للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُرَادِ لَهُمْ مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ حِسَابٍ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَخَرَجَ بِالْعَاشِرِ مَا لَوْ وَقَفُوا الْحَادِيَ عَشَرَ، أَوْ الثَّامِنَ غَلَطًا فَلَا يُجْزِيهِمْ لِنُدْرَةِ الْغَلَطِ فِيهِمَا وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي.

(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا (يَجِبُ) بَعْدَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ (مَبِيتُ) أَيْ: مُكْثُ (لَحْظَةٍ) وَلَوْ بِلَا نَوْمٍ (بِمُزْدَلِفَةَ) لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ وَبِالِاكْتِفَاءِ بِلَحْظَةٍ مِنْ زِيَادَتِي فَالْمُعْتَبَرُ الْحُصُولُ فِيهَا لَحْظَةٌ (مِنْ نِصْفٍ ثَانٍ) مِنْ اللَّيْلِ لَا لِكَوْنِهِ يُسَمَّى مَبِيتًا إذْ الْأَمْرُ بِالْمَبِيتِ لَمْ يَرِدْ هُنَا بَلْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَهَا حَتَّى يَمْضِيَ نَحْوُ رُبُعِ اللَّيْلِ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِهِ وَبَقِيَّةُ الْمَنَاسِكِ كَثِيرَةٌ شَاقَّةٌ فَسُومِحَ فِي التَّخْفِيفِ لِأَجْلِهَا. (فَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا فِيهِ) أَيْ: فِي النِّصْفِ الثَّانِي بِأَنْ لَمْ يَبِتْ بِهَا (أَوْ) بَاتَ لَكِنْ (نَفَرَ قَبْلَهُ) أَيْ: النِّصْفِ (وَلَمْ يَعُدْ) إلَيْهَا (فِيهِ لَزِمَهُ دَمٌ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ عَدَمَ لُزُومِهِ نَعَمْ إنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ كَأَنْ خَافَ، أَوْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَاشْتَغَلَ بِالْوُقُوفِ عَنْ الْمَبِيتِ، أَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى مَكَّةَ وَطَافَ لِلرُّكْنِ فَفَاتَهُ الْمَبِيتُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.

(وَسُنَّ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهَا حَصَى رَمْيِ) يَوْمَ (نَحْرٍ) قَالَ الْجُمْهُورُ لَيْلًا وَقَالَ الْبَغَوِيّ: بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلْحُجَّاجِ دُونَ غَيْرِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ نَعَمْ مَنْ رَأَى، أَوْ أَخْبَرَهُ مَنْ رَأَى وَصَدَّقَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ وَحْدَهُ كَمَا فِي الصَّوْمِ. (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ لَهُمْ) أَيْ: الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ حِسَابٍ) أَيْ: فَلَا يَجْزِي لِتَقْصِيرِهِمْ فِي الْحِسَابِ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ: أَقْرَبُ فَإِنَّهُ لَا يَنْتِجُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى وَلَوْ قَالَ: وَلِأَنَّهُ عَهِدَ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا كَانَ أَظْهَرَ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ إلَخْ الْجَوَابُ عَمَّا يُقَالُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّامِنِ وَالْعَاشِرِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَّصِلٌ بِالتَّاسِعِ. (قَوْلُهُ: إلَى الِاحْتِسَابِ) أَيْ: الِاعْتِدَادِ بِهَا.

[فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالدَّفْعِ مِنْهَا]

(فَصْلٌ: فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ) .

(قَوْلُهُ: وَالدَّفْعِ) أَيْ: إلَى مِنًى. (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا) الَّذِي يُذْكَرُ مَعَ الْمَبِيتِ لُزُومُ الدَّمِ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَسُنَّ أَخْذُ حَصَى رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْهَا وَالدَّفْعُ مِنْهَا هُوَ قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسِيرُوا فَيَدْخُلُوا مِنًى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَاَلَّذِي يُذْكَرُ مَعَهُ هُوَ قَوْلُهُ: فَيَرْمِي كُلٌّ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مُكْثٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الْمُرُورُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَالْمُعْتَبَرُ الْحُصُولُ فِيهَا إلَخْ وَانْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْمَبِيتِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَجَابَ شَيْخُنَا ح ف بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِهِ لِمُشَاكَلَةِ الْمَبِيتِ بِمِنًى. (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَبَرُ الْحُصُولُ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا قِيَاسًا عَلَى عَرَفَةَ بَلْ هِيَ أَوْلَى ح ف. (قَوْلُهُ: مِنْ اللَّيْلِ) أَيْ: لَيْلَةِ الْعِيدِ. (قَوْلُهُ: لَا لِكَوْنِهِ يُسَمَّى مَبِيتًا) إذْ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَاعْتُبِرَ مُسَمَّاهُ وَهُوَ مُكْثُ اللَّيْلِ أَيْ مُعْظَمِهِ ح ل وَانْظُرْ مَا الدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِ هَذِهِ اللَّحْظَةِ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي فَإِنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَدُلُّ لَهُ فَتَأَمَّلْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ مِنْهَا إلَخْ مِنْ بَقِيَّةِ التَّعْلِيلِ وَقَوْلُهُ: وَبَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ إلَخْ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَرِدْ هُنَا) أَيْ: حَتَّى يُعْتَبَرَ مُسَمَّاهُ وَهُوَ مُكْثُ غَالِبِ اللَّيْلِ ح ل (قَوْلُهُ: كَثِيرَةٌ شَاقَّةٌ) أَيْ: وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِنِصْفِ اللَّيْلِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فِي التَّخْفِيفِ) أَيْ: بِعَدَمِ الْمَبِيتِ وَقَوْلُهُ: لِأَجْلِهَا أَيْ: بَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ. (قَوْلُهُ: وَاشْتَغَلَ بِالْوُقُوفِ) أَيْ: لِاشْتِغَالِهِ بِالْأَهَمِّ وَقَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الدَّفْعُ إلَى مُزْدَلِفَةَ لَيْلًا وَإِلَّا وَجَبَ جَمْعًا بَيْنَ الْوَاجِبَيْنِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: أَوْ أَفَاضَ إلَخْ مِثْلُهُ م ر، ثُمَّ قَالَ: وَنَظَرَ فِيهِ الْإِمَامُ أَيْ: فِي عَدَمِ اللُّزُومِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ لِلطَّوَافِ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مِنْ التَّقْيِيدِ وَإِنْ رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَعْمَالِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَيَوْمِهَا اقْتَضَتْ مُسَامَحَتَهُ بِذَلِكَ؛ لِجَرَيَانِ ذَلِكَ فِي الْأُولَى أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَمُرَّ بِطَرِيقِهِ بِمُزْدَلِفَةَ أَمْ لَا أَيْ: قَبْلَ النِّصْفِ وَإِلَّا فَمُرُورُهُ بِهَا بَعْدَهُ يَحْصُلُ الْمَبِيتُ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَإِنْ رُدَّ ذَلِكَ أَيْ: مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. اهـ. ع ش وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ: وَإِنْ رُدَّ ذَلِكَ أَيْ: النَّظَرُ وَالرَّادُّ لَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي إمْدَادِهِ وَهَذَا مِنْ الشَّارِحِ تَصْرِيحٌ بِالرِّضَا بِالنَّظَرِ وَالرِّضَا بِالنَّظَرِ يَقْضِي بِوُجُوبِ الدَّمِ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ اعْتِمَادُ عَدَمِ الْوُجُوبِ تَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَمِنْ الْعُذْرِ هُنَا اشْتِغَالُهُ بِالْوُقُوفِ، أَوْ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ بِأَنْ وَقَفَ، ثُمَّ ذَهَبَ إلَيْهِ قَبْلَ النِّصْفِ، أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَمُرَّ بِمُزْدَلِفَةَ وَإِنْ لَمْ يَضْطَرَّ إلَيْهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ قَصْدَهُ تَحْصِيلَ الرُّكْنِ يَنْفِي تَقْصِيرَهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي تَعَمُّدِ الْمَأْمُومِ تَرْكَ الْجُلُوسِ مَعَ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ فَرَغَ مِنْهُ وَأَمْكَنَهُ الْعَوْدُ بِمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَزِمَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَخْ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَبِيتُ بِهَا وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ وَتَرَكَهُ لَزِمَهُ دَمٌ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ فِي الْإِفَاضَةِ إلَى الطَّوَافِ ح ف

. (قَوْلُهُ: أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهَا حَصَى رَمْيِ يَوْمِ نَحْرٍ) أَمَّا حَصَى غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ فَالْأَوْلَى أَخْذُهُ مِنْ وَادَى مُحَسِّرٍ، أَوْ مِنْ مِنًى غَيْرَ الْمَرْمِيِّ وَمَا اُحْتُمِلَ اخْتِلَاطُهُ بِهِ حَجّ وَم ر وَشَوْبَرِيٌّ وَأَمَّا أَخْذُ

<<  <  ج: ص:  >  >>