للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ كَانَ جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ شَيْءٍ مِنْهُ وَقَوْلِي وَلَوْ نَكَلَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فِي الْأُولَى وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ مِنْ زِيَادَتِي فِي الثَّانِيَةِ.

(وَلَوْ أَذِنَ) أَيْ: الْمُرْتَهِنُ (فِي بَيْعِ مَرْهُونٍ فَبِيعَ ثُمَّ) بَعْدَ بَيْعِهِ. (قَالَ: رَجَعْت قَبْلَهُ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَعْدَهُ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ) ؛ لِأَنَّ: الْأَصْلَ عَدَمُ رُجُوعِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ بَيْعِ الرَّاهِنِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ فَيَتَعَارَضَانِ، وَيَبْقَى أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرَّهْنِ، وَذَكَرَ حُكْمَ التَّحْلِيفِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مِنْ زِيَادَتِي.

(كَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنَانِ بِأَحَدِهِمَا وَثِيقَةٌ) كَرَهْنٍ (فَأَدَّى أَحَدَهُمَا وَنَوَى دَيْنَهَا) أَيْ: الْوَثِيقَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فَهُوَ مُصَدَّقٌ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْقَائِلِ أَنَّهُ أَدَّى عَنْ الدَّيْنِ الْآخَرِ سَوَاءً اخْتَلَفَا فِي نِيَّةِ ذَلِكَ أَمْ فِي لَفْظِهِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَدِّي أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ وَكَيْفِيَّةِ أَدَائِهِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا (جَعَلَهُ عَمَّا شَاءَ) مِنْهُمَا كَمَا فِي زَكَاةِ الْمَالَيْنِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ، فَإِنْ جَعَلَهُ عَنْهُمَا قُسِّطَ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ لَا بِالْقِسْطِ كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَلْفَانِ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ.

(فَصْلٌ) فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

ادَّعَى أَنَّهُ جَنَى قَبْلَ الرَّهْنِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَ الرَّهْنِ فَيَكُونُ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْشِ رَهْنًا يَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ سم.

(قَوْلُهُ كَالْبَيِّنَةِ) أَيْ: مِنْ الْمُقِرِّ وَهُوَ الرَّاهِنُ. (قَوْلُهُ أَوْ كَالْإِقْرَارِ) أَيْ: مِنْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ فِي الِابْتِدَاءِ) بِأَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَالدَّعْوَى بِأَنَّهُ جَنَى قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْجِنَايَةَ فِي الِابْتِدَاءِ إذْ الْجِنَايَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ س ل.

(قَوْلُهُ قَبْلَهُ) أَيْ: الْمَبِيعِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي نَفْسِ الرُّجُوعِ بِأَنْ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ: رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ، وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ س ل (قَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ) وَهُوَ رُجُوعُهُ قَبْلَ الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ بَيْعِ الرَّاهِنِ فِي الْوَقْتِ إلَخْ) وَهُوَ قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِذْنِ. (قَوْلُهُ وَيَبْقَى أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرَّاهِنِ) وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ تَبَعًا. اهـ. ح ف فَلَوْ انْفَكَّ الرَّهْنُ سَلِمَ لِلْمُشْتَرِي، وَيَمْتَنِعُ عَلَى الرَّاهِنِ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْحَيْلُولَةِ لِأَنَّ رَهْنَهُ سَابِقٌ عَلَى ذَلِكَ ح ل

. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ) أَيْ: مَنْ عَلَيْهِ دَيْنَانِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ تُعْلَمْ نِيَّتُهُ جُعِلَ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً. ح ف.

(قَوْلُهُ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَخْ) وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُعَامَلَةٌ وَنُجُومُ كِتَابَةٍ فَأَدَّى، وَهُوَ سَاكِتٌ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ النُّجُومَ وَادَّعَى سَيِّدُهُ أَنَّهُ قَصَدَ دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَازَعَا فِي الِابْتِدَاءِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ فِي إرَادَةِ أَخْذِهِ عَنْ دَيْنِ الْمُعَامَلَة؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ بِخِلَافِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِلسُّقُوطِ أَيْضًا لَكِنْ لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ الرَّقَبَةُ زي قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَرَضَ شَيْئًا وَنَذَرَ أَنَّ لِلْمُقْرِضِ كَذَا مَا دَامَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ، ثُمَّ دَفَعَ لَهُ قَدْرًا يَفِي بِجَمِيعِ الْمَالِ، وَقَالَ: قَصَدْت بِهِ الْأَصْلَ فَسَقَطَ فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ مِنْ الدِّينِ شَيْءٌ فَيُصَدَّقُ وَلَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَقْتَ الدَّفْعِ: إنَّهُ عَنْ النَّذْرِ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْآخِذُ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي نِيَّتِهِ أَوْ لَفْظِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَدَّى لَدَائِنه شَيْئًا وَقَصَدَ أَنَّهُ عَنْ دَيْنِهِ وَقَعَ عَنْهُ، وَإِنْ ظَنَّهُ الدَّائِنُ وَدِيعَةً أَوْ هَدِيَّةً كَذَا قَالُوا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْن أَنْ يَكُونَ الدَّائِنُ بِحَيْثُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ، وَأَنْ لَا بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ لَكِنْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَالْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُ الدَّافِعِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ حَيْثُ أَخَذَهُ وَرَضِيَ بِهِ ز ي مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ جَعَلَهُ عَمَّا شَاءَ) فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ بِأَحَدِهِمَا كَفِيلٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَبِالتَّعْيِينِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ بَرِئَ مِنْهُ مِنْ حِينِ الدَّفْعِ لَا مِنْ التَّعْيِينِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ. ح ل.

[فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ]

(فَصْلٌ: فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِوَارِثٍ إمْسَاكُهَا بِالْأَقَلِّ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ تَصَرَّفَ وَارِثٌ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ الْجُعْلِيِّ، وَقَوْلُهُ: بِالتَّرِكَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ الْجُعْلِيُّ لَا يَصِحُّ بِهِمَا (قَوْلُهُ مَنْ مَاتَ) وَلَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ وَيَكُونُ لَهُ تَعَلُّقَانِ تَعَلُّقٌ خَاصٌّ وَتَعَلُّقٌ عَامٌّ، وَفَائِدَةُ الثَّانِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا لَمْ يَفِ بِهِ يُزَاحِمْ بِمَا بَقِيَ لَهُ قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ فِي النُّكَتِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) أَيْ غَيْرُ لَفْظَةِ تَمَلُّكِهَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ لَا يَظْهَرُ فَيَلْزَمُ دَوَامُ الْحَجْرِ لَا إلَى غَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِتَعَلُّقِهِ وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهَا مِنْ جُمْلَةِ كَسْبِهِ بِخِلَافِ دَيْنِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِانْتِقَالِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ مُضِيِّ الْعُمْرِ الْغَالِبِ بِشَرْطِهِ، فَيُدْفَعُ لِإِمَامٍ عَادِلٍ فَقَاضٍ أَمِينٍ فَثِقَةٍ، وَلَوْ مِنْ الْوَرَثَةِ يَصْرِفُهُ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي مَصَارِفِهِ وَشَمِلَ الدَّيْنَ مَا بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ وَشَمِلَ دَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْهُ الْحَجُّ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يُتِمَّ الْحَجَّ وَلَا يَكْفِي الِاسْتِئْجَارُ وَدَفْعُ الْأُجْرَةِ كَذَا قَالَهُ السَّنْبَاطِيُّ.

وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثٍ سَقَطَ عَنْهُ بِقَدْرِهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>