للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَا بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الْقَبُولِ وَحَيَاةِ الْمُوصِي بِأَنْ قَبِلَ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي أَوْ عَكْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ أَوْصَاهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْقَبُولِ فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبُولٌ كَمَا قَالَ (وَإِنْ أَبَى الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا قَبُولَ لَهُ بَعْدُ) ؛ لِأَنَّ إبَاءَتَهُ صَيَّرَتْهُ أَجْنَبِيًّا فَقَبُولُهُ بَعْدَهَا يَحْتَاجُ لِإِيصَاءٍ جَدِيدٍ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَصَيَّرَ النَّظَرَ لِلْحَاكِمِ (وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لَلْوَصِيّ، وَكَذَا وَصِيُّهُ وَمُقَدَّمٌ الْقَاضِي وَالْكَافِلُ (فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ) إذَا تَنَازَعَ فِيهَا مَعَ الْمَحْجُورِ وَهُوَ فِي حَضَانَتِهِ وَأَشْبَهَ بِيَمِينِهِ أَوْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا لِأَنَّهُ أَمِينٌ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَضَانَتِهِ بِأَنْ كَانَ فِي حَضَانَةِ غَيْرُهُ وَتَنَازَعَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ الْقَوْلُ لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذًا لَمْ يُشَبِّهْ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ (لَا فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ) لِلْمُوصِي فَقَالَ الْوَصِيُّ مَاتَ مُنْذُ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَقَالَ الصَّغِيرُ بَلْ سَنَةٍ فَالْقَوْلُ لِلصَّغِيرِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ (و) لَا فِي (دَفْعِ مَالِهِ) إلَيْهِ (بِعَدَدِ بُلُوغِهِ) رَشِيدًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦] . إذْ الْمُرَادُ لِئَلَّا تَغْرَمُوا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَقُولُ مَعْنَاهُ لِئَلَّا تَحْلِفُوا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ مَا لَمْ يَطُلْ كَثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ وَقِيلَ عِشْرُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[دَرْسٌ] (بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ) وَيُسَمَّى عِلْمَ الْفَرَائِضِ وَعِلْمَ الْمَوَارِيثِ وَهُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ مَنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ وَمِقْدَارُ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ، وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ وَغَايَتُهُ إيصَالُ كُلِّ ذِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالْعَزْلِ الرَّدُّ أَيْ وَلَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْبَلْ بَلْ وَإِنْ قَبِلَ.

(قَوْلُهُ لَا بَعْدَهُمَا) هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَأَطَالَ ح الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَطْرَأَ لَهُ عَجْزٌ اهـ خش (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ) أَيْ فَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ مُقَدَّمًا مِنْ طَرَفِهِ وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ إذَا تَنَازَعَ فِيهَا مَعَ الْمَحْجُورِ) الْأَوْلَى فِيهِ أَيْ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّثَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ أَوْ فِيهِمَا) أَيْ فَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ كَوْنُ الْمَحْجُورِ فِي حَضَانَتِهِ وَأَنْ يُشَبِّهَ فِيمَا يَدَّعِيهِ وَيَحْلِفُ (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاضِنُ مَلِيئًا أَوْ مُعْدَمًا كَمَا فِي ابْنِ عُمَرَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَظَاهِرُ مَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَبُولُ قَوْلِ الْوَصِيِّ فِي أَصْلِ النَّفَقَةِ وَفِي قَدْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ فِي حَضَانَتِهِ أَوْ لَا وَلِلْجُزُولِيِّ تَفْصِيلٌ آخَرُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ إذَا كَانَتْ الْحَاضِنَةُ فَقِيرَةً وَسَكَتَ لِآخِرِ الْمُدَّةِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْوَلَدَ يَظْهَرُ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ وَالْخَيْرُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَرِينَةٌ مُصَدِّقَةٌ لَهُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْحَاضِنَةُ غَنِيَّةً فَلَا يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ اسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ.

(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُشَبِّهْ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي حَضَانَتِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلصَّغِيرِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ يُرْجَعُ لِقِلَّةِ النَّفَقَةِ وَكَثْرَتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ الَّتِي أَوْجَبَتْ صِدْقَهُ لَمْ تَتَنَاوَلْ الزَّمَانَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ) أَيْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِ دَفَعَ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ لَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَوْ وَافَقَهُ الْوَلَدُ وَيَضْمَنُهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ لِتَفْرِيطِهِ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ وَهْبٍ الْقَائِلِينَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) أَنَّ عَدَمَ تَصْدِيقِ الْوَصِيِّ فِي الدَّفْعِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حِيَازَةَ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ تَطَاوَلَ الزَّمَانُ وَكَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَاضِرًا سَاكِتًا عَنْ الطَّلَبِ بِلَا مَانِعٍ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ مَا لَمْ يَطُلْ كَثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ عِشْرُونَ هَذَا قَوْل ابْنِ الْمَوَّازِ.

١ -

(خَاتِمَةٌ) لِلْوَصِيِّ أَنْ يُرْشِدَ مَحْجُورَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى رُشْدِهِ لَكِنْ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِاتِّصَالِ سَفَهِهِ رُدَّ فِعْلُهُ إلَى الْحَجْرِ لَكِنْ إلَى وَصِيٍّ آخَرَ وَيُعْزَلُ الْأَوَّلُ لَكِنْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ اجْتِهَادًا قَالَهُ فِي الْمِعْيَارِ وَفِي الْبَدْرِ آخِرَ بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا كَانَ بِغَيْرِ بَلَدِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ الْوَصِيَّ أَوْ الْقَاضِيَ يُرْسِلُ مَنْ يُعْلِمُهُ بِالْمَالِ وَلَا يُرْسِلُهُ إلَيْهِ فَإِنْ جَهِلَ الْقَاضِي وَأَرْسَلَهُ إلَيْهِ قَبْلَ اسْتِئْذَانِهِ فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ غَيْرُ الْقَاضِي إذَا أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَتَلَفٍ.

[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]

ِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عِلْمٌ) أَيْ قَوَاعِدُ يُعْرَفُ بِهَا وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْعِلْمِ الْمَلَكَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ مُزَاوَلَةِ الْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ: وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ) أَيْ لِأَنَّهَا الَّتِي يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ أَيْ الَّتِي تَلْحَقُهَا لِذَاتِهَا لَا بِوَاسِطَةِ أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا كَكَوْنِ نِصْفِهَا لِلزَّوْجِ عِنْدَ عَدَمِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَكَوْنِ ثَمَنِهَا لِلزَّوْجَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ، وَهَكَذَا وَالْمُرَادُ بِالْبَحْثِ عَنْ عَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ حَمْلُ تِلْكَ الْعَوَارِضِ عَلَيْهَا فَتَحْصُلُ مَسَائِلُ الْعِلْمِ بِحَيْثُ يُقَالُ التَّرِكَةُ رُبْعُهَا لِلزَّوْجِ عِنْدَ وُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَهَكَذَا وَوَصْفُ الْعَوَارِضِ بِالذَّاتِيَّةِ لِلتَّخْصِيصِ مَثَلًا كَوْنُ رُبْعِ التَّرِكَةِ لِلزَّوْجِ أَمْرٌ عَارِضٌ ذَاتِيٌّ لَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَحِقَ التَّرِكَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا تَرِكَةً لَا بِوَاسِطَةِ شَيْءٍ بِخِلَافِ مَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ حَرْقٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ عَارِضٌ غَرِيبٌ عَنْهَا بِوَاسِطَةِ النَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>