للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ عَلَى غَرِيمِ غَرِيمِهِ حَنِثَ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ لِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأُولَى بِأَنْوَاعِهَا وَلِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِعَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ نَعَمْ إنْ فَارَقَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْفَلَسِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لَمْ يَحْنَثْ كَالْمُكْرَهِ (لَا إنْ فَارَقَهُ غَرِيمُهُ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ اتِّبَاعِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ (وَإِنْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَفَارَقَهُ وَوَجَدَهُ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ) كَمَغْشُوشٍ أَوْ نُحَاسٍ (وَجَهِلَهُ أَوْ) وَجَدَهُ (رَدِيئًا لَمْ يَحْنَثْ) لِعُذْرِهِ فِي الْأُولَى وَلِأَنَّ الرَّدَاءَةَ لَا تَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ جِنْسٍ وَعَلِمَ بِهِ

(أَوْ) حَلَفَ (لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَرَآهُ بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ) فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى التَّعْرِيفِ بِأَلْ حَتَّى لَوْ انْعَزَلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَى الثَّانِي (فَإِنْ مَاتَ وَتَمَكَّنَ) مِنْ رَفْعِهِ إلَيْهِ (فَلَمْ يَرْفَعْهُ حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (أَوْ) لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ (إلَى قَاضٍ بَرَّ بِكُلِّ قَاضٍ) فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ (أَوْ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ وَلَوْ مَعْزُولًا) لِتَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِعَيْنِهِ (فَإِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا وَتَمَكَّنَ) مِنْ رَفْعِهِ (فَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى عُزِلَ حَنِثَ) لِمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لَمْ يَحْنَثْ لِعُذْرِهِ وَإِنْ نَوَى وَهُوَ قَاضٍ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَبَرَّ بِرَفْعِهِ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ وَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا وَلِيَ ثَانِيًا وَالرَّفْعُ عَلَى التَّرَاخِي وَيَحْصُلُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي بِأَنْ يُخْبِرَهُ بِهِ أَوْ يَكْتُبَ إلَيْهِ أَوْ يُرْسِلَ إلَيْهِ رَسُولًا يُخْبِرُهُ بِهِ

(فَصْلٌ)

فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا لَوْ (حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا) كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَعِتْقٍ (وَأَطْلَقَ حَنِثَ بِفِعْلِهِ لَا بِفِعْلِ وَكِيلِهِ) لَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ (إلَّا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ مِنْ حَقِّهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: بِأَنْوَاعِهَا) وَهِيَ الْمُفَارَقَةُ بِالْمَشْيِ، أَوْ بِالْوُقُوفِ، أَوْ بِالْفَلَسِ وَالثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ الْإِبْرَاءِ ح ل وَلَوْ حَلَفَ لَا يُطْلِقُ غَرِيمَهُ حَنِثَ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي الْمُفَارَقَةِ لَا بِعَدَمِ اتِّبَاعِهِ إذَا هَرَبَ مِنْهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّهُ هـ لَا يُبَاشِرُ إطْلَاقَهُ س ل. (قَوْلُهُ: لَا إنْ فَارَقَهُ) بِأَنْ كَانَا جَالِسَيْنِ، أَوْ وَاقِفَيْنِ، وَذَهَبَ الْغَرِيمُ س ل. وَبِهَذَا التَّصْوِيرِ فَارَقَتْ قَوْلَ الْمَتْنِ: وَلَوْ بِوُقُوفِ الشَّامِلِ لِوُقُوفِ صَاحِبِ الْحَقِّ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي الْمَاشِيَيْنِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا. اهـ. وَلَا يُنَافِيهِ مُفَارَقَةُ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ فِي الْمَجْلِسِ؛ حَيْثُ يَنْقَطِعُ بِهِ خِيَارُهُمَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ اتِّبَاعِهِ؛ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا، ثُمَّ لَا هُنَا، وَلِهَذَا لَوْ فَارَقَهُ هُنَا بِإِذْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا، نَعَمْ لَوْ أَرَادَ بِالْمُفَارَقَةِ مَا يَشْمَلُهَا حَنِثَ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: لَا رَأَى مُنْكَرًا) أَيْ: فَاعِلَهُ. (قَوْلُهُ: إلَى قَاضِي الْبَلَدِ) أَيْ: بَلَدِ الْحَلِفِ لَا بَلَدِ الْحَالِفِ فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الرُّءُوسِ وَلَوْ اتَّحَدَ قَاضِيهِمَا فَرَأَى الْمُنْكَرَ بِأَحَدِهِمَا، أَوْ بِغَيْرِهِمَا فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ التَّوَصُّلُ إلَى طَرِيقِ إزَالَتِهِ شَرْحُ م ر وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْحَالِفِ لَا بَلَدِ الْحَلِفِ قَالَ الرَّشِيدِيُّ: وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَى الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِأَلْ يَعُمُّهُ، وَيَمْنَعُ التَّخْصِيصَ بِالْمَوْجُودِ حَالَةَ الْحَلِفِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ فِي الْبَلَدِ تَخَيَّرَ، وَإِنْ خُصَّ كُلٌّ بِجَانِبٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ قَاضِي شَقَّ فَاعِلَ الْمُنْكَرِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ؛ إذْ رَفْعُ الْمُنْكَرِ لِلْقَاضِي مَنُوطٌ بِإِخْبَارِهِ بِهِ لَا بِوُجُودِ إجَابَةِ فَاعِلِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ إزَالَتَهُ مُمْكِنَةٌ مِنْهُ وَلَوْ رَآهُ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ إخْبَارُهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَيَقَّظُ لَهُ بَعْدَ غَفْلَتِهِ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ فَاعِلُ الْمُنْكَرِ الْقَاضِيَ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَاضٍ آخَرَ رَفَعَهُ إلَيْهِ، وَإِلَّا لَمْ نُكَلِّفْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِقَوْلِهِ: رَفَعْت إلَيْك نَفْسَك؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُرَادُ عُرْفًا مَنْ لَا رَأَيْت مُنْكَرًا، إلَّا رَفَعْته إلَى الْقَاضِي شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ) أَيْ: الْحَالِفُ. (قَوْلُهُ: حَنِثَ) أَيْ: قُبَيْلَ مَوْتِهِ وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِ مُنْكَرًا بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ دُونَ غَيْرِهِ، وَأَنَّ الرُّؤْيَةَ مِنْ الْأَعْمَى مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ، وَمِمَّنْ يُبْصِرُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَصَرِ شَرْحُ م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْكَرًا عِنْدَ الْقَاضِي، وَفِيهِ وَقْفَةٌ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ، وَيَبْعُدُ تَنْزِيلُ الْيَمِينِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ. اهـ. وَكَلَامُ م ر يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُنْكَرٍ عِنْدَ الْفَاعِلِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ مِنْ الْحَنَفِيِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُنْكَرًا عِنْدَ الْفَاعِلِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يَكُونَ لِلرَّفْعِ فَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعْزُولًا) وَإِنْ كَانَ الرَّفْعُ إلَيْهِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا ح ل. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) ، وَهُوَ تَفْوِيتُهُ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ؛ لِأَنَّ بِالْعَزْلِ تَنْقَطِعُ الدَّيْمُومَةُ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْوِ الدَّيْمُومَةَ بَلْ نَوَى، وَهُوَ قَاضٍ، وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ أَيْ: تَمَكَّنَ مِنْ رَفْعِهِ فَلَمْ يَرْفَعْهُ لَمْ يَبَرَّ بِرَفْعِهِ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ لِفَوَاتِ الْمَعْنَى الَّذِي أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ الْحَالِيَّةُ، وَيَبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ إذَا وُلِّيَ بَعْدَ عَزْلِهِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ: مَسْأَلَةُ الدَّيْمُومَةِ، وَمَسْأَلَةُ الْحَالِيَّةِ خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّهُمَا مَسْأَلَةً وَاحِدَةً، وَحُمِلَ كَلَامُ الْأَصْلِ عَلَى عَزْلٍ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ ح ل.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ) أَيْ: لِنَحْوِ حَبْسٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ تَحَجَّبَ الْقَاضِي وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاسَلَةٌ وَلَا مُكَاتَبَةٌ. اهـ. شَرْحُ م ر أَوْ كَانَ لَا يَتَوَصَّلُ إلَيْهِ، إلَّا بِدَرَاهِمَ يَغْرَمُهَا لَهُ، أَوْ لِمَنْ يُوَصِّلُهُ، وَإِنْ قَلَّتْ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى، وَهُوَ قَاضٍ) هَذَا فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِ الْمَتْنِ، فَإِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا إلَخْ أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ هَذِهِ الدَّيْمُومَةَ بَلْ نَوَى، وَهُوَ قَاضٍ أَيْ: نَوَى هَذِهِ الْجُمْلَةَ الْحَالِيَّةَ أَيْ: نَوَى التَّقْيِيدَ بِمَفْهُومِهَا. (قَوْلُهُ: وَالرَّفْعُ عَلَى التَّرَاخِي) فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي صُورَةِ التَّمَكُّنِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَلَّى تَبَيَّنَ الْحِنْثُ بِرْمَاوِيٌّ.

[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا]

(فَصْلٌ: فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا) . (قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلشِّقَّيْنِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ، وَالنَّشْرِ الْمُشَوِّشِ فَقَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ بِقَبُولِ وَكِيلِهِ لَهُ رَاجِعٌ لِلشِّقِّ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ: لَا بِقَبُولِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>