأُذُنِ ثَعْلَبٍ.

(وَشُرِطَ فِي الذَّبْحِ قَصْدٌ) أَيْ: قَصْدُ الْعَيْنِ أَوْ الْجِنْسِ بِالْفِعْلِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (فَلَوْ سَقَطَتْ مُدْيَةٌ عَلَى مَذْبَحِ شَاةٍ أَوْ احْتَكَّتْ بِهَا فَانْذَبَحَتْ أَوْ اسْتَرْسَلَتْ جَارِحَةً بِنَفْسِهَا فَقُتِلَتْ، أَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا لَا لِصَيْدٍ) كَأَنْ أَرْسَلَهُ إلَى غَرَضٍ أَوْ اخْتِبَارًا لِقُوَّتِهِ (فَقَتَلَ صَيْدًا حَرُمَ) وَإِنْ أَغْرَى الْجَارِحَةَ صَاحِبُهَا بَعْدَ اسْتِرْسَالِهَا فِي الثَّالِثَةِ، وَزَادَ عَدْوُهَا؛ لِعَدَمِ الْقَصْدِ الْمُعْتَبَرِ (كَجَارِحَةٍ) أَرْسَلَهَا وَ (غَابَتْ عَنْهُ مَعَ الصَّيْدِ أَوْ جَرَحَتْهُ) وَلَمْ يَنْتَهِ بِالْجُرْجِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ (وَغَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا) فِيهِمَا، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّحْرِيمِ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ اخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ الْحِلَّ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ أَصَحُّ دَلِيلًا، وَفِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الصَّوَابُ أَوْ الصَّحِيحُ (لَا إنْ رَمَاهُ ظَانُّهُ حَجَرًا) أَوْ حَيَوَانًا لَا يُؤْكَلُ (أَوْ) رَمَى (سِرْبَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ: قَطِيعَ (ظِبَاءٍ فَأَصَابَ وَاحِدَةً) مِنْهُ (أَوْ قَصَدَ وَاحِدَةً) مِنْهُ (فَأَصَابَ غَيْرَهَا) فَلَا يَحْرُمُ؛ لِصِحَّةِ قَصْدِهِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ الْمَذْكُورِ.

(وَسُنَّ نَحْرُ إبِلٍ) فِي لَبَّةٍ وَهِيَ أَسْفَلُ الْعُنُقِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ رُوحِهَا بِطُولِ عُنُقِهَا. (قَائِمَةً مَعْقُولَةَ رُكْبَةٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (يُسْرَى وَذَبْحُ نَحْوِ بَقَرٍ) كَغَنَمٍ وَخَيْلٍ فِي حَلْقٍ وَهُوَ أَعْلَى الْعُنُقِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَيَجُوزُ عَكْسُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ؛ إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ (مُضْجَعًا لِجَنْبٍ أَيْسَرَ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِهِ السِّكِّينَ بِالْيَمِينِ، وَإِمْسَاكِهِ الرَّأْسَ بِالْيَسَارِ (مَشْدُودًا قَوَائِمُهُ غَيْرَ رِجْلٍ يُمْنَى) ؛ لِئَلَّا يَضْطَرِبَ حَالَةَ الذَّبْحِ، فَيَزِلَّ الذَّابِحُ بِخِلَافِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى فَتُتْرَكُ بِلَا شَكٍّ لِيَسْتَرِيحَ بِتَحْرِيكِهَا، وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ بَقَرٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.

(وَ) سُنَّ (أَنْ يَقْطَعَ) الذَّابِحُ (الْوَدَجَيْنِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: بِذَكَاةِ أُمِّهِ أَيْ: حَاصِلَةً بِذَكَاةِ أُمِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَبَحَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الذَّبْحِ فِي الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ فَلَهُ ارْتِبَاطٌ بِمَا قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ قَطَعَ حُلْقُومَهُ أَيْ: شَرَعَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: أَوَّلَ الْقَطْعِ أَيْ: أَوَّلَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ وَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ ذَبَحَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَشَرْطُ حِلِّهِ أَنْ يَصِلَ إلَى أَوَّلِ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِوُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ، بَلْ يَكْفِي الظَّنُّ بِوُجُودِهَا بِقَرِينَةٍ وَلَوْ عُرِفَتْ بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ أَوْ انْفِجَارِ الدَّمِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ تَقَدُّمِ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ س ل.

[شُرُوط الذَّبْحِ]

(قَوْلُهُ: فِي الذَّبْحِ) أَيْ: بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: قَصْدُ الْعَيْنِ) وَإِنْ أَخْطَأَ فِي ظَنِّهِ أَوْ الْجِنْسِ وَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْإِصَابَةِ ح ل، وَالْمُرَادُ بِقَصْدِ الْعَيْنِ أَوْ الْجِنْسِ بِالْفِعْلِ، أَيْ: قَصْدُ إيقَاعِ الْفِعْلِ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْجِنْسِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الذَّبْحَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: لَا إنْ رَمَاهُ ظَانَّهُ حَجَرًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهِ) أَيْ: الْمُرْسَلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَغْرَى) غَايَةٌ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: مَعَ الصَّيْدِ) أَيْ: قَبْلَ جُرْحِهِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ الْأَصْلُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَا إنْ رَمَاهُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَلَوْ سَقَطَتْ مُدْيَةٌ إلَخْ لَكِنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَفْهُومِ، وَالْمَعْطُوفُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: ظَانَّهُ حَجَرًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُخْطِئَ فِي الظَّنِّ فَقَطْ أَوْ فِي الْإِصَابَةِ فَقَطْ أَوْ فِيهِمَا، فَإِنْ أَخْطَأَ فِي الظَّنِّ فَقَطْ أَوْ فِي الْإِصَابَةِ فَقَطْ فَهُوَ حَلَالٌ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ: لَا إنْ رَمَاهُ ظَانَّهُ حَجَرًا، وَالثَّانِيَةُ بِقَوْلِهِ: أَوْ قَصَدَ وَاحِدَةً إلَخْ وَأَمَّا إذَا أَخْطَأَ فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ ظَانًّا لِلْحَرَامِ فَلَا يَحِلُّ وَإِنْ كَانَ ظَانًّا لِلْحَلَالِ فَيَحِلُّ، فَالْخَطَأُ فِيهِمَا فِيهِ صُورَتَانِ وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ س ل وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ قَصَدَ وَأَخْطَأَ فِي الظَّنِّ، وَالْإِصَابَةِ مَعًا كَمَنْ رَمَى صَيْدًا أَيْ: فِي الْوَاقِعِ ظَنَّهُ حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَهُ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُحَرَّمًا فَلَا يَسْتَفِيدُ الْحِلَّ لَا عَكْسَهُ بِأَنْ رَمَى حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا ظَنَّهُ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا فَإِنَّهُ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُبَاحًا وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: فَأَصَابَ غَيْرَهَا) وَلَوْ بَعْدَ إصَابَةِ الْمَقْصُودَةِ وَمِنْهُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي لَوْ رَمَى إلَى صَيْدٍ، فَمَرَقَ مِنْهُ لِآخَرَ حَلَّا وَإِنْ جَهِلَ الثَّانِيَ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ سم وَشَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: فَأَصَابَ غَيْرَهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا وَلَوْ مِنْ سِرْبٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ وَقَعَ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ صَيْدًا وَرَمَى إلَيْهِ فَاعْتَرَضَهُ صَيْدٌ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ أَلْبَتَّةَ وَفِيهِ نَظَرٌ ح ل. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَنْظِيرٍ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ نَحْرُ إبِلٍ) وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مَا طَالَ عُنُقُهُ مِنْ الصَّيُودِ كَالْإِوَزِّ، وَالنَّعَامِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالنَّحْرِ غَرْزُهُ الْآلَةَ فِي اللَّبَّةِ أَوْ وَلَوْ بِالْقَطْعِ عَرْضًا؟ ح ل وَعِبَارَةُ ز ي: النَّحْرُ الطَّعْنُ بِمَا لَهُ حَدٌّ فِي الْمَنْحَرِ وَهُوَ وَهْدَةٌ فِي أَعْلَى الصَّدْرِ وَأَصْلِ الْعُنُقِ. اهـ. قَالَ م ر: فِي شَرْحِهِ، وَلَا بُدَّ فِي النَّحْرِ مِنْ قَطْعِ كُلٍّ مِنْ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: قَائِمَةً مَعْقُولَةً) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ السُّنَنِ اثْنَا عَشَرَ ذَكَرَ فِي الْإِبِلِ ثَلَاثَةً، وَفِي نَحْوِ الْبَقَرِ أَرْبَعَةً وَذَكَرَ خَمْسَةً تَعُمُّ الْقَبِيلَيْنِ بِقَوْلِهِ: أَنْ يَقْطَعَ الْوَدَجَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) أَيْ: ذَبْحُ الْإِبِلِ وَنَحْرُ غَيْرِهَا بِلَا كَرَاهَةٍ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَالْخَيْلُ كَالْبَقَرِ، وَكَذَا حِمَارُ الْوَحْشِ وَبَقَرُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِالْيَمِينِ) ، فَإِنْ كَانَ الذَّابِحُ أَعْسَرَ نُدِبَ أَنْ يَسْتَنِيبَ غَيْرَهُ، وَلَا يُضْجِعُهَا عَلَى يَمِينِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>