للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَآخَرُ بِخَمْسَةٍ (وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ) بِيَمِينِهِ أَشْبَهَ أَمْ لَا حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِلْفَادِي (فِي) إنْكَارِ (الْفِدَاءِ) مِنْ أَصْلِهِ كَأَنْ يَقُولَ بِلَا شَيْءٍ، وَيَقُولَ الْفَادِي بِشَيْءٍ (أَوْ) إنْكَارُ (بَعْضِهِ) كَأَنْ يَقُولَ بِعَشَرَةٍ، وَيَقُولَ الْفَادِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ) الْأَسِيرُ (بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ الْفَادِي وَالصَّوَابُ عَكْسُ الْمُبَالَغَةِ أَيْ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ مَحَلُّ كَوْنِ الْقَوْلِ لِلْأَسِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْفَادِي فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ فَالْقَوْلُ لِلْفَادِي.

(وَجَازَ) فِدَاءُ أَسِيرِ الْمُسْلِمِينَ (بِالْأَسْرَى) الْكُفَّارِ فِي أَيْدِينَا (الْمُقَاتِلَةِ) أَيْ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ الْقِتَالُ إذَا لَمْ يَرْضَوْا إلَّا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ لَنَا مُتَرَقَّبٌ، وَخَلَاصُ الْأَسِيرِ مُحَقَّقٌ، وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْهُمْ وَإِلَّا حُرِّمَ.

(وَ) جَازَ الْفِدَاءُ بِ (الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ) (عَلَى الْأَحْسَنِ) وَصِفَةُ مَا يَفْعَلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ أَهْلَ الذِّمَّةِ بِدَفْعِ ذَلِكَ لِلْعَدُوِّ وَيُحَاسِبَهُمْ بِقِيمَةِ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِمْ مِنْ الْجِزْيَةِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ جَازَ شِرَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ (وَلَا يَرْجِعُ) الْفَادِي الْمُسْلِمُ (بِهِ) أَيْ بِعِوَضِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ (عَلَى مُسْلِمٍ) ، وَلَا ذِمِّيٍّ أَيْضًا لِوُجُوبِ إرَاقَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ وَكَذَا إنْ اشْتَرَاهُ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ.

(وَفِي الْخَيْلِ) أَيْ، وَفِي جَوَازِ فِدَاءِ الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ بِالْخَيْلِ (وَآلَةِ الْحَرْبِ) (قَوْلَانِ) إذَا لَمْ يَخْشَ بِهِمَا الظُّفْرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا.

دَرْسٌ (بَابٌ) فِي ذِكْرِ مَا يُتَدَرَّبُ بِهِ عَلَى الْجِهَادِ (: الْمُسَابَقَةُ) مُشْتَقَّةٌ مِنْ السَّبْقِ بِسُكُونِ الْبَاءِ مَصْدَرُ سَبَقَ إذَا تَقَدَّمَ وَبِفَتْحِهَا الْمَالُ الَّذِي يُوضَعُ بَيْنَ أَهْلِ السِّبَاقِ (بِجُعْلٍ) جَائِزَةٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ فَيُقْسَمُ الْفِدَاءُ عَلَى الْعَدَدِ مِنْ غَيْرِ تَفَاضُلٍ بَيْنَهُمْ إنْ جَهِلَ الْكُفَّارُ قَدْرَ الْأُسَارَى. (قَوْلُهُ: وَآخَرُ بِخَمْسَةٍ) أَيْ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ فَإِذَا فَدَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ بِمِائَةٍ فَإِنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ كُلَّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ عَادَتِهِ فَعَلَى مَنْ عَادَتُهُ عَشْرَةٌ سُبْعَا الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ سُبْعَيْ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ عَشَرَةٌ، وَعَلَى مَنْ عَادَتُهُ عِشْرُونَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهَا؛ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَعَلَى مَنْ عَادَتُهُ خَمْسَةٌ سُبْعُ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ سُبْعُ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ بِيَمِينِهِ أَشْبَهُ أَمْ لَا فِي إنْكَارِ الْفِدَاءِ أَوْ بَعْضِهِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى قَوَاعِدِهِمْ وَالْجَارِي عَلَيْهَا أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مَبْلَغِ الْفِدَاءِ صُدِّقَ الْأَسِيرُ إنْ أَشْبَهَ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْفَادِي إنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ، وَإِلَّا حَلَفَا وَلِرَبِّهِ فِدَاءُ الْمِثْلِ، وَكَذَا إنْ نَكَلَا، وَقَضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ: أَيْ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُهُ: لِلْفَادِي أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ الْفِدَاءُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ) أَيْ عِنْدَ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُمْنَعُ الْفِدَاءُ بِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ امْتَنَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ إلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، وَقَوْلُهُ: جَازَ شِرَاؤُهُ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَدْفَعَهُ لَهُمْ فِدَاءً لِلْأَسْرَى ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْفِدَاءِ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ إذَا لَمْ يَرْضَوْا إلَّا بِذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا رَضُوا بِغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ الْفِدَاءُ بِهِ كَذَا ذَكَرَ بْن خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ الْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَيُفْهَمُ مِنْ جَوَازِ الْفِدَاءِ بِمَا ذَكَرَ جَوَازُهُ بِالطَّعَامِ بِالطَّرِيقَةِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ الْفَادِي الْمُسْلِمُ) أَيْ، وَأَمَّا الْفَادِي الذِّمِّيُّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَسِيرِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَمَا مَعَهُ إنْ كَانَ أَخْرَجَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَبِثَمَنِهِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ) قَالَ بْن هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَمُقَابِلُهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِهِ أَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ. وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَادِيَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ يَشْتَرِيهِ، وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ إمَّا أَنْ يَفْدِيَ بِهِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَحْكَامَهَا.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْخَيْلِ) أَيْ: وَفِي جَوَازِ فِدَاءِ الْأَسِيرِ بِالْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ أَيْ، وَعَدَمِ جَوَازِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَالْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ لِأَشْهَبَ فَإِنْ قُلْت حَيْثُ جَازَ الْفِدَاءُ بِالْأَسْرَى الْمُقَاتِلَةِ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ الْجَزْمَ بِجَوَازِ الْفِدَاءِ بِالْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ أَوْ يَذْكُرُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْفِدَاءِ بِالْأَسْرَى الْمُقَاتِلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ مِمَّا ذَكَرَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ جَوَازَ الْفِدَاءِ بِالْمُقَاتِلَةِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْكُفَّارُ إلَّا بِذَلِكَ وَلَمْ يُخْشَ مِنْهُمْ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَأَمَّا الْخَيْلُ وَآلَةُ الْحَرْبِ فَالْخِلَافُ فِيهِمَا عِنْدَ إمْكَانِ الْفِدَاءِ بِغَيْرِهِمَا وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُخْشَ إلَخْ) تَبِعَ فِي هَذَا التَّقْيِيدَ عج، قَالَ طفى: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ هَذَا التَّقْيِيدَ لِابْنِ حَبِيبٍ وَقَدْ جَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلًا ثَالِثًا وَنَصُّهُ فَظَاهِرُ قَوْلِ أَشْهَبَ إجَازَةُ ذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ سَحْنُونٍ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ الْخَيْلُ وَالسِّلَاحُ أَمْرًا كَثِيرًا يَكُونُ لَهُمْ بِهِ الْقُدْرَةُ الظَّاهِرَةُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُفَادَاةَ بِالْخَمْرِ أَخَفُّ مِنْهَا بِالْخَيْلِ وَهُوَ كَمَا قَالَ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُفَادَاةِ بِالْخَمْرِ بِخِلَافِ الْخَيْلِ، وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافًا لَا تَقْيِيدًا قَالَ طفى، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ تَقْيِيدًا، وَقَدْ تَرَدَّدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَجْزِمْ بِشَيْءٍ اهـ بْن.

[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ]

(بَابُ الْمُسَابَقَةِ) (قَوْلُهُ: وَبِفَتْحِهَا) أَيْ وَالسَّبَقُ بِفَتْحِهَا (قَوْلُهُ: الْمَالُ الَّذِي يُوضَعُ) أَيْ يُجْعَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: جَائِزَةٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>