للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَبَيْعِهِ) فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الزَّوْجُ لَمْ يَقَعْ، وَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ فَلَوْ أَوْقَعَهُ وَهِيَ حَامِلٌ وَأَجَازَهُ الزَّوْجُ بَعْدَ الْوَضْعِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إنْ أَجَازَ بَعْدَ الْحَيْضِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ مِنْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ هُنَا عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ

(وَلَزِمَ وَلَوْ هَزْلٌ) كَضَرْبٍ أَيْ لَمْ يَقْصِدْ بِلَفْظِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي الصَّرِيحِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ بِأَنْ خَاطَبَهَا بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَزْحِ وَالْمُلَاعَبَةِ وَمِثْلُ الطَّلَاقِ الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ لِمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ (لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) بِأَنْ قَصَدَ التَّكَلُّمَ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَزَلَّ لِسَانُهُ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مُطْلَقًا إنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَبْلُ (فِي الْفَتْوَى) دُونَ الْقَضَاءِ (أَوْ) (لُقِّنَ) الْأَعْجَمِيُّ لَفْظَهُ (بِلَا فَهْمٍ) مِنْهُ لِمَعْنَاهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (أَوْ هَذَى) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ بِوَزْنِ رَمَى مِنْ الْهَذَيَانِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ (لِمَرَضٍ) أَصَابَهُ فَتَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لَمْ أَشْعُرْ بِشَيْءٍ وَقَعَ مِنِّي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِصِحَّةِ عَقْلِهِ لِقَرِينَةٍ أَوْ قَالَ وَقَعَ مِنِّي شَيْءٌ وَلَمْ أَعْقِلْهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ شُعُورَهُ بِوُقُوعِ شَيْءٍ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عَقَلَهُ قَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَسَلَّمُوهُ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَثِيرًا مَا يُتَخَيَّلُ لِلْمَرِيضِ خَيَالَاتٌ فَيَتَكَلَّمُ عَلَى مُقْتَضَاهَا بِكَلَامٍ خَارِجٍ عَنْ قَانُونِ الْعُقَلَاءِ فَإِذَا أَفَاقَ اسْتَشْعَرَ أَصْلَهُ وَأَخْبَرَ عَنْ الْخَيَالَاتِ الْوَهْمِيَّةِ كَالنَّائِمِ.

(أَوْ قَالَ) مُنَادِيًا (لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقُ يَا طَالِقُ) فَلَا تَطْلُقُ فِي الْفُتْيَا وَلَا الْقَضَاءِ (وَقُبِلَ مِنْهُ فِي) نِدَاءِ (طَارِقٍ) بِالرَّاءِ بِيَا طَالِقُ بِاللَّامِ (الْتِفَاتُ لِسَانِهِ) فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ وَكَذَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا فَقَوْلُهُ وَطَلَقَتَا مَعَ الْبَيِّنَةِ يَرْجِعُ لِهَذِهِ أَيْضًا (أَوْ) (قَالَ) لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ (يَا حَفْصَةُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِحَلَالٍ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَلَا طَلَاقٌ وَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَجِنَايَاتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَالْمَجْنُونِ

(قَوْلُهُ بَعْدَ الْحَيْضِ) أَيْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ أَجَازَ فِي حَالِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ) أَيْ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ) أَيْ بِالْحُرْمَةِ وَالْجَوَازِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ أَنَّ النَّاسَ شَأْنُهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا الْأَرْبَاحَ فِي سِلَعِهِمْ بِالْبَيْعِ بِخِلَافِ النِّسَاءِ

(قَوْلُهُ وَلَزِمَ) أَيْ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ بِمَعْنَى حَلِّ الْعِصْمَةِ بِذِكْرِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ هَازِلٍ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ كَانَ هَازِلًا بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِمُقَابِلِهِ بِلَوْ.

{تَنْبِيهٌ} يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ كَذَا ذَكَرَ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ.

(قَوْلُهُ كَضَرْبٍ) الَّذِي فِي الْقَامُوسِ أَنَّ هَزَلَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَفَرِحَ (قَوْلُهُ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ فَلَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهَا حَلَّ الْعِصْمَةِ كَمَا مَرَّ وَكَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِأَنْ خَاطَبَهَا بِهِ) أَيْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ كَأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَائِنٌ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الطَّلَاقِ) أَيْ فِي لُزُومِهِ بِالْهَزْلِ (قَوْلُهُ لِمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ) أَيْ وَهُوَ ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ وَالْعِتْقُ بَدَلَ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ فِي الْفَتْوَى) أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ أَمْ لَا وَمَفْهُومٌ فِي الْفَتْوَى أَنَّ الْقَضَاءَ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَيْضًا وَإِلَّا لَزِمَهُ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ أَوْ لُقِّنَ الْأَعْجَمِيُّ لَفْظَهُ) أَيْ مِنْ عَرَبِيٍّ وَكَذَا إذَا لُقِّنَ الْعَرَبِيُّ لَفْظَهُ مِنْ عَجَمِيٍّ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ مِنْهُ لِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِعَدَمِ قَصْدِ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى حَلِّ الْعِصْمَةِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ هَذَى لِمَرَضٍ) أَيْ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا تَكَلَّمَ بِالْهَذَيَانِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي حَالِ هَذَيَانِهِ فَلَمَّا أَفَاقَ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَجْنُونِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا شَعَرَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَتَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ) أَيْ فِي حَالِ هَذَيَانِهِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ) هَكَذَا أَطْلَقَ الْبَاجِيَّ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ إلَخْ تَقْيِيدٌ لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَالَ وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَمْ أَعْقِلْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَتَكَلَّمُ) أَيْ حَالَ تَخَيُّلِهَا لَهُ (قَوْلُهُ اسْتَشْعَرَ أَصْلَهُ) أَيْ أَصْلَ مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ الْكَلَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِشْعَارِ بِالشَّيْءِ عَقْلُهُ لَهُ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ كَالنَّائِمِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا أَفَاقَ مِنْ نَوْمِهِ يُخْبِرُ عَمَّا خُيِّلَ لَهُ فِي نَوْمِهِ وَلَا يَعْرِفُ عَيْنَهُ (قَوْلُهُ الْتِفَاتُ لِسَانِهِ) أَيْ دَعْوَاهُ الْتِفَاتَ لِسَانِهِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَارِقَ فَنَادَاهَا وَقَالَ لَهَا: يَا طَالِقُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ يَا طَارِقُ فَالْتَفَتَ لِسَانُهُ وَالْتَوَى عَنْ مَقْصُودِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى لَا فِي الْقَضَاءِ، وَتَغْيِيرُ الْمُصَنِّفِ الْأُسْلُوبَ يُشْعِرُ بِذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ لَقَالَ كَمَنْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقٌ يَا طَالِقُ مُدَّعِيًا الْتِفَاتَ لِسَانِهِ وَحُذِفَ قَوْلُهُ وَقُبِلَ مِنْهُ فِي طَارِقُ إلَخْ. فَلَوْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ مَعَ إبْدَالِ الرَّاءِ لَامًا وَادَّعَى الْتِفَاتَ لِسَانِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِحُصُولِ شَيْئَيْنِ: الْإِبْدَالُ وَعَدَمُ النِّدَاءِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا) أَيْ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِهَذِهِ أَيْضًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقُ وَعَمْرَةُ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ) عَطْفٌ عَلَى سَبْقِ لِسَانِهِ فَهُوَ وَاقِعٌ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ أَيْ لَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ، وَلَا إنْ قَالَ: يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا أَيْ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ الْمُجِيبَةُ لَهُ وَهِيَ عَمْرَةُ فِي الْفَتْوَى بِدَلِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>