للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي انْتِزَاعهَا إبْطَالًا لَهَا وَإِذَا بَاعَهُ الْوَارِثُ بَاعَهُ بِمَالِهِ وَلِلْمُشْتَرِي انْتِزَاعُهُ (أَوْ) تَعَدَّدَ الْوَارِثُ وَأَوْصَى لِعَبْدِ بَعْضِهِمْ (بِتَافِهٍ) لَا تُلْتَفَتُ إلَيْهِ النُّفُوسُ كَخِلْقَةٍ (أُرِيدَ بِهِ) أَيْ بِالتَّافَةِ (الْعَبْدُ) لَا نَفْعُ سَيِّدِهِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ كَوَصِيَّةٍ لِوَارِثٍ.

(وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ (لِمَسْجِدٍ) وَنَحْوَهُ كَرِبَاطٍ وَقَنْطَرَةٍ (وَصَرْفٍ فِي مَصَالِحِهِ) مِنْ مَرَمَّةٍ وَحُصُرٍ وَزَيْتٍ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَى خِدْمَتِهِ مِنْ إمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْتَجْ لِمَا مَرَّ احْتَاجُوا هُمْ أَمْ لَا.

(وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ (لِمَيِّتٍ عَلِمَ) الْمُوصِي (بِمَوْتِهِ) حِينَ الْوَصِيَّةِ (فَفِي دَيْنِهِ) تُصْرَفُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ (أَوْ وَارِثُهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ بَطَلَتْ وَلَا تُعْطَى لِبَيْتِ الْمَالِ.

(وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ (لِذِمِّيٍّ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا وَلَا جَارًا لِلْمُوصِي لَا لِحَرْبِيٍّ.

(وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ مِنْ مَقْتُولٍ إلَى (قَاتِلٍ) لَهُ (عَلِمَ الْمُوصِي بِالسَّبَبِ) أَيْ بِسَبَبِ الْقَتْلِ أَيْ عَلِمَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ضَرَبَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ فِي الْخَطَإِ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ وَفِي الْعَمْدِ فِي الْمَالِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلُهُ وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَيَعْلَمَ الْمَقْتُولُ بِهَا فَتَكُونَ فِيهَا أَيْضًا (وَإِلَّا) يَعْلَمَ الْمُوصِي بِالسَّبَبِ بِأَنْ ضَرَبَهُ زَيْدٌ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ الَّذِي ضَرَبَهُ وَأَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي صِحَّةِ إيصَائِهِ لَهُ وَعَدَمِهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَا إذَا طَرَأَ الْقَتْلُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يُغَيِّرْهَا.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مُبْطِلَاتِ الْوَصِيَّةِ فَقَالَ (وَبَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ (بِرِدَّتِهِ) أَيْ الْمُوصِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ الْإِيصَاءُ لِعَبْدِ الْوَارِثِ بِأَنْ اتَّحَدَ الْوَارِثُ وَحَازَ جَمِيعَ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ إبْطَالًا لَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ إنَّمَا أَوْصَى لِلْعَبْدِ وَلَمْ يُوصِ لِلسَّيِّدِ، وَمِثْلُ الْإِيصَاءِ لِعَبْدِ الْوَارِثِ الْإِيصَاءُ لِعَبْدِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يُنْتَزَعُ كَمَا فِي بْن لِجَرَيَانِ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ) أَيْ لِخِدْمَتِهِ لِلْمُوصِي مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أُرِيدَ بِهَا نَفْعُ سَيِّدِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا بِتَافِهٍ لَمْ تَصِحَّ كَمَا أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إذَا كَانَتْ بِكَثِيرٍ مُطْلَقًا أُرِيدَ بِهَا الْعَبْدُ أَوْ نَفْعُ سَيِّدِهِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْعَبْدِ قِنًّا أَوْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ إلَّا مُكَاتَبَ وَلَدِهِ فَلَهُ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى التَّافِهِ إلَى مَبْلَغِ ثُلُثِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِذَلِكَ تَحْرِيرُ الْعَبْدِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ

(قَوْلُهُ وَصَحَّ الْإِيصَاءُ لِمَسْجِدٍ) أَيْ لِصِحَّةِ تَمَلُّكِهِ لِلْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ وَالْحَجَرِ مَثَلًا فَلَا تَصِحُّ لَهُ.

(قَوْلُهُ كَرِبَاطٍ وَقَنْطَرَةٍ) أَيْ سُوَرٍ عَلَى الْبَلَدِ.

(قَوْلُهُ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ) أَيْ أَنْ اقْتَضَى الْعُرْفُ صَرْفَهَا فِي ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَى الْعُرْفُ صَرْفَهَا لِلْمُجَاوِرِينَ بِهِ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ صُرِفَ لَهُمْ لَا لِمِرَمَّتِهِ وَحُصْرِهِ وَنَحْوِهِمَا.

(قَوْلُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَكَنَّاسٍ وَفَرَّاشٍ وَبَوَّابٍ وَوَقَّادٍ.

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْتَجْ لِمَا مَرَّ) أَيْ كَمَا أَنَّهَا صُرِفَ بِتَمَامِهَا عَلَى مَنْ ذَكَر مِنْ الْخِدْمَةِ وَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ إذَا لَمْ يَحْتَجْ لِمَا مَرَّ مِنْ الْمِرَمَّةِ وَالْحُصْرِ وَالزَّيْتِ

(قَوْلُهُ فَفِي دَيْنِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُوصِي أَنَّ عَلَى الْمُوصَى لَهُ دَيْنًا أَوْ لَهُ وَارِثٌ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَالْمَدَارُ فِي الصِّحَّةِ عَلَى الْعِلْمِ بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ وَارِثُهُ) أَيْ الْخَاصُّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا تُعْطَى لِبَيْتِ الْمَالِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَى أَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ وَلَا دَيْنٌ بَطَلَتْ كَمَا تَبْطُلُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ حِينَ الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَلَا تُعْطَى لِبَيْتِ الْمَالِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ عج وَهُوَ الظَّاهِرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ حَائِزٌ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ تُدْفَعُ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَارِثٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ وَلِذِمِّيٍّ إلَخْ) الْعَمُّ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الصِّحَّةِ وَأَمَّا الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالْجَوَازِ إذَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ بِأَنْ كَانَتْ لِأَجْلِ قَرَابَةٍ وَإِلَّا كُرِهَتْ وَأَجَازَهَا أَشْهَبُ مُطْلَقًا لَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ إطْلَاقَ قَوْلِ أَشْهَبَ بِجَوَازِهَا لِلذِّمِّيِّ بِكَوْنِهِ ذَا سَبَبٍ مِنْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ يَدٍ سَبَقَتْ لَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا سَبَبٍ فَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ مَحْظُورٌ إذْ لَا يُوصَى لِلْكَافِرِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَيُتْرَكُ الْمُسْلِمُ إلَّا مُسْلِمٌ مَرِيضُ الْإِيمَانِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَا لِحَرْبِيٍّ) أَيْ لَا تَصِحُّ لَهُ عَلَى مَا قَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْإِشْرَاقِ مِنْ الصِّحَّةِ

(قَوْلُهُ إلَى قَاتِلٍ لَهُ) سَوَاءٌ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً.

(قَوْلُهُ عَلِمَ بِالسَّبَبِ) أَيْ بِالسَّبَبِ الْفَاعِلِ وَهُوَ عَيْنُ الْقَاتِلِ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَالِ) أَيْ مَالِ الْمُوصِي وَقَوْلُهُ وَالدِّيَةُ أَيْ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ أَيْ فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهِمَا وَقَوْلُهُ فِي الْمَالِ فَقَطْ أَيْ فِي ثُلُثِهِ.

(قَوْلُهُ فَتَأْوِيلَانِ فِي صِحَّةِ إيصَائِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ الضَّرْبِ فَلَا يُتَّهَمُ عَلَى الِاسْتِعْجَالِ وَقَوْلُهُ وَعَدَمُهَا أَيْ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ هَذَا الْقَاتِلَ لَهُ لَمْ يُوصِ لَهُ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُحْسِنُ لِمَنْ أَسَاءَ إلَيْهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا فِي المج وَلَا يَدْخُلُ فِي التَّأْوِيلَيْنِ أَعْطُوا مَنْ قَتَلَنِي لِصِحَّتِهَا اتِّفَاقًا عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَصْرُ الْمَوَّاقِ وَبَهْرَامُ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى مَا صَوَّرَ بِهِ شَارِحُنَا.

(قَوْلُهُ وَشَمِلَ إلَخْ) الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ عَلَى مَا نَقَلَهُ بْن الْبُطْلَانَ قَطْعًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِتُهْمَةِ الِاسْتِعْجَالِ كَالْإِرْثِ وَأَمَّا لَوْ وَهَبَ فِي مَرَضِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فَقَتَلَهُ لَمْ تَبْطُلْ الْهِبَةُ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ لَا عَلِمَ الْوَاهِبُ بِهِ أَوْ لَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَالْوَصِيَّةِ فِي هَذَا وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ مِثْلُهَا وَذَلِكَ أَنَّهُ أَصَرَّ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُغَيِّرْهَا) أَيْ فَإِنْ عَلِمَ بِذِي السَّبَبِ صَحَّتْ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ هَذَا مُفَادُهُ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ

[مُبْطِلَات الْوَصِيَّة]

(قَوْلُهُ أَيْ الْمُوصِي) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَاتَ عَلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>