للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذَلِكَ (بَطَلَ الِاشْتِرَاكُ وَالْوَقْفُ كَمَا تَقَدَّمَ) فِي الْبَحْثِ الثَّانِي (وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - الْمُوَفِّقُ)

[الْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ]

(مَسْأَلَةُ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ) وَمِنْ نَاقِلِيهِ الْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ (وَهُوَ) أَيْ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ (إمَّا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ قَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ) يُتَمَسَّكُ بِهِ ابْتِدَاءً مَا لَمْ يَظْهَرْ مُخَصِّصٌ (لِقَوْلِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: إنَّهُ) أَيْ قَوْلَ الصَّيْرَفِيِّ (لَيْسَ مِنْ مَبَاحِثِ الْعُقَلَاءِ بَلْ صَدَرَ عَنْ غَبَاوَةٍ وَعِنَادٍ، وَإِمَّا لِتَأْوِيلِهِ) أَيْ قَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ كَمَا ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الشِّيرَازِيُّ (بِوُجُوبِ اعْتِقَادِ الْعُمُومِ قَبْلَ ظُهُورِ الْمُخَصِّصِ فَإِنْ ظَهَرَ) الْمُخَصِّصُ (تَغَيَّرَ) اعْتِقَادُ الْعُمُومِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ (اسْتَمَرَّ) اعْتِقَادُ الْعُمُومِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَقَدْ يُقَالُ الْفَرْقُ) بَيْنَ الِاعْتِقَادِ وَالْعَمَلِ بِأَنَّهُ يَجِبُ اعْتِقَادُهُ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ مُخَصِّصِهِ وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ قَبْلَهُ (تَحَكُّمٌ) لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ إنَّمَا هُوَ لِلْعَمَلِ فَإِيجَابُ اعْتِقَادِهِ يُوجِبُ إيجَابَ الْعَمَلِ بِهِ فَلَا يُفِيدُ هَذَا التَّأْوِيلُ رُجُوعَهُ إلَى الْإِجْمَاعِ (وَكَلَامُ الْبَيْضَاوِيِّ) وَهُوَ يَسْتَدِلُّ بِالْعَامِّ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْمُخَصِّصُ، وَابْنُ سُرَيْجٍ أَوْجَبَ طَلَبَهُ أَوَّلًا (لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ التَّأْوِيلَ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ بِهَذَا (قَوْلُ الْإِمَامِ وَمِثْلُهُ) أَيْ الْعَامِّ فِي مَنْعِ الْعَمَلِ بِهِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ (كُلُّ دَلِيلٍ يُمْكِنُ مُعَارَضَتُهُ) أَيْ عَدَمِ الْعَمَلِ بِهِ فَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِدَلِيلٍ مَا قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ وُجُودِ مُعَارِضٍ (وَهَذَا لِأَنَّهُ) أَيْ الدَّلِيلَ (لَا يَتِمُّ دَلِيلًا) مُوجِبًا لِلْعَمَلِ (إلَّا بِشَرْطِ عَدَمِهِ) أَيْ الْمُعَارِضِ (فَيَلْزَمُ الِاطِّلَاعُ عَلَى الشَّرْطِ) وَهُوَ عَدَمُ الْمُعَارِضِ (فِي الْحُكْمِ بِالْمَشْرُوطِ) وَهُوَ الْعَمَلُ بِهِ، وَهُنَا أُمُورٌ لَا يَتِمُّ الْمَطْلُوبُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهَا فَلَا عَلَيْنَا أَنْ نَذْكُرَهَا

الْأَمْرُ الْأَوَّلُ قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْبَحْثِ مَمْنُوعَةٌ فَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ بِالْخِلَافِ بَيْنَ أَئِمَّتِنَا حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَمَنْ يَطُولُ تَعْدَادُهُ، وَعَلَيْهِ جَرَى الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعُهُ اهـ وَقَدَحَ الْفَاضِلُ الْأَبْهَرِيُّ فِيهِ أَيْضًا مَعَ مُخَالَفَةِ الصَّيْرَفِيِّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي عَصْرِهِ فَكَيْفَ يَنْعَقِدُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ، وَلَوْ كَانَ قَبْلَهُ لَعَرَفَهُ فَلَمْ يُخَالِفْهُ لِأَنَّهُ أَقْعَدُ بِمَعْرِفَتِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يُخَالِفْهُ مِنْ بَعْدِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْحَاكِي لَهُ لَكِنْ خَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ كَمُصَنِّفِي الْحَاصِلِ وَالتَّحْصِيلِ وَالْمِنْهَاجِ فَإِنَّهُمْ اخْتَارُوا جَوَازَ الْعَمَلِ بِهِ وَالتَّمَسُّكَ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مُخَصِّصٌ وَأَسْنَدُوا إيجَابَ طَلَبِهِ إلَى ابْنِ سُرَيْجٍ اهـ.

وَأَضَافَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَيْهِ الْإِصْطَخْرِيَّ وَابْنَ خَيْرَانِ وَالْقَفَّالَ الْكَبِيرَ ثُمَّ قَالَ: وَزَعَمَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَرُفْقَتُهُ أَنَّ مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ قَالَ: وَعَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنْ يَطْلُبُوا دَلِيلًا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْحَتْمِ وَغَيْرِهِ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَطْلُبَ دَلِيلًا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مُوجَبِ اللَّفْظِ

الْأَمْرُ الثَّانِي قَالَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا: وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الصَّيْرَفِيُّ أَنَّهُ يَجِبُ اعْتِقَادُ الْعُمُومِ فِي الْحَالِ، وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ كَمَا نَقَلَهُ مَنْ ذَكَرْنَا، وَاقْتَصَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي النَّقْلِ عَنْهُ عَلَى وُجُوبِ اعْتِقَادِ الْعُمُومِ فِي الْحَالِ اهـ فَانْتَفَى تَأْوِيلُ الْعَلَّامَةِ بِمَا عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْفَاضِلَ الْكَرْمَانِيَّ قَالَ بَعْدَ حِكَايَةِ قَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ: قُلْت وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي رِسَالَةِ الشَّافِعِيِّ، وَالْكَلَامُ إذَا كَانَ عَامًّا ظَاهِرًا كَانَ عَلَى عُمُومِهِ وَظُهُورِهِ حَتَّى يَأْتِيَ دَلَالَةٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ انْتَهَى، وَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ: ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَذَكَرَ الصَّيْرَفِيُّ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَذَكَرَ هَذَا بِعَيْنِهِ وَكَأَنَّ الْكَرْمَانِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فَتَوَارَدَاهُ

الْأَمْرُ الثَّالِثُ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: مَثَارُ الْخِلَافِ التَّرَدُّدُ فِي أَنَّ التَّخْصِيصَ مَانِعٌ أَوْ عَدَمَهُ شَرْطٌ فَالصَّيْرَفِيُّ يَقُولُ إنَّهُ مَانِعٌ فَيُتَمَسَّكُ بِهِ مَا لَمْ يَنْهَضْ

<<  <  ج: ص:  >  >>