للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ (وَالْمُؤَكَّدُ مِنْهَا رَكْعَتَانِ قَبْلَ صُبْحٍ، وَ) رَكْعَتَانِ قَبْلَ (ظُهْرٍ، وَ) رَكْعَتَانِ (بَعْدَهُ، وَ) رَكْعَتَانِ (بَعْدَ مَغْرِبٍ، وَ) رَكْعَتَانِ بَعْدَ (عِشَاءٍ، وَوِتْرٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ، وَفَتْحِهَا (بَعْدَهَا)

ــ

[حاشية البجيرمي]

نَفْلَ غَيْرِ ذَلِكَ الْفَرْضِ مِنْ النَّوَافِلِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْحَدِيثِ «فَإِذَا انْتَقَصَ مِنْ فَرْضِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: اُنْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلُ بِهِ مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ» ، اهـ. بَلْ قَدْ يَشْمَلُ هَذَا تَطَوُّعًا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْفَرِيضَةِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى الْجَامِعِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يُوجِبْ شَيْئًا مِنْ الْفَرَائِضِ غَالِبًا، إلَّا وَجَعَلَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ نَافِلَةً، حَتَّى إذَا قَامَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ الْوَاجِبِ وَفِيهِ خَلَلٌ يُجْبَرُ بِالنَّافِلَةِ الَّتِي مِنْ جِنْسِهِ؛ فَلِذَا أَمَرَ بِالنَّظَرِ فِي فَرِيضَةِ الْعَبْدِ، فَإِذَا قَامَ بِهَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ جُوزِيَ عَلَيْهَا وَأُثْبِتَتْ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا خَلَلٌ كُمِّلَتْ مِنْ نَافِلَتِهِ حَتَّى قَالَ الْبَعْضُ: إنَّمَا تَثْبُتُ لَك نَافِلَتُكَ إذَا سَلِمَتْ لَك الْفَرِيضَةُ، اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي خِلَافِ مَا اسْتَظْهَرَهُ سم، اهـ.

(قَوْلُهُ: التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ الْعِيدِ، بِنَاءً عَلَى جَعْلِهِ رَاتِبًا، وَهُوَ أَحَدُ إطْلَاقَيْنِ ثَانِيهمَا: أَنَّهُ خَاصٌّ بِسُنَنِ الْفَرَائِضِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ صِفَةٌ لَازِمَةٌ وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: كَاشِفَةٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ مُخَصِّصَةً وَمُرَادُهُ التَّبَعِيَّةُ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ فَتَدْخُلُ الْقَبْلِيَّةُ وَالْبَعْدِيَّةُ، اهـ. ع ش وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ أَيْ الْمُكَمِّلَةِ لَهَا، أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ سُنَّةً لَهَا أَوْ لَا، تَوَقَّفَ فِعْلُهَا عَلَى فِعْلِهَا أَوْ لَا، كَالْقَبْلِيَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْوِتْرَ يَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ عَلَى فِعْلِهَا، اهـ. فَعَدَّهُ مِنْ الرَّوَاتِبِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلِ الْعِشَاءِ وَلَمْ يَعُدُّهُ الْمِنْهَاجُ مِنْهَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَيْ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ مِنْ الرَّوَاتِبِ، صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ إطْلَاقِ الرَّاتِبَةِ عَلَى التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ، وَلِهَذَا لَوْ نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ، أَوْ رَاتِبَتَهَا لَمْ يَصِحَّ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ مِنْهَا صَحِيحٌ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الرَّاتِبَةَ يُرَادُ بِهَا السُّنَنُ الْمُؤَقَّتَةُ، اهـ.

(قَوْلُهُ: رَكْعَتَانِ قَبْلَ صُبْحٍ) وَجْهُ تَقْدِيمِهَا عَلَى بَاقِي الرَّوَاتِبِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَنَّ النَّاسَ عِنْدَ قِيَامِهِمْ مِنْ نَوْمِهِمْ يَبْتَدِرُونَ إلَى مَعَاشِهِمْ وَكَسْبِهِمْ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، فَضْلًا عَمَّا عَسَاهُ يَحْصُلُ لَكُمْ فَلَا تَتْرُكُوهُمَا وَتَشْتَغِلُوا بِهِ؛ وَلِأَنَّ عَدَدَهُمَا لَا يَزِيدُ، وَلَا يَنْقُصُ فَأَشْبَهَتَا الْفَرَائِضَ، بَلْ قِيلَ: إنَّهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَقَدَّمَانِ عَلَى مَتْبُوعِهِمَا وَالْوِتْرُ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ وَمَا يَتَقَدَّمُ عَلَى مَتْبُوعِهِ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّهُمَا تَبَعٌ لِلصُّبْحِ، وَالْوِتْرُ لِلْعِشَاءِ وَالصُّبْحُ آكَدُ مِنْ الْعِشَاءِ قَالَ م ر: وَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمَا قَالَ ع ش: وَالْمُرَادُ بِتَخْفِيفِهِمَا عَدَمُ تَطْوِيلِهِمَا عَلَى الْوَارِدِ فِيهِمَا، حَتَّى لَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى آيَةَ الْبَقَرَةِ، وَأَلَمْ نَشْرَحْ، وَالْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّانِيَةِ آيَةَ آلِ عِمْرَانَ وَأَلَمْ تَرَ كَيْفَ، وَالْإِخْلَاصَ لَمْ يَكُنْ مُطَوِّلًا لَهُمَا تَطْوِيلًا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَدِّ السُّنَّةِ، بَلْ يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِيَتَحَقَّقَ الْإِتْيَانُ بِالْوَارِدِ.

(قَوْلُهُ: وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ ظُهْرٍ وَبَعْدَهُ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يُلَاحَظَ فِي قَبْلِيَّةِ الظُّهْرِ أَوْ بَعْدِيَّتِهِ كَوْنُهَا مُؤَكَّدَةً أَوْ غَيْرَهَا، بَلْ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَيَنْصَرِفُ لِلْمُؤَكَّدِ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَبَادَرَةُ وَالطَّلَبُ فِيهَا أَقْوَى نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَنُقِلَ عَنْهُ: أَنَّهُ يُجَوِّزُ أَنْ يُطْلِقَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَيَتَخَيَّرَ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ ح ل وَيَصِحُّ جَمْعُ الثَّمَانِيَةِ، أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَغَيْرِ الْمُؤَكَّدَةِ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَبْلِيَّةَ كَالْبَعْدِيَّةِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ، وَقِيلَ: الْبَعْدِيَّةُ أَفْضَلُ؛ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى فِعْلِ الْفَرْضِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَيُسَنُّ تَأْخِيرُ الرَّاتِبَةِ الْقَبْلِيَّةِ بَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ فَإِنْ تَعَارَضَتْ هِيَ وَفَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ لِإِسْرَاعِ الْإِمَامِ بِالْفَرْضِ عَقِبَ الْأَذَانِ أَخَّرَهَا بَعْدَهُ، وَلَا يُقَدِّمُهَا عَلَى الْإِجَابَةِ شَرْحُ م ر وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ عِنْدَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْأَذَانِ الْمُفَوِّتَةِ لِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَلِفِعْلِ الرَّاتِبَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ لَا يَنْبَغِي، بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ مَغْرِبٍ) ذَكَرَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا حَتَّى يَنْصَرِفَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَنْصَرِفَ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ تَطْوِيلَهُمَا سُنَّةٌ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُطَوِّلَهُمَا إلَى انْصِرَافِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ سَنُّ ذَلِكَ لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى يَنْصَرِفَ مَنْ يَنْصَرِفَ عَادَةً أَوْ مَنْ دَعَاهُ إلَى الِانْصِرَافِ أَمْرٌ عَرَضَ لَهُ، اهـ. سم عَلَى حَجّ وَالْكَلَامُ حَيْثُ فَعَلَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ انْصِرَافَهُ لِيَفْعَلَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>