للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَا زَائِرَيْنِ صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي نَفْيِهِ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) الزَّوْجُ (فَقَطْ أُخِذَ) بِإِقْرَارِهِ فِي الْخَلْوَتَيْنِ اهْتِدَاءً وَزِيَارَةً أَوْ لَمْ تُعْلَمْ بَيْنَهُمَا خَلْوَةٌ (إنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (سَفِيهَةً) حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ صَغِيرَةً مُطِيقَةً (وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ) بِأَنَّهُ وَطِئَ تَكُونُ (الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ) أَيْ كَالسَّفِيهَةِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَذَّبَتْهُ أَوْ سَكَتَتْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَطِئَهَا نَائِمَةً أَوْ غَيَّبَ عَقْلَهَا بِمُغَيِّبٍ فَإِنْ لَمْ يُدِمْهُ بِأَنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ أُخِذَ بِهِ أَيْضًا إنْ سَكَتَتْ لَا إنْ كَذَّبَتْهُ فَيُعْمَلُ بِرُجُوعِهِ وَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ فَقَطْ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (أَوْ) إنَّمَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ (إنْ كَذَّبَتْ) الرَّشِيدَةُ (نَفْسَهَا) وَرَجَعَتْ لِمُوَافَقَتِهِ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ (تَأْوِيلَانِ) أَمَّا إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا النِّصْفُ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِ الصَّدَاقِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلٍ فِيهِ بِفَقْدِ شَرْطٍ وَبَدَأَ مِنْ ذَلِكَ بِالْفَاسِدِ لِأَقَلِّهِ فَقَالَ (وَفَسَدَ) النِّكَاحُ (إنْ نَقَصَ) صَدَاقُهُ (عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ شَرْعِيٍّ) (أَوْ) عَنْ (ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ) فِضَّةً (خَالِصَةً) مِنْ الْغِشِّ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ خُلُوصُ رُبْعِ الدِّينَارِ (أَوْ) نَقَصَ عَنْ (مُقَوَّمٍ) يَوْمَ الْعَقْدِ (بِهِمَا) أَيْ بِرُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَأَيُّهُمَا سَاوَاهُ صَحَّ بِهِ، وَلَوْ نَقَصَ عَنْ الْآخَرِ وَلَمَّا كَانَ كَانَ الْفَسَادُ يُوهِمُ وُجُوبَ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَوْ أَتَمَّهُ وَصَدَاقُ الْمِثْلِ بَعْدَهُ كَمَا فِي كُلِّ فَاسِدٍ لِصَدَاقِهِ أَوْ أَغْلَبِهِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ أَنَّ فِيهِ نِصْفَ الْمُسَمَّى أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ تَسَمُّحًا بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ) (كَانَا زَائِرَيْنِ) أَيْ لِغَيْرِهِمَا وَاجْتَمَعَا فِي بَيْتِ ذَلِكَ الْغَيْرِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا زَائِرَيْنِ صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي نَفْيِهِ) أَيْ فَإِنْ ادَّعَى الْوَطْءَ وَكَذَّبَتْهُ فَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ إلَخْ بَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَيَا فِي بَيْتٍ أَوْ فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَيْسَ بِهِ أَحَدٌ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا زَائِرًا فَتُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي دَعْوَاهَا الْوَطْءَ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَنْشَطُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ) أَيْ ثُمَّ طَلَّقَهَا أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ سَفِيهَةً) أَيْ سَوَاءٌ أَدَامَ الْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا أَمْ لَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ مَحْجُورَةً لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ وَالصَّغِيرَةَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَرَادَ بِالسَّفِيهَةِ مُطْلَقَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ هَذَا وَذُكِرَ ح أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَرَى فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ مُؤَاخَذَتِهِ بِإِقْرَارِهِ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ سَفِيهَةً عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْأَمَةِ وَالسَّفِيهَةِ إنَّ الْمَشْهُورَ قَبُولُ قَوْلِهَا اهـ قَالَ بْن قُلْت نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ فِي أَوَّلِ إرْخَاءِ السُّتُورِ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ عَزَا قَبُولَ قَوْلِهَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَصْبَغَ وَعَدَمَهُ لِمُطَرِّفٍ وَقَالَ فِيهِ مَا نَصُّهُ وَهُوَ أَحْسَنُ إذَا كَانَتْ خَلْوَةَ بِنَاءٍ اهـ فَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ يُوَافِقُ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ أَدَامَ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ إذَا اسْتَمَرَّ الزَّوْجُ عَلَى إقْرَارِهِ سَوَاءٌ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا أَمْ لَا أَوْ يُشْتَرَطُ تَكْذِيبُ نَفْسِهَا وَرُجُوعِهَا لِمُوَافَقَتِهِ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى طَرَفَيْنِ وَوَاسِطَةٍ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَكَذَّبَتْهُ أَيْ وَكَانَتْ تُكَذِّبُهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَّبَتْهُ أَيْ اسْتَمَرَّتْ عَلَى تَكْذِيبِهِ فَهُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ، وَإِنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَرَجَعَتْ لِدَعْوَاهُ وَهُوَ مُدِيمٌ لِإِقْرَارِهِ فَيُؤَاخَذُ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَأَكْذَبَتْهُ فَلَهَا أَخْذُهُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ بِإِقْرَارِهِ اهـ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا رَجَعَتْ إلَى قَوْلِ الزَّوْجِ أَوْ أَقَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهَا أَخْذُ جَمِيعِ الصَّدَاقِ حَتَّى تُصَدِّقَهُ فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدَّمَاتِ عَلَى الْوِفَاقِ وَغَيْرُهُمَا عَلَى الْخِلَافِ اُنْظُرْ بْن إذَا عَلِمَتْ هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ وَطِئَ تَكُونُ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ سَحْنُونٍ خِلَافًا وَقَوْلُهُ: أَوْ إنْ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا أَيْ عَلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا وِفَاقًا فَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ أَيْ بِالْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ.

(قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ إذَا طَلَّقَهَا.

(قَوْلُهُ: كَذَّبَتْهُ أَوْ سَكَتَتْ) فِيهِ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ إمَّا مُكَذِّبَةٌ لَهُ أَوْ سَاكِتَةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَرَجَعَتْ لِمُوَافَقَتِهِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ) أَيْ بِحَيْثُ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ وَهَلْ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَجَعَ عَنْهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا سَكَتَتْ.

[الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق]

(قَوْلُهُ: عَلَى شُرُوطِ الصَّدَاقِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ كَوْنُهُ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ.

(قَوْلُهُ: بِالْفَاسِدِ لِأَقَلِّهِ) أَيْ لِنَقْصِهِ عَنْ أَقَلِّهِ اعْلَمْ أَنَّ أَقَلَّ الصَّدَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ خَالِصَةٌ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مَا يُسَاوِي أَحَدَهُمَا مِنْ الْعُرُوضِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ إجَازَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ وَأَنَّ النِّكَاحَ يَجُوزُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، ثُمَّ إنَّ مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِالْأَضْدَادِ عَنْ الشُّرُوطِ فَكَأَنَّهُ قَالَ شَرْطُ الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَإِنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ فَسَدَ لَكِنْ فَسَادُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ يُتِمَّهُ.

(قَوْلُهُ: خَالِصَةً مِنْ الْغِشِّ) أَيْ فَلَا تُجْزِئُ الْمَغْشُوشَةُ، وَلَوْ رَاجَتْ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ عَنْ مُقَوَّمٍ) أَيْ أَوْ نَقَصَ عَنْ عَرْضٍ مُقَوَّمٍ.

(قَوْلُهُ: فَأَيُّهُمَا سَاوَاهُ) أَيْ فَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ سَاوَى الْمُقَوِّمَ صَحَّ.

(قَوْلُهُ: أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ تَسَمُّحًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>