للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ: الْعِشَاءِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَغَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرِ الْمُؤَكَّدِ مِنْهَا (زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ ظُهْرٍ، وَ) رَكْعَتَيْنِ (بَعْدَهُ) لِخَبَرِ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ (وَأَرْبَعٍ قَبْلَ عَصْرٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ (وَرَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ قَبْلَ مَغْرِبٍ) لِلْأَمْرِ بِهِمَا فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد، وَغَيْرِهِ، وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» ، وَالْمُرَادُ الْأَذَانُ، وَالْإِقَامَةُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الْعِشَاءِ لِخَبَرِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» (وَجُمُعَةٌ كَظُهْرٍ) فِيمَا مَرَّ، كَمَا فِي التَّحْقِيقِ، وَغَيْرِهِ لَكِنَّ قَوْلَ الْأَصْلِ، وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ، وَقَبْلَهَا مَا قَبْلَ الظُّهْرِ مُشْعِرٌ بِمُخَالَفَتِهَا الظُّهْرَ فِي سُنَّتِهَا الْمُتَأَخِّرَةِ (وَيَدْخُلُ وَقْتُ الرَّوَاتِبِ قَبْلَ الْفَرْضِ بِدُخُولِ وَقْتِهِ، وَبَعْدَهُ) ، وَلَوْ وِتْرًا (بِفِعْلِهِ،، وَيَخْرُجَانِ) أَيْ: وَقْتَ الرَّوَاتِبِ الَّتِي قَبْلَ الْفَرْضِ، وَبَعْدَهُ (بِخُرُوجِ وَقْتِهِ) فَفِعْلُ الْقَبْلِيَّةِ فِيهِ بَعْدَ الْفَرْضِ أَدَاءً.

. (وَأَفْضَلُهَا) أَيْ: الرَّوَاتِبِ (الْوِتْرُ) لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، وَهِيَ الْوِتْرُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَذِكْرُ أَفْضَلِيَّتِهِ، وَجَعْلُهُ قِسْمًا مِنْهَا، وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا مِنْ زِيَادَتِي..

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ، اهـ. ع ش عَلَى م ر وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِبَعْدِيَّةِ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّ بَعْدِيَّةَ الصَّلَوَاتِ مِثْلُهَا، وَإِنَّمَا خُصَّتْ بَعْدِيَّةُ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ النَّاسِ الِانْصِرَافُ سَرِيعًا بَعْدَهَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْعِشَاءِ) أَيْ يَفْعَلُ بَعْدَ الْعِشَاءِ ع ش.

(قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) لَا يُفِيدُ التَّأْكِيدَ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ الْآتِيَةِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي إثْبَاتِ الْمُدَّعَى.

(قَوْلُهُ: حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ بِهَا وَإِنْ كَانَ يَدْخُلُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١] أَيْ دَاخِلُهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} [مريم: ٧٢] إلَخْ وَاسْتَثْنَى ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ دُخُولِهَا الْأَنْبِيَاءَ، وَقَالَ: لَا يَدْخُلُونَهَا.

(قَوْلُهُ: وَأَرْبَعٌ قَبْلَ عَصْرٍ) بِرَفْعِ أَرْبَعٍ عَطْفًا عَلَى زِيَادَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا بِالْجَرِّ، عَطْفًا عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَالْمَعْنَى وَزِيَادَةُ أَرْبَعٍ عَلَى الْعَشَرَةِ الْمُؤَكَّدَةِ، فَإِنْ قِيلَ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: بَعْدَهُ وَرَكْعَتَانِ قُلْتُ لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، كَذَلِكَ، فَتَأَمَّلْ، اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَوْ يُقَالُ: هُوَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُلْزِمُ الْمُثَنَّى الْأَلِفَ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ) أَيْ: فَفِيهِ تَغْلِيبٌ. (قَوْلُهُ: وَجُمُعَةٌ كَظُهْرٍ) أَيْ: إنْ كَانَتْ مُجْزِئَةً عَنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْزِئَةٍ عَنْهُ صَلَّى قَبْلَهَا أَرْبَعًا، وَقَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهُ أَرْبَعًا وَسَقَطَتْ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ الْبَعْدِيَّةُ لِلشَّكِّ فِي إجْزَائِهَا بَعْدَ فِعْلِهَا، اهـ. ع ش وَشَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَإِنَّمَا طَلَبَ لَهَا سُنَّةً قَبْلِيَّةً مَعَ عَدَمِ إجْزَائِهَا؛ لِأَنَّا مُكَلَّفُونَ بِفِعْلِهَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَإِذَا فَاتَتْ سُنَّتُهَا الْبَعْدِيَّةُ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَا تُقْضَى؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُقْضَى، فَكَذَا سَنَتُهَا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَوْلُ الْأَصْلِ إلَخْ) إنَّمَا عَبَّرَ الْأَصْلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا، فَقَاسَهُ عَلَى الظُّهْرِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِمُخَالَفَتِهَا الظُّهْرَ إلَخْ) أَيْ مِنْ كَوْنِهَا أَيْ الرَّكَعَاتِ الْأَرْبَعِ مُؤَكَّدَاتٍ أَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَاتٍ ح ل.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَرْضِ) حَالٌ مِنْ الرَّوَاتِبِ، أَوْ صِفَةٌ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وِتْرًا) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فَلَا يَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ عَلَى فِعْلِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: بِفِعْلِهِ) وَلَوْ قَضَاءً وَلَوْ تَقْدِيمًا فِيمَنْ يَجْمَعُ شَوْبَرِيٌّ وَفِي قَوْلِهِ: بِفِعْلِهِ تَسَمُّحٌ إذْ وَقْتُ الْبَعْدِيَّةِ يَدْخُلُ بِدُخُولِ وَقْتِ فَرْضِهَا، وَإِنْ تَوَقُّفَ فِعْلُهَا عَلَى فِعْلِ الْفَرْضِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَيَخْرُجَانِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْبَعْدِيَّةَ تَصِيرُ قَضَاءً بِخُرُوجِ وَقْتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا، فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهُ خَرَجَ وَقْتُهَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَالْخُرُوجُ فَرْعُ الدُّخُولِ؟ قَالَ ح ل: وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ اللُّغْزُ، لَنَا صَلَاةٌ خَرَجَ وَقْتُهَا وَمَا دَخَلَ اهـ وَقَالَ السُّيُوطِيّ: إنَّ الْبَعْدِيَّةَ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِدُخُولِ وَقْتِ الْفَرْضِ، وَفِعْلُ الْفَرْضِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا، فَعَلَى هَذَا لَا إشْكَالَ

. (قَوْلُهُ: الْوِتْرُ) وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِفِعْلِ الْعِشَاءِ وَلَوْ جَمْعَ تَقْدِيمٍ، لَكِنْ إنْ كَانَ مُسَافِرًا حِينَئِذٍ وَأَقَامَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ فِعْلُ الْوِتْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ عَقِبَ فِعْلِ الْعِشَاءِ وَمَتَى دَخَلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ جَازَ لَهُ فِعْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَسَعُ فِعْلَ الْعِشَاءِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَمَدَّكُمْ) أَيْ: مَنَحَكُمْ وَخَصَّكُمْ، وَانْظُرْ وَجْهَ دَلَالَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمُدَّعَى الَّذِي هُوَ أَفْضَلِيَّةُ الْوِتْرِ عَلَى الرَّوَاتِبِ إذْ غَايَةُ مَا يُفِيدُهُ أَنَّ الْوِتْرَ خَيْرٌ مِنْ التَّصَدُّقِ بِحُمْرِ النَّعَمِ، وَكَوْنُهُ خَيْرًا مِنْهُ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهَا، وَلَوْ سَلِمَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» فَهَذَا أَبْلَغُ مِنْ ذَاكَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ أَحَقَّ بِالْأَفْضَلِيَّةِ عَلَى الرَّوَاتِبِ، حَتَّى عَلَى الْوِتْرِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَهُمَا أَبْلَغُ مِنْ حَدِيثِهِ مَعَ أَنَّ الْوِتْرَ أَفْضَلُ قَطَعَا، فَالْأَوْلَى فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ أَنْ يُقَالَ: لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ وَفِيهِ أَنَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إلَى وُجُوبِهِمَا وَدَاوُد إلَى وُجُوبِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَبَعْضُ السَّلَفِ إلَى وُجُوبِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ فَتَدَبَّرْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ أَقْوَى لِكَوْنِهِ أَحَدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ) أَيْ: مِنْ التَّصَدُّقِ بِهَا، وَالْمُرَادُ بِهَا الْإِبِلُ الْحُمْرُ وَهِيَ أَنْفَسُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ، يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي نَفَاسَةِ الشَّيْءِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ تَشْبِيهَ أُمُورِ الْآخِرَةِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّقْرِيبِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>