للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَوْجَبَ الْقَتْلَ وَالضَّرْبَ فِي مَوَاضِعَ وَهُوَ ضَرَرٌ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ وَهُوَ مَعْنَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَهُوَ بَيَانُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْعَامِّ بَعْضُهُ وَحِينَئِذٍ فَقِرَاءَةُ كُلٍّ مِنْ النَّصْبِ وَالرَّفْعِ تُوجِبُ الِاسْتِغْرَاقَ غَيْرَ أَنَّ إيجَابَ النَّصْبِ أَقْوَى عَلَى مَا يُقَالُ (فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ بَلْ رَجُلَانِ تَخْصِيصٌ) لِلَا رَجُلٌ الْمُرَكَّبِ (مَعَ أَنَّ حَاصِلَهُ) أَيْ لَا رَجُلٌ الْمُرَكَّبِ عَلَى تَقْدِيرِ تَجْوِيزِ بَلْ رَجُلَانِ مَعَهُ (نَفْيُ الْمُقَيَّدِ بِالْوَحْدَةِ فَلَيْسَ عُمُومُهُ إلَّا فِي الْمُقَيَّدِ بِهَا) أَيْ إلَّا فِي رَجُلٍ بِقَيْدِ الْوَحْدَةِ فَلَمْ يَدْخُلْ رَجُلَانِ؛ لِأَنَّهُ بِقَيْدِ التَّعَدُّدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ إخْرَاجُهُ فَلَا يَقَعُ تَخْصِيصًا عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالتَّخْصِيصِ بِالْمُتَّصِلِ (قُلْنَا التَّخْصِيصُ بِحَسَبِ الدَّلَالَةِ ظَاهِرٌ إلَّا) بِحَسَبِ (الْمُرَادِ) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ تَخْصِيصٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّ كُلَّ مُخَصِّصٍ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِرَادَةِ بِالْعَامِّ وَإِذَا عُرِفَ هَذَا (فَلَا شَكَّ عَلَى) اصْطِلَاحِ (الشَّافِعِيَّةِ) عَلَى أَنَّ التَّخْصِيصَ قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّاهُ فِي أَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِصِدْقِهِ عَلَيْهِ (وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَهُوَ كَالْمُتَّصِلِ) أَيْ: فَبَلْ رَجُلَانِ كَالتَّخْصِيصِ الْمُتَّصِلِ بِاصْطِلَاحِ الشَّافِعِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ مِنْ الْخَمْسَةِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَابِ كَذَلِكَ، وَإِلَّا لَوْ تَرَكَ هَذَا الْقَيْدَ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ لَا كَهُوَ (وَالتَّخْصِيصِ بِمُسْتَقِلٍّ) أَيْ لَكِنَّ التَّخْصِيصَ اللَّفْظِيَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ بِكَلَامٍ تَامٍّ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ هَذَا تَخْصِيصًا عِنْدَهُمْ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ نَعَمْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَحْثِ التَّخْصِيصِ أَنَّ هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَصَرَّحَ فِي الْبَدِيعِ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ وَأَنَّ أَكْثَرَهُمْ عَلَى انْقِسَامِهِ إلَى مُسْتَقِلٍّ وَغَيْرِ مُسْتَقِلٍّ فَإِذَنْ إنَّمَا لَا يَكُونُ هَذَا تَخْصِيصًا عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ وَلَعَلَّ كَوْنَهُ تَخْصِيصًا أَوْجَهُ

(قَالُوا) أَيْ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلْخُصُوصِ حَقِيقَةً (الْخُصُوصُ مُتَيَقَّنٌ) إرَادَتُهُ اسْتِقْلَالًا عَلَى تَقْدِيرِ الْوَضْعِ لَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى تَقْدِيرِ الْوَضْعِ لِلْعُمُومِ، وَالْعُمُومُ مُحْتَمَلٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوَضْعُ لَهُ وَأَنْ يَكُونَ لِلْخُصُوصِ (فَيَجِبُ) الْخُصُوصُ (وَيُنْفَى الْمُحْتَمَلُ) أَيْ الْعُمُومُ؛ لِأَنَّ الْمُتَيَقَّنَ أَوْلَى مِنْ الْمَشْكُوكِ (وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إثْبَاتُ اللُّغَةِ بِالتَّرْجِيحِ) وَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَثْبُتُ بِالنَّقْلِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَبِأَنَّ الْعُمُومَ أَرْجَحُ) مِنْ الْخُصُوصِ (لِلِاحْتِيَاطِ) لِأَنَّ فِي الْحَمْلِ عَلَى الْخُصُوصِ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِ الْعُمُومِ مُرَادًا إضَاعَةَ غَيْرِهِ مِمَّا يَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ بِخِلَافِ الْحَمْلِ عَلَى الْعُمُومِ لِدُخُولِ الْخُصُوصِ فِيهِ، وَالْأَحْوَطُ أَوْلَى قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَفِي هَذَا) الْجَوَابِ (إثْبَاتُهَا) أَيْ اللُّغَةِ (بِالتَّرْجِيحِ) أَيْضًا لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ عَامًّا إذَا وَقَعَ فِي الْخِطَابِ الشَّرْعِيِّ احْتِيَاطًا، وَفِي عَدَمِهِ عَدَمُ الِاحْتِيَاطِ فَيَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ فِي اللُّغَةِ لِمَعْنَى الْعُمُومِ وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ بِوَضْعِ اللُّغَةِ لِتَرْجِيحِ إرَادَةِ مَعْنًى لِلَّفْظِ فِي الِاسْتِعْمَالِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ كَتَرْجِيحِ إرَادَتِهِ لِتَحَقُّقِ الِاحْتِيَاطِ عَلَى إرَادَةِ غَيْرِهِ مِمَّا الِاحْتِيَاطُ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ إثْبَاتُ اللُّغَةِ بِالتَّرْجِيحِ بِالِاحْتِيَاطِ (مَعَ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لَا يَسْتَمِرُّ) فِي الْحَمْلِ عَلَى الْعُمُومِ فِي كُلِّ صُورَةٍ بَلْ فِي الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ فِي الْحَمْلِ عَلَى الْخُصُوصِ فِيهِمَا مُخَالَفَةً لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي بَعْضِ مَا أُمِرَ بِهِ وَنُهِيَ عَنْهُ كَأَكْرِمْ الْعُلَمَاءَ، وَلَا تُكْرِمْ الْجُهَّالَ؛ إذْ لَوْ حَمَلَهُمَا عَلَى الْخُصُوصِ فَتَرَكَ إكْرَامَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَإِكْرَامَ بَعْضِ الْجُهَّالِ أَثِمَ أَمَّا فِي الْإِبَاحَةِ فَلَا يَكُونُ الْحَمْلُ عَلَى الْعُمُومِ أَحْوَطَ بَلْ رُبَّمَا كَانَ الْخُصُوصُ أَحْوَطَ كَمَا فِي اشْرَبْ الشَّرَابَ وَكُلْ الطَّعَامَ فَإِنَّهُ إذَا عَمِلَ بِالْعُمُومِ فِيهِمَا أَثِمَ بِتَنَاوُلِ مُحَرَّمٍ مِنْهُمَا فَلَا يَتِمُّ كِلَا الْجَوَابَيْنِ (بَلْ الْجَوَابُ لَا احْتِمَالَ) لِلْوَضْعِ لِلْخُصُوصِ حَقِيقَةً (بَعْدَ مَا ذَكَرْنَا) بَدِيًّا مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُفِيدَةِ لِلْوَضْعِ لِلْعُمُومِ حَقِيقَةً (وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ) أَيْ الْقَائِلِينَ بِالْوَضْعِ لِلْخُصُوصِ أَيْضًا بِمَا يُنْسَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>