للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَك لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَسُنَّ تَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا وَمَعْنَى لَبَّيْكَ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك وَزَادَ الْأَزْهَرِيُّ إقَامَةً بَعْد إقَامَةٍ وَإِجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ وَهُوَ مُثَنَّى أُرِيدَ بِهِ التَّكْثِيرُ وَسَقَطَتْ نُونُهُ لِلْإِضَافَةِ

(وَ) سُنَّ (لِمَنْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ، أَوْ يَكْرَهُهُ) أَنْ يَقُولَ «لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ» قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَرَأَى جَمْعَ الْمُسْلِمِينَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا وَقَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَشَدِّ أَحْوَالِهِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمَطْلُوبَةَ الْهَنِيَّةَ الدَّائِمَةَ هِيَ حَيَاةُ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَقَوْلِي: أَوْ يَكْرَهُهُ مِنْ زِيَادَتِي.

(ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تَلْبِيَتِهِ (يُصَلِّي) وَيُسَلِّمُ (عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَسْأَلُ اللَّهَ) تَعَالَى (الْجَنَّةَ وَرِضْوَانَهُ وَيَسْتَعِيذُ بِهِ مِنْ النَّارِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَيَكُونُ صَوْتُهُ بِذَلِكَ أَخْفَضَ مِنْ صَوْتِ التَّلْبِيَةِ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزَانِ

. (بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ)

(الْأَفْضَلُ) لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ وَلَوْ قَارِنًا (دُخُولُهُ مَكَّةَ قَبْلَ وُقُوفٍ) بِعَرَفَةَ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِأَصْحَابِهِ وَلِكَثْرَةِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ السُّنَنِ الْآتِيَةِ (وَ) الْأَفْضَلُ دُخُولُهَا (مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِطَرِيقِهِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ «كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيَخْرُجُ مِنْ السُّفْلَى» وَالْعُلْيَا تُسَمَّى ثَنِيَّةَ كَدَاءٍ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ وَالسُّفْلَى ثَنِيَّةَ كُدًى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ وَهِيَ عِنْدَ جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ وَالثَّنِيَّةُ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَاخْتَصَّتْ الْعُلْيَا بِالدُّخُولِ وَالسُّفْلَى بِالْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ يَقْصِدُ مَكَانًا عَالِي الْمِقْدَارِ وَالْخَارِجَ عَكْسُهُ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَشْهُور وَيَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ وَتَقْدِيرُهُ وَالْمُلْكُ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْت لِمَ قَرَنَ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ وَأَفْرَدَ الْمُلْكَ؟ قُلْت: لِأَنَّ الْحَمْدَ مُتَعَلِّقُ النِّعْمَةِ وَلِهَذَا يُقَالُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا كَأَنَّهُ قَالَ: لَا حَمْدَ إلَّا لَك وَلَا نِعْمَةَ إلَّا لَك وَأَمَّا الْمُلْكُ فَهُوَ مَعْنًى مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ ذُكِرَ لِتَحْقِيقِ أَنَّ النِّعْمَةَ كُلَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمُلْكِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا) اُنْظُرْ أَيَّ حَاجَةٍ لِهَذَا مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَسُنَّ إكْثَارُ تَلْبِيَةٍ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْإِكْثَارَ سُنَّةٌ فِي الدَّوَامِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ وَهَذَا سُنَّةٌ مُطْلَقًا، أَوْ إنَّ هَذَا بَيَانٌ لِأَقَلَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْثَارُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُثَنًّى) أَيْ: مُلْحَقٌ بِالْمُثَنَّى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُفْرَدٌ مِنْ لَفْظِهِ وَقَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ نُونُهُ أَيْ: نُونُ التَّثْنِيَةِ لِلْإِضَافَةِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ وُجُوبًا وَأَصْلُهُ أُلَبِّي لَبَّيْنَ لَك أَيْ: أُجِيبُ إجَابَتَيْنِ لَك حَيْثُ دَعَوْتَنَا لِلْحَجِّ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: ٤] فَحُذِفَتْ النُّونُ مِنْ الْمُثَنَّى لِلْإِضَافَةِ وَاللَّامُ لِلتَّخْفِيفِ

. (قَوْلُهُ: مَا يُعْجِبُهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ لَبَّيْكَ إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِلَّا قَالَ اللَّهُمَّ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ كَمَا جَاءَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخَنْدَقُ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ وَلَا يَقُولُ لَبَّيْكَ فَإِنْ قَالَهَا هَلْ يُكْرَهُ أَوْ لَا؟ حَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ: وَرَأَى جَمْعُ الْمُسْلِمِينَ) وَكَانُوا ثَمَانِينَ أَلْفًا اط ف. (قَوْلُهُ: وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَكَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ إذْ ذَاكَ ح ف (قَوْلُهُ: فِي أَشَدِّ أَحْوَالِهِ) ظَاهِرُهُ كَشَرْحِ م ر أَنَّهُ قَالَ هَذَا اللَّفْظَ وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُ الْإِتْيَانِ بِلَبَّيْكَ بِالْمُحْرِمِ فَغَيْرُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ إلَخْ كَمَا جَاءَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَنْدَقِ حَجّ وَع ش. (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِهِ) أَيْ: بَعْدَ تَكْرِيرِهَا ثَلَاثًا ق ل. (قَوْلُهُ: وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى إكْثَارِ عَلَى حَدِّ

وَلَبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي

فَيُفِيدُ سَنَّ الْمَذْكُورَاتِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ بِصَوْتٍ أَخْفَضَ مِنْ صَوْتِ التَّلْبِيَةِ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزَانِ ق ل. (قَوْلُهُ: وَضَعَّفَهُ) أَيْ: هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ السُّؤَالُ وَلَيْسَ التَّضْعِيفُ رَاجِعًا لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ.

وَقَالَ ح ف: قَوْلُهُ: وَضَعَّفَهُ أَيْ: الْحَدِيثَ الدَّالَ عَلَى ذَلِكَ لَا الْحُكْم؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

(بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ) .

أَيْ: كَيْفِيَّتُهُ الْمَطْلُوبَةُ فِيهِ مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ بِهِ إلَى حِينِ التَّحَلُّلِ بَلْ وَبَعْدَ التَّحَلُّلِ لِيَدْخُلَ طَوَافُ الْوَدَاعِ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّ النُّسُكَ قَصْدُ الْكَعْبَةِ مَعَ الْأَرْكَانِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ تَارَةً يَذْكُرُونَ الصِّفَةَ وَيُرِيدُونَ بِهَا الْحَقِيقَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَارَةً يُرِيدُونَ بِهَا الْكَمَالَ كَمَا فِي هَذَا الْبَابِ، فَمُرَادُهُ بِالصِّفَةِ فِيهِ الصِّفَةُ الْكَامِلَةُ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ، وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ فَصْلَ الْأَرْكَانِ إذْ هَذَا الْبَابُ يَنْتَهِي إلَى بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ فُصُولٍ الْأَوَّلُ فَصْلُ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ وَالثَّانِي فَصْلُ سُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ الثَّالِثُ فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ الرَّابِعُ فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى الْخَامِسُ فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ اهـ فَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ صِفَةُ النُّسُكِ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ مَنْدُوبَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِمُحْرِمٍ) التَّقَيُّدُ بِهِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّنَّةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: قَبْلَ وُقُوفٍ وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بَلْ لَا يَنْبَغِي بِالنَّظَرِ لِلسُّنَنِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَنِيَّةٍ كَدَاءٍ وَقَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ إلَخْ وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَيَبْدَأُ بِطَوَافِ قُدُومٍ فَهَذِهِ السُّنَنُ الْأَرْبَعُ لَا تَتَقَيَّدُهُ بِالْمُحْرِمِ.

(قَوْلُهُ: مَكَّةَ) هِيَ بِالْمِيمِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ لُغَتَانِ اسْمٌ لِلْبَلَدِ وَقِيلَ بِالْمِيمِ اسْمٌ لِلْبَلَدِ وَبِالْبَاءِ لِلْبَيْتِ وَحْدَهُ، أَوْ لِلْبَيْتِ وَالْمَطَافِ وَقِيلَ بِالْمِيمِ اسْمٌ لِلْحَرَمِ وَبِالْبَاءِ لِلْمَسْجِدِ وَهِيَ بِالْمِيمِ مِنْ الْمَكِّ بِمَعْنَى الْمَصِّ يُقَالُ مَكَّ الْبَعِيرَ مَا فِي ضَرْعِ أُمِّهِ إذَا مَصَّهُ لِقِلَّةِ مَائِهَا سَابِقًا وَبِالْبَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>