للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اخْتِلَاطُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ بِحَبَّاتٍ يَسِيرَةٍ مِنْ الْآخَرِ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ عَنْهَا لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمِكْيَالِ، وَلَا أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِحَبَّاتٍ مِنْ الْآخَرِ بِحَيْثُ لَا يُقْصَدُ إخْرَاجُهَا (كَبَيْعِ نَحْوِ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ) وَلَوْ غَيْرَ جِنْسِهِ، أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَأَنْ بِيعَ لَحْمُ بَقَرٍ بِبَقَرٍ، أَوْ إبِلٍ، أَوْ حِمَارٍ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُسْنَدًا، وَأَبُو دَاوُد مُرْسَلًا، وَلِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الشَّاةِ بِاللَّحْمِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَزِدْت نَحْوَ لِإِدْخَالِ الْأَلْيَةِ، وَالطِّحَالِ، وَالْقَلْبِ، وَالْكُلْيَةِ، وَالرِّئَةِ، وَالْكَبِدِ، وَالشَّحْمِ، وَالسَّنَامِ، وَالْجِلْدِ الْمَأْكُولِ قَبْلَ دَبْغِهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ غَالِبًا.

[دَرْس] (بَابٌ)

فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا كَالنَّجْشِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: مُتَمَيِّزَيْنِ. (قَوْلُهُ: يَسِيرَةٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمِكْيَالِ) أَيْ: لَمْ يَنْقُصْ الْمِكْيَالُ بِسَبَبِهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الضَّرَرِ مُطْلَقًا ظَهَرَتْ، أَوْ لَمْ تَظْهَرْ. انْتَهَى ع ش بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: بِحَبَّاتٍ مِنْ الْآخَرِ) أَيْ: يَسِيرَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر. فَقَوْلُهُ: بِحَيْثُ إلَخْ بَيَانٌ لِضَابِطِ كَوْنِهَا يَسِيرَةً كَقَدَحِ شَعِيرٍ فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ فَإِنَّ الْقَدَحَ لَا يُقْصَدُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْإِرْدَبِّ لِقِلَّتِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ اخْتِلَاطَ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ بِالْآخَرِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا وَاخْتِلَاطُ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ لَا يَضُرُّ إلَّا إنْ كَثُرَ بِحَيْثُ يُقْصَدُ إخْرَاجُهُ لِلِاسْتِعْمَالِ وَحْدَهُ، وَإِنْ أَثَّرَ فِي الْكَيْلِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَعِبَارَتُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الصِّحَّةَ هُنَا وَإِنْ كَثُرَتْ حَبَّاتُ الْآخَرِ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إذْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ أَنَّ الْحَبَّاتِ إذَا كَثُرَتْ فِي الْجِنْسِ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُمَاثَلَةُ بِخِلَافِ النَّوْعِ.

وَقَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ وَعَلَيْهِ يُلْغَزُ وَيُقَالُ: لَنَا شَيْئَانِ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ لَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَهُمَا النَّوْعَانِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ بُرٍّ بِشَعِيرٍ وَفِيهِمَا، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حَبَّاتٌ مِنْ الْآخَرِ يَسِيرَةٌ بِحَيْثُ لَا يُقْصَدُ تَمْيِيزُهَا لِتُسْتَعْمَلَ وَحْدَهَا، وَإِنْ أَثَّرَتْ فِي الْكَيْلِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ نَحْوِ لَحْمٍ) وَلَوْ لَحْمِ سَمَكٍ وَجَرَادٍ بِحَيَوَانٍ حَيٍّ فَخَرَجَ السَّمَكُ، وَالْجَرَادُ الْمَيِّتُ، وَهُوَ تَنْظِيرٌ فِي الْحُكْمِ وَلَيْسَ مِنْ الْقَاعِدَةِ بِخِلَافِ بَيْعِ اللَّبَنِ بِالْحَيَوَانِ، وَبَيْعِ الْبَيْضِ بِالْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ فِيهِ، وَبَيْعُ لَبَنِ بَقَرَةٍ بِشَاةٍ وَلَوْ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ يُقْصَدُ لِلْحَلْبِ، وَبَيْعُ بَيْضٍ بِدَجَاجَةٍ لَا بَيْضَ لَهَا وَإِنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ذَاتِ لَبَنٍ بِذَاتِ لَبَنٍ، وَلَا ذَاتِ بَيْضٍ بِذَاتِ بَيْضٍ إنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا إلَّا فِي الْآدَمِيَّاتِ ح ل. وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِذَاتِ اللَّبَنِ.

وَعِبَارَةُ م ر أَوْ بَاعَ ذَاتَ لَبَنٍ مَأْكُولَةً بِذَاتِ لَبَنٍ كَذَلِكَ مِنْ جِنْسِهَا لَمْ يَصِحَّ إذْ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْآدَمِيَّةِ ذَاتِ اللَّبَنِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ مَثَلًا فِي الضَّرْعِ لَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ وَلِهَذَا اُمْتُنِعَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ فَلَهُ حُكْمُ الْمَنْفَعَةِ، وَلِهَذَا جَازَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ. انْتَهَى وَلَوْ بَاعَ شَاةً ذَاتَ لَبَنٍ بِبَقَرَةٍ ذَاتِ لَبَنٍ صَحَّ لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الْحَيَوَانَيْنِ، وَجِنْسِ اللَّبَنَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَلْبَانَ أَجْنَاسٌ، وَالْبَقَرُ وَالْجَامُوسُ جِنْسٌ، وَكَذَا الْغَنَمُ وَالْمَعْزُ. (قَوْلُهُ: وَأَبُو دَاوُد مُرْسَلًا) وَإِرْسَالُهُ مَجْبُورٌ بِإِسْنَادِ التِّرْمِذِيِّ لَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمُرْسَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ مَقْبُولٌ إنْ اُعْتُضِدَ بِأَحَدِ أُمُورٍ سَبْعَةٍ: الْقِيَاسِ، أَوْ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ، أَوْ فِعْلِهِ، أَوْ قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ، أَوْ انْتَشَرَ مِنْ غَيْرِ دَافِعٍ، أَوْ عَمِلَ بِهِ أَهْلُ الْعَصْرِ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ سِوَاهُ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْجَدِيدُ. وَضَمَّ إلَيْهَا غَيْرُهُ الِاعْتِضَادَ بِمُرْسَلٍ آخَرَ، أَوْ بِمُسْنَدٍ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الشَّاةِ بِاللَّحْمِ) جَعَلَ اللَّحْمَ فِي الدَّلِيلِ ثَمَنًا وَهُوَ فِي الْمَتْنِ مُثَمَّنًا فَلَمْ يُطَابِقْ الدَّلِيلُ الْمُدَّعَى. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَشَارَ بِالدَّلِيلِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ جَعْلِ اللَّحْمِ ثَمَنًا، أَوْ مُثَمَّنًا فَكَأَنَّهُ قَالَ: كَبَيْعِ نَحْوِ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ وَعَكْسِهِ. (قَوْلُهُ: الْأَلْيَةِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْكُلْيَةِ بِضَمِّ الْكَافِ ح ف.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ) كَالسَّمِيطِ لَا مَا خَشُنَ.

[بَابٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا كَالنَّجْشِ]

. (بَابٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا)

أَيْ: مِمَّا تَعَلَّقَ بِالْبُيُوعِ كَالنَّجْشِ وَالسَّوْمِ عَلَى السَّوْمِ وَكَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بَيْعٌ ح ل وَإِلَّا فَالْغَيْرُ شَامِلٌ لِلصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ وَغَيْرِهِمَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ مِنْهَا ع ش وَلَكِنْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لَا تَصْدُقُ بِقَوْلِهِ: فِيمَا يَأْتِي وَصَحَّ بِشَرْطِ خِيَارٍ إلَخْ، وَلَا تَصْدُقُ أَيْضًا بِفَصْلِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ الْآتِي مَعَ أَنَّ الْمَتْنَ جَعَلَهُ مُنْدَرِجًا تَحْتَ هَذَا الْبَابِ حَيْثُ عَبَّرَ فِيهِ بِفَصْلٍ.

وَعِبَارَةُ م ر وحج فِي تَقْرِيرِ التَّرْجَمَةِ رُبَّمَا تَصْدُقُ بِهِ حَيْثُ قَالَا: بَابٌ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا. اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ. هَذَا وَقَدْ تَرْجَمَ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ صَاحِبُ الرَّوْضِ بِبَابٍ فَلَوْ فَعَلَ الْمَتْنُ مِثْلَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ تَأَمَّلْ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَنْهِيَّاتِ مَعَ عِلْمِهَا مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ وَشُرُوطِهِ لِنَصِّ الشَّارِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>