للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ قَطْعُ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ عَلَى مَنْ آنَسَ النَّجَابَةَ فِيهِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مَطْلُوبَةٍ بِرَأْسِهَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَلَا قَطْعُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي صِفَةٍ لَا أَصْلٍ وَالصِّفَةُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ صَحَّحَهُ التَّاجُ السُّبْكِيّ تَبَعًا لِمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَأَشَارَ فِيهِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ إلَى أَنَّ عَدَمَ حُرْمَتِهِ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ جَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ وَالْحَاوِي وَمَنْ تَبِعَهُمَا.

وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِفَرْضٍ عَيْنِيٍّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَضَاءٍ.

(فَرْعٌ)

لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ»

(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ) هُوَ لُغَةً اللُّبْثُ وَشَرْعًا اللُّبْثُ بِمَسْجِدٍ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ بِنِيَّةٍ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] وقَوْله تَعَالَى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: ١٢٥] وَالِاتِّبَاعُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (سُنَّ) الِاعْتِكَافُ (كُلَّ وَقْتٍ) لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عُذْرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعِبَ الْحَامِلُ فَتَرَكَ الْحَمْلَ لِغَيْرِهِ أَوْ الْحَافِرُ فَتَرَكَ الْحَفْرَ لِغَيْرِهِ، أَوْ تَرَكَ الْحَامِلُ الْحِمْلَ لِمَنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ بِالْحَمْلِ أَوْ إكْرَامَهُ بِالْحَمْلِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الْمُخْرِجَةِ لِلتَّرْكِ عَنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَتْكُ الْحُرْمَةِ فَتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لَكِنَّ إيرَادَ الْأَوَّلِ بِالنَّظَرِ لِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ وَبِالنَّظَرِ لِلْعَيْنِيِّ مِنْهُ يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ فَالْأَحْسَنُ جَعْلُ الْإِيرَادِ وَارِدًا عَلَى الْقِيلِ وَالْمَتْنِ لَكِنَّ رَدَّ الشَّارِحِ لِلْقِيلِ بَعْدَ الْإِيرَادِ الْمَذْكُورِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَارِدٌ عَلَيْهِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ آنَسَ) بِالْمَدِّ أَيْ عَلِمَ قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: ٦] أَيْ عَلِمْتُمْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ) مُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مُتَّصِلٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: عَنْ غَيْرِهَا) مِنْهُ يُعْلَمُ حُرْمَةُ قَطْعِ الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ بِرْمَاوِيٌّ وق ل وَقَالَ ع ش قَضِيَّتُهُ حُرْمَةُ قَطْعِ الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ نَعَمْ يَحْرُمُ قَطْعُهَا عَلَى هَذَا الْقِيلِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ الْقَائِلِ بِحُرْمَةِ قَطْعِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَيْ الْمُقَابِلِ لِمَا بَحَثَهُ الْإِمَامُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ أَكْثَرَ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ كَالْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ وَالْعُقُودِ تَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَلَا وَجْهَ لَهُ بِرْمَاوِيٌّ

[فَرْعٌ لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ]

. (قَوْلُهُ: لَا تَصُومُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا فِعْلُ غَيْرِ الرَّوَاتِبِ مِنْ الصَّوْمِ وَمِثْلُ الصَّوْمِ الصَّلَاةُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كحج وَلَا يُلْحَقُ بِالصَّوْمِ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ لِقِصَرِ زَمَنِهَا فَلْيُحَرَّرْ ح ل.

(قَوْلُهُ: الْمَرْأَةُ) وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ الَّتِي يُبَاحُ لَهُ التَّمَتُّعُ بِهَا وَالْكَلَامُ فِي أَمَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَأَمَّا الْأَمَةُ الْمُعَدَّةُ لِلْخِدْمَةِ غَالِبًا فَالظَّاهِرُ جَوَازُ صَوْمِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا ع ش بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَطَوُّعًا) أَيْ مِمَّا يَتَكَرَّرُ كَصَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ أَمَّا مَا لَا يَتَكَرَّرُ كَصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ فَلَهَا صَوْمُهُ بِلَا إذْنٍ إلَّا إنْ مَنَعَهَا وَكَالتَّطَوُّعِ الْقَضَاءُ الْمُوَسَّعُ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَاضِرٌ) أَيْ فِي الْبَلَدِ وَلَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِأَنْ يَغِيبَ عَنْهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطْرَأَ لَهُ قَضَاءُ وَطَرِهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ) فَإِنْ صَامَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا كَالصَّلَاةِ فِي دَارٍ مَغْصُوبَةٍ وَعِلْمُهَا بِرِضَاهُ كَإِذْنِهِ لَهَا بِرْمَاوِيٌّ وَإِنَّمَا حَرُمَ مَعَ كَوْنِ قَطْعِ النَّفْلِ جَائِزًا لِأَنَّهُ يُهَابُ قَطْعُ الْعِبَادَةِ وَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ وَقَعَ زِفَافٌ فِي أَيَّامَ صَوْمِ تَطَوُّعٍ مُعْتَادٍ نُدِبَ فِطْرُهَا قَالَ ح ل قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ أَيْ إلَّا فِيمَا لَا يَتَكَرَّرُ فِي الْعَامِ كَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ فِيهَا نَعَمْ إنْ مَنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَصُمْ.

[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: ١٢٥] الْآيَةَ شَرْحُ م ر قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ كَذَا قَالُوا وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ بِدَلِيلِ آيَةِ {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ} [طه: ٩١] أَيْ عَلَى عِبَادَةِ الْعِجْلِ {عَاكِفِينَ} [طه: ٩١] وَأَمَّا كَوْنُهُ بِالْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَرَاجِعْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: اللُّبْثُ) أَيْ الدَّوَامُ عَلَى الشَّيْءِ خَيْرًا أَوْ شَرًّا

وَعِبَارَةُ حَجّ وَهُوَ لُغَةً لُزُومُ الشَّيْءِ وَلَوْ شَرًّا. (قَوْلُهُ: مِنْ شَخْصٍ) أَيْ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ خَالٍ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ ح ل وَتُؤْخَذُ الْأَرْكَانُ مِنْ التَّعْرِيفِ. قَوْلُهُ آيَةُ {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: ١٨٧] هَذِهِ الْآيَةُ وَمَا بَعْدَهَا لَا تَدُلَّانِ إلَّا عَلَى جَوَازِ الِاعْتِكَافِ لَا عَلَى نَدْبِهِ فَتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: فِي الْمَسَاجِدِ مُتَعَلِّقٌ بِعَاكِفُونَ لَا بِتُبَاشِرُوهُنَّ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْمُعْتَكِفِ تَحْرُمُ حَتَّى خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَيْضًا إذَا خَرَجَ لِنَحْوِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَغَيْرُ الْمُعْتَكِفِ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُهَا لِاشْتِرَاطِ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ اهـ زِيَادِيٌّ مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: ١٢٥] هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إذَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ وَقَوْلُهُ: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ} [البقرة: ١٢٥] أَيْ نَزِّهَاهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ ع ش.

(قَوْلُهُ: كُلَّ وَقْتٍ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>