للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ أَنَّ (عَيْبَهُ) كَانَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْخُلْعِ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِ الضَّمَانِ إلَيْهِ فَعَلَيْهَا الْبَيَانُ وَالظَّاهِرُ بِيَمِينٍ (وَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْخُلْعِ (فَلَا عُهْدَةَ) أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا بَلْ مُصِيبَتُهُ مِنْهُ لِأَنَّ الْغَائِبَ فِي بَابِ الْخُلْعِ ضَمَانُهُ مِنْ الزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى آبِقٍ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا مَاتَ أَوْ تَعَيَّبَ قَبْلَ الْخَلْعِ أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَالِمَةً بِحُصُولِهِ قَبْلَهُ فَيَلْزَمُهَا قِيمَتُهُ عَلَى غَرَرِهِ.

دَرْسٌ (فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ) أَيْ الطَّلَاقُ الَّذِي أَذِنَتْ السُّنَّةُ فِي فِعْلِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِأَنَّ أَبْغَضَ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ وَاحِدَةً وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُقَابِلَ لِلْبِدْعِيِّ وَالْبِدْعِيُّ إمَّا مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ كَمَا يَأْتِي.

وَاعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ حَيْثُ هُوَ جَائِزٌ وَقَدْ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ حُرْمَةٍ وَكَرَاهَةٍ وَوُجُوبٍ وَنَدْبٍ فَالسُّنِّيُّ مَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ الْآتِيَةَ وَلَوْ حَرُمَ وَمَا لَمْ يَسْتَوْفِهَا فَبِدْعِيٌّ وَلَوْ وَجَبَ كَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ بِحَقِّهَا مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ وَطْءٍ وَتَضَرَّرَتْ وَلَمْ تَرْضَ بِالْمُقَامِ مَعَهُ وَأَشَارَ إلَى شُرُوطِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ بِقَوْلِهِ (وَاحِدَةً) كَامِلَةً أَوْقَعَهَا (بِطُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ) أَيْ لَمْ يَطَأْهَا (فِيهِ بِلَا) إرْدَافٍ فِي (عِدَّةٍ) وَبَقِيَ شَرْطٌ وَهُوَ أَنْ يُوقِعَهَا عَلَى جُمْلَةِ الْمَرْأَةِ لَا بَعْضِهَا (وَإِلَّا) يَشْتَمِلْ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْقُيُودِ بِأَنْ فَقَدَ بَعْضَهَا كَأَنْ أَوْقَعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ بَعْضَ طَلْقَةٍ أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ أَوْ أَرْدَفَ أُخْرَى فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ (فَبِدْعِيٌّ) وَكَذَا إنْ أَوْقَعَهَا عَلَى جُزْءِ الْمَرْأَةِ كَيَدِك طَالِقٌ وَالْبِدْعِيُّ إمَّا مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ كَمَا قَالَ (وَكُرِهَ) الْبِدْعِيُّ الْوَاقِعُ (فِي غَيْرِ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ مَسَّ فِيهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِيَمِينٍ وَيَلْزَمُهَا قِيمَتُهُ.

(قَوْلُهُ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ الْغَائِبِ الْمُخَالَعِ بِهِ. (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ بَعْدَ حَلِفِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِأَرْشِ الْعَيْبِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ

[فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ]

(فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ) (قَوْلُهُ الَّذِي أَذِنَتْ السُّنَّةُ فِي فِعْلِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رَاجِحًا أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى لَا رَاجِحَ الْفِعْلِ فَقَطْ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ إضَافَتِهِ لِلسُّنَّةِ، وَقَوْلُنَا سَوَاءٌ كَانَ رَاجِحًا أَيْ لِسَبَبٍ رَجَّحَهُ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ سُنِّيًّا، وَقَوْلُنَا أَوْ مُسَاوِيًا أَيْ لِتَعَارُضِ أَمْرَيْنِ كَمَا يَأْتِي، وَقَوْلُنَا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى أَيْ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَشَدِّ أَفْرَادِهِ وَلَمَّا كَانَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ كَوْنِهِ رَاجِحًا أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ مَرْجُوحًا وَقُيُودُهُ عُلِمَتْ مِنْ السُّنَّةِ أُضِيفَ إلَيْهَا دُونَ الْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ فِيهِ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ كَمَا وَقَعَ فِي السُّنَّةِ قَالَ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة: ٢٣٦] كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا يُرَدُّ هَذَا إذَا كَانَتْ السُّنَّةُ فِي مُقَابَلَةِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا هِيَ فِي مُقَابَلَةِ الْبِدْعَةِ فَهِيَ الطَّرِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ لَوْ اسْتَنَدَتْ لِكِتَابٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَبْغَضَ إلَخْ) هَذَا حَدِيثٌ وَفِيهِ إشْكَالٌ فَإِنَّ الْمُبَاحَ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ وَلَيْسَ مِنْهُ مَبْغُوضٌ وَلَا أَشَدُّ مَبْغُوضِيَّةً وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَقْرَبُ الْحَلَالِ لِلْبُغْضِ الطَّلَاقُ فَالْمُبَاحُ لَا يُبْغَضُ بِالْفِعْلِ لَكِنْ قَدْ يَقْرُبُ لَهُ إذَا خَالَفَ الْأَوْلَى وَالطَّلَاقُ مِنْ أَشَدِّ أَفْرَادِ خِلَافِ الْأَوْلَى وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَلَالِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ فَيَصْدُقُ بِالْمَكْرُوهِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى فَخِلَافُ الْأَوْلَى مَبْغُوضٌ وَالْمَكْرُوهُ أَشَدُّ مَبْغُوضِيَّةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبُغْضِ مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ بَلْ الْمُرَادُ كَوْنُهُ لَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اللَّوْمِ أَمَّا الْخَفِيفُ فِي خِلَافِ الْأَوْلَى أَوْ الشَّدِيدُ فِي الْمَكْرُوهِ وَيَكُونُ سِرُّ التَّعْبِيرِ بالمبغوضية وَإِنْ كَانَ الْمَبْغُوضُ هُوَ الْحَرَامُ قَصْدَ التَّنْفِيرِ، وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمَعْنَى أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ سَبَبُ الطَّلَاقِ لِأَنَّ سَبَبَ الطَّلَاقِ وَهُوَ سُوءُ الْعِشْرَةِ لَيْسَ بِحَلَالٍ بَلْ حَرَامٌ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَوَابَ الثَّانِي إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ كَانَ حُكْمُ الطَّلَاقِ الْأَصْلِيِّ الْكَرَاهَةُ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى الْجَوَابُ الْأَوَّلُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ) أَيْ بِالطَّلَاقِ السُّنِّيَّ (قَوْلُهُ وَالْبِدْعِيُّ إمَّا مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ) أَيْ وَالسُّنِّيُّ إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ جَائِزٌ) أَرَادَ بِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ مِنْ حُرْمَةٍ) أَيْ كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا وَقَعَ فِي الزِّنَا لِتَعَلُّقِهِ بِهَا أَوْ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى زَوَاجِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَكَرَاهَةٍ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ رَغْبَةٌ فِي النِّكَاحِ أَوْ يَرْجُو بِهِ نَسْلًا وَلَمْ يَقْطَعْهُ بَقَاؤُهَا عَنْ عِبَادَةٍ وَاجِبَةٍ وَلَمْ يَخْشَ زِنًا إذَا فَارَقَهَا (قَوْلُهُ وَوُجُوبٍ) أَيْ كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ بَقَاءَهَا يُوقِعُهُ فِي مُحَرَّمٍ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَنَدْبٍ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ بَذِيَّةَ اللِّسَانِ يَخَافُ مِنْهَا الْوُقُوعَ فِي الْحَرَامِ لَوْ اسْتَمَرَّتْ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَرُمَ) أَيْ كَمَنْ يَخْشَى بِطَلَاقِهَا الزِّنَا (قَوْلُهُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) أَيْ عَلَى مَا قَالَ الْمَتْنُ وَإِلَّا فَهِيَ سِتَّةٌ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ بِأَنْ فَقَدَ بَعْضَهَا) أَيْ، وَأَمَّا فَقْدُ كُلِّهَا فَلَا يَتَأَتَّى فِي صُورَةٍ لِأَنَّ الْبِدْعِيَّ يَكُونُ فِي الْحَيْضِ وَفِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ وَمُحَالٌ اجْتِمَاعُ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ فِي آنٍ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ الْبِدْعِيُّ الْوَاقِعُ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ) هَذَا شَامِلٌ لِلْوَاقِعِ عَلَى جُزْءِ الْمَرْأَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ حَرَامٌ كَالْوَاقِعِ فِي الْحَيْضِ بِدَلِيلِ تَأْدِيبِهِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) أَيْ أَوْ طَلَّقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>