للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا بِرِضَاهُمَا) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا (أَوْ) ضَرَّ (أَحَدَهُمَا، وَتَنَازَعَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ فِي السَّقْيِ، (فُسِخَ) الْعَقْدُ أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ إلَّا بِإِضْرَارٍ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ سَامَحَ الْمُتَضَرِّرُ فَلَا فَسْخَ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِي وَتَنَازَعَا وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ إيضَاحًا لِأَنَّهُ مَتَى سَامَحَ الْمُتَضَرِّرُ، فَلَا مُنَازَعَةَ

(وَلَوْ امْتَصَّ ثَمَرٌ رُطُوبَةَ شَجَرٍ لَزِمَ الْبَائِعَ قَطْعٌ) لِلثَّمَرِ (أَوْ سَقْيٌ) لِلشَّجَرِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُشْتَرِي

(فَصْلٌ) : فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا، (جَازَ بَيْعُ ثَمَرٍ إنْ بَدَا صَلَاحُهُ) وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ أَوْ إبْقَائِهِ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ: «لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ» أَيْ فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّهِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَمْنُ الْعَاهَةِ بَعْدَهُ غَالِبًا، وَقَبْلَهُ تَسَرُّعٌ إلَيْهِ لِضَعْفِهِ فَيَفُوتُ بِتَلَفِهِ الثَّمَنُ، وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟» (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ (فَإِنْ بِيعَ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ أَصْلِهِ (لَمْ يَجُزْ) لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، (إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ) فَيَجُوزُ إجْمَاعًا بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ فِي الْبَيْعِ مِنْ كَوْنِهِ مَرْئِيًّا، مُنْتَفَعًا بِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ لِمُشْتَرٍ) فَيَجِبُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالضَّرَرُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُمَا) أَيْ بِالنَّظَرِ لِحَقِّهِمَا وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَمَعْنَى عَدَمِ الْجَوَازِ الْمَنْعُ، وَهَذَا فِي الرَّشِيدِ الْمُتَصَرِّفِ عَنْ نَفْسِهِ ق ل (قَوْلُهُ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الَّذِي يَفْسَخُ هُوَ الْمُتَضَرِّرُ ح ل وَع ش وَق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمَا قِيلَ مِمَّا يُخَالِفُهُ فَضَعِيفٌ، فَاحْذَرْهُ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا]

(فَصْلٌ: فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ) أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى بَائِعٍ مَا بَدَا صَلَاحُهُ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ إنْ بَدَا صَلَاحُهُ) وَلَوْ حَبَّةً فِي بُسْتَانٍ بِأَنْ بَلَغَ صِفَةً يُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا ح ل (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ مِنْ الْإِطْلَاقِ التَّعْمِيمَ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَغْلِبْ اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِمَوْجُودِهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ ح ل (قَوْلُهُ وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ) أَيْ إذَا بِيعَ وَحْدَهُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ، أَمَّا إذَا بِيعَ مَعَ أَصْلِهِ فَلَا يَجُوزُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي وَإِنْ أَوْهَمَ تَفْصِيلُهُ ثَمَّ عَدَمَ جَرَيَانِ ذَلِكَ هُنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ قَالَ سم فَإِنْ بَاعَهُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ فَأَخْلَفَ فَمَا أَخْلَفَهُ لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ قَلْعِهِ فَإِنَّ مَا أَخْلَفَهُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَيْ فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّهِ) لِأَنَّ مَفْهُومَ الْغَايَةِ يُحْتَجُّ بِهِ ح ل (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْحَدِيثُ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ، أَيْ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي تَأْوِيلِ نَكِرَةٍ بَعْدَ النَّفْيِ أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعٌ لِلثَّمَرَةِ فَيَكُونُ عَامًّا.

وَعِبَارَةُ ع ن وَهُوَ أَيْ الْحَدِيثُ صَادِقٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ، لَكِنْ يُخَصِّصُهُ الْإِجْمَاعُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا يَأْتِي اهـ وَكَذَا مَفْهُومُهُ صَادِقٌ بِالصِّحَّةِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ وَمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ ع ش (قَوْلُهُ فَيَفُوتُ) أَيْ لَوْ صَحَّحْنَاهُ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِهَذَا الْمَعْنَى الْفَارِقُ يُشْعِرُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَأَيْت إلَخْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ ح ل وَيَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْفَوَاتِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ أَرَأَيْت) أَيْ أَخْبِرْنِي يَا بَائِعُ

وَقَوْلُهُ إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ أَيْ سَلَّطَ عَلَيْهَا الْعَاهَةَ أَيْ فَإِنَّ مَنْعَ الثَّمَرَةِ لَا يَكُونُ غَالِبًا إلَّا عِنْدَ عَدَمِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِضَعْفِهَا حِينَئِذٍ ح ل، وَالْعَاهَةُ الْآفَةُ (قَوْلُهُ فَإِنْ بِيعَ وَحْدَهُ) أَيْ عَلَى شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَى شَجَرَةٍ مَقْطُوعَةٍ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَرْطُ الْقَطْعِ، وَخَرَجَ بِالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالرَّهْنُ، فَلَا يَجِبُ شَرْطُ الْقَطْعِ فِيهِمَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الثَّمَرَةِ بِجَائِحَةٍ لَا يَفُوتُ عَلَى الْمُتَّهِبِ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَرَةِ وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ إلَّا مُجَرَّدُ التَّوَثُّقِ، وَدَيْنُهُ بَاقٍ بِحَالِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الثَّمَرَةِ بِعَاهَةٍ يُضَيِّعُ الثَّمَنَ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ، فَاحْتِيجَ فِيهِ لِشَرْطِ الْقَطْعِ لِيَأْمَنَ مِنْ ذَلِكَ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ) أَيْ خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ) أَيْ حَالًا وَلَا تُغْنِي عَنْهُ الْعَادَةُ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْقَطْعُ فَوْرًا وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لَوْ تَأَخَّرَ وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ لِغَلَبَةِ الْمُسَامَحَةِ بِهَا قَالَ شَيْخُنَا م ر إلَّا إنْ طَلَبَهُ الْبَائِعُ بِهِ، وَالشَّجَرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَسْلِيمِ الثَّمَرِ بِدُونِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ كَوْنَ ظَرْفِ الْمَبِيعِ عَارِيَّةً وَلَوْ اسْتَثْنَى بَائِعٌ الشَّجَرَةِ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجِبْ شَرْطُ الْقَطْعِ بَلْ يَجُوزُ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةُ مِلْكٍ ق ل (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ إجْمَاعًا) وَالْإِجْمَاعُ مُخَصِّصٌ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَا يَبْدُو صَلَاحُهُ مُطْلَقًا ح ل (قَوْلُهُ مُنْتَفِعًا بِهِ) لَا يُقَالُ: إنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ اشْتِرَاطِ النَّفْعِ فِي كُلِّ مَبِيعٍ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا شَرْطٌ زَائِدٌ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ فِي الْحَالِ لِوُجُوبِ قَطْعِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ وُجُودُ النَّفْعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَجَحْشٍ صَغِيرٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ فَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْحَالِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا بِغَيْرِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِتَرْبِيَتِهِ عَلَى الشَّجَرِ كَمَا فِي ح ل (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ إلَخْ) هُوَ غَايَةٌ لِعَدَمِ الْجَوَازِ أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>