للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا مَرَّ فِيهِ وَأَمَّا الْأَخِيرَانِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: ٩٦] وَخَبَرِ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ» وَلَيْسَ فِي أَكْلِهِمَا حَيَّيْنِ أَكْثَرُ مِنْ قَتْلِهِمَا وَهُوَ جَائِزٌ بَلْ يَحِلُّ فِيهِمَا حَيَّيْنِ (وَكُرِهَ قَطْعُهُمَا) حَيَّيْنِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْأَصْلِ فِي بَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَلَا يُقْطَعُ بَعْضُ سَمَكَةٍ وَيُكْرَهُ ذَبْحُهُمَا إلَّا سَمَكَةً كَبِيرَةً يَطُولُ بَقَاؤُهَا فَيُسَنُّ ذَبْحُهَا وَذِكْرُ حِلِّ الْجَرَادِ حَيًّا وَكَرَاهَةِ قَطْعِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

[دَرْس] (وَحَرُمَ مَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ كَضِفْدَعٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَضَمِّهِ مَعَ كَسْرِ ثَالِثِهِ وَفَتْحِهِ فِي الْأَوَّلِ وَكَسْرِهِ فِي الثَّانِي وَفَتْحِهِ فِي الثَّالِثِ (وَسَرَطَانٍ) وَيُسَمَّى عَقْرَبُ الْمَاءِ (وَحَيَّةٍ) وَنَسْنَاسٍ وَتِمْسَاحٍ وَسُلَحْفَاةٍ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ لِخُبْثِ لَحْمِهَا وَلِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ

(وَحَلَّ مِنْ حَيَوَانِ بَرٍّ جَنِينٌ) ظَهَرَ فِيهِ صُورَةُ الْحَيَوَانِ (مَاتَ بِذَكَاةِ أُمِّهِ) (وَنَعَمٌ) أَيْ إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة: ١] وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ خَبَرَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَنْحَرُ الْإِبِلَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَ وَالشَّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ أَيْ الْمَيِّتَ فَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ فَقَالَ كُلُوهُ إنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» أَيْ ذَكَاتُهَا الَّتِي أَحَلَّتْهَا أَحَلَّتْهُ تَبَعًا لَهَا

(وَخَيْلٌ) " لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَبَقَرُ وَحْشٍ وَحِمَارُهُ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الثَّانِي كُلُوا مِنْ لَحْمِهِ وَأَكَلَ مِنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيسَ بِهِ الْأَوَّلُ (وَظَبْيٌ) بِالْإِجْمَاعِ (وَضَبُعٌ) بِضَمِّ الْبَاء أَكْثَرُ مِنْ إسْكَانِهَا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَحِلُّ أَكْلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَضَبٌّ) وَهُوَ حَيَوَانٌ لِلذَّكَرِ مِنْهُ ذَكَرَانِ وَلِلْأُنْثَى فَرْجَانِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَبِيرَةً مَيْتَةً حَرُمَ لِنَجَاسَةِ جَوْفِهَا قَالَ: وَفِي الصَّغِيرَةِ كَذَلِكَ أَيْ: مَيْتَةٍ وَجْهَانِ، وَمَيْلُهُمْ إلَى الْجَوَازِ، وَقَالَ: إنَّمَا يَحْرُمُ بَلْعُ الْكَبِيرَةِ إنْ ضَرَّتْ، وَقَوْلُهُ: الْكَبِيرَةِ أَيْ: الْحَيَّةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: فَلِمَا مَرَّ) وَهُوَ عُسْرُ التَّمْيِيزِ، وَانْظُرْ وَجْهَ إعَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَطَعَامُهُ) أَيْ: مَا يَقْذِفُهُ مِنْ السَّمَكِ مَيِّتًا. اهـ. جَلَالٌ. (قَوْلُهُ: حَيَّيْنِ) أَيْ: إذَا كَانَا صَغِيرَيْنِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ مِنْ قَتْلِهَا) أَيْ: لَيْسَ فِيهِ تَعْذِيبٌ يُرِيدُ عَلَى قَتْلِهِمَا بَلْ هُمَا سَوَاءٌ فِي زُهُوقِ الرُّوحِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَحِلُّ قَلْيُهُمَا حَيَّيْنِ) ؛ لِأَنَّ عَيْشَهُمَا عَيْشُ مَذْبُوحٍ زي، وَقِيلَ يَحْرُمُ لِلتَّعْذِيبِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ خِلَافًا لِمَا فِي ع ب مِنْ حُرْمَةِ قَلْيِ الْجَرَادِ حَيًّا وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ عَيْشَهُ لَيْسَ عَيْشَ مَذْبُوحٍ ح ل، وَالْمُعْتَمَدُ حِلُّ قَلْيِ السَّمَكِ حَيًّا دُونَ الْجَرَادِ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ قَالَ ع ش (فَائِدَةٌ)

قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ سَمَكٍ مُمَلَّحٍ وَلَمْ يُنْزَعْ مَا فِي جَوْفِهِ فَهُوَ نَجِسٌ. اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ حُرْمَةَ أَكْلِ الْفَسِيخِ الْمَعْرُوفِ خِلَافًا لِمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ. (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ ذَبْحُهَا) أَيْ: مِنْ ذَيْلِهَا مَا لَمْ تَكُنْ عَلَى صُورَةِ حَيَوَانٍ يُذْبَحُ، وَإِلَّا فَتُذْبَحُ مِنْ رَقَبَتِهَا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر قَالَ حَجّ: فَالْمُرَادُ بِالذَّبْحِ الْقَتْلُ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ بِالْإِرَاحَةِ

. (قَوْلُهُ: وَنَسْنَاسٍ) بِفَتْحِ النُّونِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَبِكَسْرِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُوجَدُ كَمَا قِيلَ بِجَزَائِر الصِّينِ يَقِفُ عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ وَلَهُ عَيْنٌ وَاحِدَةُ يَقْتُلُ الْإِنْسَانَ إنْ ظَفِرَ بِهِ يَقْفِزُ كَقَفْزِ الطَّيْرِ ذَكَرَهُ س ل. (قَوْلُهُ:، وَلِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ) ، وَسَيَأْتِي أَنَّ النَّهْيَ عَنْ قَتْلِ الْحَيَوَانِ يُفِيدُ تَحْرِيمَهُ كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِهِ كَذَلِكَ

. (قَوْلُهُ:، وَحَلَّ مِنْ حَيَوَانِ بَرٍّ جَنِينٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا بُدَّ فِي الْحِلِّ أَيْ: حِلِّ الْجَنِينِ مِنْ أَنْ تَكُونَ الذَّكَاةُ مُؤَثِّرَةً فِيهِ، فَإِنْ كَانَ مُضْغَةً لَمْ تَبِنْ فِيهَا صُورَةٌ لَمْ تَحِلَّ. (قَوْلُهُ: ظَهَرَ فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ) كَذَا قُيِّدَ بِهِ فِي شَرْحَيْ الْبَهْجَةِ، وَالرَّوْضِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ يَبْعُدُ هَذَا التَّعْمِيمُ قَوْلُهُ: مَاتَ بِذَكَاةٍ أُمِّهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُؤَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَاتَ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا تَصَوَّرَ وَلَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ فَمَوْتُهُ حُكْمِيٌّ أَيْ: كَأَنَّهَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الْعَزِيزِيِّ قَوْلُهُ: مَاتَ بِذَكَاةِ أُمِّهِ شَامِلٌ لِمَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ، وَلِمَا لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَوْتِ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ، أَوْ عَدَمُ الْحَيَاةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَقُولُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ مَعَ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْأَوَّلِ؟ ، وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِذَكَاةِ أُمُّهُ أَيْ: شَأْنُهُ ذَلِكَ. اهـ. أَيْ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ ذَكَاةُ أُمِّهِ بِذَبْحِهَا، أَوْ إرْسَالِ سَهْمٍ، أَوْ جَارِحَةٍ قَالَ الْعَلَّامَةُ زي: فَلَا تَحِلُّ عَلَقَةٌ، وَمُضْغَةٌ، وَإِنْ كَانَتَا طَاهِرَتَيْنِ وَلَوْ حَمَلَتْ مَأْكُولَةٌ بِغَيْرِ مَأْكُولٍ امْتَنَعَ ذَبْحُهَا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ حَتَّى تَضَعَ.

وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مَاتَ بِذَكَاةِ أُمِّهِ مَا لَوْ كَانَ مَيِّتًا قَبْلَ ذَكَاتِهَا، أَوْ بَقِيَ بَعْدَ ذَكَاتِهَا زَمَنًا يَتَحَرَّك، وَيَضْطَرِبُ، ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَنُلْقِيهِ) أَيْ: أَفَنُلْقِيهِ ع ش. (قَوْلُهُ: إنْ شِئْتُمْ) أَيْ: وَإِنْ شِئْتُمْ فَأَطْعِمُوهُ لِحَيَوَانٍ آخَرَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَأَلْقُوهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَبَقَرُ وَحْشٍ) لَا فَرْقَ فِي الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ بَيْنَ أَنْ يُسْتَأْنَسَ، أَوْ يَبْقَى عَلَى تَوَحُّشِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَحْرِيمِ الْأَهْلِيِّ بَيْنَ الْحَالَيْنِ، وَمِثْلُهُ بَقَرُ الْوَحْشِ فِيمَا ذُكِرَ س ل. (قَوْلُهُ: وَحِمَارُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَفَارَقَتْ الْحُمُرُ الْوَحْشِيَّةُ الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ بِأَنَّهَا لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الرُّكُوبِ، وَالْحَمْلِ فَانْصَرَفَ الِانْتِفَاعُ بِهَا إلَى أَكْلِهَا خَاصَّةً. اهـ. (قَوْلُهُ:، وَضَبُعٌ) هُوَ مِنْ أَحْمَقِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَمُ حَتَّى يُصَادَ، وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ أَنَّهُ سَنَةً ذَكَرٌ، وَسَنَةً أُنْثَى، وَيَحِيضُ س ل. وَإِنَّمَا حَلَّ مَعَ كَوْنِهِ ذَا نَابٍ؛ لِأَنَّ نَابَهُ ضَعِيفٌ فَكَأَنَّهُ لَا نَابَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَضَبٌّ) قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: إنَّهُ يَعِيشُ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ فَصَاعِدًا وَلَا يَشْرَبُ الْمَاءَ، وَقِيلَ: إنَّهُ يَبُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>