للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَانَ حَرَامًا كَالْحِنْثِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ، وَعَلَى عَوْدٍ فِي ظِهَارٍ كَأَنْ ظَاهَرَ مِنْ رَجْعِيَّةٍ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ رَاجَعَهَا وَكَأَنْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا عَقِبَ ظِهَارِهِ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ رَاجَعَ وَعَلَى مَوْتٍ فِي قَتْلٍ بَعْدَ جُرْحٍ أَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يُقَدَّمُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا تُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَصَوْمِ رَمَضَانَ وَخَرَجَ بِغَيْرِ حَاجَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ تَقْدِيمًا وَالتَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ فِيمَا عَدَا الْحِنْثِ مِنْ زِيَادَتِي (كَمَنْذُورٍ مَالِيٍّ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِهِ الْمُلْتَزَمِ لِمَا مَرَّ سَوَاءٌ أَقَدَّمَهُ عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَالشِّفَاءِ أَمْ لَا كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدًا أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ الَّذِي يَعْقُبُ الشِّفَاءَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إعْتَاقُهُ قَبْلَ الشِّفَاءِ وَقَبْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الَّذِي عَقِبَ الشِّفَاءِ.

(فَصْلٌ) فِي صِفَةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.

وَهِيَ مُخَيَّرَةٌ ابْتِدَاءً مُرَتَّبَةً انْتِهَاءً كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (خُيِّرَ) الْمُكَفِّرُ الْحُرُّ الرَّشِيدُ وَلَوْ كَافِرًا (فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ بَيْنَ إعْتَاقٍ كَظِهَارٍ) أَيْ كَإِعْتَاقٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَهُوَ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ (وَتَمْلِيكِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كُلٍّ) مِنْهُمْ إمَّا (مُدًّا مِنْ جِنْسِ فُطْرَةٍ) كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ عَبَّرَ الْأَصْلُ هُنَا بِمُدِّ حَبٍّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ (أَوْ مُسَمَّى كِسْوَةٍ) مِمَّا يُعْتَادُ لُبْسُهُ كَعِرْقِيَّةٍ وَمِنْدِيلٍ (وَلَوْ مَلْبُوسًا لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ وَلَمْ يَصْلُحْ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَطَوُّعًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِرْجَاعِ فِيهِ م ر ع ن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ حَرَامًا) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: كَالْحِنْثِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ) بِأَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ ظَاهَرَ مِنْ رَجْعِيَّةٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ؛ إذْ لَوْ أَعْتَقَ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ عَقِبَ الظِّهَارِ عَنْهُ فَهُوَ تَكْفِيرٌ مَعَ الْعَوْدِ لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْعِتْقِ عَوْدٌ ع ن. (قَوْلُهُ: بَعْدَ جَرْحٍ) فَالْجَرْحُ سَبَبٌ أَوَّلٌ فَلِذَا قَيَّدَ بِكَوْنِهَا بَعْدَهُ، وَالْمَوْتُ سَبَبٌ ثَانٍ. (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَا الْحِنْثَ) وَهُوَ الْعَوْدُ، وَالْمَوْتُ. (قَوْلُهُ: كَمَنْذُورٍ مَالِيٍّ) فَالنَّذْرُ سَبَبٌ أَوَّلٌ، وَالشِّفَاءُ سَبَبٌ ثَانٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى وَقْتِهِ الْمُلْتَزَمِ) هَذَا قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُؤَقَّتًا، وَعِبَارَةُ م ر وَلَهُ تَقْدِيمُ مَنْذُورٍ مَالِيٍّ عَلَى ثَانِي سَبَبَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ إلَخْ.

[فَصْلٌ فِي صِفَةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]

(فَصْلٌ: فِي صِفَةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ) أَيْ: كَيْفِيَّتِهَا، وَبَيَانِ خِصَالِهَا، وَتَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَدُّدِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، وَبِتَعَدُّدِ أَيْمَانِ اللِّعَانِ الْأَرْبَعَةِ، وَفِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَهُوَ مَا إذَا حَلَفَ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا، وَكَرَّرَ الْأَيْمَانَ كَاذِبًا، وَفِيمَا إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ كُلَّمَا مَرَرْت عَلَيْك لَأُسَلِّمَنَّ عَلَيْك ع ش؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا فِي نَحْوِ لَا أَدْخُلُ الدَّارَ، وَإِنْ تَفَاصَلَتْ مَا لَمْ يَتَخَلَّلْهَا تَكْفِيرٌ ز ي وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَوْ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ، أَوْ أَطْلَقَ، وَتَعَدَّدَ الْمَحَلُّ تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا يُنَافِي مَا قَالَهُ ع ش وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ ق ل عَلَى غَيْرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي أَطْلَقَ فِيهَا ع ش وَأَمَّا فِيهَا فَتَتَعَدَّدُ مُطْلَقًا تَغْلِيظًا عَلَى الْحَالِفِ فَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ مُخَيَّرَةٌ) أَيْ: فِيهَا فَإِذَا أَتَى الْحُرُّ بِجَمِيعِ خِصَالِهَا أُثِيبَ عَلَى أَعْلَاهَا ثَوَابَ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأُثِيبَ عَلَيْهِ، وَضَمُّ غَيْرِهِ لَهُ لَا يُنْقِصُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ تَرَكَهَا كُلَّهَا عُوقِبَ عَلَى أَدْنَاهَا، وَإِنْ أَتَى بِجَمِيعِهَا مَعَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا أَجْزَأَ وَاحِدٌ مِنْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ الشَّنَوَانِيُّ عَلَى الْأَزْهَرِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُهُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ خَالِدٍ فِي شَرْحِ الْأَزْهَرِيَّةِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ إجْزَاءِ وَاحِدٍ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: الْحُرُّ) أَيْ: كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَعَّضَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْخَصْلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي، وَأُخِذَ الْحُرُّ الرَّشِيدُ مِنْ قَوْلِهِ: بِتَمْلِيكٍ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُ، وَالسَّفِيهُ، وَإِنْ مُلِّكَ لَا يَمْلِكُ أَيْ: لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ (قَوْلُهُ: بَيْنَ إعْتَاقٍ) لَمْ يَقُلْ عِتْقٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَنَوَاهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لَمْ يَجُزْ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ.

وَهُوَ أَفْضَلُهَا وَلَوْ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ. وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْإِطْعَامَ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ أَفْضَلُ ز ي، وَشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَتَمْلِيكُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) فَلَا تَجُوزُ لِدُونِ الْعَشَرَةِ وَلَا لِلْعَشَرَةِ، كُلُّ وَاحِدٍ دُونَ مُدٍّ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُمَلِّكَ خَمْسَةً كُلَّ وَاحِدٍ مُدًّا، وَالْخَمْسَةَ الْأُخْرَى كُلَّ وَاحِدٍ كِسْوَةً ح ل.

(قَوْلُهُ: كُلِّ) بِالْجَرِّ بَدَلٍ مِنْ عَشْرَةٍ، وَمُدًّا مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ تَمْلِيكُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَبَّرَ الْأَصْلُ هُنَا بِمُدِّ حَبٍّ) لِأَنَّ الْحَبَّ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَهَلَّا قَالَ هُنَا: وَتَعْبِيرِي بِجِنْسِ فِطْرَةٍ أَوْلَى، وَأَعَمُّ لِي عَادَتُهُ شَوْبَرِيٌّ، وَقَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ بَقِيَّةُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ، وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْمُنَاقَشَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبٍ) أَيْ: فِي غَالِبِ السُّنَّةِ ز ي. (قَوْلُهُ: بَلَدِهِ) أَيْ: الْحَالِفِ أَيْ: مَحَلِّ الْحِنْثِ، وَإِنْ كَانَ الْمُكَفِّرُ غَيْرَهُ، وَهُوَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ قِيَاسًا عَلَى الْفِطْرَةِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ صَرْفَهَا لِفُقَرَاء تِلْكَ الْبَلَدِ ح ل. (قَوْلُهُ: كَعِرْقِيَّةٍ) أَيْ: مَا يُجْعَلُ تَحْتَ الْبَرْذعَةِ، أَوْ السَّرْجِ م ر وَح ل أَيْ: بِخِلَافِ عِرْقِيَّةِ الرَّأْسِ فَإِنَّهَا لَا تَكْفِي، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الْمِنْدِيلِ مَعَ أَنَّهَا تُسَمَّى كِسْوَةَ رَأْسٍ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: الْوَاجِبُ كِسْوَةُ الْمَسَاكِينِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: ٨٩] أَيْ: لَا كِسْوَةُ دَوَابِّهِمْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمِنْدِيلٍ) أَيْ: مِنْدِيلِ الْفَقِيهِ، وَهُوَ شَالُهُ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى كَتِفِهِ، أَوْ مَا يُجْعَلُ فِي الْيَدِ كَالْمِنْشَفَةِ الْكَبِيرَةِ وَلَوْ أَعْطَاهُمْ ثَوْبًا وَاحِدًا، وَاقْتَسَمُوهُ لَمْ يَجُزْ ح ل بِخِلَافِ إعْطَائِهِمْ عَشَرَةَ أَمْدَادٍ، وَقَسَّمُوهَا بِالسَّوِيَّةِ فَإِنَّهَا تَكْفِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلْبُوسًا) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ مُتَخَرِّقٍ س ل

<<  <  ج: ص:  >  >>