للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دَفْعُهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ

[دَرْسٌ] (بَابُ ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَ الصِّيَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) ، وَهُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ عَنْ الشَّيْءِ وَشَرْعًا إمْسَاكٌ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ بِنِيَّةٍ فَلَهُ رُكْنَانِ وَافْتَتَحَهُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ رَمَضَانُ بِقَوْلِهِ (يَثْبُتُ رَمَضَانُ) أَيْ يَتَحَقَّق فِي الْخَارِجِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الثُّبُوتِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا (بِكَمَالِ شَعْبَانَ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَذَا مَا قَبْلَهُ إنْ غُمَّ وَلَوْ شُهُورًا لَا بِحِسَابِ نَجْمٍ وَسَيْرِ قَمَرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَنَاطَ الْحُكْمَ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِكْمَالِ الثَّلَاثِينَ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الشَّهْرُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ» ، وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا قَالَ مَالِكٌ إذَا تَوَالَى الْغَيْمُ شُهُورًا يُكْمِلُونَ عِدَّةَ الْجَمِيعِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ وَيَقْضُونَ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ انْتَهَى (أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ) الْهِلَالَ الْمُرَادُ بِهِمَا مَا قَابَلَ الْمُسْتَفِيضَةَ فَيَصْدُقُ بِالْأَكْثَرِ فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ سَمِعَهُمَا يُخْبِرَانِ غَيْرَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لَا بِعَدْلٍ وَلَا بِهِ وَبِامْرَأَةٍ وَلَا بِهِ وَبِامْرَأَتَيْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَا مِنْهَا لِئَلَّا يَنْقُصَ الصَّاعُ هَذَا إنْ أَخْرَجَهَا الْمُزَكِّي فَإِنْ دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ فَفِي نَقْلِهِ لَهَا لِأَقْرَبِ الْبِلَادِ لِبَلَدِهَا حِينَ فَقْدِهِمْ مِنْهَا بِأُجْرَةٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْفَيْءِ قَوْلَانِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ دَفْعُهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ) إنَّمَا جَزَمَ هُنَا بِجَوَازِ دَفْعِهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ دُونَ زَكَاةِ الْمَالِ فَإِنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ بِالْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ لِلْفَرْقِ بِقِلَّةِ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ لِزَكَاةِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فَقِيرَةً؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَلْزَمُهُ وَمَنْ أَيْسَرَ بَعْدَ أَعْوَامٍ لَمْ يَقْضِيهَا اهـ عبق

[بَابُ الصِّيَامِ]

(بَابٌ فِي الصِّيَامِ) (قَوْلُهُ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ) يَبْطُلُ طَرْدُ هَذَا التَّعْرِيفِ بِمَا إذَا جُومِعَتْ نَائِمَةً أَوْ قَائِمَةً عَمْدًا فَالتَّعْرِيفُ يَقْتَضِي صِحَّةَ صَوْمِهِ لِإِمْسَاكِ كُلٍّ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَهُ رُكْنَانِ) أَيْ الْإِمْسَاكُ وَالنِّيَّةُ وَإِنَّمَا كَانَا رُكْنَيْنِ لِدُخُولِهِمَا فِي مَاهِيَّتِه وَمَفْهُومِهِ، وَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهِ فَالْإِطَاقَةُ وَالْبُلُوغُ وَشُرُوطُ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ وَالزَّمَانُ الْقَابِلُ لِلصَّوْمِ، وَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهِ وَصِحَّتِهِ فَالْعَقْلُ وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَمَجِيءُ شَهْرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ أَيْ يَتَحَقَّقُ فِي الْخَارِجِ) سَوَاءٌ حَكَمَ بِثُبُوتِهِ حَاكِمٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَكَذَا مَا قَبْلَهُ) أَيْ وَكَذَا بِكَمَالِ مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ رَجَبٌ ثَلَاثِينَ وَكَذَا مَا قَبْلَ رَجَبٍ وَقَوْلُهُ إنْ غُمَّ شَرْطٌ فِي كَمَالِ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ أَيْ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مُغَيِّمَةً فِي آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً فَلَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى إكْمَالِ ثَلَاثِينَ بَلْ تَارَةً يَثْبُتُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ وَتَارَةً يَثْبُتُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ فَيَكُونُ شَعْبَانُ أَوْ غَيْرُهُ حِينَئِذٍ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا كَمَا سَيَأْتِي بِقَوْلٍ أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ لِلْهِلَالِ.

(قَوْلُهُ لَا بِحِسَابِ نَجْمٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِكَمَالِ شَعْبَانَ وَقَوْلُهُ وَسَيْرِ قَمَرٍ تَفْسِيرٌ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَثْبُتُ بِحِسَابِ سَيْرِ الْقَمَرِ، وَإِذَا ثَبَتَ بِالْحِسَابِ أَنَّ قَوْسَ الْقَمَرِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مُرْتَفِعٌ بِحَيْثُ إنَّهُ يُرَى ثَبَتَ الشَّهْرُ وَإِلَّا فَلَا وَالثُّبُوتُ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْحَاسِبِ لِسَيْرِ الْقَمَرِ وَلِمَنْ يُصَدِّقُهُ فِي حِسَابِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ الضَّعِيفُ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ أَنَاطَ الْحُكْمَ) أَيْ الَّذِي هُوَ ثُبُوتُ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ) قِيلَ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ فِيهِ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا ثَلَاثِينَ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَدْ صَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعَةَ أَعْوَامٍ مِنْهَا عَامَانِ ثَلَاثُونَ وَسَبْعَةُ أَعْوَامٍ كُلُّ عَامٍ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَهَكَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ «فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ» أَيْ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ قَوْلُهُ «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ» بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ غَيْمٌ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ قَوْلُهُ «فَاقْدُرُوا لَهُ» بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ أَيْ فَأَتِمُّوهُ ثَلَاثِينَ وَهَذَا مَحَطُّ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ وَعُلِمَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِقْدَارِهِ إتْمَامُهُ ثَلَاثِينَ وَأَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ زَائِدَةٌ مِثْلُ {رَدِفَ لَكُمْ} [النمل: ٧٢] وَإِتْيَانُ التَّقْدِيرِ بِمَعْنَى التَّمَامِ وَاقِعٌ بِكَثْرَةٍ قَالَ تَعَالَى {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: ٣] أَيْ تَمَامًا قَوْلُهُ «فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ» أَيْ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً (قَوْلُهُ وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا) أَيْ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْإِقْدَارَ يَأْتِي بِمَعْنَى الْإِتْمَامِ وَالْإِكْمَالِ (قَوْلُهُ وَيَقْضُونَ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ خِلَافُ مَا هُمْ عَلَيْهِ) أَيْ كَمَا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ شَعْبَانَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَنَّ رَمَضَانَ كَامِلٌ فَإِنَّهُمْ يَقْضُونَ يَوْمًا وَإِذَا تَبَيَّنَ نَقْصُ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَكَمَالُ رَمَضَانَ قَضَوْا يَوْمَيْنِ قَالَ عج يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِكَمَالِ شَعْبَانَ بِمَا إذَا لَمْ تَتَوَالَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ شَعْبَانَ عَلَى الْكَمَالِ وَإِلَّا جُعِلَ شَعْبَانُ نَاقِصًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَالَى خَمْسَةُ أَشْهُرٍ عَلَى الْكَمَالِ كَمَا لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةٌ عَلَى النَّقْصِ عِنْدَ مُعْظَمِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ اهـ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا غُمَّ لَيْلَةُ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَثْبُتْ رَمَضَانُ إلَّا بِكَمَالِ شَعْبَانَ، وَإِنْ تَوَالَى قَبْلَهُ أَرْبَعَةٌ كَوَامِلُ أَوْ ثَلَاثَةٌ نَوَاقِصُ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ اهـ عَدَوِيٌّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لَيْلَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَقَدْ كَانَ هِلَالُهُ ثَبَتَ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ مِنْ رَجَبٍ فَإِنَّ رَمَضَانَ حِينَئِذٍ لَا يَثْبُتُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ لِتَكْذِيبِ الشَّاهِدَيْنِ أَوَّلًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>