للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ لَوْ (مَلَكَ حُرٌّ) وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَإِنْ أَفْهَمَ خِلَافَهُ وَأَنَّ الْمُبَعَّضَ كَالْحُرِّ قَوْلُ الْأَصْلِ إذَا مَلَكَ أَهْلُ تَبَرُّعٍ (بَعْضُهُ) مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (عَتَقَ) عَلَيْهِ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ أَيْ بِالشِّرَاءِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ تَعَالَى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: ٢٦] دَلَّ عَلَى نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْعَبْدِيَّةِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمِلْكُ اخْتِيَارِيًّا كَالْحَاصِلِ بِالشِّرَاءِ أَمْ قَهْرِيًّا كَالْحَاصِلِ بِالْإِرْثِ وَخَرَجَ بِالْبَعْضِ غَيْرُهُ كَالْأَخِ فَلَا يُعْتَقُ بِمِلْكِهِ وَبِالْحُرِّ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ فَلَا يُعْتَقُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا لِتَضَمُّنِهِ الْوَلَاءَ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهِ وَإِنَّمَا عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُبَعَّضِ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَهْلٌ لِلْوَلَاءِ لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ

(وَلَا يَشْتَرِي) الْوَلِيُّ (لِمُوَلِّيهِ) مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ (بَعْضَهُ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ لَهُ بِالْغِبْطَةِ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لِطِفْلٍ قَرِيبِهِ

(وَلَوْ وَهَبَ) لَهُ (أَوْ وَصَّى لَهُ) بِهِ (وَلَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ) كَأَنْ كَانَ هُوَ مُعْسِرًا أَوْ فَرْعُهُ كَسُوبًا (فَعَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُ وَيُعْتَقُ) عَلَى مُوَلِّيهِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَحُصُولِ الْكَمَالِ لِلْبَعْضِ وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ تَوَقُّعِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِزَمَانَةٍ تَطْرَأُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُحَقَّقَةٌ وَالضَّرَرَ مَشْكُوكٌ فِيهِ.

وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِنْ مَاتَ نُظِرَ إلَى ثُلُثِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ خَرَجَ بَدَلَ السِّرَايَةِ مِنْ الثُّلُثِ نَفَذَ وَإِلَّا رُدَّ الزَّائِدُ س ل.

[فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ]

(فَصْلٌ: فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لَوْ مُلِكَ حُرٌّ) أَيْ كُلُّهُ كَمَا يَأْتِي وَيُرَدُّ عَلَى عِبَارَتِهِ دُونَ الْأَصْلِ مَا لَوْ مَلَكَ ابْنَ أَخِيهِ فَمَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَوَرِثَهُ أَخُوهُ فَقَطْ وَقُلْنَا إنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ فَقَدْ مَلَكَ ابْنَهُ وَلَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ أَخْرَجَهَا م ر بِقَوْلِ الْأَصْلِ أَهْلِ تَبَرُّعٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) أَيْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ كَأَنْ وَرِثَ بَعْضَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ وَلَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا أَوْ لِكَوْنِ فَرْعِهِ كَسُوبًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْهَمَ خِلَافَهُ إلَخْ) فَقَوْلُ الْأَصْلِ الْمُبَعَّضُ وَأُخْرِجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْعَكْسِ قَالَ م ر: وَخَرَجَ بِأَهْلِ تَبَرُّعٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُرُّ كُلُّهُ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ) ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ إلَى تَعَدِّي ذَلِكَ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ سم (قَوْلُهُ: عَتَقَ عَلَيْهِ) يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ مَنْ مَلَكَ الْمَرِيضَ لِبَعْضِهِ بِعِوَضٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ لَنَا مُوسِرٌ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَقُ ز ي وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ عَتَقَ الْحَمْلُ فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ امْتَنَعَ الرَّدُّ. اهـ. عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) دَلِيلٌ لِعِتْقِ الْأَصْلِ عَلَى الْفَرْعِ وَالْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى الْعَكْسِ وَقَدَّمَ الْحَدِيثَ لِأَنَّهُ أَسْرَعَ فِي الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: لَنْ يُجْزِئَ) أَيْ يُكَافِئَ ح ل أَيْ لَنْ يُكَافِئَهُ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ إلَخْ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالشِّرَاءِ) هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُشْتَرِي لَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ مُعْتَقًا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَذَكَرَ ابْنُ حُجْرٌ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالرَّفْعِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلشِّرَاءِ أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ يَشْتَرِيهِ أَيْ فَيُعْتِقَهُ الشِّرَاءُ ح ل فَهُوَ مِنْ الْإِسْنَادِ لِلسَّبَبِ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالشِّرَاءِ سَبَبِيَّةً أَيْ يُعْتِقُهُ الشِّرَاءُ بِسَبَبِهِ لَا بِسَبَبٍ آخَرَ، وَفِيهِ أَنَّ الْبَاءَ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا إلَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ، وَرَجَّحَ كَثِيرُونَ رِوَايَةَ الرَّفْعِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا م ر وَيُؤَيِّدُهَا رِوَايَةُ عَتَقَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَدًا) أَيْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ.

(قَوْلُهُ: الْمُكَاتَبُ) كَأَنْ مَلَكَهُ بِنَحْوِ هِبَةٍ وَهُوَ يَكْسِبُ مُؤْنَتَهُ س ل (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُبَعَّضِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْمُبَعَّضِ مَا يَأْتِي مِنْ نُفُوذِ إيلَادِهِ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَهْلٌ لِلْوَلَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ) فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ ع ش أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ كُلُّ عِتْقٍ يَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ أَوْ دَبَّرَهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَشْتَرِي الْوَلِيُّ) أَيْ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ ح ل وع ش (قَوْلُهُ: أَوْلَى) أَيْ وَأَعَمُّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وُهِبَ لَهُ) أَيْ جَمِيعُهُ فَلَوْ وُهِبَ لَهُ بَعْضُهُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ مُوسِرٌ لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ كَاسِبًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَهُ لَمَلَكَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَسَرَى فَتَجِبُ قِيمَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَبُولِ الْعَبْدِ بَعْضُ قَرِيبِ سَيِّدِهِ وَإِنْ سَرَى عَلَى مَا سَيَأْتِي بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ سَيِّدِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَصَحَّ قَبُولُهُ إذَا لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدُ الْمُؤْنَةَ وَإِنْ سَرَى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَالْوَلِيُّ تَلْزَمُهُ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّسَبُّبُ فِي سِرَايَةٍ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا شَرْحُ م ر.

وَفِيهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ عَدَمُ السِّرَايَةِ كَمَا يَأْتِي لِكَوْنِهِ دَاخِلًا فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا وَعَلَيْهِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِ الْقَبُولِ عَلَى الْوَلِيِّ وَعَدَمِ السِّرَايَةِ عَلَى الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بِاخْتِيَارِهِ إلَّا اأَنْ يُقَالَ: فِعْلُ الْوَلِيِّ لَمَّا كَانَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الصَّبِيِّ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الصَّبِيِّ فَكَأَنَّهُ مَلَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ هُوَ) أَيْ الْمَوْلَى الْمَوْهُوبُ لَهُ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ لَكِنْ قَرْضًا كَمَا قَالَاهُ فِي مَوْضِعٍ وَذَكَرَا فِي آخَرَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ شَرْحُ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>