للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَشْكَلَ الْفَرْعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى النِّكَاحِ وَلَوَاحِقِهِ مِنْ طَلَاقٍ وَفَسْخٍ وَظِهَارٍ وَلِعَانٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ عِدَّةٍ وَاسْتِبْرَاءٍ وَسُكْنَى وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْعِدَّةِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (بَابٌ) تَعْتَدُّ حُرَّةٌ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَأَسْبَابُهَا طَلَاقٌ وَمَوْتٌ وَأَنْوَاعُهَا ثَلَاثَةٌ قَرْءٌ وَأَشْهُرٌ، وَحَمْلٌ وَأَصْنَافُ الْمُعْتَدَّةِ مُعْتَادَةٌ وَآيِسَةٌ وَصَغِيرَةٌ وَمُرْتَابَةٌ بِغَيْرِ سَبَبٍ، أَوْ بِهِ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ وَبِالنَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْقَرْءُ فَقَالَ (تَعْتَدُّ حُرَّةٌ، وَإِنْ كِتَابِيَّةً) طَلَّقَهَا مُسْلِمٌ أَوْ أَرَادَ نِكَاحَهَا مِنْ طَلَاقِ ذِمِّيٍّ (أَطَاقَتْ الْوَطْءَ) وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا إنْ لَمْ تُطِقْهُ فَلَا تُخَاطَبْ بِهَا وَإِنْ وَطِئَهَا (بِخَلْوَةٍ) زَوْجٌ (بَالِغٌ) خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَوْ زِيَارَةٍ، وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا حَيْثُ كَانَ مُطِيقًا أَوْ هِيَ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَوْ صَائِمَةً لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْمُطِيقَةِ مِنْ وَطْئِهِ لَا صَبِيٍّ، وَلَوْ قَوِيَ عَلَى الْوَطْءِ إذَا طَلَّقَ عَنْهُ وَلِيُّهُ لِمَصْلَحَةٍ (غَيْرُ مَجْبُوبٍ) وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ فَلَا عِدَّةَ بِخَلْوَتِهِ وَلَا بِوَطْئِهِ أَيْ عِلَاجِهِ وَإِنْزَالِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (أَمْكَنَ شَغْلُهَا) فِيهَا، وَلَوْ قَالَ وَطْؤُهَا (مِنْهُ) كَانَ أَوْضَحَ (وَإِنْ نَفَيَاهُ) أَيْ الْوَطْءَ بِأَنْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ فِي الْخَلْوَةِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ (وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا) بِنَفْيِ الْوَطْءِ فِيمَا هُوَ حَقٌّ لَهُمَا فَلَا نَفَقَةَ لَهُمَا وَلَا يَتَكَمَّلُ لَهَا الصَّدَاقُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِيهَا أَيْ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمَا أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ اجْتِمَاعًا أَوْ انْفِرَادًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

قُلْنَ: إنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ (قَوْلُهُ: فَأَشْكَلَ الْفَرْعُ الثَّانِي إلَخْ) أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ السِّتَّةَ قَاطِعَةٌ وَمُوجِبَةٌ لِلْحَدِّ مَا لَمْ يُقَدِّرْ اللَّهُ بِسُؤَالِ النِّسَاءِ وَيُخْبِرْنَ بِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ، فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَيُدْرَأُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ سُؤَالَهُنَّ شُبْهَةٌ، وَمُفَادُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يُطْلَبُ سُؤَالُهُنَّ ابْتِدَاءً بَلْ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَسُئِلَ النِّسَاءُ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي الْحَدُّ إذَا أَخْبَرْنَ بِالتَّأْخِيرِ، وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ: سُئِلَ النِّسَاءُ طُلِبَ سُؤَالُهُنَّ ابْتِدَاءً إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ سُئِلَ النِّسَاءُ فِيهِ حَذْفُ الْعَاطِفِ أَيْ وَسُئِلَ النِّسَاءُ أَيْ وَقُدِّرَ سُؤَالُهُنَّ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ

[عدة الْحُرَّة]

بَابٌ تَعْتَدُّ حُرَّةٌ (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعِدَّةِ وَهِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي جُعِلَتْ دَلِيلًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لِفَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ يَعْنِي أَنَّ هَذَا أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَكُونُ لِبَرِّيَّةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كِتَابِيَّةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً بَلْ وَإِنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَوْ طَلَّقَهَا ذِمِّيٌّ وَأَرَادَ مُسْلِمٌ نِكَاحَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ لُبَابَةَ مِنْ أَنَّ مَنْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا لِصِغَرٍ سَوَاءٌ كَانَتْ بِنْتَ سَبْعٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَا عَلَى الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا يُخْشَى حَمْلُهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ الَّتِي لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا إنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ بَلَغَتْهَا فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا مُجَرَّدُ عِلَاجٍ (قَوْلُهُ بِخَلْوَةٍ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ بِسَبَبِ خَلْوَةِ بَالِغٍ يَعْنِي بِزَوْجَتِهِ تَنْزِيلًا لِلْخَلْوَةِ بِهَا مَنْزِلَةَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّتُهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ خَلْوَةَ الْبَالِغِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةً وَلَا اسْتِبْرَاءً قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ هِيَ حَائِضٌ) الْأَوْلَى أَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ كَانَ مَرِيضًا.

(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْمُطِيقَةِ مِنْ وَطْئِهِ) أَيْ مِنْ وَطْءِ الْبَالِغِ، وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا وَانْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ حَمْلِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَعَلَّهُ مَشَى عَلَى مُقَابِلِ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْإِمْكَانَ الْمُثْبَتُ هُنَا، فَالْمُرَادُ بِهِ الْإِمْكَانُ الْعَقْلِيُّ، وَأَمَّا الْمَنْفِيُّ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْعَادِيُّ فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْإِمْكَانَ الْعَقْلِيَّ فِي غَيْرِ الْمُطِيقَةِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِلْقَرَافِيِّ الْقَائِلِ إنْ أَنْزَلَ الْخَصِيُّ أَوْ الْمَجْبُوبُ اعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُمَا بِسَبَبِ خَلْوَتِهِمَا كَمَا أَنَّهُمَا يُلَاعِنَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلَا فَلَا لِعَانَ عَلَيْهِمَا، وَلَا عِدَّةَ عَلَى زَوْجَتَيْهِمَا لَا بِخَلْوَتِهِ وَلَا بِعِلَاجِهِ (قَوْلُهُ: أَمْكَنَ شُغْلُهَا) أَيْ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي الْخَلْوَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ حَمْلِهَا فَالْمُتَبَادَرُ مِنْ شُغْلِهَا شُغْلُ رَحِمِهَا بِالْحَمْلِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِشُغْلِهَا وَطْؤُهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِوَطْئِهَا لَا إيهَامَ فِيهِ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِشُغْلِهَا فَإِنَّهُ يُوهِمُ الْمَشْيَ عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَمْكَنَ شُغْلُهَا مِنْهُ عَمَّا إذَا كَانَ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ نِسَاءٌ مُتَّصِفَاتٌ بِالْعِفَّةِ وَالْعَدَالَةِ أَوْ وَاحِدَةٌ كَذَلِكَ وَعَنْ خَلْوَةِ لَحْظَةٍ تَقْصُرُ عَنْ زَمَنِ الْوَطْءِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ نِسَاءٌ مِنْ شِرَارِ النِّسَاءِ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُمَكِّنُ مِنْ نَفْسِهَا بِحَضْرَتِهِنَّ دُونَ الْمُتَّصِفَاتِ بِالْعِفَّةِ وَالْعَدَالَةِ فَإِنَّهُنَّ يَمْنَعْنَهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَيَاهُ) أَيْ هَذَا إذَا أَقَرَّا أَوْ أَحَدُهُمَا بِالْوَطْءِ فِي تِلْكَ الْخَلْوَةِ بَلْ، وَإِنْ نَفَيَاهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِالْخَلْوَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ، وَلَا يَتَكَمَّلُ لَهَا الصَّدَاقُ هَذَانِ مُرَتَّبَانِ عَلَى إقْرَارِهَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِيهَا هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ بِعَدَمِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>