للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْضُوعَةٌ لِلْإِشَارَةِ إلَى الْحَقِيقَةِ، وَالِاسْتِغْرَاقُ إنَّمَا يَنْشَأُ مِنْ الْمَقَامِ، وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَحُمِلَتْ اللَّامُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَمَّا لَمْ تَتَحَقَّقْ الْحَقِيقَةُ إلَّا فِي ضِمْنٍ جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا حُمِلَ الرِّجَالُ هُنَا عَلَى أَقَلِّ مَرَاتِبِ الْجَمْعِ كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] عَلَى مَرْتَبَةٍ تَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ مَرَاتِبِ الْجَمْعِ كَمَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ فِي الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ. اهـ. وَقَدْ عَرَفْت مَا فِي بَعْضِ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ.

(وَبِتَبَادُرِ صِدْقِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ أَخْذِ صَدَقَةٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى أَخْذِ صَدَقَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهَا (فَالْحَقُّ أَنَّ عُمُومَهَا) أَيْ الْجُمُوعِ (مَجْمُوعِيٌّ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ إفْرَادَ الْجَمْعِ الْعَامِّ الْوُحْدَانُ) كَمَا سَلَفَ فِي أَوَائِلِ الْكَلَامِ فِي الْعَامِّ (فَإِنَّهُ) أَيْ ذَاكَ (لَا يُنَافِيهِ) أَيْ هَذَا (وَلُزُومُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ أَوْ مُطْلَقًا) أَيْ شَرْعِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (لِكُلٍّ) مِنْ الْآحَادِ فِيهِ (ضَرُورَةُ عَدَمِ تَجَزِّي الْمَطْلُوبِ وَغَيْرِهِ) مِنْ الْمَوَانِعِ (كَ {يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥] لِلْعِلْمِ بِحُبِّ كُلِّ مُحْسِنٍ. (وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ) أَيْ عُمُومَ الْجَمْعِ فِي الْآحَادِ عَلَى وَجْهِ الِانْفِرَادِ (مُقْتَضَى أَمْرٍ آخَرَ غَيْرِ اللُّغَةِ) مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ فَلَا يُنَافِي مَا سَلَفَ فِي الْكَلَامِ فِي تَعْرِيفِ الْعَامِّ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالْجَمْعِ الْعَامِّ تَعَلُّقُهُ بِكُلِّ فَرْدٍ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْكُلِّ لَا يَلْزَمُ فِي الْجُزْءِ لِلْعِلْمِ بِاللُّزُومِ لُغَةً فِي خُصُوصِ هَذَا الْجُزْءِ؛ لِأَنَّهُ جُزْئِيٌّ مِنْ وَجْهٍ (وَصُورَةُ هَذِهِ) الْمَسْأَلَةِ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْجَمْعُ الْمُضَافُ لِجَمْعٍ كَمِنْ أَمْوَالِهِمْ لَا يُوجِبُ الْجَمْعَ فِي كُلِّ فَرْدٍ خِلَافًا لِزُفَرَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ إيجَابَهُ فِي كُلِّ فَرْدٍ (وَجْهُ قَوْلِهِ: إنَّ الْمُضَافَ إلَى الْجَمْعِ مُضَافٌ إلَى كُلِّ فَرْدٍ، وَهُوَ) أَيْ الْمُضَافُ هُنَا (جَمْعٌ فَيَلْزَمُ فِي حَقِّ كُلٍّ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ مَالٍ لِكُلٍّ) مِنْ الْأَفْرَادِ.

(وَمَفْزَعُهُمْ) أَيْ مَلْجَأُ الْحَنَفِيَّةِ (فِي دَفْعِهِ) أَيْ وَجْهِهِ (الِاسْتِعْمَالُ الْمُسْتَمِرُّ نَحْوُ {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} [نوح: ٧] وَكَرَكِبُوا دَوَابَّهُمْ يُفِيدُ نِسْبَةَ آحَادِهِ) أَيْ الْمُضَافِ (إلَى آحَادِهِ) أَيْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (فَفِي الْآيَةِ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ كُلٍّ لَا مِنْ كُلِّ مَالِ كُلٍّ وَيُدْفَعُ) هَذَا الدَّفْعُ (أَنَّهُ) أَيْ كَوْنَ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ يُفِيدُ انْقِسَامَ الْآحَادِ عَلَى الْآحَادِ فِيمَا ذُكِرَ (لِخُصُوصِ الْمَادَّةِ) أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ} [الأنعام: ٣١] إخْبَارٌ بِحَمْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْوِزْرِ لَا وِزْرًا وَاحِدًا وَأَنَّهُ يَصِحُّ: قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ الْكَافِرِينَ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ كُلُّ مُسْلِمٍ كَافِرًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (لَكِنَّهُ) أَيْ هَذَا الدَّفْعَ لِلدَّفْعِ (إبْطَالُ دَلِيلٍ مُعَيَّنٍ لَا يَدْفَعُ الْمَطْلُوبَ وَقَدْ بَقِيَ مَا قُلْنَا) مِنْ كَوْنِ الْحَقِّ أَنَّ عُمُومَ الْجَمْعِ مَجْمُوعِيٌّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَلَيْهِ يُوجَدُ الِامْتِثَالُ بِأَخْذِ صَدَقَةٍ مِنْ مَالِ كُلٍّ (وَعَلَيْهِ) أَيْ أَنَّ مُقَابَلَةَ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تُفِيدُ انْقِسَامَ الْآحَادِ عَلَى الْآحَادِ

(فَرْعٌ) مَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ (إذَا دَخَلْتُمَا هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ أَوْ وَلَدْتُمَا وَلَدَيْنِ فَطَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْ كُلٌّ دَارًا وَوَلَدَتْ كُلٌّ وَلَدًا طَلُقَتْ) فِي نَظَائِرَ لِهَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ تُعْرَفُ ثَمَّةَ

(مَسْأَلَةٌ إذَا عَلَّلَ) الشَّارِعُ (حُكْمًا) فِي مَحَلٍّ بِعِلَّةٍ (عَمَّ) الْحُكْمُ (فِي مَحَالِّهَا) أَيْ الْعِلَّةِ شَرْعًا (بِالْقِيَاسِ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَقِيلَ) عَنْهُ عَمَّ لُغَةً (بِالصِّيغَةِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ لَا يَعُمُّ) أَصْلًا، وَإِلَيْهِ مَالَ الْغَزَالِيُّ (لَنَا) تَعْلِيلُ الشَّارِعِ حُكْمًا بِعِلَّةٍ (ظَاهِرٌ فِي اسْتِقْلَالِ الْوَصْفِ) بِالْعِلِّيَّةِ فَوَجَبَ اتِّبَاعُهَا لِوُجُوبِ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ (فَتَجْوِيزُ كَوْنِ الْمَحَلِّ جُزْءًا) مِنْ الْعِلَّةِ الَّتِي عَلَّقَ الشَّارِعُ عَلَيْهَا الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ (فَلَا يَتَعَدَّى) ؛ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ حِينَئِذٍ (كَقَوْلِ الْقَاضِي احْتِمَالٌ) لَا يَقْدَحُ فِي الظُّهُورِ فَلَا يُتْرَكُ بِهِ الظَّاهِرُ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ لَا يُنْكِرُ الظُّهُورَ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِهِ هُنَا كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْعَمَلِيَّاتِ خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ فَإِنَّمَا يَنْهَضُ فِي دَفْعِهِ الْحُجَّةَ بِالْعَمَلِ بِالظَّاهِرِ، وَالْجَوَابُ لَا ضَيْرَ فَإِنَّ الْحُجَّةَ بِالْعَمَلِ بِهِ قَائِمَةٌ كَمَا عُرِفَ (ثُمَّ لَا صِيغَةَ عُمُومٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>