للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لِغَرَضٍ لَك فِيهِ فَلَا جَرَمَ أَنْ اقْتَصَرَ فِي الْمِفْتَاحِ عَلَيْهِ وَظَهَرَ أَنَّهُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَا حَاجَةَ إلَى فِي الظَّاهِرِ) كَمَا فِي التَّلْخِيصِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَا لَا يُطَابِقُ الِاعْتِقَادَ لِدُخُولِهِ بِدُونِهِ (لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ الْحَقِيقَةُ فِي نَفْسِهَا ثُمَّ الْحُكْمُ بِوُجُودِهَا) أَيْ الْحَقِيقَةِ (بِدَلِيلِهِ) أَيْ الْوُجُودِ (غَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرُ الْحَقِيقَةِ فِي نَفْسِهَا نَعَمْ لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ الْمُسْنَدُ فِعْلًا وَلَا فِي مَعْنَاهُ نَحْوُ زَيْدٌ إنْسَانٌ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ عَبْدِ الْقَاهِرِ وَالسَّكَّاكِيِّ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فَيَبْطُلُ عَكْسُهُ وَلَا مَحِيصَ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يُسَمَّى حَقِيقَةً كَمَا لَا يُسَمَّى مَجَازًا أَيْضًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ.

(وَالْمَجَازُ) الْجُمْلَةُ الَّتِي أُسْنِدَ فِيهَا الْفِعْلُ أَوْ مَعْنَاهُ (إلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ (لِمُشَابَهَةِ الْمُلَابَسَةِ) بَيْنَ الْفِعْلِ أَوْ مَعْنَاهُ وَبَيْنَ غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ وَعَلَى أَنَّهُمَا وَصْفُ الْإِسْنَادِ قَوْلُهُ (أَوْ الْإِسْنَادُ كَذَلِكَ) أَيْ إسْنَادُ الْفِعْلِ أَوْ مَعْنَاهُ إلَى مَا هُوَ لَهُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ وَإِسْنَادُ الْفِعْلِ أَوْ مَعْنَاهُ إلَى غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ لِمُشَابَهَةِ الْمُلَابَسَةِ (وَالْأَحْسَنُ فِيهِمَا مُرَكَّبٌ) نُسِبَ فِيهِ أَمْرٌ إلَى مَا هُوَ لَهُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ إلَى غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ لِمُشَابَهَةِ الْمُلَابَسَةِ عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُهُمَا وَصْفًا لِلْكَلَامِ (وَنِسْبَةٌ) لِأَمْرٍ إلَى مَا هُوَ لَهُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ إلَى غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ لِمُشَابَهَةِ الْمُلَابَسَةِ عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُهُمَا وَصْفًا لِلنِّسْبَةِ (لِيَدْخُلَ) الْمُرَكَّبُ (الْإِضَافِيُّ إنْبَاتَ الرَّبِيعِ) وَشِقَاقَ بَيْنِهِمَا وَمَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَغَيْرَ ذَلِكَ لِشُمُولِ النِّسْبَةِ النِّسْبَةَ التَّامَّةَ وَغَيْرَهَا بِخِلَافِ الْإِسْنَادِ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ وَهَذِهِ الْمُرَكَّبَاتُ لَا إسْنَادَ فِيهَا بِهَذَا الْمَعْنَى.

ثُمَّ إنَّمَا قَالَ الْأَحْسَنُ لِإِمْكَانِ دَفْعِ إيرَادِ خُرُوجِ الْمُرَكَّبِ الْإِضَافِيِّ أَوْ النِّسْبَةِ الْإِضَافِيَّةِ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِالذَّاتِ إنَّمَا هُوَ لِلْمُرَكَّبِ الْإِسْنَادِيِّ وَمَا سِوَاهُ مُتَفَرِّعٌ عَلَيْهِ أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْنَادِ مُطْلَقُ النِّسْبَةِ هَذَا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كُلٌّ مِنْ هَذِهِ التَّعَارِيفِ لِلْمَجَازِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ لِصِدْقِهِ عَلَى مَا يَقُولُهُ الْمُتَكَلِّمُ قَاصِدًا بِهِ صُدُورَ الْكَذِبِ عَنْهُ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صَادِقًا مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجَازٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُطَابِقٍ لِاعْتِقَادِهِ بَلْ مُخَالِفٌ لِمَا عِنْدَهُ إلَّا أَنَّهُ بِصَدَدِ تَرْوِيجِهِ بِمَا يُمْكِنُهُ فَلَا يَرْتَكِبُ فِيهِ تَأْوِيلًا أَصْلًا فَالْوَجْهُ زِيَادَةٌ بِضَرْبٍ مِنْ التَّأْوِيلِ كَمَا ذَكَرَهُ السَّكَّاكِيُّ وَغَيْرُهُ لِئَلَّا يَصْدُقَ التَّعْرِيفُ عَلَيْهِ (وَيُسَمَّيَانِ) أَيْ هَذِهِ الْحَقِيقَةُ وَهَذَا الْمَجَازُ (عَقْلِيَّيْنِ) لِأَنَّ الْحَاكِمَ بِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي مَحَلِّهِ أَوْ مُجَاوِزٌ عَنْهُ هُوَ الْعَقْلُ لَا الْوَضْعُ.

(وَوَجْهُ الْأَقْرَبِيَّةِ) أَيْ كَوْنِ قَوْلِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ عَلَى الْكَلَامِ أَقْرَبَ مِنْ قَوْلِهِمَا عَلَى الْإِسْنَادِ (اسْتِقْرَارُ أَنَّهُ) أَيْ الْوَصْفَ بِهِمَا (لِلَّفْظِ وَالْمُرَكَّبِ) الْكُلِّيِّ (مَوْضُوعٌ لِلتَّرْكِيبِيِّ) أَيْ لِلْمَعْنَى التَّرْكِيبِيِّ وَضْعًا (نَوْعِيًّا تَدُلُّ أَفْرَادُهُ) أَيْ الْمُرَكَّبِ الْكُلِّيِّ مِنْ الْمُرَكَّبَاتِ الْمُعَيَّنَةِ عَلَى مَعَانِيهَا التَّرْكِيبِيَّةِ (بِلَا قَرِينَةٍ فَهِيَ) أَيْ أَفْرَادُهُ الَّتِي هِيَ الْمُرَكَّبَاتُ بِإِزَاءِ مَعَانِيهَا الْمَذْكُورَةِ (حَقَائِقُ) لِاسْتِعْمَالِهَا فِيهَا (فَإِذَا اُسْتُعْمِلَ) الْمُرَكَّبُ (فِيمَا) أَيْ فِي الْمَعْنِيِّ (بِهَا) أَيْ بِالْقَرِينَةِ (فَمَجَازٌ) أَيْ فَذَلِكَ الْمُرَكَّبُ مَجَازٌ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنًى غَيْرِ وَضْعِيٍّ لَهُ بِالْقَرِينَةِ فَلَا يَنْهَضُ تَوْجِيهُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ اخْتِيَارَ كَوْنِهِمَا وَصْفًا لِلْإِسْنَادِ بِأَنَّ الْإِسْنَادَ يُنْسَبُ إلَى الْعَقْلِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَالْكَلَامُ يُنْسَبُ إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْإِسْنَادَ مَنْسُوبٌ إلَى الْعَقْلِ عَلَى تَوْجِيهِ اخْتِيَارِ كَوْنِهِمَا وَصْفًا لِلْمُرَكَّبِ (وَالْأَوَّلَانِ) أَيْ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ فِي الْمُفْرَدِ (لُغَوِيَّيْنِ تَعْمِيمًا لِلُّغَةِ فِي الْعُرْفِ) فَيَشْمَلَانِ الْعُرْفِيَّيْنِ وَإِنَّمَا سُمِّيَا بِهِمَا لِأَنَّ صَاحِبَ وَضْعِ الْحَقِيقَةِ وَاضِعُ اللُّغَةِ وَاسْتِعْمَالِهَا فِي الْغَيْرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَوْعِ حَقِيقَتِهَا (وَتُوصَفُ النِّسْبَةُ بِهِمَا) أَيْ بِالْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فَيُقَالُ نِسْبَةُ حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ.

(وَتُنْسَبُ) النِّسْبَةُ إلَيْهِمَا (لِنِسْبَتِهَا) أَيْ نِسْبَةِ النِّسْبَةِ (إلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ) فَيُقَالُ: نِسْبَةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَنِسْبَةٌ مَجَازِيَّةٌ (وَاسْتِبْعَادُهُ) أَيْ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ (بِاتِّحَادِ جِهَةِ الْإِسْنَادِ) كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ إذْ لَيْسَ لِلْإِسْنَادِ جِهَتَانِ جِهَةُ الْحَقِيقَةِ وَجِهَةُ الْمَجَازِ كَالْأَسَدِ وَالْمَجَازُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَتَيْنِ (بَعِيدٌ إذْ لَا يَمْنَعُ اتِّحَادُهُ) أَيْ الْإِسْنَادِ (بِحَسَبِ الْوَضْعِ) اللُّغَوِيِّ (انْقِسَامَهُ) أَيْ الْإِسْنَادِ (عَقْلًا إلَى مَا هُوَ لِلْمُسْنَدِ إلَيْهِ) فَيَكُونُ إلَيْهِ حَقِيقَةً (وَمَا لَيْسَ لَهُ) فَيَكُونُ إلَيْهِ مَجَازًا وَإِنَّمَا يُنَافِيه اتِّحَادُ جِهَتِهِ بِحَسَبِ الْعَقْلِ وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ فَإِنَّ إسْنَادَ الْفِعْلِ إلَى مَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِهِ مَحَلًّا لَهُ فِي الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ وَمُتَعَلِّقًا لَهُ فِي الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ وَيَرْتَضِيهِ وَإِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْبَاهُ إلَّا بِتَأْوِيلٍ (ثُمَّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>