للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَكْفِي فَرْضُ مَالِي) لِأَنَّهُ يَكُونُ كَفَّارَةً وَنَذْرًا (وَلَا صَدَقَةُ مَالِي) ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ نَافِلَةً (وَلَا يَجِبُ) فِي النِّيَّةِ (تَعْيِينُ مَالٍ) مُزَكًّى عِنْدَ الْإِخْرَاجِ فَلَوْ مَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ نِصَابًا حَاضِرًا وَنِصَابًا غَائِبًا فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا ثُمَّ بَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ فَلَهُ جَعْلُ الْمُخْرَجِ عَنْ الْحَاضِرِ.

(فَإِنْ عَيَّنَهُ لَمْ يَقَعْ) أَيْ الْمُخْرَجُ (عَنْ غَيْرِهِ) فَلَوْ كَانَ نَوَى الْمُخْرَجَ فِي الْمِثَالِ عَنْ الْغَائِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إلَى الْحَاضِرِ فَإِنْ نَوَى مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ بَانَ الْمَنْوِيُّ تَالِفًا فَعَنْ غَيْرِهِ فَبَانَ تَالِفًا وَقَعَ عَنْ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ الْغَائِبُ عَنْ مَجْلِسِهِ لَا عَنْ الْبَلَدِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ نَقْلُ الزَّكَاةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْآتِي فِي كِتَابِ قَسْمِ الزَّكَاةِ (وَتَلْزَمُ) أَيْ النِّيَّةُ (الْوَلِيَّ عَنْ مَحْجُورِهِ) فَلَوْ دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَظَاهِرٌ أَنَّ لِوَلِيِّ السَّفِيهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُفَوِّضَ النِّيَّةَ لَهُ كَغَيْرِهِ وَتَعْبِيرِي بِالْمَحْجُورِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (وَتَكْفِي) أَيْ النِّيَّةُ (عِنْدَ عَزْلِهَا) عَنْ الْمَالِ (وَبَعْدَهُ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَعِنْدَ دَفْعِهَا لِإِمَامٍ، أَوْ وَكِيلٍ، وَالْأَفْضَلُ) لَهُمَا (أَنْ يَنْوِيَا عِنْدَ تَفْرِيقٍ أَيْضًا) عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَذِكْرُ الْأَفْضَلِيَّةِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ مِنْ زِيَادَتِي وَكَذَا قَوْلِي

(وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهَا) أَيْ فِي النِّيَّةِ (وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ إمَامٍ) عَنْ الْمُزَكِّي (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ كَغَيْرِهِ (لَا عَنْ مُمْتَنِعٍ) مِنْ أَدَائِهَا فَتَكْفِي (وَتَلْزَمُهُ) إقَامَةً لَهَا مَقَامَ نِيَّةِ الْمُزَكِّي وَقَوْلِي بِلَا إذْنٍ مِنْ زِيَادَتِي

(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ. وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِفَصْلٍ لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ (صَحَّ تَعْجِيلُهَا) فِي مَالٍ حَوْلِيٍّ (لِعَامٍ فِيمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

خِلَافُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْفَرْضِيَّةَ فِي الْمُعَادَةِ وَإِنْ وَجَبَتْ فَالْمُرَادُ بِهَا إعَادَةُ مَا كَانَ فَرْضًا بِالْأَصَالَةِ، أَوْ نَحْوَهُ وَالْفَرْضُ الْمُمَيِّزُ لِلْأَصْلِيَّةِ عَنْ الْمُعَادَةِ هُوَ الْحَقِيقِيُّ فَلَا تَعَارُضَ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي فَرْضٌ مَالِيٌّ) قِيلَ هَذَا أَيْ عَدَمُ كِفَايَةِ فَرْضٍ مَالِيٍّ إنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ الزَّكَاةِ اهـ وَيَرِدُ بِأَنَّ الْقَرَائِنَ الْخَارِجِيَّةَ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّةَ فَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، أَوْ لَا نَظَرًا لِصِدْقِ مَنْوِيِّهِ بِالْمُرَادِ وَغَيْرِهِ شَرْحُ حَجّ وم ر.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى مَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ تَعْيِينِ الْمُخْرَجِ عَنْ الْغَائِبِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْغَائِبُ عَنْ مَجْلِسِهِ) أَيْ وَالْمُرَادُ بِالْمَالِ الْغَائِبُ فِي تَمْثِيلِهِ الْمَذْكُورِ الْغَائِبُ عَنْ مَجْلِسِهِ أَيْ مَجْلِسِ الْمُخْرِجِ وَغَرَضُهُ بِهَذَا دَفْعُ مَا يُقَالُ كَيْفَ يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْغَائِبِ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الدَّفْعُ لِفُقَرَاءِ مَحَلِّ الْمَالِ.؟ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَكَيْفَ يُخْرِجُ الْمَالِكُ عَنْهُ لِغَيْرِ أَهْلِ مَحَلِّهِ.؟

(قَوْلُهُ: لَا عَنْ الْبَلَدِ) أَيْ، أَوْ عَنْهَا فِي مَحَلٍّ لَا مُسْتَحِقَّ فِيهِ وَبَلَدُ الْمَالِكِ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ ح ل. (قَوْلُهُ: لَمْ تَقَعْ الْمَوْقِعَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَى السَّفِيهُ لَكِنْ قَالَ سم وَيَنْبَغِي كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ تَكْفِي نِيَّةُ السَّفِيهِ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّضْهَا إلَيْهِ الْوَلِيُّ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) صَادِقٌ بِوُقُوعِ النِّيَّةِ بَيْنَ الْعَزْلِ وَالدَّفْعِ وَبِهِ صَرَّحَ م ر وَإِنْ لَمْ تُقَارِنْ أَحَدَهُمَا فَلَوْ اسْتَقَلَّ الْمُسْتَحِقُّ بِقَبْضِهَا اُعْتُدَّ بِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ دَفْعِهَا لِإِمَامٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ فَالدَّفْعُ إلَيْهِ كَالدَّفْعِ لَهُمْ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ الزَّكَاةُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمَالِكِ شَيْءٌ وَالسَّاعِي فِي ذَلِكَ كَالْإِمَامِ شَرْحُ م ر وَلَوْ نَوَى الدَّافِعُ الزَّكَاةَ وَالْآخِذُ غَيْرَهَا كَصَدَقَةِ تَطَوُّعٍ، أَوْ هَدِيَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ الدَّافِعِ وَلَا يَضُرُّ صَرْفُ الْآخِذِ لَهَا عَنْ الزَّكَاةِ إنْ كَانَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ ضَرَّ صَرْفُهُمَا عَنْهَا وَلَمْ تَقَعْ زَكَاةً وَمِنْهُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُكُوسِ وَالرَّمَايَا وَالْعُشُورِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَنْفَعُ الْمَالِكَ نِيَّةُ الزَّكَاةِ فِيهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُؤَيِّدُهُ إفْتَاءُ ابْنِ الرَّدَّادِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُونَهُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَصْرِفُونَهُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف

. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهَا) أَيْ أَهْلًا لَهَا أَيْ لِنِيَّةِ الزَّكَاةِ لَا لِلنِّيَّةِ مُطْلَقًا بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا لَا صَبِيًّا وَلَوْ مُمَيِّزًا وَلَا كَافِرًا وَرَقِيقًا ح ل قَالَ ع ش وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْوَكِيلِ بِإِذْنٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ صَرْفِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُغْتُفِرَتْ النِّيَّةُ مِنْ الْوَكِيلِ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ تَبَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ عِنْدَ قَوْلِهِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ ع ش عَلَى م ر صِحَّةُ التَّوْكِيلِ فِي النِّيَّةِ اسْتِقْلَالًا بِأَنْ يُوَكِّلَ وَاحِدًا فِيهَا وَوَاحِدًا فِي التَّفْرِقَةِ.

(فَرْعٌ)

لَوْ وَكَّلَهُ فِي تَفْرِقَةِ زَكَاتِهِ لَمْ يَكُنْ تَوْكِيلًا فِي نِيَّتِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ نِزَاعٍ فِي الْمَسْأَلَةِ شَوْبَرِيٌّ

[بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ]

أَيْ بَابُ بَيَانِ جَوَازِهِ وَعَدَمِهِ وَقَدْ مَنَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صِحَّةَ التَّعْجِيلِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ أَئِمَّتِنَا؛ وَدَلِيلُنَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِلْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ حِينَ سَأَلَهُ فِي ذَلِكَ» ؛ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ عُجِّلَ رِفْقًا فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَجَلِهِ كَالدَّيْنِ وَأَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ وَقَدْ وَافَقَ الْمُخَالِفُ عَلَيْهَا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) أَيْ مِنْ حُكْمِ الِاسْتِرْدَادِ، وَمِنْ حُكْمِ الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَهُمَا فِي مُثْبَتِ الِاسْتِرْدَادِ، وَمِنْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ غِنَاهُ بِهَا، وَمِنْ قَوْلِهِ: وَالزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ. (قَوْلُهُ: صَحَّ تَعْجِيلُهَا لِعَامٍ إلَخْ) مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْوَلِيِّ أَمَّا هُوَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ عَنْ مُوَلِّيهِ سَوَاءٌ الْفِطْرَةُ وَغَيْرُهَا نَعَمْ إنْ عَجَّلَ مِنْ مَالِهِ جَازَ فِيمَا يَظْهَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>