للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ كَانَ) الْمَالُ الْمَعْصُومُ (كَلْبًا) مَأْذُونًا فِيهِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَيْسَ بِمَالٍ (وَفَرَسًا وَحِمَارًا) وَبَالَغَ عَلَى الْكَلْبِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ مَنْعِ بَيْعِهِ أَنَّهُ لَا يُلْتَقَطُ وَعَلَى مَا بَعْدَهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ كَضَالَّةِ الْإِبِلِ.

(وَرُدَّ) الْمَالُ الْمُلْتَقَطُ (بِمَعْرِفَةِ مَشْدُودٍ فِيهِ) وَهُوَ الْعِفَاصُ أَيْ الْخِرْقَةُ، أَوْ الْكِيسُ وَنَحْوُهُ الْمَرْبُوطُ فِيهِ الْمَالُ (وَ) الْمَشْدُودُ (بِهِ) وَهُوَ الْوِكَاءُ بِالْمَدِّ أَيْ الْخَيْطُ (وَ) بِمَعْرِفَةِ (عَدَدِهِ بِلَا يَمِينٍ) أَيْ يُقْضَى لِمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ بِأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَكَذَا بِمَعْرِفَةِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ فَالْأَوْلَى حَذْفُ الْعَدَدِ لِيَكُونَ جَارِيًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ بِالْأَوْلَى وَمَا لَا عِفَاصَ لَهُ وَلَا وِكَاءَ يُكْتَفَى فِيهِ بِذِكْرِ الْأَوْصَافِ الْمُفِيدَةِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِصِدْقِ الْآتِي بِهَا.

(وَ) لَوْ اخْتَلَفَ اثْنَانِ فِي أَوْصَافِ اللُّقَطَةِ (قُضِيَ لَهُ) أَيْ لِمَنْ عَرَفَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ (عَلَى ذِي الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ) وَكَذَا لِمَنْ عَرَفَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ عَلَى ذِي الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ بِيَمِينٍ فِي هَذِهِ.

(وَإِنْ) (وَصَفَ ثَانٍ وَصْفَ) شَخْصٍ (أَوَّلٍ) أَيْ وَصْفًا كَوَصْفِهِ (وَلَمْ يَبِنْ) أَيْ يَنْفَصِلْ (بِهَا) الْأَوَّلُ انْفِصَالًا يُمْكِنُ مَعَهُ إشَاعَةُ الْخَبَرِ (حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا لَهُ (وَقُسِمَتْ) وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ كَبَيِّنَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي الْعَدَالَةِ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا (لَمْ يُؤَرِّخَا) أَيْ لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا حَلَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَلَوْ انْفَصَلَ مَنْ أَخَذَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَّخَا (فَلِلْأَقْدَمِ) تَارِيخًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَا يُخْشَى عَلَيْهَا الضَّيَاعُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْمَعْصُومُ) أَيْ الَّذِي عُرِّضَ لِلضَّيَاعِ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِمَالٍ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يُلْتَقَطُ) أَيْ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَالٍ فَأَفَادَ بِالْمُبَالَغَةِ أَنَّهُ مَالٌ يُلْتَقَطُ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ مَعَ أَنَّهُ مَالٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ دَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَضَالَّةِ الْإِبِلِ) أَيْ فَلَا يُلْتَقَطُ.

(قَوْله وَرُدَّ بِمَعْرِفَةِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِهَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَبِّهَا أُجْرَةً وَهِيَ الْمُسَمَّى بِالْحَلَاوَةِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْهِبَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَيْ الْخِرْقَةُ إلَخْ) إنَّمَا سُمِّيَ الْوِعَاءُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا النَّفَقَةُ عِفَاصًا أَخْذًا لَهَا مِنْ الْعَفْصِ وَهُوَ الثَّنْيُ؛ لِأَنَّ الْوِعَاءَ تُثْنَى عَلَى مَا فِيهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ يُقْضَى لِمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِمَعْرِفَةِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ) أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْخِلَافُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ وَأَمَّا عِنْدَ وُجُودِهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا عَرَفَهُمَا فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا إلَّا بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: الْمُفِيدَةِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ مَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَ اثْنَانِ فِي أَوْصَافِ اللُّقَطَةِ) أَيْ بِأَنْ وَصَفَهَا أَحَدُهُمَا بِأَوْصَافٍ وَالْآخَرُ بِأَوْصَافٍ وَكَانَ كُلٌّ مِنْ أَوْصَافِ هَذَا وَأَوْصَافِ هَذَا مَوْجُودَةً فِيهَا. (قَوْلُهُ: قُضِيَ لَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ فِي هَذِهِ) أَيْ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَالْقَضَاءُ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ كَمَا عَلِمْت وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِمَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ فَقَطْ بِيَمِينٍ عَلَى ذِي الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ اهـ وَكَذَا يُقْضَى بِهَا لِمَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْعَدَدَ عَلَى مَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ بِيَمِينٍ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِجَمْعِهِ بَيْنَ صِفَتَيْنِ إحْدَاهُمَا ظَاهِرِيَّةٌ وَالْأُخْرَى بَاطِنِيَّةٌ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ صِفَتَيْنِ ظَاهِرِيَّتَيْنِ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ الْخَبَرَ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا عَرَفَهُمَا وَالثَّانِي لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا مِنْهُمَا وَمَا هُنَا قَدْ عَرَفَ الثَّانِي بَعْضَهُمَا وَشَيْئًا آخَرَ كَذَا قِيلَ وَنُوقِشَ فِيهِ بِأَنَّ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةَ فِي الْحَدِيثِ وَهِيَ الْعِفَاصُ وَالْوِكَاءُ إذَا كَانَتَا أَقْوَى الْأَوْصَافِ الْمُحَصِّلَةِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ فَالِاثْنَانِ أَقْوَى مِنْ وَاحِدٍ مَعَ غَيْرِهِمَا تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَصَفَ ثَانٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ اللُّقَطَةَ إذَا وَصَفَهَا شَخْصٌ وَصْفًا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ وَقَبَضَهَا وَلَمْ يَنْفَصِلْ بِهَا انْفِصَالًا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ إشَاعَةُ الْخَبَرِ بِأَنْ لَمْ يَنْفَصِلْ بِهَا أَصْلًا، أَوْ انْفَصَلَ بِهَا لَكِنْ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ إشَاعَةُ الْخَبَرِ لِوَاصِفٍ ثَانٍ، ثُمَّ جَاءَ شَخْصٌ آخَرُ فَوَصَفَهَا بِوَصْفٍ مِثْلِ وَصْفِ الْأَوَّلِ فِي كَوْنِهِ مُوجِبًا لِاسْتِحْقَاقِهَا سَوَاءٌ كَانَ وَصْفُ الثَّانِي عَيْنَ وَصْفِ الْأَوَّلِ، أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ لَا يُقْضَى لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِوَصْفِهِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْلِفُ أَنَّهَا لَهُ وَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَكَذَا لَوْ نَكَلَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ انْفَصَلَ بِهَا انْفِصَالًا يُمْكِنُ مَعَهُ إشَاعَةُ الْخَبَرِ لِلثَّانِي، أَوْ فَشَا الْخَبَرُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ بِهَا فَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ وَصْفَ الْأَوَّلِ، أَوْ رَآهَا مَعَهُ فَعَرَفَ أَوْصَافَهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ وَصْفًا كَوَصْفِهِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مُوجِبًا لِاسْتِحْقَاقِهَا سَوَاءٌ كَانَ عَيْنَ وَصْفِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: حَلَفَا وَقُسِمَتْ) أَيْ وَلَا يُرَجَّحُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَخَذَهَا بِوَضْعِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْحَوْزِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَجْهُولَاتِ وَهَذَا مَالٌ عُلِمَ أَنَّهُ لُقَطَةٌ كَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إنَّهَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ الَّذِي أَخَذَهَا لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالْحَوْزِ. (قَوْلُهُ: وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُمَا إذَا نَكَلَا تَبْقَى بِيَدِ الْمُلْتَقِطِ وَلَا تُعْطَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا دَامَا نَاكِلَيْنِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ مَا لَوْ وَصَفَهَا شَخْصٌ وَصْفًا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ وَأَخَذَهَا ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِلثَّانِي وَتُنْزَعُ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَوْ انْفَصَلَ بِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَرِّخَا) أَيْ الْمِلْكَ كَمَا فِي نَقْلِ بْن وَغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>