للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْمُبَالَغَةِ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِمَعْنَى كَوْنِهِ أَكْمَلُ وَأَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَا أُرِيدَ بِهِ مِنْ الْحَقِيقَةِ عَلَى مَا أُرِيدَ بِهَا (كَذَلِكَ) أَيْ مَمْنُوعٌ أَيْضًا (لِلْقَطْعِ بِمُسَاوَاةِ رَأَيْت أَسَدًا وَرَجُلًا هُوَ وَالْأَسَدُ سَوَاءٌ) فِي الشُّجَاعَةِ فَإِنَّ الْمُسَاوَاةَ الْمَفْهُومَةَ مِنْهُ وَمِنْ رَأَيْت أَسَدًا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانٌ (نَعَمْ هُوَ) أَيْ الْمَجَازُ (كَذَلِكَ) أَيْ يُفِيدُ التَّأْكِيدَ فِي (رَجُلًا كَالْأَسَدِ) بِالنِّسْبَةِ إلَى رَأَيْت شُجَاعًا (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمَجَازُ (كَدَعْوَى الشَّيْءِ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ فِيهِ تَأْكِيدٌ لِلدَّلَالَةِ وَتَقْوِيَتُهَا (بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِانْتِقَالَ إلَى الْمَجَازِيِّ) مِنْ الْحَقِيقِيِّ يَكُونُ (دَائِمًا مِنْ الْمَلْزُومِ) إلَى اللَّازِمِ كَالِانْتِقَالِ مِنْ الْغَيْثِ الَّذِي هُوَ مَلْزُومُ النَّبْتِ إلَى النَّبْتِ كَمَا الْتَزَمَهُ السَّكَّاكِيُّ فَإِنَّ وُجُودَ الْمَلْزُومِ يَقْتَضِي وُجُودَ اللَّازِمِ لِامْتِنَاعِ انْفِكَاكِ الْمَلْزُومِ عَنْ اللَّازِمِ

(وَلُزُومُهُ) أَيْ الِانْتِقَالُ فِي الْمَجَازِ دَائِمًا مِنْ الْمَلْزُومِ إلَى اللَّازِمِ (تَكَلُّفٌ) حَيْثُ يُرَادُ بِاللُّزُومِ الِانْتِقَالُ فِي الْجُمْلَةِ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ لُزُومٌ عَقْلِيٌّ حَقِيقِيٌّ أَوْ عَادِيٌّ أَوْ اعْتِقَادِيٌّ أَوْ ادِّعَائِيٌّ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَكْثَرُ مَا يُعْتَبَرُ مِنْ اللُّزُومِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِاللَّازِمِ مَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّابِعِ وَالرَّدِيفِ وَبِالْمَلْزُومِ مَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَتْبُوعِ وَالْمَرْدُوفِ (وَهُوَ) أَيْ التَّكَلُّفُ (مُؤْذِنٌ بِحَقِّيَّةِ انْتِفَائِهِ) أَيْ لُزُومُ الِانْتِقَالِ الْمَذْكُورِ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهِ الْأَبْلَغِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ (مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ) هَذَا التَّرْجِيحُ (فِي) اللُّزُومِ (التَّحْقِيقِيِّ لَا الِادِّعَائِيِّ) كَمَا هُوَ غَيْرُ خَافٍ عَلَى الْمُتَأَمِّلِ

(وَأَمَّا الْأَوْجَزِيَّةُ) أَيْ وَأَمَّا تَرْجِيحُ الْمَجَازِ عَلَى الْمُشْتَرَكِ بِأَنَّ الْمَجَازَ أَوْجَزُ فِي اللَّفْظِ مِنْ الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ أَسَدًا يَقُومُ مَقَامَ رَجُلٍ شُجَاعٍ (وَالْأَخَفِّيَّةُ) أَيْ بِأَنَّ الْمَجَازَ أَخَفُّ لَفْظًا مِنْ الْحَقِيقَةِ كَالْحَادِثَةِ وَالْخَنْفَقِيقِ لِلدَّاهِيَةِ (وَالتَّوَصُّلُ إلَى السَّجْعِ) أَيْ وَبِأَنَّ الْمَجَازَ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى تَوَاطُؤِ الْفَاصِلَتَيْنِ مِنْ النَّثْرِ عَلَى الْحَرْفِ الْآخِرِ نَحْوُ حِمَارٍ ثَرْثَارٍ إذَا وَقَعَا فِي أَوَاخِرِ الْقَرَائِنِ بِخِلَافِ بَلِيدٍ ثَرْثَارٍ أَيْ كَثِيرِ الْكَلَامِ (وَالطِّبَاقِ) أَيْ وَبِأَنَّ الْمَجَازَ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ مَا هُوَ مُلْحَقٌ بِهِ نَحْوُ قَوْلِ دِعْبِلٍ

لَا تَعْجَبِي يَا سَلْمُ مِنْ رَجُلٍ ... ضَحِكَ الْمَشِيبُ بِرَأْسِهِ فَبَكَى

فَضَحِكَ مَجَازٌ عَنْ ظَهْرٍ وَلَوْ ذَكَرَهُ مَكَانَهُ لَفَاتَ هَذَا التَّحْسِينُ الْبَدِيعِيُّ (وَالْجِنَاسِ) أَيْ وَبِأَنَّ الْمَجَازَ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى تَشَابُهِ اللَّفْظَيْنِ لَفْظًا مَعَ تَغَايُرِهِمَا مَعْنًى وَأَصْنَافُهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْ مِثْلِ الْجِنَاسِ التَّامِّ الْمُمَاثِل قَوْلُهُ

أَقُمْ إلَى قَصْدِهِمْ سُوقَ السُّرَى وَأَقُمْ ... بِدَارِ عَزِّ وَسُوقِ الْأَيْنُقِ الْتَثَمَ

فَأَقُمْ الْأَوَّلُ مَجَازٌ لَوْ ذُكِرَ حَقِيقَتُهُ وَهِيَ التَّنْفِيقُ لَفَاتَ الْجِنَاسُ (وَالرَّوِيِّ) أَيْ بِأَنَّ الْمَجَازَ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْحَرْفِ الَّذِي تُبْتَنَى عَلَيْهِ الْقَصِيدَةُ نَحْوُ قَوْلِهِ

عَارَضْنَنَا أَصْلًا فَقُلْنَا الرَّبْرَبَ ... حَتَّى تَبَدَّى الْأُقْحُوَانُ الْأَشْنَبُ

الرَّبْرَبُ الْقَطِيعُ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ وَالْأُقْحُوَانُ الْبَابُونَجُ وَالشَّنَبُ حِدَّةُ الْأَسْنَانِ وَبَرْدُهَا تَجُوزُ بِهِمَا عَنْ السِّنِّ الْأَبْيَضِ لِلتَّوَصُّلِ إلَى الرَّوِيِّ فَتَحْصُلُ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْأَشْنَبِ وَالرَّبْرَبِ لِفَوَاتِهِ بِسِنِّهِنَّ الْأَبْيَضِ (فَمُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ) فَقَدْ يَكُونُ أَوْجَزَ وَأَخَفَّ كَالْعَيْنِ لِلْجَاسُوسِ وَلِلْيَنْبُوعِ وَيُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى السَّجْعِ وَالرَّوِيِّ مِثْلُ لَيْثٍ مَعَ غَيْثٍ دُونَ أَسَدٍ وَالْمُطَابَقَةُ نَحْوُ خَسُّنَا خَيْرٌ مِنْ خِيَاركُمْ وَالْجِنَاسُ نَحْوُ رَحْبَةٍ رَحْبَةٍ بِخِلَافِ وَاسِعَةٍ (وَيَتَرَجَّحُ) الْمُشْتَرَكُ (بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْعَلَاقَةِ وَمُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ وَهُوَ) أَيْ الظَّاهِرُ (الْحَقِيقَةُ وَهَذَا) أَيْ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ (إنْ عُمِّمَ فِي غَيْرِ الْمُنْفَرِدِ) وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ (فَمَمْنُوعٌ) لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ حَقِيقَةٌ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ مُعَيِّنَةَ لَهُ (وَإِلَّا) إذَا لَمْ يُعَمَّمْ فِيهِ (لَا يُفِيدُ) لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ (وَعَنْ ارْتِكَابِ الْغَلَطِ لِلْوَقْفِ) فِيمَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْهُ (لِعَدَمِهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ الْمُعَيِّنَةِ عِنْدَ مَنْ لَا يُعَمِّمُهُ (أَوْ لِلتَّعْمِيمِ) عَطْفٌ عَلَى لِلتَّوَقُّفِ أَيْ أَوْ لِتَعْمِيمِهِ فِي مَفَاهِيمِهِ لِحَمْلِهِ عَلَى الْجَمِيعِ عِنْدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ (بِخِلَافِهِ) أَيْ الْمَجَازِ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ عِنْدَ عَدَمِهَا بَلْ يُحْكَمُ بِإِرَادَةِ الْحَقِيقِيِّ وَالْحَالُ أَنَّهُ كَمَا قَالَ (وَقَدْ لَا يُرَادُ الْحَقِيقِيُّ وَتَخْفَى الْقَرِينَةُ) فَيَقَعُ الْغَلَطُ فِي الْحُكْمِ بِإِرَادَتِهِ

(وَالْوَجْهُ أَنَّ جَوَازَ الْغَلَطِ فِيهِمَا) أَيْ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَجَازِ (بِتَوَهُّمِهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ وَهُمَا فِي تَوَهُّمِهَا سَوَاءٌ (وَلَا أَثَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>