للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَرْبَعٌ الْأَوَّلُ بِالْخِلَافِ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ بِالْوِفَاقِ وَالْمَذْهَبُ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ الْمَذْهَبِ فَعَيَّنَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ فِي حُكْمِ الثَّانِيَةِ وَعَيَّنَهُ سَحْنُونٌ فِي حُكْمِ الْأُولَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَإِنْ) (قَالَتْ) امْرَأَةٌ (زَنَيْت مَعَهُ فَادَّعَى الْوَطْءَ وَالزَّوْجِيَّةَ) وَلَا بَيِّنَةَ (أَوْ وُجِدَا) مَعًا (بِبَيْتٍ) (وَأَقَرَّا بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ (وَادَّعَيَا) مَعًا (النِّكَاحَ أَوْ ادَّعَاهُ) الرَّجُلُ (فَصَدَّقَتْهُ) (هِيَ) (وَوَلِيُّهَا وَقَالَا) أَيْ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا حِينَ طُولِبَا بِالْبَيِّنَةِ (لَمْ نُشْهِدْ) أَيْ عَقْدَنَا بِلَا إشْهَادٍ (حُدَّا) إلَّا أَنْ يَكُونَا طَارِئَيْنِ أَوْ يَحْصُلَ فَشْوٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَيُحَدَّانِ وَلَوْ طَارِئَيْنِ مَا لَمْ يَحْصُلْ فَشْوٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا دَخَلَا بِلَا إشْهَادٍ وَلَمْ يَحْصُلْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي دَرْءِ الْحَدِّ وَهُوَ الْفَشْوُ.

[دَرْسٌ] (بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ) وَهُوَ لُغَةً الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الرَّمْيِ بِالْمَكَارِهِ، وَيُسَمَّى أَيْضًا فِرْيَةٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ كَأَنَّهُ مِنْ الِافْتِرَاءِ وَالْكَذِبِ، وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَذْفُ الْأَعَمُّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ غَيْرَهُ لِزِنًا أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ وَالْأَخَصُّ لِإِيجَابِ الْحَدِّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ غَيْرَهُ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا بَالِغًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَأْوِيلَاتٌ قَوْلُهُ: وَأُوِّلَا عَلَى الْخِلَافِ أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ بِمَثَابَةِ الْوِفَاقِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِتَأْوِيلَاتٍ كَانَ الْمَعْنَى أُوِّلَا عَلَى الْخِلَافِ وَالْوِفَاقُ وَتَعْدَادُ وَجْهِ الْوِفَاقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَأَجَابَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ تَأْوِيلَاتٌ لَتُوُهِّمَ أَنَّهُمَا تَأْوِيلَانِ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا بِالْخِلَافِ وَالثَّانِي بِالْوِفَاقِ بِأَحَدِ تِلْكَ الْأَوْجُهِ لَا بِعَيْنِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ) أَيْ لِأَنَّ مِمَّنْ قَالَ بِهِ سَحْنُونٌ وَيَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَأَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ.

(قَوْلُهُ: فِي تَعْيِينِ الْمَذْهَبِ) أَيْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ هَلْ هُوَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ كُلٍّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ وَحِينَئِذٍ فَيُرْجَمَانِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْ الْقَوْلُ بِقَبُولِ قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرْجَمَانِ بَلْ يُجْلَدَانِ، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي المج.

(قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَبَقَ مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ فِي الْإِحْصَانِ عَدَمَ الْمُنَاكَرَةِ فِي الْوَطْءِ.

(قَوْلُهُ: وَعَيَّنَهُ سَحْنُونٌ فِي حُكْمِ الْأُولَى) لَعَلَّهُ يَرَى أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ الْمُنَاكَرَةِ إذَا لَمْ يُطِلْ الزَّمَانُ، فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ فَلَا تَضُرُّ الْمُنَاكَرَةُ فِي ثُبُوتِ الْإِحْصَانِ وَانْظُرْهُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ

(قَوْلُهُ: فَادَّعَى الْوَطْءَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَيْهِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ فَاعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ وَادَّعَى الزَّوْجِيَّةَ فَكَذَّبَتْهُ فِيهَا وَصُورَتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ زَنَيْت مَعَ هَذَا الرَّجُلِ فَأَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَكَذَّبَتْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ أَمَّا حَدُّهَا فَظَاهِرٌ لِإِقْرَارِهَا بِالزِّنَا وَأَمَّا حَدُّهُ فَلِأَنَّهَا لَمْ تُوَافِقْهُ عَلَى النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ وَلَوْ حَصَلَ فَشْوٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي عبق وخش.

(قَوْلُهُ: أَوْ وُجِدَا مَعًا بِبَيْتٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي بَيْتٍ أَوْ طَرِيقٍ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا غَيْرُ طَارِئَيْنِ وَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ وَالْإِشْهَادَ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِمَوْتِهَا أَوْ غَيْبَتِهَا وَلَا فَشْوَ يَقُومُ مَقَامَهَا فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلْوَطْءِ وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، فَإِنْ حَصَلَ فَشْوٌ أَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ قُبِلَ قَوْلُهُمَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدَّعِيَا شَيْئًا مُخَالِفًا لِلْعُرْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَتْهُ) صُورَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ ادَّعَى وَطْءَ امْرَأَةٍ وَأَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَلَمَّا طُلِبَتْ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةُ قَالَا عَقَدْنَا النِّكَاحَ وَلَمْ نُشْهِدْ وَنَحْنُ نُشْهِدُ الْآنَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فَشْوٌ يَقُومُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ فَإِنَّ الزَّوْجَيْنِ يُحَدَّانِ لِدُخُولِهِمَا بِلَا إشْهَادٍ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّالِثَةُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْأُولَى فَيُحَدَّانِ فِيهَا وَلَوْ طَارِئَيْنِ أَوْ حَصَلَ فَشْوٌ كَمَا فِي عبق وخش.

(خَاتِمَةٌ) إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بَعْدَ وِلَادَةِ زَوْجَتِهِ مِنْهُ بِمُفْسِدٍ لِوَطْئِهِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ لَهُ كَأَنْ قَالَ عَقَدْت عَلَيْهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ أَوْ أَنَّهَا خَامِسَةٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِحَقِّ اللَّهِ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ قَالَ النَّفْرَاوِيُّ عَلَى الرِّسَالَةِ وَحْدَهُ وَلُحُوقُ الْوَلَدِ بِهِ مُسْتَغْرَبٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْحَدِّ أَنَّهُ زِنًا وَمُقْتَضَى اللُّحُوقِ أَنَّهُ لَيْسَ زِنًا اُنْظُرْ المج

[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ]

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْحَصْبَاءِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَعْمَلَ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ لِعَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَ الْحِجَارَةِ وَالْمَكَارِهِ فِي تَأْثِيرِ الرَّمْيِ بِكُلٍّ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى) أَيْ الرَّمْيُ بِالْمَكَارِهِ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ كَمَا يُسَمَّى قَذْفًا (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ مِنْ الِافْتِرَاءِ وَالْكَذِبِ) أَيْ وَالْقَذْفُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَذِبٌ شَرْعًا، وَإِنْ احْتَمَلَ الْمُطَابَقَةَ لِلْوَاقِعِ.

(قَوْلُهُ: الْأَعَمُّ) أَيْ الصَّادِقُ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَا لَا يُوجِبُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ النَّاسِبَ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا أَوَّلًا وَلَا حَدَّ فِي الثَّانِي وَالْغَيْرُ صَادِقٍ بِكَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا بَالِغًا عَفِيفًا وَصَادِقٌ بِغَيْرِهِ وَلَا حَدَّ فِي الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ أَنْ يَنْسُبَ الْآدَمِيُّ الْمُكَلَّفُ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ: حُرًّا عَفِيفًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ الْمَنْسُوبِ حُرًّا عَفِيفًا وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ وَذَلِكَ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا نَسَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>