للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَإِذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ حَرُمَ إجْمَاعًا.

(وَ) حَرُمَ (الْكَافِرَةُ) أَيْ وَطْؤُهَا بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ (إلَّا الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ) فَيَجُوزُ نِكَاحُهَا لِلْمُسْلِمِ (بِكُرْهٍ) عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ (وَتَأَكَّدَ) الْكُرْهُ (بِدَارِ الْحَرْبِ) لِتَرْكِهِ وَلَدِهِ بِهَا وَخَشْيَةِ تَرْبِيَتِهَا لَهُ عَلَى دِينِهَا وَلَا تُبَالِي بِاطِّلَاعِ أَبِيهِ عَلَى ذَلِكَ (وَلَوْ) كَانَتْ الْحُرَّةُ الْكِتَابِيَّةُ (يَهُودِيَّةً تَنَصَّرَتْ وَبِالْعَكْسِ) فَيَجُوزُ بِكُرْهٍ بِخِلَافِ لَوْ انْتَقَلَتْ لِلْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الدَّهْرِيَّةِ فَلَا يَجُوزُ (وَ) إلَّا (أَمَتَهُمْ) أَيْ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا لِمَالِكِهَا الْمُسْلِمِ (بِالْمِلْكِ) بِخِلَافِ نِكَاحِهَا فَلَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ، وَلَوْ عَبْدًا خَشِيَ الْعَنَتَ أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِمُسْلِمٍ (وَقُرِّرَ) الزَّوْجُ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ (إنْ أَسْلَمَ) تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَهَلْ مَعَ كَرَاهَةٍ أَوْ بِدُونِهَا تَرَدُّدٌ (وَأَنْكِحَتُهُمْ) أَيْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى (فَاسِدَةٌ) ، وَلَوْ اسْتَوْفَتْ شُرُوطَ الصِّحَّةِ فِي الصُّورَةِ (وَ) قُرِّرَ الزَّوْجُ إنْ أَسْلَمَ (عَلَى الْأَمَةِ) الْكِتَابِيَّةِ (وَ) عَلَى (الْمَجُوسِيَّةِ) مُطْلَقًا (إنْ عَتَقَتْ) رَاجِعٌ لِلْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ (وَأَسْلَمَتْ) رَاجِعٌ لَهُمَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ عَلَى السَّيِّدِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ الْكَافِرَةُ) أَشَارَ بِتَقْدِيرِ حَرُمَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَالْكَافِرَةُ عَطْفٌ عَلَى أُصُولِهِ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ.

(قَوْلُهُ الْكِتَابِيَّةَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً وَقَوْلُهُ: فَيَجُوزُ نِكَاحُهَا لِلْمُسْلِمِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ) أَيْ قَوْلُهُ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥] وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ) إنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَتُغَذِّي وَلَدَهُ بِهِمَا وَهُوَ يُقَبِّلُهَا وَيُضَاجِعُهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ التَّغَذِّي، وَلَوْ تَضَرَّرَ بِرَائِحَتِهِ وَلَا مِنْ الذَّهَابِ لِلْكَنِيسَةِ، وَقَدْ تَمُوتُ وَهِيَ حَامِلٌ فَتُدْفَنُ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَهِيَ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ.

(قَوْلُهُ: وَتَأَكَّدَ بِدَارِ الْحَرْبِ) أَيْ أَنَّ تَزَوُّجَ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ بِدَارِ الْحَرْبِ أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ تَزَوُّجِهَا بِدَارِ السَّلَامِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ يَهُودِيَّةً تَنَصَّرَتْ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ بِكُرْهٍ أَيْ هَذَا إذَا اسْتَمَرَّتْ الْكِتَابِيَّةُ عَلَى دِينِهَا بَلْ وَلَوْ انْتَقَلَتْ الْيَهُودِيَّةُ لِلنَّصْرَانِيَّةِ وَبِالْعَكْسِ، وَأَمَّا لَوْ انْتَقَلَتْ الْيَهُودِيَّةُ أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ لِلْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الدَّهْرِيَّةِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ حُكْمُ انْتِقَالِهَا مِنْ مَجُوسِيَّةٍ لِيَهُودِيَّةٍ أَوْ لِنَصْرَانِيَّةٍ هَلْ تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ أَوْ لَا وَاسْتَظْهَرَ الْبِسَاطِيُّ وَح حِلَّ نِكَاحِهَا بَعْدَ الِانْتِقَالِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَتَهُمْ) الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى مِنْ أَيْ وَإِلَّا الْأَمَةَ مِنْهُمْ أَيْ مِنْ الْكِتَابِيِّينَ لَا يُقَالُ شَرْطُهَا صِحَّةُ الْإِخْبَارِ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ عَنْ الْمُضَافِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ هُنَا، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْأَمَةُ الْكِتَابِيُّونَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَكْفِي صِحَّةُ حَمْلِ مُفْرَدِ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى الْمُضَافِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى لَامِ الِاخْتِصَاصِ أَيْ وَإِلَّا الْأَمَةَ الْمُخْتَصَّةَ بِالْكِتَابِيِّينَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا عَلَى دِينِهِمْ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الْكِتَابِيَّاتِ مِنْ الْكُفَّارِ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهُنَّ لَا بِمِلْكٍ وَلَا بِنِكَاحٍ وَالْكِتَابِيَّاتُ يَجُوزُ وَطْءُ حَرَائِرِهِنَّ بِالنِّكَاحِ وَإِمَائِهِنَّ بِالْمِلْكِ فَقَطْ لَا بِالنِّكَاحِ، وَلَوْ كَانَ سَيِّدُهَا مُسْلِمًا فَكُلُّ مَنْ جَازَ وَطْءُ حَرَائِرِهِمْ بِالنِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ جَازَ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ فَقَطْ وَكُلُّ مَنْ مُنِعَ وَطْءُ حَرَائِرِهِمْ بِالنِّكَاحِ مُنِعَ وَطْءُ إمَائِهِمْ، وَلَوْ بِالْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ سَوَاءٌ أَسْلَمَتْ أَمْ لَا قَرُبَ إسْلَامُهَا مِنْ إسْلَامِهِ أَمْ لَا وَضَمِيرُ عَلَيْهَا لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ زَوْجَةٌ مَجُوسِيَّةٌ فَإِنْ كَانَ بَالِغًا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ تُسْلِمْ بِالْقُرْبِ وَإِلَّا وُقِفَ حَتَّى يَبْلُغَ فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) هَذَا التَّرَدُّدُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ فَيُكْرَهُ أَوْ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ فَلَا يُكْرَهُ وَالْمَذْهَبُ الْكَرَاهَةُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَوْفَتْ شُرُوطَ الصِّحَّةِ فِي الصُّورَةِ) أَيْ لِانْتِفَاءِ كَوْنِ الزَّوْجِ مُسْلِمًا وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ رَاشِدٍ فِيمَا فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ الْمَشْهُورُ أَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ فَتُّوحٍ وَالْقَرَافِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى التَّفْصِيلِ فَإِنْ اسْتَوْفَتْ شُرُوطَ الصِّحَّةِ كَانَتْ صَحِيحَةً وَإِلَّا كَانَتْ فَاسِدَةً وَعِنْدَ الْجَهْلِ يُحْمَلُ عَلَى الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الظَّاهِرُ وَكَوْنُ إسْلَامِ الزَّوْجِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُسْلِمَةً فَإِنْ قُلْت مَا فَائِدَةُ كَوْنِ أَنْكِحَتِهِمْ فَاسِدَةً مُطْلَقًا أَوْ مَا لَمْ تُسْتَوْفَ الشُّرُوطُ مَعَ أَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ وَيُقَرُّ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَتْ وَأَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا أَوْ أَسْلَمَا مَعًا؟ قُلْت: فَائِدَةُ ذَلِكَ الْخِلَافِ أَنَّهُ إنْ قُلْنَا بِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ مُطْلَقًا لَا يَجُوزُ لَنَا تَوْلِيَتُهَا، وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّفْصِيلِ فَيَجُوزُ لَنَا تَوْلِيَتُهَا إنْ كَانَتْ مُسْتَوْفِيَةً لِشُرُوطِ الصِّحَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ) أَيْ الْمُتَزَوَّجِ بِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَجُوسِيَّةِ) أَيْ الْمُتَزَوَّجِ بِهَا وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً.

(قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْأَمَةِ) أَيْ إنْ عَتَقَتْ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ وَحِينَئِذٍ فَتَصِيرُ حُرَّةً كِتَابِيَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ عَلَى عِتْقِهَا أَوْ إسْلَامِهَا فَإِنْ عَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ صَارَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً تَحْتَ مُسْلِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>